PCP

يا عمال العالم اتحدوا

كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي الفلسطيني في ذكرى اعادة التأسي

الأخوات، الأخوة.... الرفيقات والرفاق الأعزاء، الحضور الكريم اسمحوا لي بإسمي وباسم حزبنا الشيوعي أن أحييكم وأشكركم على حضوركم وعلى مساهمتكم في إنجاح هذا الحفل، كما وأشكر الرفاق والأصدقاء الذين عملوا وساهموا في التحضير له. الحفل الكريم.... لا بد من أجل استشراف المستقبل وتحليل الحاضر ووضع آليات العمل للمستقبل تكتيكيا واستراتيجيا أن نعود قليلاً إلى الوراء، لأن التاريخ بدروسه وعبره يشكل حافزاً وموجها للنضال الدؤوب والمنتصر. في الخمسينيات من القرن الماضي، حين تعرضت القضية الفلسطينية لخطر التصفية الحقيقي بإقرار ضم الضفة الغربية إلى الأردن ووضع قطاع غزة تحت الإدارة المصرية، إلى جانب بقاء الاحتلال الصهيوني للجزء الأكبر من أرض فلسطين التاريخية، من أجل الشطب النهائي لفلسطين ككيان قائم والإجهاز على آمال وأماني الشعب الفلسطيني في تقريره لمصيره وبناء دولته الحرة المستقلة، هنا أخذ الحزب الشيوعي والذي قد تبلور كقوة سياسية فاعلة، قراراً جماعياً بالتصدي لهذه المؤامرة التي ترسخت بمؤتمر أريحا، بالنزول للشارع وتعبئة الجماهير في مختلف المواقع والوقوف في وجه الممارسات البوليسية القمعية التي رافقت المؤامرة، الأمر الذي لم تتوقعه السلطات الأردنية، حينها أصدر الملك عبد الله قرارا بضرب الشيوعيين بيد من حديد وزجهم عن بكرة أبيهم في السجون والمعتقلات الصحراوية في محاولة لسحقهم، وذلك ليكونوا عبرة لغيرهم، فأمر بجرهم مشياً على الأقدام مكبلين وسط نهار قائظ تحت أشعة شمس تموز الحارقة من مدينة نابلس إلى سجون عمان. ولدى وصول موكب الأبطال المكبلين وراء خيول الفرسان إلى جدول مياه الباذان التي كانت تفيض مياهه على الشارع، طلب أحد الرفاق المكبلين وهو الشهيد روحي زيد الكيلاني، رشفة ماء، إلا أن قساوة وفظاظة السجان منعت عنه هذه الرشفة، وما هي إلا مسافة قليلة حتى سقط الرفيق روحي مغشياً عليه من شدة الإعياء والعطش ثم ما لبث فارق الحياة وعيناه مشدودتان نحو المياه الجارية، لقد سقط الرفيق شهيداً رافعاً رايات حزبه، مؤثراً الموت المشرف على حياة الذل، فزفته على الفور نساء الباذان ولحقت بالزغاريد جنازته، زفته مدينة نابلس، زفه الشعب الفلسطيني في كل مكان، هذا الحدث الجلل أحرج النظام الأردني وزاد من عزلته مما حدا بالملك عبد اللة في اليوم الثالث أن يحضر بيت الأجر، ويحاول دفع الفديه إلا أن أهل الفقيد رفضوا ذلك بكبرياء وإباء الأحرار ما ألهب مشاعر الجماهير وعزز من دعمهم مساندتهم للحزب الذي أصبح خلال أشهر قليلة حزباً جماهيرياً بامتياز، وزاد عدد أعضائه بحوالي عشرة أضعاف، وصارت جموع الشعب تردد قصيدة الشاعر أبو سلمى التي كان مطلعها : منعوا عنك مياه الباذان يا روحي...الخ. أما المحطة التالية في تاريخ الحزب، فقد جاءت على اثر بدء النفوذ البريطاني في الشرق الأوسط بالتضاءل عندها أخذت أمريكا تجهز نفسها لتحل محل بريطانيا متذزرعه بما أسماه الرئيس الأمريكي أيزنهاور، نظرية الفراغ في الشرق الأوسط والذي يتعين على أمريكا ملؤه، حينها ثارت الشعوب العربية في كل مكان ورفعت شعارها المشهور"الفراغ في رأس ايزنهاور" وأفشلت محاولة ربط الأردن في حلف بغداد الذي روج له النظامان الأردني والعراقي، وهنا جاء ثانية الدور البطولي للشيوعيين الفلسطينيين والأردنيين والعراقيين في التصدى للمؤامرة الأمريكية الرجعية العربية، ونجحوا في افشالها من خلال انتصار الثورة العراقية الخالدة ثورة 14 تموز عام 58 التي ألقت بجميع المشاركين إلى مزبلة التاريخ وفي هذه الأثناء سقطت لنا الشهيدة رجاء أبو عماشة من مخيم عقبة جبر. آمل أيها الحضور الكريم أن لا أكون قد أطلت عليكم، لكن من الإنصاف أن أذكر بدور الحزب الرائد في انتفاضة الحجارة، حيث كان الحزب أحد القوى الرئيسية المحركة للعمل الوطني، ورفاقنا كغيرهم من أفراد الشعب تعرضوا للإستشهاد والاعتقال والتعذيب من قبل سلطات الأحتلال الاسرائيلي. الحضور الكريم... كما في كل الأحزاب الشيوعية والتقدمية يظل هناك انتهازيون وصوليون ويمينيون يتربصون وينتظرون الفرصة المواتية، وفي حالة حزبنا استغلت هذه الحفنة كلا من النهج التحريفي الخروتشوفي وبروستريكا غورباتشوف وسياسة الغلانوسست التي ابتدعها غورباتشوف وتحت شعارات الحداثة والتجديد انقلبت هذه الحفنة على مبادىء الحزب متنصلة عن كل ماضيها وكل القيم الاشتراكية ومشكلة لحزب ما لبث أن تساوق مع اليمين الفلسطيني في معظم توجهاته وشاركه في أهم مواقفه وسياساته. في هذا الوقت وبعد أسبوع هب الرفاق الشيوعيون المخلصون في 7 /11/1991 وأعلنوا إعادة تأسيس الحزب الشيوعي في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات الفلسطيني على أسس التمسك بالماركسية اللينينية، ووضع برنامج سياسي مرحلي، ملخصه العمل ضد الاحتلال والاستيطان بلا هوادة، وينتقد بعض مواقف اليسار الفلسطيني الذي تساوق مع السلطة في كثير من مواقفها والتي ثبت خطأوها، وفي ختام هذا السياق أود أن أذكر بكلمة الرفيق القائد الخالد فهد العراقي وهو على سدة الاعدام:حين قال أن الشيوعيين أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق، ونحن في فلسطين نقول أن جذور الفكر الاشتراكي عميقة كجذور شجرة الزيتون، وصلبة كأسوار عكا وجبال عيبال وهي وحدها المخلص لنا ولكل الشعوب المضطهدة. الأخوة والأخوات اسمحوا لي أن أقدم لكم عرضاً موجزاً عن سياسة حزبنا تجاه ما يمر به وطننا وشعبنا. على الصعيد الوطني، فإن قضيتنا الفلسطينية تمر بمرحلة دقيقة وخطيرة للغاية، فجميعنا يرى ما أوصلتنا إليه السياسة الاستسلامية منذ اوسلو وإلى الآن، فالممارسات الاسرائيلية على الأرض تتواصل بوتيرة عالية، فمن مصادرات الأراضي وحرق الأشجار وهدم المنازل وبناء الجدار العازل وتقطيع أوصال البلاد، وتفريغ القدس من سكانها وصولا إلى مخطط تقسيم المسجد الأقصى الشريف، كما جرى للحرم الابراهيمي في الخليل، يتم ذلك كله على مسمع وبصر سلطة أوسلو التي نكثت بشروطها وعادت لاستئناف المفاوضات التي وصفتها هي نفسها بالعبثية، ودخلت في عملية تفاوضية يصفها المراقبون المحايدون بالعقيمة واللا مجدية، وهي تعلم علم اليقين أنها لن تحصل على أي شيء جديد، فمسيرة 20 عاماً من التفاوض تفضح نفسها بنفسها إن في اتجاه تصاعد الاستيطان على الأرض الذي تضاعف أكثر من ثلاثة أضعاف خلال هذه الفترة فقط، وإن في اتجاه فرض الشروط التعجيزية كشرط الاعتراف بيهودية الدولة قبل كل شيء ومن ثم الموافقة على السيطرة على الأغوار وكل الحدود إلى غير ذلك من الشروط التي تفرض في النهاية مخطط الدولة الشكلية المؤقته والمقطعة الأوصال، كل ذلك يجري تحت سمع وبصر المفاوض الفلسطيني الذي بات يمثل فقط مصالح المتنفذين وأصحاب الإمتيازات من الكمبرادور الفلسطيني الذي لم تعد تعنيه غير مصالحه الذاتية وبذلك يصبح شعبنا الصامد الذي قدم أغلى التضحيات يعيش بين مطرقة الاحتلال وسنديان فساد السلطة، والسؤال الذي يفرض نفسه أمام هذ الواقع، هو ما العمل؟ لقد جرب شعبنا خلال تاريخه الطويل مع كل الاحتلالات التركية،البريطانية،الأردنية والصهيونية، جميع وسائل الكفاح، وثبت له ولغيره من الشعوب التي سبق وأحرزت استقلالها وتحررها أن أقصر طرق التحرر هو المقاومة المتدرجة بكل أشكالها والتي تقودها وتختار شكلها وطبيعتها المقاومة نفسها بحسب متطلبات مشروعها الوطني الثوري الديمقراطي التحرري، من هنا فنحن الشيوعيين ندعو جميع أبناء شعبنا المخلصين ومن جميع الاتجاهات إلى رص الصفوف والعمل بدون كلل أو ملل من أجل بناء جبهة إنقاذ وطني عريضة تعمل بتفانٍ من أجل خلاص هذا الشعب الصامد من براثن الاحتلال وكل تبعات أوسلو سيئة الصيت والسمعه، إننا على يقين بأن الظروف المحلية والاقليمية والدولية، باتت مهيأه أكثر من أي وقت مضى لدعم هذا التوجه، خصوصاً بعد التغير الواضح في معالم النظام العالمي الجديد، وانتهاء مرحلة القطبية الأحادية وانحسار النفوذ الإمبريالي الصهيوني والرجعي العربي، بل وتحطمه على صخرة صمود الشعب السوري وبقاء الدولة السورية قائمة ومضطلعه بدورها التاريخي المقاوم هي وحلفائها بما يهيء فرصة حقيقية لقيام شرق أوسط عروبي ثائر جديد، يكون شعارنا فيه الأمل والحلم بمستقبل أفضل لأبنائنا وأحفادنا وأبناء وأحفاد كل شعوب المنطقة. عاش كفاح الشعب الفلسطيني عاش الحزب الشيوعي الفلسطيني وإننا حتما لمنتصرين


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني