PCP

يا عمال العالم اتحدوا

نعم.. نريد فناً ملتزماً

في ظل هذه الهجمة الشرسة على كل القيم الإنسانية الراقية الأخلاقية ــ أقصد تحديداً هنا الفنية ــ ومحاولات تشويهها المقصود والمدروس والممنهج، عن طريق إمبراطوريات إعلامية وإعلانية احتلت الأرض والفضاء وقطعت الماء والهواء عن باقي أنواع الفنون التي تخاطب إنسانية الإنسان وليس غريزته البحتة. هذه هي عولمة الفن، عولمة تسويق الخلاعة على أنواعها، تسويق جسد المطربة قبل فنـّها ــ إن كان لديها فن، تسويق آهاتها وميوعتها على الفضائيات، والضحية المشاهد والمستمع العربي الذي بات عدد كبير منهم يتمنى أن ينام ويستيقظ وتكون شريكة حياته قد أصبحت تشبه هيفاء ومروى أو نجلاء أو بطيخة الغناء الحالي. ولتكتمل هذه القذارة أصبحنا نسمع أن أجر الراقصة ــ هزازة أم خصر ــ هو آلاف الدولارات الأمريكية مقابل فتلة ساعتين زمان، وأن أجر حفلة الفنانة شمبانيا الطرب الشبابي هو عشرات الآلاف من دولارات أمريكا، وأن تصوير فيديو كليب لفنانة شابة ــ عاملة تقويم لأسنانها ــ قد تجاوزت كلفة التصوير نصف مليون دولار. نعم .. أرقام مذهلة خيالية، وبالمقابل شعراء الكلمة الملتزمة وفناني الغناء الملتزم لا يملكون أجور تنقلاتهم بين عاصمة وأخرى لإلقاء قصائدهم أو أجرة موسيقي الفرقة لتسجيل أغنية تمجد المقاومة. والهدف جعل هذه التي يسموها فنانة هي طموح كل فتاة في منطقتنا ليصبح جلّ همّ بناتنا نفخ الشفايف ورفع الخدود وتكبير ..... وكل هذا ليس فكراً شمولياً ــ أي وقاحة هذه وأي كذب وعهر هذا. لكن يبقى الفنان الملتزم شامخاً كالقلعة مشعاً كالشمس رغم غيومهم السوداء. سأذكر مثالاً من جامعة حلب: تم الإعلان عن حفل فني تحييه الفنانة الملتزمة اللبنانية مي نصر ولأول مرة في جامعة حلب وفي هذا الوقت بالذات. تجمع الطلبة قبل أكثر من ساعة على الأبواب بانتظار فتحها، بعضهم توشح علم فلسطين وآخر ارتدى قميصاً مزين بصورة غيفارا والجميع مشتاقون ومتعطشون ليروا أنفسهم في غناء البطلة مي نصر. فتحت الأبواب وما هي إلا دقائق حتى امتلأت الصالة جلوساً ووقوفاً مما اضطر المنظمين إلى وضع شاشة عملاقة خارجاً ليتابع الحفل باقي الطلبة. غنينا جميعاً مع مي نصر، هتفنا وصفقنا كثيراً لمي نصر، هتفنا لفلسطين ولمقاومة لبنان وصمود سورية، كان كل شيء مدهشاً تفاعل كل شيء مع الفن الملتزم مع قضايا الوطن والإنسان والحرية. كان هذا الحفل صفعة لكل من يحارب إنسانية الفن وثورية الفن ولكل من يراهن على تشويه ماضينا ومستقبلنا وتشويهنا نحن، نحن متعطشون لفن ملتزم، ولو كل سنة مرة. عادل معصوم عمر


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني