PCP

يا عمال العالم اتحدوا

مفاوضات غير مباشرة .. مفاوضات مباشرة دولة الوقت الضائع

لماذا سيقامر أوباما بخلاف آخر مع نتنياهو قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس (التي ستجري في تشرين الثاني القادم)، في الوقت الذي يواجه فيه تحديات صعبة في أفغانستان والعراق إلى جانب اقتصاد متعثر؟؟ يتساءل مستشار الشرق الأوسط السابق في وزارة الخارجية الأميركية، أرون ديفيد ميلر. سؤال ميلر يأتي على خلفية ما تردد مؤخرا بأن موعد إقلاع المفاوضات المباشرة بين سلطة أوسلو والكيان المحتل بات قريباً، وتوقعات بأن أوباما يمكن أن يضغط على اسرائيل للقبول بشيء ما يحفظ ماء وجه السلطة الفلسطينية وعرب الاعتلال. وقد أمضى عباس ومعه أقطاب أوسلو واليساريين المنضوين تحت رايته النضالية الفترة الأخيرة وهم يشتكون من الضغوط الهائلة التي يتعرض لها قائدهم محمود عباس لينتقل من المفاوضات غير المباشرة إلى المفاوضات المباشرة!! بل إن السيد مصطفى البرغوثي وهو من أقطاب اليسار «الأوسلوي» انتقد الجامعة العربية التي فوضت عباس بالانتقال إلى المفاوضات المباشرة ساعة يشاء لأنها تركته وحيدا أمام ضغوط أصدقائه الأوربيين والأمريكيين. ونظمت بعض القوى اليسارية نشاطات ومهرجانات تضامنا مع قائد منظمة التحرير محمود عباس في مواجهة الضغوط!! لكن هؤلاء «الرفاق» يعرفون جيداً كما نعرف نحن ويعرف عباس وسلطته من الذي أوصل قضية الشعب الفلسطيني إلى هذه المماحكات الفارغة، والى إضاعة عشرين عاما من عمر حركة التحرر الوطنية الفلسطينية منذ توقيع اتفاق أوسلو في قضايا تفصيلية وعراقيل شكلية تضعها إسرائيل ومعها أمريكا واللجنة الرباعية ومبعوثون أمميون يعملون لدى أمريكا وأممها المتحدة تماما مثل النقاش الدائر الآن حول مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة وهوية القوات الدولية التي سترابط على حدود الدولة العتيدة!!!!. . .ويبدو أن أبو مازن على استعداد لإضاعة عشرين عاما أخرى هي عمره الافتراضي في السلطة في هذه المماحكات تكون خلاله إسرائيل قد أنهت كل مشاريعها التوسعية والاستيطانية، أو ينقل راية «نضاله» إلى من هو أكثر إخلاصا للإستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية (سلام فياض مثلا) وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون كانت واضحة تماما أكثر من «الرفاق» اليساريين في تصريحها 12/8/2010: «عباس على وشك الموافقة على مفاوضات مباشرة، لكنه طلب أياماً إضافيةً لإجراء مشاورات أخيرة مع شركائه العرب، ومع مسؤولي حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية» بل أن أشتون حددت تاريخ الموافقة أيضاً بأن عباس «سيعطي جوابه النهائي الأحد (15/8) أو بداية الأسبوع المقبل»، مشيرة إلى أن المفاوضات المباشرة «قد تبدأ في نهاية آب الجاري» وأضافت أنه «في حال موافقة الجانبين على استئناف المفاوضات، فستصدر اللجنة الرباعية للشرق الأوسط بياناً مطلع الأسبوع المقبل». وأشارت أشتون إلى أن مبادرة اللجنة الرباعية «يتوقع أن تساعد عباس على حشد دعم كاف في الداخل والخارج للدخول في محادثات مباشرة». كذلك أوضحت أن الشروط التي تضمنها بيان اللجنة الصادر من موسكو في 19 آذار الماضي، ستمثّل الأساس لبيانها «الذي سيصدر بالتزامن مع إعلان انطلاق المحادثات المباشرة». يذكر أن بيان الرباعية في 19 آذار كان قد تحدث عن 24 شهراً لإنهاء مفاوضات الوضع النهائي، وأكد مرجعية خريطة الطريق وأن وضع القدس يحسم بالمفاوضات (لاحظوا السقف النضالي الذي وصل إليه عباس والرفاق!!) والسيناريو واضح سيعلن عباس قبوله الدخول في المفاوضات فيما سيعلن «الرفاق» إنهم ضد العودة للمفاوضات دون تحقيق شروطهم بوجود مرجعية، لكنهم سيستمرون مع المنظمة وقائدها رغم الاختلاف الذي لا يفسد للود قضية. وكانت صحيفة «هآرتس» قد ذكرت أنّ المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل نقل إلى نتنياهو «معادلة فلسطينية جديدة» تقضي باستئناف المفاوضات المباشرة استناداً إلى البيان الذي أصدرته اللجنة الرباعية في آذار الماضي، والذي دعت فيه إلى إقامة دولة فلسطينية خلال 24 شهراً، وإنهاء احتلال إسرائيل لأراضي العام 1967، وتجميد أعمال البناء في المستوطنات، ووقف هدم المنازل في القدس الشرقية. ونقلت «هآرتس» عن نتنياهو قوله لميتشل «لن نقبل بهذا أبداً»، مضيفاً «دعونا نُزل الشروط المسبقة كافة، ولنبدأ المفاوضات». ووفقا للصحيفة فإن ميتشل أبلغ نتنياهو بأنه ليس لدى الولايات المتحدة موقف مبلور حتى الآن بشأن الاقتراح الفلسطيني، وأنه ينقل هذا الاقتراح إلى إسرائيل وحسب. وأضاف ميتشل أن عباس شدد أمامه على أنه في حال وافقت إسرائيل على الاقتراح، فسيوافق على الشروع في مفاوضات مباشرة فورا. إذا الموقف الإسرائيلي يرفض حتى تحديدات اللجنة الرباعية الحريصة على نيل الرضا الإسرائيلي قبل إصدار أي بيان يعتبر بمثابة مرجعية للمفاوضات، ويصر على أن يضيف عباس إلى تاريخ تنازلاته تنازلا جديدا ويدخل في المفاوضات بدون أي مرجعية، رغم أن كل المرجعيات السابقة لم تفد المفاوض الفلسطيني في شيء، والسبب ليس فقط في أن كل الأطراف التي تعتبر راعية للمفاوضات وحتى الطرف العربي (مصر والأردن والسعودية) هي حليفة للمحتل الإسرائيلي، بل لأن السلطة رمت كل أوراقها وهجرت خيار الشعب الفلسطيني في المقاومة، وساهمت في تفتيت وحدة الشعب الفلسطيني وتصر على أن لا وحدة إلا تحت برنامجها التفريطي اليائس، وانساق معها اليسار الغورباتشوفي، وكانت فصائله قد أعلنت أن الخيار الوحيد أمام منظمة التحرير هو التوجه إلى الأمم المتحدة لإعلان دولة من طرف واحد عبر المنظمة الدولية. . . ولم يتذكر المناضلون أن هناك خيارات أخرى لا تزال موجودة على الساحة وتثبت في كل منعطف نجاحها ونجاعتها في مواجهة الاحتلال وهو خيار المقاومة متعددة الأشكال للاحتلال وفي طليعتها المقاومة المسلحة. . . إن ما يحصل في الساحة الفلسطينية هذه الأيام هو نقل للمعركة إلى غير ساحتها الرئيسية، وهي الأرض المحتلة حيث المواجهة المباشرة للمحتل والنضال من أجل تحقيق وقائع على الأرض تجبر المحتل على الانكفاء أمام إرادة الشعب، لتأتي بعد ذلك تفاصيل التفاوض حول آليات جلاء المحتل دون قيد أو شرط، وتحقيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين طردهم الاحتلال من ديارهم وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس. خلا هذا الحل هناك حل آخر بدأ يطرح نفسه أمام حركة التحرر الوطنية الفلسطينية إذا تعذر الوصول إلى الدولة المستقلة على الأراضي المحتلة عام 1967، بل أن أوساطا أكاديمية إسرائيلية بدأت تطرحه محذرة سلطة الاحتلال من الوصول إليه إذا لم تقم الدولة العتيدة، وهذا الحل يتمثل في إقامة دولة موحدة ديمقراطية في فلسطين تجمع العرب واليهود، دولة لن تكون للأيديولوجيا الصهيونية الرجعية التوسعية أي مكان فيها، دولة ستكون قبر المشروع الصهيوني التوسعي الذي سيدخل التاريخ كحقبة سوداء في تاريخ المنطقة والعالم.


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني