PCP

يا عمال العالم اتحدوا

العلاقات المصرية ـ الصهيونية تخرج من ثلاجة الموتى

مازالت تداعيات الخطاب الذي أرسله الرئيس محمد مرسي إلى نظيره الصهيوني شيمون بيريز تثير الكثير من الضجة في مصر، حيث لم يقنع شباب التيارات المعارضة للاخوان بالمبررات التي ساقتها الرئاسة بخصوص الحالة الودية المبالغ فيها في نصوص خطاب أرسله رئيس من المفترض أنه ينتمي لجماعة استمرت طوال عشرات السنين تجعجع بعدائها للصهيونية، وشاركت بثورة كان من بين مطالبها قطع العلاقات مع هذا الكيان. على أن الأمر لم ينتهي عند هذا الحد، حيث قامت وسائل الإعلام الصهيونية ببث فيلم حول المعاملة المهينة التي تعرض لها الأسرى المصريون في حرب 1967، ومع الإذلال الذي تابعه الشعب المصري في هذه المادة الفيلمية لأسراه على يد الجنود الصهاينة، إزدادت حدة الانتقادات وحالة الغليان التي تمليء صدور المصريين تجاه الكيان الصهيوني وتجاه الخطاب الذي استخدمت عبارات ودية متجاهلاً مثل هذه الأحداث. ويبدو أن الكيان الصهيوني قد فسر رسالة الرئيس مرسي على أنها إشارة لاستمرار العلاقات المصرية ـ الصهيونية بنفس المستوى التي كانت عليه في العهد المباركي، وهو مادفعه للقيام بعملية قصف مجمع اليرموك العسكري في الخرطوم. ثمة تطور أخير حدث أمس، حيث قام تشكيل من طائرات مقاتلة باختراق حاجز الصوت فوق السماء المصرية، وهو ما فسرته القيادة العسكرية المصرية بكونه تدريبات للقوات الجوية المصرية، إلا أن الصحف الغربية تحدثت بدورها عن الحدث، حيث كشفت عن قيام طائرات صهيونية بالتشويش على الرادارات المصرية واختراق حاجز الصوت فوق سماء القاهرة، وهو ما أكده بيان ما يسمى "ضباط من أجل الثورة" على موقع التواصل الاجتماعي. Facebook ومهما يكن من مدى مصداقية الطرفين فإن توالي هذه الاحداث في فترة زمنية قصيرة منحت المصريين تصوراً حول حقيقة موقف الجماعة من هذا الكيان، وأدى لاهتزاز صورتها وصورة الرئيس مرسي كثيراً لدى البقية الباقية من المصريين الذين كانوا يتوقعون من القيادة المصرية موقفاً قوياً من قصف الخرطوم على الأقل، خاصة بعد المظهر البطولي الذي اجتهدت التيارات الاسلاموية في وصف مرسي به عندما ترضى على الصحابة في مؤتمر عدم الانحياز بطهران، واصبحت التساؤلات الاستهجانية تقال بكل صراحة عن سر الزئير في مواجهة طهران والصمت أمام الكيان الصهيوني. في المقابل هناك تساؤلا يطرح نفسه حول سبب قيام القيادة الصهيونية بمثل هذه الممارسات التي أدت لاحراج الرئاسة في مصر بالرغم من الرسالة الودية المطمئنة التي أرسلها مرسي لبيريز، ناهيك عن قراره بإعادة السفير المصري إلى تل أبيب والذي تم سحبه في 2009 أثناء حرب غزة؟ إن موقف القيادات الصهيونية لايقل توتراً عن موقف نظرائهم في مصر، حيث يعاني الكيان الصهيوني من أزمة اقتصادية قاسية أدت لتوتر اجتماعي ضخم يخشى أن تطور إلى مرحلة الانفجار الثوري على غرار المحيط العربي، وبالتالي تجنح القيادات الصهيونية إلى اللجوء لبعض الانتصارات الوهمية لرفع اسهمها في الشارع الداخلي، بالاضافة لمحاولة التخلص من الحرج الذي تعرضت له بعد نجاح طائرة حزب الله في التوغل بالاراضي المحتلة وقيامها بتصوير عدة مواقع صهيونية عبر عمليات عسكرية ضد الدول العربية المجاورة ومن بينها الدولة العربية الأكبر في محاولة لاقناع الداخل الصهيوني بان التفوق العسكري لقواته المسلحة مازال قائماً، كما أن طبيعة العلاقات مع مصر مازالت كما هي لم يغيرها وصول الاخوان المسلمين للحكم. لقد حرصت جماعة الاخوان المسلمين منذ نجاحها في الانتخابات التشريعية على تجميد ملف العلاقات مع الكيان الصهيوني بقدر الامكان تجنباً لما يثيره من حرج لصورتها سواء أمام الشعب المصري أو أمام كوادرها، وتم تفسير هذا التصرف من قبلها وتبريره بان البلاد غير قادرة حتى الآن على تغيير الواقع المحيط بها نظراً لحالة الارتباك التي تلت الانفجار الثوري وأجبار مبارك على الرحيل عن منصب الرئاسة. إلا أن هذه التطورات الأخيرة تشير إلى أنه لم يعد من المقبول في كل الأحوال سواء لدى الجماهير المصرية، أو حتى لدى الكيان الصهيوني أن يستمر الرئيس مرسي في أبقاء العلاقات المصرية ـ الصهيونية بثلاجة الموتى لفترات أطول، فالتطورات المتسارعة بالشرق الأوسط، والحركات الجماهيرية المعارضة تمارس ضغطاً كبيراً عليه كي يظهر موقفاً واضحاً وثابتاً من هذا الكيان وما يتعلق به كمعاهدة كامب ديفيد، ووجود الجيش المصري في سيناء، ويبدو أن الأيام القادمة سوف تحمل الكثير من التطورات بخصوص هذا الملف الشائك تماماً لدى الرئيس مرسي وجماعة الاخوان المسلمين. بقلم: احمد صبري(البديع)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني