PCP

يا عمال العالم اتحدوا

الجزء الثالث من تاريخ الحركة الشيوعية في فلسطين

على أثر اعتقال سكرتير الحزب "زئيف برمان" وطرده من فلسطين جرت تغييرات هامة على تركيبة الهيئات الحزبية باتجاه تعريب الحزب،الامر الذي ساعد الحزب في التخلي عن سياسته الانعزالية وتبنيه سياسة انفتاح على الحركة القومية العربية. فقد عين رضوان الحلو سكرتيرا عاما للحزب وتم انتخاب طاهر المغربي عضوا في اللجنة المركزية وبعدها عضوا في سكرتارية اللجنة المركزية. حيث أنه حتى ذلك الحين لم يكن هناك أي كادر عربي في قيادة الحزب. وفي إطار التغييرات الجديدة كان أول عمل قام به السكرتير العام الجديد للحزب هو إغلاقه لجريدة الحزب "إلى الأمام" التي كانت تعبر عن النهج اليساري الانعزالي للحزب وبدأ بإصدار صحيفة سرية جديدة تدعى "نضال الشعب" كمنبر جديد استمرت في الصدور حتى عام 1943. لقد كانت هذه الخطوة عبارة عن بداية التحول الجذري في الخط "اليساري الانعزالي" للحزب وفي توجهه الجديد، والذي كان جوهره هو الانعطاف الكبير نحو الجماهير العربية الفلسطينية كأحد الشروط ألأساسية لتعريب الحزب،أذ ظلت هذه الصحيفة تبدي انفتاحا كبيرا على الحركة الوطنية وقياداتها التي كانت في غالبيتها تتمثل برجال دين وعناصر اقطاعية وبرجوازية في طور التكوين ، ومع ذلك ظل الحزب يحاول توثيق صلاته بالجناح الراديكالي في تلك الحركة ، مثل حزب الاستقلال ومجموعة حمدي الحسيني . لقد ساعدت هذه العملية في تحضير الأرضية عند قيادة الحزب الشيوعي الفلسطيني لتبني الخط السياسي الجديد للأممية الشيوعية،والعمل على تنفيذ مقررات المؤتمر السابع للكومنترن. إن المؤتمر السابع للكومنترن،الذي انعقد في موسكو الفترة ما بين 25 تموز حتى 2 آب 1935, محطة هامه في تاريخ الحركة الشيوعية العالمية وتطورها. وقد شارك فيه من قبل الحزب الشيوعي الفلسطيني 3 رفاق هم- رضوان الحلو الملقب بيوسف، ومحمود الأشقر الملقب بحجار وخليل دولة الملقب بحلُول، حيث ساهم في النقاش رفيقين وهما يوسف وحجار*. قام المؤتمر السابع للكومنترن بصياغة إستراتيجية وتكتيك جديدين لكل فصائل الحركة الشيوعية العالميه،أخذا بعين الاعتبار تفاوت المهام واختلافاتها عند هذه الفصائل، وجامعا بشكل صحيح بين العام والخاص عند كل فصيل. اهميه خاصة في ابحاث المؤتمر السابع للكومنترن حازت معالجة قضايا ومهام الأحزاب الشيوعية في البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة ومن ضمنها فلسطين. فلقد طرح المؤتمر السابع إستراتيجية التحرر القومي والاستقلال وتكتيك الجبهة الوطنية الموحدة المعادية للامبريالية التي يجب أن توحد جميع القوى الطبقية المناضلة ضد الكولونيالية، من الطبقة العاملة حتى البرجوازية الوطنية. كما أشار تقرير جورجي ديمتروف أمام المؤتمر أنه يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار الظروف التي يجري فيها النضال المعادي للامبريالية من قبل الجماهير، ودرجة نضج حركة التحرر الوطني ودور البروليتاريا فيها، ونفوذ الحزب الشيوعي بين الجماهير. بالإضافة الى ذلك أشترط المؤتمر لنجاح هذه الجبهات وجود حزب شيوعي قوي. فالحزب الشيوعي هو وحده المبادر والمنظم للجبهة الموحدة للطبقة العاملة وهو قوَتها المحركة، ولا تستطيع الأحزاب الشيوعية ضمان تعبئة جماهير الكادحين الواسعة للنضال الموحد ضد الفاشية وزحف الرأسمال إلا بتعزيز صفوفها ، وتطوير مبادراتها وتطبيق السياسة الماركسية اللينينية، والتكتيك الصائب المرن، الذي يجب أن يراعي الوضع الملموس ومواقع القوى الطبقية. لقد أعرب مندوبا الحزب الشيوعي الفلسطيني بمداخلاتهما عن موافقتهما على هذا التوجه ضمن الظروف الخاصة بفلسطين, ورأوا فيه طريقا صحيحا للعمل، وذلك من أجل تعزيز دور الحزب الشيوعي في الحركة الوطنية الفلسطينية. كما وأكد يوسف في مداخلته على أن العدو الرئيسي في هذه الفترة هو الامبريالية الانجليزية التي تستغل جهازها الكولونيالي وتعتمد على القاعدة الاجتماعية التي شكلتها وسط الطبقة الإقطاعية، وأيضا البرجوازية اليهودية الصهيونية التي تستغل الأقلية القومية اليهودية لمصلحه الامبريالية .وذكر أن التطورات والأحداث الكفاحية خلال السنوات الأخيرة فتحت إمكانيات غير محدودة للنشاط الثوري للحزب البروليتاري في فلسطين. وفي سياق تلخيصه عن وضع الحزب ذكر يوسف أن الحزب عانى من التطرف القومي اليهودي حيث وقف على رأس الحزب رفاق أتوا بالأساس من أحزاب صهيونية، ولم يغيروا من نهجهم الأيديولوجي. وأنهم منذ اليوم الأول لتأسيس الحزب حتى إخراجهم منه عملوا وبشكل علني ضد خط الكومنترن ومنعوا نمو الحزب السياسي والتنظيمي، وبهذا الأسلوب كانوا حجر عثرة أمام الحركة الثورية للجماهير العربية .كما وأشار الى أن هذه القيادة أفشلت عملية تعريب الحزب الشيوعي الفلسطيني، وبقوا يسيرون على النهج السياسي والتنظيمي القديم. بألأضافة الى ذلك أعلن المندوب الفلسطيني أنه بعد فشل هذه القيادة بدأت قيادة الحزب الجديدة في تحقيق سياسة تعريب الحزب،الأمر الذي جعل الحزب يخطو خطوة جدِية إلى الأمام نحو إقامة علاقات وروابط واسعة مع الجماهير الشعبية العربية، إذ بدأ الحزب يبني خلايا له في المصانع والمعامل بدلا من خلايا الحزب القديمة في أماكن السكن، كما ودخل الحزب الى عدة نقابات وجدد نشاطه النقابي بين العمال العرب . وفي إطار رؤيته للسياسة الجديدة التي يجب أن ينتهجها الحزب الشيوعي الفلسطيني، أعلن المندوب الفلسطيني على أن المهمة الملحه للجماهير العربية في هذا النضال هي إقامة جبهة موحدة مع القوميين الثوريين والتنظيمات والفرق القومية الإصلاحية من أجل النضال ضد الامبريالية ،وأوضح بأن إقامة الجبهات الشعبية تعني في ظروف فلسطين انفتاحا كبيرا على الحركة الوطنية. وبذات الوقت لم يرى المندوب الفلسطيني بأن عملية تعريب الحزب تعني إضعاف العمل بين العمال والفلاحين اليهود. بألأضافة الى ذلك رأى بالكفاح ضد الانحرافات الصهيونية والشوفينية العربية المحلية مهمة أساسية أمام الحزب من أجل أن يتحول إلى حزب مناضل حقيقي . أما المندوب الثاني للحزب الشيوعي الفلسطيني حجار فقد أكد في مداخلته على أن طرد القيادة القديمة للحزب الشيوعي،التي قادته نحو طريق انعزالي قومي يهودي, أدى إلى السير على طريق التعريب وتقوية اتصالاته بالجماهير العربية العريضة. وأكد في ذات الوقت على ضرورة تسرب الشيوعيين الى صفوف الأحزاب والمنظمات التي يقودها زعماء القومية الإصلاحية،لأنها أحزاب وتنظيمات جماهيرية،ولها تأثير كبير على الحركة الوطنية في فلسطين. وبهذا الأسلوب سوف يتمكن الشيوعيون من جذب الجماهير وانتزاعها من تأثير الزعماء الإصلاحيين ودفعها على طريق النضال الحازم ضد الامبريالية. و أكد المندوب حجار على ضرورة إقامة الجبهة الموحدة المعادية للامبريالية والصهيونية، وأعلن بشكل واضح أن هذه الجبهة سوف تكون "جبهة شعبية قومية عربية"،يكون مضمون نضالها موجها ضد البرجوازية الصهيونية التي تلعب دور دولي مباشر في اضطهاد واستغلال الجماهير العربية حيث أن هذا النضال هو عبارة عن نضال يومي في جوهره معاد للامبريالية، ويجب أن يكون نضالا مباشرا ضدها على اعتبارها العدو المباشر.وهكذا نجد أن الجبهة الموحدة في ظروف فلسطين الخاصة ستكون جبهة عربية من الشيوعيين والقوى الوطنية الأخرى. أما بالنسبة للطبقة العاملة اليهودية فقد رأى فيها المندوب الفلسطيني حليفا طبيعيا للجبهة المعادية للامبريالية، ودعاها للنضال المشترك ضد الامبريالية والصهيونية. إلى جانب ذلك رأى المندوب حجار أهمية كبيرة للنشاط في صفوف الجماهير الكادحة اليهودية من أجل انتزاعها من تأثير الحزب الرجعي للرأسماليين اليهود الصهاينة، وفقط و بهذا ألشكل من الممكن أن يساهم العمال اليهود في النضال التحرري الذي تخوضه الجماهير العربية. أما بالنسبة لآفاق تطور العلاقات القومية في فلسطين, فقد ربط بين إمكانيات التطور أمام الأقلية اليهودية وعملية التحرر الوطني في فلسطين والتحول الديمقراطي للنظام الاجتماعي السائد هناك. و إن آلية تحقيق هذه العلاقة هي الجبهة المتحدة للطبقة العاملة العربية اليهودية . إن ممثلي الحزب الشيوعي الفلسطيني لم يتبنوا فقط الخط السياسي الجديد للكومنترن بل صاغوا تصوراتهم الخاصة لتحقيق هذا الخط ضمن الظروف الفلسطينية الخاصة. اشترط المؤتمر السابع للكومنترن من أجل تنفيذ هذا الخط السياسي الجديد في جميع البلدان أمرين أساسيين: 1- أن يضمن تطبيق القرارات المتخذة تنظيميا. 2- القدرة على جعل قرارات الكومنترن وفروعه قرارات تتبناها أوسع الجماهير. ومن أجل ذلك يجب على الحزب أن يتكلم بلغة تفهمها الجماهير, لأن هذه الجماهير هي الضمانة لأي تغيير منشود. من الناحية العملية رأت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني أن هذان الشرطان يعنيان: أ‌- العمل على تعزيز قوة الحزب التنظيمية اليهودية العربية ووحدته الفكرية السياسية. ب‌- السعي لتحقيق فكرة الجبهة الموحدة المعادية للامبريالية. أي البحث عن حلفاء جدد يقفون في ذات الصف الوطني المعادي للامبريالية. و إعادة النظر بكل المواقف السابقة بصدد البرجوازية الوطنية الفلسطينية وإمكانياتها الثورية ونفسها الوطني. ج- البحث عن أشكال جديدة للعمل بين الجماهير العربية واليهودية وجذبها نحو الخط السياسي الجديد وسلخها عن قياداتها التقليدية في الوسط العربي وعن الصهيونية في الوسط اليهودي. لقد بدأ الحزب بنشاط فكري وسياسي وتنظيمي من اجل صياغة الخط السياسي الجديد للحزب على أساس مقررات المؤتمر السابع للكومنترن ومواقف مندوبية فيه، وذلك بعد عودتهم من موسكو. ففي شهر تشرين الأول 1935 عقد الحزب اجتماعا موسعا لكوادره الحزبية ناقش فيه أبحاث المؤتمر السابع للكومنترن ومسائل الخط السياسي الجديد للحزب،اصدر بعدها بيانا برنامجيا اهتدى به الحزب لفترة طويله، خاصة وأنه منذ عام 1931 لم يعقد مؤتمرا له. إن ما يميز الطروحات السياسية لهذا البيان هو الكشف عن جوهر التناقضات داخل المجتمع الفلسطيني والساحة السياسية. وتحديد الحلقة المركزية في نضال الشيوعيين وطبيعة العدو الرئيسي الذي يجب أن توجه له الضربة الرئيسية، والتحديد الصحيح للقوى المحركة للثورة في فلسطين ومسألة الحلفاء. فبعد تحليله للتطورات السياسية على المستوى الدولي والمحلي يحدد البيان مرحلة الثورة في فلسطين آنذاك بأنها مرحلة التحرر الوطني من الاستعمار وتحقيق الاستقلال القومي. وفي سياق تحليله لطبيعة مهام هذه المرحلة كشف عن جوهر التناقضات والتي تعبر عن خصوصية القضية القومية والكولونيالية في فلسطين وطابعها المزدوج. فقد أشار البيان إلى أن الطبيعة المزدوجة للقضية القومية تعود إلى وجود عاملين أساسيين هما وجود الاستعمار البريطاني وثانيا وجود الاستيطان الكولونيالي الصهيوني والهجرة اليهودية الى فلسطين،والتي خلقت قضية قومية داخلية حادة وعملت على تغيير الطابع الديموغرافي لفلسطين. من هذه الرؤية الواضحة لخصوصية الظروف الملموسة للبلاد طرح الحزب شعار وحدة كل القوى من أجل القضاء على الاستعمار والصهيونية ووقف الهجرة حالا. لقد اتخذ الحزب موقفا صحيحا من الصهيونية والهجرة اليهودية، إذ فضح أهدافها الاستعمارية حيث لخص البيان هذه الأهداف بخمس نقاط جوهرية: أولا: دعم الوطن القومي و نفوذ الصهيونية بالقوة المسلحة. ثانيا: مقاومة قضية الاستقلال العربي لا قضية فلسطين وحدها. ثالثا: تفعيل الصهيونية كجبهة رجعية متراصة, متنعمة متميزة بالنسبة للعرب (متميزة سياسيا واقتصاديا وأدبيا بالوظائف والتسهيلات والأجور وكل أنواع الرشوة الاستعمارية المغلفة)،تقوم بتنفيذ دورها في مشاريع الهجوم على الاتحاد السوفييتي وكقاعدة ارتكاز أساسية للاستعمار من اجل مد نفوذه الى الدول العربية وسائر انحاء المنطقة. رابعا: تحويل التجمع اليهودي في فلسطين إلى "ارستقراطية بروليتارية" من اجل ضرب نضالات الطبقة العاملة في المنطقة. خامسا: الهجرة اليهودية التي هي أساس المشروع الصهيوني، هي مشروع رأسمالي أجنبي تستفيد منه بالدرجة الأولى الرأسمالية البريطانية الاستعمارية بالاشتراك مع شريكتها الرأسمالية اليهودية، وتلك هي الدعامة الأساسية للاستعمار البريطاني في المنطقة . وهكذا ربط الحزب بين الاستعمار البريطاني والصهيونية كحركة وكقوة سياسية وأيديولوجية واقتصادية كبيرة، وهذا أمر هام جدا وموقف سياسي متقدم على جميع المواقف السياسية التي كانت تتخذها القوى والأحزاب السياسية الأخرى في فلسطين. إذ أن الأغلبية الساحقة في القوى السياسية في الحركة القومية الفلسطينية لم تتمكن من رؤية هذا الرابط، مما فسح المجال أمام تغلغل الأوهام حول نوايا الحكومة البريطانية الحسنة، الأمر الذي أدى إلى حرف الأنظار عن العدو الرئيسي وهو الاستعمار البريطاني، والنظر الى الحركة الصهيونية والهجرة اليهودية كالعدو الوحيد لها. إن هذا الموقف الغير صحيح الذي كانت تتبناه قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية أعاق إلى حد كبير تطور هذه الحركة وكفاحها وساعد على توجيه ضربة كبيرة لها لاحقا ولكفاح الشعب الفلسطيني من أجل التحرر والاستقلال القومي. عبر الخط السياسي الجديد عن موقف جديد من طبيعة التركيبة الاجتماعية الطبقية للمجتمع الفلسطيني و طبيعة التحالفات السياسية التي يجب أن تعقد كتعبير عن طبيعة المرحلة وتناقضاتها. أن تركز الرأسمال الأجنبي، وبالأساس اليهودي، في المشاريع الصناعية الكبرى والسيطرة على أراضي الفلاحين العرب والسوق المحلية وعدم تمكن البرجوازية العربية الناشئة من الوقوف في وجه المزاحمة مع الصناعة والرأسمال اليهودي المتطور،أدى ليس فقط إلى انهيار البنية الاجتماعية والاقتصادية القديمة للمجتمع الفلسطيني بل إلى نشؤ تركيبة اجتماعية كولونيالية مشوهة يميزها عدم وجود برجوازية وطنية قوية وعدم وجود طبقة عاملة صناعية ذات تقاليد كفاحية وتنظيمية كبيرة. إن هذا الأمر فسح المجال للقيادات الشبه إقطاعية أن تسيطر على قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية وتمنع الفئات الأخرى، وخاصة فئة المثقفين التقدميين، من الوصول إلى المواقع القيادية فيهذه الحركة. إن خصوصية تطور الحركة الوطنية الفلسطينية كان من احد الاسباب لاتخاذ مواقف يسارية انعزالية منها من قبل الشيوعيين الفلسطينيين. إن هذا التغيير في موقف الشيوعيين الفلسطينيين ظهر بشكل واضح في التقييم الصحيح للقوى المحركة للثورة. فلقد ذكر البيان بأن القوى المحركة للثورة التحررية في فلسطين هي قوى الشعب العربي عامة من جماهير عمالنا وفلاحينا وبدونا المظلومين والتجار والصناعيين وأصحاب الدكاكين ورجال المصانع والمصارف والمشاريع الناشئة وأصحاب المهن الحرة الخ. أي بمعنى آخر كل فئات الشعب من برجوازية وطنية ناشئة إلى البرجوازية الصغيرة و العمال والفلاحين. إلى جانب ذلك فقد حدد البيان الموضع الطبيعي للعمال والفلاحين اليهود بغض النظر عن أنهم مهاجرون ومستوطنون في فلسطين، فقد جاء في البيان ، بأن العمال والفلاحين اليهود هم حلفاء أساسيين لحركة التحرر الوطني الفلسطيني،ووجه دعوة لكل يهودي حر ومحب لراحة شعبه طمأنينته،أن ينهضوا لمقاومة الهجرة والتسلح الصهيوني، و إلى العمل حالا بكل الطرق ضد الاستعمار البريطاني والصهيونية المحتلة وإلى تنظيم الاحتجاجات العلنية المطالبه بجلاء الاحتلال البريطاني. و في نفس البيان أعلن الحزب عن موقفه المبدئي بالتفريق بين العداء للحركة الصهيونية والهجرة اليهودية وبين الموقف من السكان اليهود في فلسطين، إذ أعلن أن النضال ضد الحركة الصهيونية والمطالبة بوقف الهجرة لا ينبع عن دافع عدائي لليهود، بل بدافع الاهتمام بمصلحتهم وتماشيا مع روح الحزب ومبادئه الأخوية المخلصة لجميع الشعوب مهما كانت أجناسها وأديانها. وبهذا يطرح الحزب الموقف المبدئي من العمل المشترك بين العرب واليهود، والأساس المادي للتقارب وهو العداء للاستعمار والرجعية المحلية. من جهة أخرى سعى الحزب في خطه السياسي الجديد إلى التوفيق بين الكفاح القومي والكفاح الطبقي ، وربط هذا الكفاح بعملية التحولات الاجتماعية العميقة في المستقبل، حيث جاء في البيان بأن الكفاح المطلبي من أجل تحسين أحوال الطبقات العاملة اقتصاديا وصحيا وثقافيا،مرتبط بالكفاح من أجل التحرر الوطني وجزء من الكفاح الذي ينظر بتفاؤل نحو المثل الاجتماعي الأعلى ونحو المجتمع الاشتراكي العادل . لقد لعب هذا النهج السياسي الجديد للحزب الشيوعي دورا هاما في إخراجه من تقوقعه الداخلي وأدى إلى ازدياد عملية الانفتاح نحو الحركة الوطنية الفلسطينية والعمل النقابي داخل الحركة العمالية العربية, وفسح له المجال إلى إقامة شبكة علاقات جيدة مع بعض فئات المثقفين العرب. *الاسماء الحركية وردت هكذا في النص الروسي ،وربما كان هناك التباس في الترجمة.


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني