مداخلة الحزب الشيوعي الفلسطيني في مؤتمر الحزب الشيوعي السوري الحادي عشر
الرفيقات والرفاق الأعزاء،
اسمحوا لي أيها الرفاق أن اعبر باسمي واسم رفاقي وفد الحزب الشيوعي الفلسطيني عن سعادتنا الغامرة بالمشاركة في مؤتمركم الحادي عشر للحزب الشيوعي السوري،وان اعبر لكم عن اعتزازنا بنضالكم الدءوب وتماسككم في مواجهة الأوقات الصعبة التي مرت بالحركة الشيوعية في العالم اجمع وفي الوطن العربي بشكل خاص، وأن انقل لكم تحيات كل أعضاء الحزب الشيوعي الفلسطيني،وتمنياتهم لكم بالنجاح في تحقيق أهداف مؤتمركم،كي تقدموا نموذجاً على قدرة الشيوعيين على تخطي الصعاب والسير قدماً نحو تحقيق تلك الأهداف النبيلة التي يناضل من أجلها الشيوعيون في كل أرجاء العالم،ومن أجل التمسك الراسخ بمبادئ الماركسية اللينينية ورفع راية الحرية والعدل والمساواة لكل البشر،وإقامة المجتمع الإنساني الخالي من استغلال الإنسان لأخيه الإنسان والذي يمكن في ظله إطلاق كل الطاقات الإبداعية الخلاقة للإنسان،ويمكن تحقيق السلام على نطاق العالم كله دون غبن يلحق أي شعب من الشعوب.
واسمحوا لي أيها الرفاق أن اعبر لكم باسم الحزب الشيوعي الفلسطيني عن اعتزازنا وتقديرنا لمساعدتكم لنا حين هبت عاصفة الردة على حزبنا فأوشكت أن تودي به لولا أن بادر الشيوعيون الفلسطينيون الحقيقيون للإعلان عن إصرارهم على بقاء الحزب الشيوعي الفلسطيني وبناءه وتواصل نضاله وتمسكهم بمبادئ الماركسية اللينينية التي دأبت بعض الأحزاب المنشقة بأسمائها المختلفة على تشويهها، بعد انقلاب المرتد خروشوف وتفكيك الاتحاد السوفيتي العظيم.
انه ورغم الظروف الصعبة والمريرة التي مررنا بها،فقد أسهم موقفكم ألمبدأي المساند لحزبنا وكذلك دعم بعض الأحزاب الشيوعية الشقيقة في تعزيز قدرتنا على الصمود في وجه العاصفة وإفشال المؤامرة التي استهدفت إلغاء وجود الحزب الشيوعي الفلسطيني , وأثبتنا كغيرنا من الشيوعيين أن فكرة الاشتراكية العلمية التي تعبر عنها الماركسية اللينينية غير قابلة للهزيمة .
أيها الرفاق،
ينعقد مؤتمركم الحادي عشر في ظل وضع عربي متردي جداً تتعرض المنطقة كلها لهجمة امبريالية صهيونية شرسة تستهدف تفتيتها إلى دويلات طائفية أو عرقية كي تصبح أكثر انسجاماً مع متطلبات النظام العالمي الجديد والعولمة الرأسمالية المتوحشة. إن مواصلة التصدي للسياسات الامبريالية والصهيونية في منطقتنا والانتقال من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم يتطلب تعزيز قدرتنا على حشد الجماهير وتنظيمها،وهذه مهمة يقع العبء الأكبر منها على الشيوعيين ولنذكر أيها الرفاق أننا أصحاب تقاليد مجيدة في النضال والتصدي للمؤامرات الصهيونية والإمبريالية، وفي تقديرنا أنه قد حان الوقت كي نعمل من أجل استعادة مواقعنا الطليعية من جديد وأن نعمل على إعادة امتلاك زمام المبادرة.
انه بعد الردة عن المشروع اللينيني ومحاولة خروشوف وزمرته العسكرية تدمير المشروع اللينيني الذي بناه الرفيقين لينين وستالين العظيمين انحدرت بعض الأحزاب الشيوعية إلى منزلق تغليط اللينينية واعتبارها شيء من الماضي غير قابلة للتطبيق، وتعرضت الماركسية اللينينية إلى انقسامات وتحريفات قادتها بعض العناصر الانتهازية والتحريفية التي تسللت إلى جسم الأحزاب الشيوعية المختلفة وانتحلت صفة اليسار او اليسار الديمقراطي لنفسها وانشقت عن الأحزاب الشيوعية وسمت نفسها بأسماء مختلفة متنكرة للإرث الماركسي اللينيني وللحركة الشيوعية وراحت تبشر في خطاباتها إما إلى الإصلاح السياسي أو إلى التغيير الديمقراطي أو إلى إيجاد ما يسمى مخطط انقاذ وطني، إذن همهم هو الإصلاح الديمقراطي البعيد عن كل توصيف ماركسي لينيني بأن تكون الطبقة العاملة هي البديل الثوري بدل عن الحكم البرجوازي الكومبرادوري الراهن.
لقد تخلت هذه الأحزاب عن العمود الفقري للماركسية وهو الصراع الطبقي وانتحلت لنفسها مقولة حزب الشعب كله على غرار(دولة الشعب كله) التي انتحلها المرتد خروشوف لتبرير هجومه على المشروع اللينيني. أنه لابد من تعرية هذه الأشخاص والأحزاب المرتدة عن المنهج الماركسي اللينيني بعد ردة خروشوف وإعادة صياغة آليات جديدة للعمل المشترك بيننا تسمح بإنجاز المهام الجسام الملقاة على عاتقنا فبدون تحقيق التنسيق والتعاون بين الأحزاب الشيوعية العربية (الماركسية اللينينية) وداخل الحركة الشيوعية العالمية سيظل عملنا قاصراً على الوفاء بمتطلبات النضال والتصدي للهجمة الشرسة التي تتعرض لها من قبل دوائر الإمبريالية العالمية وإدارتها المتواجدة في المنطقة، والتي أخذت على عاتقها تشويه الماركسية اللينينية بحجة الإصلاح والتطوير الديمقراطي. أنه من الضروري التزام قيادتنا الحزبية كسائر قيادات الأحزاب الشيوعية في العالم بنظرية الماركسية اللينينية وتنظيم الطبقة العاملة وتأهيلها لقيادة الأحزاب الشيوعية في سائر بلدان العالم.
إن الأحزاب الشيوعية التي انتحل البعض منها تسميات مختلفة تتوافق ومصالح قادتها الشخصية تعمل الآن وخاصة في البلدان العربية كذيل لأقطاب البرجوازية الوضعية سعياً وراء مقعد وزاري أو نيابي أو بلدي، إنه بدل أن تنخرط هذه الأحزاب بالحركة الجماهيرية والصراعات الطبقية تقوم التذييل للبرجوازية الصغيرة. وإن أهم التزامٍ لأحزابنا الشيوعية أن تكون محفزاً لبناء الحزب الجماهيري الثوري الذي يستطيع التأثير في المجتمع وأن يحرّض الطبقة العاملة على الثورة لا على الخنوع والاستسلام.
إن العمود الفقري لنظرية الماركسية اللينينية تعتمد على قدرة الطبقة العاملة في تحرير نفسها وفي وعيها لقوتها الذاتية ومهامها التاريخية.
أيها الرفاق ،
إن سياسة نتنياهو اليمينية العنصرية القائمة على التنكر للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني من خلال خلق واقع جديد على الأرض ينسف كل الأسس التي قامت عليها العملية السياسية لحل الصراع العربي الصهيوني، تؤدي إلى جر المنطقة بأسرها نحو المواجهة وتشكل تهديداً خطيراً على السلام في منطقتنا وعلى حياة شعوبنا ولا يمكن مواجهة تلك السياسة الخرقاء بالتساوق معها أو الانسجام مع أهدافها كما تفعل حالياً السلطة الفلسطينية، بل يمكن فقط مواجهة تلك السياسة وأخطارها بالتصدي لها والنضال ضدها وحشد كل الطاقات كي تتمكن من إفشال أهدافها، وفي الوقت التي تتزايد فيه أخطار السياسة العنصرية العدوانية للحكومة الإسرائيلية وتنكشف أهدافها خصوصاً بعد تشريع قانون المواطنة الجديد والإعلان على الملأ يهودية الدولة كهوية والطلب من الفلسطينيين والعالم أجمع الاعتراف بيهوديتها، نرى تناقضاً صارخاً بين الشعارات التي ترفعها السلطة الفلسطينية وبين ممارساتها، ففي الوقت الذي ترفع فيه تلك السلطة شعارات تتفق مع الثوابت الوطنية الفلسطينية، نراها في الممارسة العملية تقدم التنازل تلو التنازل. إن سوء إدارة السلطة للصراع الفلسطيني الصهيوني وسوء أدائها وأخطائها خلال فترة وجودها قد أصابت الجماهير بخيبة أمل كبيرة. جردت الجماهير الفلسطينية من كل نزوع للمقاومة أو خوض النضال من أجل حقوق شعبنا المشروعة العادلة، وسادة الجماهير الفلسطينية حالة من الإحباط واللامبالاة إن مواجهة الأخطار التي تمثلها السياسة العنصرية الإسرائيلية تتطلب حشد كل الطاقات الفلسطينية وتحقيق وحدة وطنية شاملة تقوم على أساس برنامج وطني كفاحي يحقق التلاحم بين جميع القوى الوطنية الفلسطينية من جهة، والجماهير الفلسطينية من جهة، وإنه لمن المؤسف حقاً أن نرى جلسات الحوار الوطني تحت شعار الوحدة الوطنية لم ترق لإسرائيل وأمريكا وبعض الدول العربية التي تدور في فلكها فلم تحقق شيئاً حتى الآن.إن حزبنا يرى أن ما من سبيلٍ أمامنا سوى المطالبة والعمل من أجل تغيير النهج الحالي للقيادة الفلسطينية وتبني نهج كفاحي يستجيب لمصالح وتطلعات وحقوق شعبنا كمطلب ملح لمجمل الحركة الوطنية الفلسطينية، إننا سنواصل التمسك بلا حدود بالحقوق الوطنية المشروعة والعادلة لشعبنا، وفي مقدمتها حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وعلى ذلك فإننا ندعم بلا حدود كل نهج كفاحي يستجيب لحقوقنا الوطنية وسنواصل معارضة النهج الاستسلامي الحالي.
نحييكم مرة أخرى ونتمنى لكم النجاح في مؤتمركم، فنجاحكم هو نجاح لنا، وتحقيق أهدافكم يقربنا من تحقيق أهدافنا، وليس هناك من بديل عن حوض النضال المشترك بين حزبينا كي نتمكن معاً من تحقيق أهدافنا المشتركة، وإلى الأمام أيها الرفاق الأعزاء وشكراً لكم..
الحزب الشيوعي الفلسطيني
28-10-2010