PCP

يا عمال العالم اتحدوا

رواية نورمان ميللر الجديدة تثير غضب اليهود "هتلر...تحفة أبدعها الشيطان"

الضجة التي أثارتها الرواية الجديدة التي تحمل عنواناً مثيراً: "القلعة في الغابة" للكاتب الأمريكي الشهير نورمان ميللر، والتي أعلن عن نشرها مؤخراً - عقب عشر سنوات كاملة من التكتم الشديد، كان سببها الرئيسي تعمد الروائي الشهير الخوض في تفاصيل حياة أدولف هتلر التي جسدتها شخصية البطل (آدي) داخل الرواية، بل وتعمده اقتفاء اثر حياة هتلر الشخصية منذ أن كان لا يزال طفلاً صغيراً يبلل فراشه.. إلى تورطه في مرحلة المراهقة! وكانت الرواية الجديدة قد أثارت عاصفة هوجاء من النقد اللاذع، وردود الفعل الغاضبة من قبل العديد من النقاد والصحف الألمانية إلى الحد الذي أعرب فيه مجلس اليهود، الأكثر نفوذاً في ألمانيا، عن غضبهم الشديد، بل والتصريح ببيان غاضب يرجو الفنانين ترك تاريخ هذا الديكتاتور وشأنه! كما صرح نائب رئيس منظمة اليهود هناك (سالومن كيم) في حديث له بقناة تليفزيونية ألمانية بقوله: لا يستطيع أحد أن يمنع الفنانين من تناول قصة حياة هتلر داخل أعمالهم الفنية، ولكن هذا الفن لن يستطيع بأي حال من الأحوال أن يضع تفسيراً مفهوما لهذه الظاهرة، وإنما سيبدو الأمر وكأنه نوع من التسلية.. لذلك يتعين على أي شخص عند تناوله لهذه القصة بشكل فني أن يعتبر جيداً ماهية النوايا الحقيقية وراء ذلك. وهكذا ترصد رواية ميللر الجديدة - والتي تقع أحداثها في حوالي 467 صفحة - ثلاثة أجيال من عائلة هتلر داخل النمسا في أواخر القرن التاسع عشر، وفيها تعمّد ميللر البدء بأجيال تسبق مولد هتلر في عام 1889 حيث جاء نتيجة سفاح القُربى لأجيال سابقة.. فأمه هي ابنة والده!!.. بل تعمد الرواية إلى سرد وصف تفصيلي لحياة هذه العائلة المعذبة والمتهمة بسفاح القُربى، حيث تجري أحداثها على لسان ضابط سابق بجهاز المخابرات النازي الذي يفصح عن كونه مبعوث الشيطان، ومن ثم يفتتح الرواية بادعاء خطير بأنه يفهم هتلر جيداً ! وكان الروائي الشهير نورمان ميللر- والذي احتفظ بموضوع روايته الأخيرة طي الكتمان لأعوام كثيرة، حتى أنه لم يخبر زوجته نفسها- قد نفى بشدة تعمده استخدام الخلفية التاريخية لنشأة هتلر وطفولته، كذريعة لإثارة تاريخ الدولة النازية بألمانيا ( الرايخ الثالث) وإبادة اليهود، حيث صرح ميللر في لقاء تليفزيوني له مؤخراً بقوله : إنه لشيء مقيت ورخيص.. بل إنه من الحمق استنتاج أن هتلر أصبح وحشاً كاسراً لمجرد أنه قتل بعض النحل أثناء طفولته..كلا، بالطبع هذا هو مجرد سبب بسيط من ضمن آلاف الأسباب الأخرى... ويجادل ميللر بقوله: أنه طالما أن الكتب الواقعية قد أخفقت بالفعل في تفسير ظاهرة هتلر هذه، أظن أنه قد جاء دور الأدب ليدنو من التاريخ على مستوىً جديد.. فالحقيقة أن ظاهرة هتلر تفوق قدرة البشر على الفهم.. بالنسبة لي، التفسير الوحيد لها هو وجود الشيطان..هتلر هو أفضل تحفة ابتدعها الشيطان في مواجهة المسيح... وهكذا تنتهي أحداث رواية القلعة في الغابة، وقد بلغ فيها هتلر مرحلة المراهقة.. هذا ولم تغفل الرواية تجسيد شخصية والده (أليوس هتلر) كرجل قاس لا يتورع عن اغتصاب ابنته، والتنمر على أفراد عائلته الضعيفة. وكان أشهر النقد الذي تعرض له الكاتب الشهير لإصراره على سرد تفاصيل السيرة الذاتية لهتلر أثناء الطفولة والشباب داخل روايته الجديدة، ما كتبه (فولكير هاغ) في مجلة (دير شبيغل) الألمانية الأسبوعية: "في رأي ميللر أنه لم يكن أمام هتلر من سبيل سوى الخوض في مهمته اللعينة والتي تحوي بين طياتها ثالوث: الحرب والموت والخراب.. أظن أن الأمر برمته ينطوي على الحماقة والحرج معاً"... وكان الهجوم الشرس على رواية ميللر المثيرة للجدل مبعثها الأول: تصادف صدور الرواية مع بروز بعض التحديات الثقافية التي أصبحت تحصر ظاهرة هتلر في إطار التابوهات المحظور الاقتراب منها، كما أن حرص الكاتب على استحضار مشاهد بعينها داخل روايته تصور هتلر وهو يلهو ببعض السفن الحربية داخل حوض الاستحمام، وفقدان شاربه.. وتصويره على أنه رجل عصابي يعاني من خوف نفسي متأزم تجاه ضرب والده المبرح له، كلها عوامل ساهمت في إثارة عاصفة مدوية من الغضب الكاسح داخل الأوساط الأدبية. الطريف أنه رغم الهجوم الصاخب الذي استقبلته رواية (القلعة في الغابة)، إلا أن الكاتب لم يتوانَ عن التصريح بثقة مؤخراً، أنه ينوي كتابة مجلد أخر يتناول فيه حياة هتلر، ربما ليرصد فيها هذه المرة السنوات الأخيرة من حياة هذا الديكتاتور!... وهو ما يعد خطة طموحة تنطوي على مخاطرة كبيرة تليق بسمعة هذا الكاتب الشهير الذي سيبلغ عامه الرابع والثمانين هذا الأسبوع. جدير بالذكر أن نورمان ميللر له باع طويل في إثارة الغضب والجدال لدي الكثيرين.. أولهم القائلون بالمساواة بين الجنسين، هذا بخلاف فترتي عقوبة بأحد السجون... مرة لمعارضته الشديدة لسياسة الولايات المتحدة داخل فيتنام، ومرة أخري لطعنه زوجته الثانية أديلي موراليس عام 1962 بمطواة، فضلاً عما تزخر به سيرته الأدبية من روايات مثيرة للجدل، لم تكن رواية هتلر الطموحة أولها.. فقد سبقتها روايته الشهيرة (البشارة في رأي الابن) والتي تم نشرها عام 1997، والتي تحوي وصفاً مفصلاً للمسيح على لسان يسوع نفسه!.. عن الجارديان البريطانية


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني