تضخيم ( الفيس بوك ) .... محاولة لإخفاء جوهر الصراع.
يلاحظ في الفترة الأخيرة بعد تفجر الثورات في العالم العربي و استعادة مقعده بين الشعوب يلاحظ الكم الهائل من الكلام الموجه لإثبات و إقناع الشعب بأن الثورة سببها الانترنت و نشطاء من الشباب في عالم افتراضي وهمي لا يمت بالواقع بصلة وإن الثورة صدفة سببها شاب في أحدا بلدات التونسية الغير معروفة ( الشهيد محمد بوعزيزي ) أشعل النار بنفسه مما فجر الثورة و إن الشباب هم من نقلوها من مكان إلى أخر وهي النظرية التي تحاول القوى اليمينية و الرجعية أن تكرسها و تعمق في هذا الاتجاه لاستعمالها تحت الطلب و ليس لخدمة من يقوم بها .
منذ انهيار الاتحاد السوفيتي و المنظومة الاشتراكية أعلنت الإمبريالية الأمريكية نفسها قطباً واحداً و أعلنوا نهاية التاريخ و بدء الانتهازيين و الخونة بكشف وجوههم الحقيقية و الهجوم على الحركة الشيوعية و على تاريخها و بسبب أنهم دخلوا إلى الحركة الماركسية دون اقتناع بل بسبب الولاء للأقوى دائماً بدئوا مع الإمبريالية الأمريكية بنشر فكرة بين الشعوب بأن عصر الثورات أنتهي مع الشيوعية و أن السبب قيام الثورات في القرن العشرين كانت الشيوعية و بعد الانهيار لم تعد الدولة الشيوعية قائمة و لذالك الثورات أصبحت في المتاحف ( و لم يلاحظو أن الشيوعيين كانوا يشعرون بالفخر و كان هذا الكلام يمدهم بعزم كبير ) و أصبحوا يتسابقون إلى الدخول في الحضن الأمريكي و إبداء الولاء و الطاعة والترويج بين الشعوب و التبشير بعهد التبعية لآن الشيوعيين فقط و ليس كلهم بعض الأحزاب المحسوبة على الخط الستاليني و البكداشي هم من يقولون إن الثورات لها قوانين و تتحكم بها و أسبابها مازالت موجودة بشكل أقوى أما العصريون و الذين يمشون مع العولمة و المجتمع المدني فكانوا يصفون هذا الكلام بالغباء و الجمود الفكر و التحجر.
هذا التوجه كان بدعم هائل من القوى الإمبريالية التي كانت تصرف المليارات لضرب الأحزاب الشيوعية و التعتيم الكامل عليها و التشويه على تاريخها و من ناحية أخرى كانت توجه الشباب إلى المياعة و الانحلال الأخلاقي و الابتعاد عن السياسة لخلق جيل بعيد عن الوعي و عن القرار همه كرة القدم و الأغاني و البرامج التي تدعو إلى الخلاص من الواقع عبر الغيبية و هذه الفكرة لقت الدعم من الرأسماليين لكل القوى الدينية من فتح الإعلام أبوابه لهم بشكل كبير إلى الدعم المالي لهذا التوجهات كل هذا لأن الإمبريالية تعرف أن الخطر آت مع كل أزمة للرأسمالية و الحل الأسهل هو بضرب البديل بشكل استباقي لأن الرأسمالية تحمل بذور فنائها بداخلها و هي كما قال ماركس ( تنتج حفاري قبرها بيدها ) لأن المطر عندما يهطل يتشكل الطين و الرأسمالية عندما تسود يشدد وتيرة الصراع الطبقي.
قال ماركس أن تاريخ البشرية هو تاريخ صراع طبقي و كلما أزداد الفقر و الجوع كلما تشكل وعي جماعي و البحث عن الخلاص و هذا كان و ما زال قائماً فشعوب لا تثور لمجرد الثورة و حباً بسجن و القتل بل لأن الثورة تفرض عليه نتيجة الخناق من قبل العدو الطبقي الذي يوغل في الظلم و القهر و التجويع لصالح طبقة قليلة العدد على غالبة الشعب و أذا القينا نظرة على تاريخ البشري نرى الثورات مسجلة في تاريخ كل الشعوب الصغيرة العدد و الشعوب التي لا تغيب الشمس عن أراضيها.
مذ التاريخ الثورات كانت الطبقة المسحوقة تناضل و تقمع و تقتل و هي من تدفع الثمن الغالي والانتهازيين يرثون النتائج النضال لأن الطبقة الفقيرة غير منظمة بتنظيم يعطيها ما ثارت عليه و من ناحيه أخرى كانت الثورات الإنسانية تتقدم بوعيها من أول ثورة طبقية التي قام بها العبيد ( ثورة سبارتاكو )إلى القرامطة إلى كومونة باريس إلى ثورة أكتوبر العظمى إلى ثورة التحررية في القرن العشرين إلى الثورات في القرن الواحد و العشرين.
في قراءة للثورات يتبين إن تاريخ الثوري يتصاعد و يتقدم مع كل تجربة تقام و أيضاً يتبين تقارب الزمن الفاصل بين كل نهضة من مكان إلى أخر فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي في التسعينات نهضت أمريكا ألاتينية بعد عقد و انتقلت العدوى إلى آسيا مثل نيبال و الهند و بعدها أنقلت الثورات إلى العالم العربي أي إن الفترة الفاصلة غير طويلة بعمر الإنسان و هي فترى لا تقاس بعمر الأمم و هي كلها ثورات لا يمكن وقفها لأنها تحررية ضد أنظمة عميلة للإمبريالية و تقدمية تطالب بالعدالة الاجتماعية.
ان القوانين التي تتحكم بسير المجتمع الإنساني هي قوانين صراع طبقي و يتكشف و يستوضح في الثورات التي اجتاحت العالم العربي فبعد الأزمة الدورية للرأسمالية التي ضربت الإقتصادات الكبيرة أثرت بشكل كبير على الحلقات الأضعف و المرتبطة بها بشكل لا يمكنها النجاة بنفسها من تأثيرات الأزمة الخانقة و المعروف إن كل أزمة للرأسمالية تكون بداية أزمة ثم ركود و في حالة الركود الأقصادي تعتبر الأخطر بالنسبة إلى الرأسمالية لأن الركود يأتي بالتغير السياسي فالطبقة الفقيره التي تدفع فاتورة الأزمة الرأسمالية بغلاء المعيشة و فقدان الوظائف و العمل و المعانة من الفساد تبحث عن حل لنفسها و تبدأ رغماً عنها بالتجمع و يصل الوعي بشكل عام إلى ضرورة التخلص من الظلم و أنهم ليسو مجبرين على دفع الفواتير للغير وهنا تقوى الأحزاب الشيوعية بشكل كبير مثلما حصل في الحزب الشيوعي الهندي و اليوناني والبرازيلي والنيبالي والقبرصي الخ.
و العالم العربي بسبب أن القمع كان أشد من بعض مناطق العالم لم يكن اليسار العربي فعالاً ولا القوى الموجودة فيتم التعتيم عليه مثلما حصل مع حزب العمال الشيوعي التونسي و كان التوجه إلى دعم الحركات الليبرالية والإسلام السياسي ومع ذلك فشلت المشاريع والمخطط الذي رسم و دفع المليارات من أجله و تحول الشعب إلى الثورة التحررية من العلاقة التبعية مع الإمبريالية و ثورة تقدمية ضد الليبرالية الأقصادية المطبقة في البلد ورغم أن اليسار كان مهشماً فقد كان حاله أفضل بالنسبة إلى الواقع والدعم من باقي القوى . الإمبريالية أدركت إن من نزل إلى الشارع من الشباب مهما كان توجهه ليبرالي أم ديني فهو نزل إلى الشارع و هو يدرك أن هناك طبقة من الأغنياء تسلبه حقه وهي السبب في الفقر الذي يعيشه وبالتالي مجرد أن فسر الواقع على أساس طبقي فهو تقدمي و من هنا نفهم تماماً مدى الرعب من الأحزاب الشيوعية و التكالب على تشويهها و حبس كل نفس لها مثلما حصل مع الحزب الشيوعي السوري عندما تظاهر في عدة محافظات ضد التدخل الخارجي في شؤون بلده لم تقم أي وسيلة إعلام بنقل الخبر لأن بنظرهم يجب إن لا يسمح لهذه الأحزاب بطرح أفكارها أبداً.
الثورات لها قوانين التي تفجرها من تزايد عدد الطبقة المسحوقة التي لا أمل لها بالحياة و المستقبل و تزايد المآسي والهزائم وهي الظروف الموضوعية للثورة وهنا ينقص الظرف الذاتي لقوة قادرة على حسم الموقف لصالح من يقومون بثورة بسبب العوامل الخارجية والداخلية و لكن التقدم الاجتماعي حاجة ملحة و المجتمع ينتج البديل فكما قال ماركس إن الشعوب ستسير على جسر الشيوعية كلن حسب ظروفها و في حالة العالم العربي أستغل التكنولوجيا الحديثة للاتصالات لصالح الحاجة المجتمعية فكانت هي من سدت النقص من قبل الأحزاب اليسارية التي هي من كانت يجب أن تكون في المقدمة و لكن من راهن بأن مجرد أن تضرب اليسار سينتهي خطر الثورة لم يفهموا أن لا يمكن إرجاع الشعوب إلى الوراء.
الثورة ضربت الدول التي طبقت النهج الليبرالي بشكل كبير مما أفقد الدولة دورها في رعاية المجتمع و فقدت الدولة سيطرتها على الاقتصاد و بتالي من يملك الاقتصاد يملك السياسة و يملك القرار السياسي الوطني فكان التراجع عن الخطوات التقدمية التي جرت مثل الإصلاح الزراعي الذي خلص الفلاح من العبودية و الليبرالية أرجعته إلى العبودية من قبل الرأسماليين مكان الإقطاع القديم و المعروف أن الدول التي حصلت فيها ثورات كانت تمثل النموذج في الانفتاح على الإمبريالية في الاقتصاد و السياسة ورغم وجود القمع للحريات في الكثير من الدول العربية و الغير عربية فهو ليس السبب المباشر و إن كان مساعد بشكل كبير و لكن الدول الأوربية مثل اليونان و أسبانيا و البرتغال و أيرلندا لم يكن القمع بمثل الحالة العربية و مع ذلك الشعوب تنزل الى الشوارع للدفاع عن لقمة عيشها و مستقبل أبنائها التي ضيعتها السياسات الليبرالية التي طبقت.
الليبرالية كفكرة و أيديولوجيا تلقت ضربة قاسمة في الأزمة الرأسمالية في 2009 بعد أن لجئت الدول التي اخترعت الفكرة إلى التأميم في الشركات الكبرى و طبقت الفكر الاشتراكي في الاقتصاد كما حصل مع الإمبريالية الأمريكية و الإمبريالية الأوربية و بالتالي المنشاء تخلى عن الفكرة فكيف سيتمسك التابع بها .
بعد الثورة دائماً يحصل نوع من الفوضى بسبب إن القوى مهزومة تحاول وضع العصي في العجلات و أذا كان البديل غير واضح فيحدث ارتباك سياسي و لكن مهما كان نوع البديل فهو سيتجه إلى نظام رأسمالية الدولة رغماً عنه حتى يكسب الشعب و العامل الفقير لا يهمه من هو الرئيس بقدر ما يهمه وضعه المعيشي أن يتحسن و هذا لا يمكن أن يحصل إلا ضمن الاقتصاد الموجه لصالح الشعب و خاصة الطبقة الأكثر فقراً و بالتالي لا مفر من النظام التقدمي إلى حين فأن استغلت الأحزاب الشيوعية هذا الهامش الديمقراطي في التوسع التنظيمي استطاعت أن تنجز المهمة و لم تنجح عادت الرأسمالية من جديد و بشكل أبشع و تعود الشعوب إلى المربع الأول و تكرر هذا الموضوع طالما النظام الرأسمالي قائم و يبقى الموقف الثوري يتكرر حتى تأتي ألحظة التاريخية بانتصار الطبقة الفقيرة بنيلها السلطة السياسية و إقامة دولة العدالة الاجتماعية الاشتراكية واثقين بإن الماركسية ليست نتاج للإتحاد السوفيتي بل أن الإتحاد السوفيتي و كل التجارب التقدمية هي نتاج للماركسية اللينينية و من أنتج تلك التجارب العظيمة قادرة على إنتاج نماذج أقوى و أعظم
إدريس محمد