PCP

يا عمال العالم اتحدوا

أأي وحدة وطنية فلسطينية يريدها الوطنيون؟

يتواتر الحديث عن الوحدة الوطنية الفلسطينية وضرورتها عند كل منعطف تمر به القضية الفلسطينية، ويؤكد الذين ينظّرون لوحدة بين المقاومين وحراس حدود الاحتلال إن غياب الوحدة هو السبب الأساسي لاستهانة إسرائيل بكل الأعراف والقوانين الدولية، وإصرارها على عدم تلبية أي مطلب فلسطيني أو عربي أو دولي مهما بدا متواضعا، مثل تجميد الاستيطان أو تامين حل لحق العودة كما صاغته مبادرة توماس فريدمان العربية. والحديث عن الوحدة الوطنية الفلسطينية طويل وكثير، لكن السؤال الذي يمكن أن نوجهه لطالبي الوحدة (بريقا سرابا كيفما شئت فاقدمي)، على حد تعبير الشاعر سليمان العيسى عن الوحدة العربية، هو: الم يكن الفلسطينيون موحدين ضمن إطار منظمة التحرير الفلسطينية قبل أوسلو وحتى بعدها عندما كان الزعيم الراحل ياسر عرفات يدير لعبة السياسة والمساومات بالتزامن مع المقاومة ودفع حياته ثمنا لهذا النهج ؟ الم تكن تراجعات م ت ف التي بدأت منذ ثمانينيات القرن الماضي بعد الاجتياح الصهيوني للبنان وخروج المقاومة إلى المنافي وتوجه أبي عمار إلى مصر بعد أن كان يرفع راية الصمود والتصدي، ألم تكن هذه التنازلات التي انتهت إلى أوسلو وما بعدها تجري في ظل قيادة فلسطينية موحدة ـ في الشكل على الأقل ـ؟ أليست الوحدة الوطنية الشكلية حيث للغالب نسبة الـ50+1 وللبقية على كثرة أسمائهم وألقابهم ما يزيد من مقاعد، وأكثرهم تابع أيضا لمن يدفع لهم رواتبهم ومصاريفهم. .. . . أليست هذه الوحدة هي التي أنجبت ظاهرة المفاوضات السرية في عواصم الغرب؟ والتي كانت فصائل اليسار تدينها وتصدر البيان تلو البيان لكنها تبقى متمسكة بالوحدة الوطنية الشكلية التي نقلت قضية الشعب الفلسطيني من شعار تحرير فلسطين وإقامة الدولة الديمقراطية التي يعيش فيها العرب واليهود بمساواة وحرية إلى الشعار البائس: تجميد الاستيطان، ليصبح هدفا لمؤتمرات وجولات مكوكية و«ضغوط» وحرد عباسي عن المفاوضات لا يلبث أن يحل ببعض الدولارات من اوباما وعرب النفط، وتدخل عربي لصالح أمريكا طبعا لينزل محمود عباس عن شجرة شرطه الصغير «تجميد الاستيطان» ويبدأ مفاوضات غير مباشرة بمباركة جامعة عمرو موسى. . .. الآن بعد الهجوم الإسرائيلي الوحشي على أسطول الحرية المتوجه إلى غزة، والمجزرة التي راح ضحيتها العشرات، تكررت الأصوات الداعية إلى وحدة فورية بين فتح وحماس، ويبدو أن هناك طبخة إسرائيلية لاستثمار ما حصل في إعادة سلطة محمود عباس إلى غزة عبر إعطائه دورا في السيطرة على المعابر، وهو ـ عباس ـ مخلص في حصاره لغزة مثل صديقه حسني مبارك وربما أكثر. . . إن ما يجب التأكيد عليه في مواجهة تصعيد العدوانية الإسرائيلية الأمريكية ضد محور المقاومة هو الوحدة الوطنية فعلا، الوحدة في كل ساحة من ساحات المقاومة بين القوى الوطنية الحقيقية والمخلصة من اجل إعداد العدة للمواجهة الحتمية مع المخطط الأمريكي الصهيوني. في سورية عبر تعزيز وتطوير الجبهة الوطنية التقدمية، وتعزيز دور الجماهير، وحل مشكلاتها المعاشية عبر نبذ الحلول الليبرالية في الاقتصاد، وفي إيران عبر إعطاء الحرية لقوى اليسار والقوى الوطنية غيرالدينية للمساهمة في تعزيز الخط الوطني وتعميقه، وفي لبنان عبر تحقيق المزيد من المكاسب للقوى الوطنية والمقاومة واستقرار الوضع الداخلي لصالح المشروع الوطني اللاطائفي. أما في فلسطين، وهي موضوع حديثنا، فالوحدة لا يمكن أن تكون بين مقاومين للاحتلال وبين منفذين لمخططاته وتوجيهاته ممن استطاعوا بإخلاصهم للمحتل استتباب الأمن بشكل شبه تام في الضفة الغربية الأمر الذي عجز عنه الاحتلال نفسه رغم كل بطشه وقمعه ودمويته. إن من يتمسكون ببرنامج المقاومة وينبذون خط التنازلات التي لا نهاية لها ـ وهم غالبية الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية ـ يجب أن يتحدوا في إطار ديمقراطي تعددي يحترم خصوصيات كل التيارات (الدينية واليسارية والقومية) ويؤكد على القواسم المشتركة والهدف النهائي المتمثل في دحر الاحتلال وإقامة الدولة الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم. أما من رضي بأن يكون شرطيا للاحتلال فمصيره سيكون مثل مصير جيش انطون لحد في لبنان، إذ خرجوا مع جيش الاحتلال، ووجد قائدهم لحد عملا هناك كبائع فلافل (والشغل مو عيب)، يمكن لقادة شرطة دايتون البحث منذ الآن عن عمل في دولة الاحتلال، لأن الدولة الوطنية والمشروع الوطني لن يقبلا هؤلاء بين الوطنيين والمخلصين، وكل الدعوات لوحدة تجمع الوطنيين والعملاء هي دعوة لوحدة ميتة لن تستمر ولن تعطي فائدة للقضية الوطنية، وتجارب الاتفاقات التي أبرمت بين فتح وحماس تبرز عقم الرهان على هذا النوع من الوحدة وخطل التقاسم الفئوي والفصائلي والاستفراد وخطره أيضاً.


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني