PCP

يا عمال العالم اتحدوا

مصر... اقتحام السفارة الصهيونية نقلة نوعية في مسيرة الثورة

يجمع المراقبون أن ماشهدته القاهرة يومي 9 و10 أيلول شكل نقلة نوعية في مسيرة الثورة الشعبية المصرية، وإنهاء لحملات الأكاذيب الاعلامية التي كانت تريد أن تصور الثورة المصرية وكأنها لا تهتم بالقضية الفلسطينية ولا بالصراع العربي الصهيوني، فكان يوم السفارة يوما لإكليل غار جديد يكلل جبهة الثورة المجيدة. ففي يوم الجمعة 9 أيلول حاول نحو 4 آلاف متظاهر مصري هدم الجدار الجديد الذي بني على طول حوالي 100 متر وبارتفاع ثلاثة أمتار فوق جسر الجامعة المجاور للسفارة الإسرائيلية بالقاهرة، في مسيرة أطلقوا عليها «مسيرة الشواكيش». وقد تمكن المتظاهرون بالفعل من هدم الجدار الاسمنتي الذي سبق للسلطات المصرية أن شيّدته لحماية السفارة من أي انتقام محتمل لاستشهاد الجنود المصريين الستة الذين قتلتهم غارة إسرائيلية على الحدود خلال شهر آب الماضي. وأمام الغضب الشعبي الكبير والاستنفار الأمني، اشتدت المواجهات العنيفة طوال الليل بعدما تمكن بعض المتظاهرين من اقتحام مقر السفارة التي تشغل مكاتبها الطوابق الثلاثة الأخيرة من المبنى المؤلف من 20 طابقاً، حيث شُوهدت الوثائق «السرية» التي عُثر عليها داخل مكاتب غرفة مخصصة للأرشيف الدبلوماسي تتطاير في الهواء، وكاد مقر السفارة الأميركية في القاهرة يشهد سيناريو مشابهاً لما حصل مع السفارة الإسرائيلية، عندما احتشد أمامه المئات من المصريين، مطالبين بطرد السفيرة الأميركية وقطع العلاقات مع الولايات المتحدة، قبل أن ترغمهم حشود أمنية على الابتعاد عن المكان. وكان رد فعل السلطات المصرية سريعاً حيث قمعت المتظاهرين بعنف مفرط، وكانت حصيلة الضحايا من المتظاهرين المصريين الذي تمكنوا من اقتحام السفارة الإسرائيلية كبيرة، فقد قتل 4 مواطنين على الأقل وجرح أكثر من ألف، وأعقبته هجمة شنتها الشرطة العسكرية على منازل عدد من النشطاء، حيث ألقي القبض على ما يقرب من 92 شخصاً، إدعت الأجهزة الأمنية أنهم شاركوا فى أحداث «الشغب» التي شهدتها السفارة الإسرائيلية ومديرية أمن الجيزة، وأحيل عدد منهم إلى النيابة العسكرية التي بدأت التحقيق معهم فوراً، على وقع تعرّض عدد من سيارات الشرطة للحرق. وقرّرت السلطات «تطبيق كل بنود قانون الطوارئ» الساري منذ أكثر من ثلاثين عاماً «للحفاظ على الأمن ولمواجهة أي خروج عن القانون»، وفق بيان صدر في ختام اجتماع مشترك للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم و«مجموعة الأزمات في الحكومة». كما جزم وزير الإعلام المصري أسامة حسن هيكل بأن حكومته «ستحاكم أولئك الذين حرّضوا أو شاركوا في أعمال العنف التي استهدفت السفارة أمام محكمة أمن الدولة». وقال هيكل، بعد الاجتماع، «شهدت مصر أمس يوماً عصيباً أصاب جموع المصريين بالألم والقلق وبات واضحاً أن تصرفات البعض أصبحت تهدد الثورة المصرية وأدت إلى المساس بهيبة الدولة في الداخل والخارج»، محذراً من أنه «ينبغي التصرف مع الظرف الاستثنائي بإجراءات قانونية حاسمة». وأشار المشاركون في الاجتماع المذكور إلى أن «ما حدث خروج واضح على القانون ولا يمكن بأي حال من الأحوال وصف من قاموا به بأنهم شرفاء، وما حدث أثّر على صورة مصر بالمجتمع الدولي». كما نص البيان على «قيام أجهزة الأمن من الآن فصاعداً باتخاذ ما يلزم للحفاظ على الأمن، بما في ذلك حقها الشرعي في الدفاع عن النفس حفاظاً على أمن الوطن». وهي اللهجة ذاتها والاجراءات ذاتها التي لطالما استخدمها نظام مبارك ضد الحركة الجماهيرية، وأصبحت المظاهرات تمس «هيبة الدولة في الداخل والخارج»، بينما انتهاك المجال الجوي المصري وعبور الحدود وقتل الجنود المصريين من قبل الجيش الصهيوني، لا تمس هيبة مصر ولا شرف القيادة العسكرية المصرية. بينما أدانت كل العواصم الغربية الهجوم على السفارة ولم تذكر أي منها الانتهاك العدواني للسيادة المصرية. وكانت وزارة الداخلية المصرية قد أعلنت حالة الاستنفار بين قواتها وقررت إلغاء جميع إجازات أفراد الشرطة للسيطرة على الأمن. وعلى ضوء الأنباء عن تقديم رئيس الحكومة عصام شرف استقالته على خلفية التظاهرات، رفض المجلس الأعلى للقوات المسلحة الاستقالة، وفق التلفزيون المصري الحكومي. في غضون ذلك، كان وزير العدل محمد عبد العزيز الجندي مشغولاً باتهام «أنظمة محيطة بمصر» بالتخطيط والتنفيذ لمخطط الهجوم على السفارة. وأضاف الجندي إن «هناك أنظمة في دول محيطة بمصر تخشى أن يتكرر ما حدث في مصر لها». كلام مشابه صدر عن القوى الاسلاموية، كـ«الدعوة السلفية» التي انتقدت اقتحام السفارة الإسرائيلية، واصفةً ذلك بأنه «تصرفات غير مدروسة»؟!!. و«الجماعة الاسلامية» الذي اعتبرته «مخطط علماني لتأجيل الانتخابات.. وعلى المجلس العسكري التصدي لها»؟!!. بينما بقي موقف «الاخوان المسلمين» ملتبسا وأدان أحداث العنف من الطرفين؟!! ويبقى المجلس العسكري في مصر أسير متاهته، فالتغيير صعب لمن تربى في كنف وأحضان الدوائر العسكرية الأمريكية، وستبقى الثورة تفرض ايقاعها... في الشارع أولاً. أمجد الرديني


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني