PCP

يا عمال العالم اتحدوا

عملية إيلات ماذا من ورائها ؟

شك أن كل عملية عسكرية ضد إسرائيل تلهب المشاعر ألحماسية عند أبناء ألشعب ألفلسطيني، لكن لعملية إيلات أبعاد يجب دراستها بشكل مفصل وأخذ موقف نقدي منها. أي عملية عسكرية تستهدف ألجيش ألإسرائيلي لها أصداء ووقع في الداخل و الخارج هي عملية محبذة، أما استهداف ألمدنيين في أي عملية تحولها من مقاومة مسلحة إلى إرهاب في وجهة نطر ألعالم أجمع، و تضعنا في قفص الاتهام بدل من أن يكون المحتل في هذا القفص. في هذه العملية كان هناك استهداف لحافلتين واحدة تحمل عسكريين والأخرى مدنيين مثيراً للانتباه، كما أن المعركة التي حصلت بعد ضرب الحافلتين تشكل سابقة من حيث النوعية وكذلك عدم تبني أي تنظيم لها، وعدم ذكر أسماء المقتولين من الفلسطينيين وعددهم يشكل سابقة يوضع عليها علامات استفهام .كل ما ذكر أعطى فرصة للدعاية الإسرائيلية كي تستغل كل هذه الأحداث وتبث دعايتها السامة قائلتاً بأن إسرائيل مستهدفة على كافة الأصعدة. إذا قمنا بدراسة تفصيلية لأي عملية يطرح سؤال واحد باستمرار والسؤال هو من المستفيد من مثل هذه العمليات؟ للإجابة على السؤال يجب أن نقوم بتحليل علمي و مدروس للوضع الإسرائيلي و الفلسطيني على كافة الأصعدة وأخص بالذكر: أولاً: ألأزمة ألاقتصادية التي تمر بها إسرائيل، والحراك الجماهيري ألدائر فيها. ثانياً :ألضغط ألدولي على إسرائيل من أجل التنازل ولو بالقليل لإيجاد أي حل يمكن اعتباره مرضي للفلسطينيين. ثالثاً:استحقاق أيلول، و تأثيره على ألوضع ألداخلي في إسرائيل. رابعاًً: خيار كِلا طرفي ألسلطة ألفلسطينية بالحفاظ على حالة اللا سلم واللا حرب. خامساً:مجريات الأحداث في مصر. لنأخذ ألنقطة ألأولى فإنه من ألمعروف دوماً أن أي حكومة عندما تقع تحت ألضغط الشعبي تحاول توجيه الأنظار إلى أمور أخرى، وإسرائيل اليوم تقع تحت ضغط حركة جماهيرية مطلبيه تحت شعار( ألشعب يريد إسقاط ألغلاء والتخلص من البطالة)، هذه ألحركة جمعت كافة أطياف ألشعب ألإسرائيلي، من بين شعاراتها ألمساكن ألشعبية ألرخيصة يجب أن تكون في ألداخل لا في ألمستوطنات. لأول مرة في تاريخ هذه ألدولة يناقش ألشارع ألإسرائيلي مدى أهمية بناء ألمستوطنات على حساب دافع ألضريبة ألإسرائيلي، حيث أنه معروف للجميع أن المستوطنين لا يشاركون بالأعباء ألاقتصادية الملقاة على كاهل باقي أبناء هذا ألشعب. هذه ألمناقشة وضعت ألأيديولوجيه ألصهيونية على ألمحك، كما وضعت ألبرنامج ألتوسعي للقيادة ألإسرائيلية في موقع ألمسائلة. لأول مرة تجد الحكومة الإسرائيلية نفسها مجبرة للرد على ألشعب الإسرائيلي و الدفاع عن موقفها في هذا الشأن، لم يكن ولا في أي يوم من ألأيام ألاستيطان موضوع للنقاش في ألمجتمع الإسرائيلي، كان دائماً موضوع إجماع هذا ألشعب، مستندين على أنه حق توراتي ومشروع للشعب اليهودي في ألبناء في أرض ألميعاد. ألموضوع ألآخر ألذي هز الكيان الإسرائيلي هو ذوبان ألطبقة الوسطى فيها، و ازدياد عدد الفقراء على حساب عددها، حيث تشير الإحصائيات إلى تدني مستوى متوسط الدخل في إسرائيل، كذالك تشير نفس ألإحصائيات أن حجم الأموال المتجمعة بأيادي قليله قد زادت إلى حدٍ كبير. كان من الواضح أيضاً أن هذا الحراك كان مشتركاً بين عرب،دروز و يهود، لم تكن هذه المرة الأولى التي يشارك فيها أبناء كافة ألطوائف و ألقوميات في حراك مشترك،لكنها المرة ألأولى التي تكون المشاركة فيها بهذا الحجم مبعدين عنهم كل الشعارات العنصرية السائدة. ثاني هذه ألنقاط يرتبط بثالثها فمذ ألمجازر في غرة ومحاولة ألاجتياح نهاية 2008 وبداية 2009 وضعت إسرائيل في مأزق حيث أن ألمجتمع ألدولي بدء يضغط عليها من أجل إيجاد حل للقضية ألفلسطينية،هذا ألحل يجب أن يحفظ ماء ألوجه لقيادة سلطة أوسلو الفلسطينية، كذلك إعطاء غطاء لسلطة حماس من أجل السير في المصالحة التاريخية بين الامبريالية و حركة الإخوان المسلمين . إن ألتعنت ألإسرائيلي و رفضهم للحلول ألمطروحة و إصرارهم على أن تسير ألأمور على هواهم دون إعطاء ألسلطة ولا حتى ورقة ألتوت لستر عورتهم، و إصرارهم على مواصلة حصار غزة و ضربهم عرض ألحائط لكل ألضغوطات ألدولية من أجل تخفيف هذا ألحصار خصيصاً بعد أحداث أسطول ألحرية (1) و ضحايا مجزرة سفينة مرمره من جهة،و رفض إسرائيل للمحاولات ألجارية من أجل ألمصالحة الفلسطينية واعتبارها تهديد للعملية السلمية من جهة أخرى قد وضع ألسلطة في وضع حرج، و بدلاً من عودتها إلى ألشارع ألفلسطيني و ألاستناد للقوى ألجماهيرية في هذه ألمرحلة قررت ألسلطة ألتوجه إلى ألأمم ألمتحدة من أجل أخذ ألاعتراف ألدولي لدولة تحت ألاحتلال. إن ألتوجه إلى ألأمم ألمتحدة و رغم أهميته لا يمكن أن يكون ألبديل للحل ألعادل و ألدائم ألمتمثل بالانسحاب ألإسرائيلي إلى حدود ألرابع من حزيران و إنشاء ألدولة ألمستقلة و عاصمتها ألقدس.هذا لا يتم إلا بالنضال، و المجتمع الدولي سيعترف بالحقوق عندنا يرى شعب يطالب بها من خلال مقاومته بكافة أشكالها. إسرائيل وهي في هذه ألظرف ألسياسي على صعيد ألعلاقة مع ألسلطة و تحت هذا الضغط ألدولي من أجل إيجاد حل للقضية، تحاول ألهروب إلى الأمام مستغلتاً أي حادث أمني على حدودها، و حيث أن ألحدود أللبنانية لم تعد متوفرة لمثل هذه ألمسرحيات تستخدم ألحدود مع غزة. أما رابع هذه ألنقاط فيشمل ألخيار ألفلسطيني بحالة أللا سلم و أللا حرب، ألسلطة في رام ألله مستغلتاً الاحتلال تضغط على ألشارع ألفلسطيني من أجل تخفيض سقف مطالبه ألمعيشية و ألسياسية، و أما في غزة فالأمر نفسه يطبق، إذاً لا مصلحة لكلا طرفي ألسلطة من أي تغير للوضع ألحالي،كذلك فإن التوازن العسكري لا يسمح بعنتريات من قبل قوى ألمقاومة المسلحة ألفلسطينية، من هنا فإن أي عملية عسكرية غير واردة في هذه ألمرحلة بل هي مضرة و تصب في ألمصلحة ألإسرائيلية. أما خامس هذه ألنقاط ألمتعلق بمصر يثير الشبهات حيث أن هذه الحدود و منذ اتفاقية كامب ديفيد لم تكن مسرحاً لأي خرق أمني، كانت دوماً مسرحاً للتهريب ليس آخرها تهريب المهاجرين من ألسودان.كانت هذه الحدود واحة آمنة و معبر سياحي للسياح الإسرائيليين بمختلف قومياتهم رغم التحذيرات من الوضع الأمني في مصر بعد الإطاحة بمبارك. إن ألتحولات الحاصلة في مصر منذ اندلاع ثورة الخمس والعشرين من يناير و الضغط الجماهيري من اجل إلغاء أو تعديل الاتفاقيات المعقودة قد وضع إسرائيل و لأول مرة منذ ألتوقيع على كامب ديفيد في وضع حرج. من هنا كان لا بد لإسرائيل أن تذكر ألشعب ألمصري، ثورته و مجلسه ألعسكري بهذه الاتفاقات، و بأن إسرائيل هي ألآمر ألناهي في هذه ألمنطقة،.أعطت هذه العملية الفرصة لإسرائيل لكي تقوم بهذا التذكير بالاعتداء على ألأراضي ألمصرية وقتل جنود و ضباط مصريين، و أن توقف هذا التدفق للسياح الإسرائيليين على مصر. من كل ما تقدم نرى أن المستفيد الوحيد من هذه العملية العسكرية هي إسرائيل فقط ، تضرب عشرات العصافير بحجر واحد، فمن جهة الوضع الداخلي الإسرائيلي فقد قررت قيادة الحركة الاحتجاجية التوقف عن تحركاتها ولم نسمع عن أي تظاهرة يوم السبت في 20 من أب وذلك لأن "أمن" ألدولة قي خطر، كذالك وجدت في هذه العملية ضالتها الكبرى من أجل التخلص من الضغط الدولي عليها متذرعة بأنها تقع تحت اعتداء و أن ألكلام عن أي حل غير وارد في هذه ألمرحلة، أما على صعيد علاقتها مع كلا السلطتين فقد قامت متذرعة بهذه ألعملية بقصف ألمدنين في غزة واجتياح الخليل و اعتقال أكثر من مئة شخص فيها،كذلك متذرعة بها الحادث أقامت الحواجز في الضفة، و آخر هذه ألعصافير توجيه رسالتها إلى مصر بأنها على أتم استعداد لإعادة احتلال شبه جزيرة سيناء و السيطرة على منابع الغاز متى شاءت،كما هي رسالة إلى المواطن الإسرائيلي بأن ألأمن أولاً ومن ثم الأمور ألمعشية،وأن يبتعد عن السياحة في مصر. لهذا كله نشم رائحة ألعفن من هذه ألعملية ألعسكرية ونكاد نجزم بأن أجهزة ألأمن ألإسرائيلية تقف وراء هذه ألعملية،حتى لو كانت بأيدي فلسطينية، تاريخ إسرائيل مليء بمثل هذه الألاعيب، هل ننسى حجة إسرائيل لاجتياح جنوب لبنان في عام 1982 ووصولها إلى بيروت. بقلم الرفيق فرج (عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني