PCP

يا عمال العالم اتحدوا

العقليه الأمريكيه في الثورة المصريه

خطىء من يقرأ التاريخ عبر شاشة الحدث اليومي المعزول عن تراكمه الزمني، فالثورة المصرية اليوم لم تكن وليدة لحظة ، بل هي امتداد تاريخي ليساسة قهرت الشعب المصري وشعوب المنطقة العربية وكافة شعوب المنطقة العربية وكافة شعوب الدول المقهوره أو كما يسميها البعض الدول النامية . فالنظام التونسي أو المصري أو .....الخ، لم يكونا يوما سوى مقاولين أمناء للمشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة . هذا الذي رسم للمنطقه منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي باتفاق الخزانة الأمريكية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي على تعميم سياسة نهب اقتصادية جديدة للمنطقة تعتمد على التقشف والخصخصة وتحرير الأسواق، والتي كان لتراكم تأثيرها على المواطن جملة من المظاهر منها مثلا انتشار البطالة في الدول النامية بشكل مرعب ورفع الدعم الحكومي عن جملة من السلع الأساسية واحتجاز التطور الوطني لاقتصاد هذه الدول بالمديونية وليس أدل على ذلك من طلب صندوق النقد الدولي من الحكومة المصرية في 28/2 أي بعد ثلاث أيام من اندلاع الثورة المصرية برفع الدعم الحكومي عن المحروقات. لقد كان من الضروره هذا التقديم لأهمية إلقاء الضوء على حدث اليوم حيث أصبحت الجماهير المصرية وغيرها ....الخ غير قادرة على العيش بالنمط القديم والسلطة الحاكمة غير قادرة على الحكم بأساليبها المعتاده ، وخاصة تميز هذه الأنظمة ومنها النظام المصري بوسائل قمعية بوليسيه مفضوحه فجرت ما بداخل كل مصري ، الذي لم يعد يحتمل القهر رغم احتماله الفقر لسنوات ، إن تراكم الحقد الطبقي الاجتماعي على النظام وفساده جعل الشارع المصري ينتفض دون انتظار أحد من التنظيمات والأحزاب المعروفه المعارضة للنظام هذه الثورة التي تحًمل لأجلها مناضلين السجن والتعذيب والقهر لسنوات ، والتي تتطلب "هذه اللحظة" من هذه الأحزاب الجاهزة لالتقاط الحركة الجماهيريه وتوجيه بوصلتها لضمان عدم حرفها عن مسارها وهذا يتطلب تحديد الأعداء الظاهر منها والباطن. لذلك نقول أن معركة الثورة المصرية اليوم هي معركة استعادة مصر ، فعداء الجماهير لنظام مبارك هو عداء ملموس ، وبطلب اسقاطه والإصرار على ذلك، مكن العدو الحقيقي للشعب المصري اليوم وهو صانع هذه الأنظمة المتسلطة على رقاب الشعوب ، فاستعادة مصر يتطاب فك أسرها من براثن دراكولا العصر الإمبريالي. إن الولايات المتحدة التي تتباكى على مطالب الشعب المصري وضرورة الاستماع له وضرور تسليم فوري وسلمي للسلطة هو ذر للرماد في العيون ، فارتباط أمريكيا ببرامج مصالحها فقط وليس بأشخاص مثل حسني مبارك لذلك من السهل عليها التضحية به وبأمثاله إذا لزم الأمر فمصالح أمريكا وأسرائيل أهم من هذه الشخصيات ولو أحرجها ذلك مع بعض الزعامات الرجعية الخادمة لها بالمنطقة ولو تم اعتبار هذا التخلي مؤشر سلبي مستقبلا في بناء العلاقة مع هذه الزعامات. والسؤال المطروح اليوم إذا رفض الشعب المصري كل المرشحين امريكيا لتولي الرئاسة المصرية ولو طالب الشعب بحكومة تعارض مصالح أمريكيا وإسرائيل فما هو الرد الأمريكي. يخطىء هنا من يظن أن أمريكا لن تكشف كل أوراقها في هذه المعركة إذا أصر الشعب المصري على استعادة مصر من براثن الإمبريالية فسوف يكون بيد أمريكا آخر لاعب على الساحة وهو لاعب مهم في حسم الأمر وهو الجيش. إن قادة الجيش المصري على اتصال يومي بقادة الجيش الأمريكي، ورغم مؤشرات حيادية هذا الجيش لغاية الآن إلا أننا لا نتوقع أن يبقى كذلك إلى النهاية ، فالجيش الذي يدقق بكافة المتوجهين لميدان التحرير، ويعيق الدعم اللوجستي لصمودهم، وبغض النظر عن دخول الجمال والخيل والبلطجية ووسائل قتالية ضد الشعب ليس هو الجيش "قيادته" الذي صنع المعجزات في الماضي بل هي طبقة موالية لنظام مبارك وأمريكا ولن يكونوا أكثر من مصاصي الدماء لصالح البنك الأمريكي من خيرات الشعوب. إن قيادة الجيش ستعمل بخطه وتوجيه أمريكي بسيناريو لا يحتمل الغباء السياسي كإقحام الجيش في حالة تصادم مباشر مع جماهير الثورة ، بل بالمسايرة لهذه الجماهير كمنفذ ولو مؤقتا حتى لو تطلب الأمر بتحرك الجيش لتولي السلطة كمرحلة انتقالية ينثر خلالها الوعود بمحاسبة مبارك ونظامه وتبني مطالب الجماهير وهذه المطالب مرحليا وشكلا لا تتعارض مع التوجه الأمريكي في أحتواء الأمور فأمريكا تفضل حرب انتخابات كمعركة تديرها هي وتحسم نتائجها ، وهي لا تعارض سقف زمني لولاية الرئيس كما أن كرامة مبارك الشخصية أحرجتها بعدم تخليه عن السلطة وهو طلب يعني انتقال السلطة من يد لأخرى لنفس الشخص. قد يبدو هذا الطرح تشاؤميا وهذا صحيح والأصح من ذلك أننا لا نتمنى حدوثه لكن السياسة ليس مجرد أماني وقلوب طيبة ، وهذا لا يعني الاستسلام للواقع المر، ونحن ندرك أن الوقائع عنيده لكن إرادة الشعوب أقوى وهي محركة التاريخ. بقلم أبو يوسف(عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني