PCP

يا عمال العالم اتحدوا

الحل السياسي إلى أين

بعد كل هذه السنوات العجاف من مفاوضات الحل السلمي ....ألا يحق للفلسطيني العادي أن يسأل إلى أين وإلى متى نرى جعجعة ولا طحين منذ بداية التوجه العملي فلسطينيا نحو اعتماد الحل السلمي (خيارا استراتيجيا) ونحن نشاهد يوميا حصادا مرا لما كان يسمى يوما قضية العرب الأولى والمركزية. وبعد هذه السنوات الطوال من حق أي فلسطيني ليس التساؤل بل طرح قضيت المحاسبة بكل أشكالها ، خاصة ونحن نشهد أن المتحكم بدفة الأمور منذ البداية (مؤتمر مدريد) هو الطرف الإسرائيلي واشتراطاته لاختيار نوعية الطرف والفريق الفلسطيني المفاوض ، وتقليم منظمة التحرير بما يتلائم والمعاير الإسرائيلية لقبولها شريكا في المفاوضات وليس أكثر، فقد صرح قادة الكيان الصهيوني منذ بدء المفاوضات أكثر من مرة أن الطرف الإسرائيلي لا يستطيع منع أي فلسطيني من الحلم بالقدس، لكن باليقظة تبقى إسرائيل سيدة الموقف وهذا ما تجسده في كل جولة مفاوضات لدرجة اصبح يستشف أن إسرائيل تفاوض نفسها. لا أحد ينكر ما وصلت إليه المفاوضات العقيمة حاليا من مأزق ، هذا المازق الذي بني قبل بدء المفاوضات وذلك لعددة أسباب منها... أن الطرف الاسرائيلي يدرك أن الجانب الفلسطيني بحكم تركيبته الطبقية ومصالحه الضيقة طبقيا لا يسعى لأكثر من أن يحسب حسابه في خارطة الشرق الأوسط الجديد الذي تسعى أمريكا لخلقه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، وهي مدركة انها متسلحة بكل عناصر القوة والدعم التي يفتقدها الطرف الفلسطيني سواء على الصعيد المحلي أو الأقليمي أو الدولي ، وبالتالي فلن يستطيع أحد أن يفرض عليها أي حل لا يلبي مصالحها الأمنية والاقتصادية والسياسية التي تمكن هذه الدولة من تدعيم بقائها وتفوقها وإطالة عمرها وأن كل جولات المفاوضات لن تشكل له سوى غطاء وساتر لتسريع مخططاته الرامية لفرض سياسة الأمر الواقع ليقبل الفلسطيني بما يعرض عليه دون تبرم ، والتي كان آخرها طلب الكيان الصهيوني الإعتراف بيهودية الدولة الصهيونية المعبره عن خوفه من خطورة العامل السكاني داخل الكيان الصهيوني ونسبة التزايد للعرب ولذلك فلا غرابة في هذا الطلب إذا ما بقي العرب على حالهم كداعم مهم في ترويض الطرف الفلسطيني والتي كان آخرها في اجتماع العرب الأخير الذي فوض أبو مازن باتخاذ ما يراه مناسبا إذا ما لمس بوادر إيجابية في الخطاب الأمريكي بعد تنصلها من كل وعودها . إن الطرف الفلسطيني الذي يصر على أن لا بديل عن المفاوضات سوى المفاوضات فهذا لاعلاقة له بالوضع الدولي والعربي الذي اتخذه كقميص عثمان بل أن هذا الخيار نابع من واقع التحولات الطبقية ولمصالح فئات متنفذة داخل منظمة التحرير والتي تملي عليها هذه المصالح ضرورة القبول بأي حل حتى ولو كان بقيام سلطة فلسطينية على مخيم عقبة جبر لوحده من أجل بناء شركاتها الاستثمارية ومؤسساتها الكمبرودورية إضافة لاستغلال الإمكانات المتاحة أو يمكن أن توفر للعب دور أمني تبحث عنه إسرائيل وهو ما عبر عنه رأس الهرم في السلطة الفلسطينية عندما يقول أن الاحتلال الاسرائيلي أصبح حاليا أرخص إحتلال بالتاريخ في المحصلة ليس هنالك ضرورة للقول من هو الرابح والخاسر من هكذا مفاوضات لكن يمكن أن نرسم لوحة تؤشر فيها لاتجاهات التجاذب لكل مكون من مكونات الفعل السياسي في فلسطين والتي تبدأ بجملة ألوان أولها 1)حركة فتح :- لا أحد ينكر أن فتح كتنظيم تعرض ويتعرض لعملية تفتيت ممنهج خاصة بعد وفاة أبو عمار وذلك بعد تاريخ طويل من استفراد حركة فتح بمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية ما بعد أوسلو...الخ هذا التنظيم الذي أصبح لا يملك خيارا سوى الاستمرار في مفاوضات عقيمة يدركها جيدا لكن إرثه يمنعه من رؤية افرازات الساحة الفلسطينية ما بعد أوسلو أو لنقل منذ الإعلان عن قيام دولة فلسطين في الجزائر وهذا ما جعلها ترفض (فتح) الاعتراف بالشراكة ووجود تنظيمات خارج "م .ت .ف" غير مسيطر عليها وتحمل برامج أخرى. 2) فصائل منظمة التحرير في "م . ت .ف" والتي ارتضت البقاء في ظل التبعية الفعلية والمعارضة اللفظية لتبرير الوجود ليس أكثر. 3) فصائل وتنظيمات خارج "م . ت .ف" والتي سعت لفترة طويلة للتركيز على المشاركة في " م . ت .ف" والمطالبة بأعلى نسبة تمثيل فيها أي السيطرة بدلا من فتح والتي طرحت برامج متشابه مع فتح البدايات خاصة في جوانب التشدد إضافة لاضفاء الطابع الديني على المعركة مع دولة الكيان وكأن العداء هو ما بين المسلم واليهودي كديانه وهو ما نرفضه ونصر على أن المعركة مع الكيان هو معركة مع الصهيونية المعبرة عن حركة الرأسمال اليهودي الذي صنع دولة وجيش محتل وبالتالي فالمعركة هي معركة مع إحتلال . 4) تيار طفيلي نمى على أجندة المفاوضات وافرازاتها (السلطة) واستحقاقاتها خاصة الأمنية والاقتصادية وهو تيار عملي استفاد من الوضع الفلسطيني الداخلي وحالة الاحباط المستشرية ليخرج ببرامج ودعم وتطوير أرياف وبرامج امنية ومجتمعية وقد حقق نجاحات متميزة على هذه الصعد خاصة أن توجهه انصب كما سبق ذكره على الريف الفلسطيني الذي يشكل ما نسبته 70% من مجموع الشعب الفلسطيني في الداخل هذه الغالبية التي كانت مهمشة طوال عقود في السياسة الفلسطينية وضمن دائرة الضياع من سياسة الاحتلال ومستوطنيه ونفوذ المحسوبية لرجال تنظيمات تنفيذية همهم الأول أنفسهم . هذا التيار اتبع سياسة تمدين الريف وتريف المدن مدعوما بمخصصات محدده ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد عربيا ودوليا لتمهيد الساحة الفلسطينية للتوقيع على ما تيسر من كرم إسرائيلي وإزاحة كل المعوقات فيها ككلمة أو عمار "لا" في كامب ديفيد. هذه الألوان بامتزاجها أخرجت لوحة من الاحباط في الشارع الفلسطيني وسب وقذف للتاريخ وانتشار وتعميم لسياسة الفساد والإفساد والبحث عن حلول فردية وغياب الهم الجماعي ..الخ بحيث أصبح دوام الراتب وتسديد قسط البنك هو الهم اليومي عند المواطن وأي حديث بالسياسة هو دجل ونفاق ، وما عزز ذلك هو حالة الانقسام الداخلي وطرق الحوار المتبعة لرأب الصدع بين نهجي كل من فتح وحماس خاصة وأن لب المسألة التي يدور الحديث عنها بين الطرفين من أجل الوفاق الفلسطيني مواضيع ليست بيد فتح كتنظيم او سلطة وهو الموضوع الأمني وإصلاح الأجهزة . ففتح في هذه المفاوضات تفاوض على ما ليس بيدها أصلا بل انتزع منها منذ زمن وهو ما تدركه حماس جيدا وكأن جميع جولات المفاوضات محكوم عليها أصلا عدم الاتفاق المسبق. إن هذا الوضع غير معزول التأثير اقليميا خاصة العالم العربي بسياسته الرسمية الرجعية وقرارات جامعته العربية والتي لم ولن تخرج عن سياق ما هو مرسوم لها صهيونا وأمريكيا وهو لعب دور في ترويض وتذليل العقاب أمام قطار التسوية حسب المخطط له وهذا يشمل توفير الحاضنة السياسية الداعمة لسياسة السلطة الفلسطينية الرسمية وفي دعمه لاستمرار التفاوض الأجوف بالبعد الزمني والنتائج التي يحددها الطرف الصهيوأمريكي. بالمقابل يمكن ملاحظة وجودنا كشيوعيين يفرض علينا اللقاء مع دول إقليمية وعربية تجد نفسها في خندق المواجهة للمخطط الصهيو أمريكي للمنطقة والتي تتمثل بسوريا وإيران وتركيا أما على صعيد الداخل فهنالك قوى متعددة غيرنا معارضة. إن وجود هذه القوى الموضوعي نستطيع عقد التحالفات السياسية معها رغم علمنا أن السياسة تعبير مكثف عن الاقتصاد إلا أن المخطط الصهيوني الأمريكي يتطلب رص الصفوف لمواجهته بغض النظر عن الأيديولوجيا لذا يهمنا هو الاجابة من خلال هذه التحالفات على التساؤل السابق إلى متى وإلى أين يقود الحل. إن الأولوية الآن لاستعادة الوحدة بين شقي الوطن واستبدال المفاوضات الحمساوية الفتحاوية لتصبح مفاوضات فلسطينية فلسطينية جماعية أولا وقبل كل شيء بالبحث عن مداخل جديدة جدية للمفاوضات المجدية وذلك من أجل الخروج بنتائج صحيحة تؤسس لرسم استراتيجية تحرير فلسطينية وليس استراتيجية تبرير وتخوين ، استراتيجية تملي علينا المطالبة والتسلح بحقنا المشروع بالمقاومة بكافة أشكالها لإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة ضمن تفعيل مرجعية دولية وقرارات الشرعية الدولية التي علاها غبار الزمن . استراتيجية تبدأ بالوحدة الوطنية هدفها الأول تحقيق مرحلة التحرر الوطني مع استعداد للعمل خاصة بالضفة الغربية من نقطة الصفر ولو تطلب الأمر العمل من تحت الأرض ضد الاحتلال وبكافة أشكال النضال والذي يقرر أي شكل من هذه الأشكال وزمانه هو قيادة وطنية موحدة ـ فنكون شركاء في صنع القرار وشركاء في تحمل المسؤولية ، استراتيجية يكون الأولوية فيها لبرنامج التحرير وليس لبرنامج فصيل محدد، وهذا يتطلب صوت قطاع غزة كبقعة ثورية واستكمال تحررها ولا يهم السيادة السياسية فيه لمن بقدر ضمان عدم إدارتها ببرنامج فصيل معين والتي ستشكل ركيزة دعم وصوت للدولة الفلسطينية القادمة. بقلم الرفيق أبو يوسف


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني