ازدياد الفقر والتفاوت الاجتماعي في أمريكا
شكراً لـ «حركة احتلوا وول ستريت»، إن معظم العاملين في أمريكا يدركون جيداً قدر التفاوت المتزايد في توزيع الثروة ,وبالنسبة لأولئك الذين يفتقرون إلى التفاصيل، فإن وزير العمل السابق روبرت رايش يقدم لهم نظرة مفيدة: «مازال الأغنياء في أمريكا ( والذين يشكلون ما نسبته 1% من السكان ) يحصلون على جزء أكبر وأكبر من إجمالي الدخل القومي , فقد ازدادت حصتهم من هذا الدخaل والتي كانت تبلغ 9% في عام 1980 لتصل إلى 23.5% بحلول عام 2007 « (اعترافات محارب طبقي - 22 أغسطس 2010 ) , ويضيف روبرت فرانك في مقاله المنشور في النيويورك تايمز 16 تشرين الأول 2010 « بيد أنه وتقريباً خلال الفترة ذاتها انخفضت أجور الساعة الواحدة بنسبة تزيد عن 7% « .
وبعبارة أخرى ، لم يعد الأمر يقتصر على أن الأغنياء يزدادون غنىً ، بل أصبح الفقراء يزدادون فقراً.
هذا ولم تقم النقابات بلعب دورها في حماية مصالح العمال خصوصاً بعد أن حلت التكنولوجيا بأدواتها المتطورة محل العديد من الوظائف ذات الأجور الجيدة مما تسبب بهجرة الكثير من العاملين في هذه الوظائف إلى الخارج , حيث أظهرت العديد من النقابات استعدادها لقبول تنازلات هائلة دون أن تخوض نضالاً لصون حقوق أعضائها، الأمر الذي ساهم في تزايد الفوارق الطبقية.
وقد أدى استعداد النقابات هذا للتخلي عن مكاسب تم تحصيلها بصعوبة من جانب العمال ولزيادة الانخفاض المستمر في أعداد المنتسبين لعضوية الاتحاد ، والذي يمثل حالياً ما نسبته 8% من إجمالي عدد العمال, فكيف سينضم العاملون ويدفعون مستحقاتٍ لاتحاد عملٍ لا يجيد سوى تقديم التنازلات عن حقوقهم !؟
ومما لا شك فيه أن تراجع دور النقابات يدل على فقدان سلاح قوي كان بالإمكان استخدامه للدفاع عن مستوى معيشة الطبقة العاملة.
وفي المقابل، فقد شهد اتحاد العمال في عام 1930 ارتفاعاً كبيراً في نسبة أعضائه عندما قامت النقابات بتنظيم معارك شاملة وناجحة من أجل رفع مستوى الأجور وتحسين ظروف العمل.
ولكن الحكومة الأمريكية لعبت دوراً خبيثاً في المساهمة بازدياد الفوارق الطبقية, فقد أكد كل من البروفيسور يعقوب هاكر( من جامعة ييل ),والبروفيسور بول بيرسون ( من جامعة كاليفورنيا في بيركلي ) في كتابهما
«الفائز يحصل على كل السياسة: كيف جعلت واشنطن الأغنياء أكثر غنىً - وأدارت ظهرها للطبقة المتوسطة» الصادر عام 2010 , أن المعدلات الضريبية المتغيرة هي إحدى العوامل الرئيسية الكامنة وراء تزايد انعدام المساواة الطبقية.
هذا ويوافق مختصون آخرون على هذا التقييم لدور الحكومة , فقد ذكرت ماريسا لاجوس في مقال لها في صحيفة ( سان فرانسيسكو كرونيكل ) في 8 ديسمبر 2011 تحت عنوان (( الحكومة هي الملامة على توسيع فجوة الثروة )) أن عدداً من الاقتصاديين والباحثين نقلوا للمشرعين في ولاية سان فرانسيسكو رؤيتهم بأن كل من حكومة الولاية والحكومة الفدرالية هما مسؤولتان الى حد كبير عن اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء في الولايات المتحدة، وينبغي أن تنشئ تغييرات في سياساتهما - بما في ذلك إدخال إصلاحات على قانون الضرائب وزيادة الاستثمارات في مجال التعليم - للمساعدة في تصويب اتجاهها السائد منذ ثلاثين عاماً.
ومما سبق يتضح أن سياسة الحكومة هي لعب دور حاسم في خلق وتسريع معدلات عدم المساواة. وقد قام الأغنياء بالاستفادة الكاملة من ثرواتهم للضغط على السياسيين - الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء - من أجل ضمان إقرار تشريعات تتم بموجبها إعادة توزيع الثروة بين كل من الطبقة العاملة والفقراء, ففي حين أن ثروة الأغنياء في ارتفاع فالضرائب المستحقة عليهم تتجه إلى الهبوط ، مما أدى إلى تفاقم عدم المساواة وخلق حلقة مفرغة: المزيد من المال يدفع لإنتاج المزيد من الضغط الذي يخلق المزيد من المال.
وفي الوقت ذاته، وعلى الرغم من أن دخل العاملين والفقراء قد انخفض، فإن الضرائب المستحقة عليهم لا تزال في ازدياد.
مما لاشك فيه أن الوقت قد حان للحركة النقابية لاستعادة دورها التاريخي كمدافع عن مصالح العمال، والعمل على إنشاء حركة مستقلة عن تأثير السياسيين من خلال تنظيم مظاهرات ضخمة للمطالبة بزيادة الضرائب على الأغنياء. وهذا التحرك يمكن أن يكون بمثابة خطوة أولى نحو إنشاء حزب العمل المستقل والذي لن يقتصر تمثيله على أعضاء النقابات فقط بل سيمتد ليضم الـ99% الباقية من الأمريكيين.
آن روبرتسون و بيل ليومير - ترجمة نور طه
آن روبرتسون : محاضر في جامعة ولاية سان فرانسيسكو، وعضو في رابطة كلية كاليفورنيا.
بل ليومير: عضو في جماعة أخوية ( رابطة ) سائقي الشاحنات