PCP

يا عمال العالم اتحدوا

زوابع تثير غباراً ولا تلغي حقائق

لم تكن الدراسة البحثية التي نشرها الكاتب والشاعر «المتوكل طه» وكيل وزارة الإعلام في سلطة رام الله المحتلة عن «حائط البراق»، قبل أسبوعين، سوى إعادة نشر لوثائق تتعلق بملكية المسلمين للجدار، وللتأكيد من جديد، على أن المحاولات المحمومة لتهويد مدينة القدس بمقدساتها وبيوتها ومقابرها، هي جزء من عملية تهويد وصهينة فلسطين، الممتدة على مدى قرن من الزمان، والمستندة على كم هائل من المذابح وحملات التهجير والتطهير العرقي والأكاذيب الإعلامية التضليلية، التي لا تلبث أن تتهاوى أمام حقائق التاريخ. جاءت ردود الفعل الغاضبة التي عبر عنها أكثر من مجرم في حكومة العدو، لتكشف عن هشاشة الادعاءات التي يستند عليها دعاة التهويد والصهينة. مصدر مسؤول في مكتب نتنياهو سارع للإعلان قائلاً «إن إنكار العلاقة بين الشعب اليهودي وحائط المبكى من جانب وزارة الإعلام الفلسطينية أمر باطل من أساسه ويشكل فضيحة حقيقية». كما أن «مارك ريجيف» المتحدث الرسمي باسم حكومة العدو، طالب بإزالة المقال من موقع الوزارة الفلسطينية - التي استجابت له فوراً- مشدداً التأكيد على «أن مقالة المتوكل تثير تساؤلات حول التزام الحكومة الفلسطينية بعملية السلام». اللافت للنظر كانت سرعة الاستجابة التي عبرت عنها السياسة الأمريكية المنحازة بالكامل لحكومات العدو الصهيونية. المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية «ديفيد كراولي» عقد مؤتمراً صحافياً قال فيه: «نحن ندين بشدة هذه التصريحات- المقصود: المقال- ونرفضها رفضاً تاماً بوصفها خاطئة من منظور الوقائع، ولا تراعي أحاسيس الآخرين، واستفزازية للغاية». مضيفاً «لقد ناقشنا مراراً مع السلطة الفلسطينية ضرورة مكافحة كافة أشكال نزع الشرعية عن «إسرائيل»، بما في ذلك الارتباط اليهودي التاريخي بالأرض». الكاتب، والسياسي العربي الفلسطيني « بلال الحسن» أشار في مقالته المنشورة يوم الأحد 5 / 12/ 2010 إلى جملة حقائق: شهدت فلسطين في عام 1929 ثورة شعبية عرفت باسم (هبّة البراق)، بدأت في القدس وامتدت إلى أكثر من مدينة، وسقط فيها عدد من الشهداء والجرحى من الفلسطينيين وعدد القتلى والجرحى من اليهود المهاجرين، وكانت الثورة من القوة بحيث أثارت اهتماماً لدى حكومة الانتداب على فلسطين (بريطانيا)، ثم أثارت اهتماماً لدى المؤسسات الدولية. تمثل الاهتمام البريطاني بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في ما حدث، ترأَّسها السير والتر شو، وعرفت باسم (لجنة شو). وصلت اللجنة إلى فلسطين في 23/9/1929، والتقت مندوبين عن العرب واليهود، واستمعت إلى شهادات أشخاص كثيرين، وتسلمت وثائق رسمية، ثم أوصت بتشكيل لجنة دولية لتحديد حقوق العرب واليهود في حائط البراق. وافقت (عصبة الأمم)، وهي التي تحولت في ما بعد إلى الأمم المتحدة، على توصية (لجنة شو) يوم 14/1/1930، وتم تشكيل لجنة دولية من السويد وسويسرا وإندونيسيا. وصلت اللجنة إلى القدس في 19/6/1930، ووضعت تقريرها في مطلع ديسمبر (كانون الأول) 1930، وحاز تقريرها تأييد بريطانيا وعصبة الأمم معاً، وجاء في توصياته ما يلي: 1- تعود ملكية الحائط الغربي إلى المسلمين وحدهم، ولهم وحدهم الحق العيني فيه، لأنه يؤلف جزءاً لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف... وتعود إليهم ملكية «الرصيف» الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط. (هدم الجيش الإسرائيلي حي المغاربة بالكامل فور احتلال الجيش الإسرائيلي لمدينة القدس عام 1967). 2- إن أدوات العبادة، من الأدوات التي يحق لليهود وضعها بالقرب من الحائط... ولا يجوز أن يكون من شأنها إنشاء أي حق عيني لليهود في الحائط أو في الرصيف المجاور له. 3- لليهود حرية السلوك إلى الحائط لإقامة التضرعات في جميع الأوقات. أمام هذه الوقائع الدامغة، يتعرى مجدداً، انحياز السياسة الأمريكية لمزوري التاريخ. هذه السياسة التي يسخر منها «المتوكل طه» في لقاء له في 5/ 11/2010 مع «وطن للأنباء» قائلاً: «أضحك كثيراً عندما تضع أميركا نفسها في هذا الموقف، أميركا التي تقبض على عنق الكوكب، بحاملات الطائرات، وإمبراطوريات الاقتصاد، أضحك عندما تستفز أمريكا من دراسة موثقة».، مضيفاً: «هذا الاحتلال الذي يخاف من دراسة مدعمة بالوثائق، من السهل أن ينكسر». وقال أيضاً: «أريد أن أذكّر الإدارة الأمريكية، أن البيت الأبيض ينهض على جماجم 90 مليون هندي أحمر، وعليهم أن ينظروا إلى المذابح والمجازر التي قام بها أجداد المقيمين في البيت الأبيض وأيديهم تشر بالدماء، (إسرائيل) وأميركا أيديهم مغمسة بدماء الرضع، ونحن لم نطالب إلا بحقوقنا، والغبي هو من يدعم القاتل والجزار، ويجعل منه قوة فوق القانون». وهنا يحق لنا أن نتساءل: هل الإدارة الأمريكية غبية فقط، أم لها توصيف أكثر دقة، له علاقة بالمصالح الاستعمارية التوسعية، وبتوحش رأس المال العالمي، الذي تحوز فيه الرأسمالية اليهودية على القسم الأكبر فيه؟ قاسيون


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني