PCP

يا عمال العالم اتحدوا

أوباما والمراهنات مرة أخرى... وجه أمريكا الحقيقي

ليست أوهاما تلك التي يلهث خلفها فريق التسوية العربي، بل هي خيارات عن سابق خيانة وتصميم. . . . النظام العربي المتخاذل، الكومبرادور العربي المختفي خلف أساطيل وقواعد أمريكية، ليس لديه أي خيار سوى ان ينفذ رغبة سيده ويغلفها بالواقعية السياسية تارة كما كان يغلفها بمحاربة «النفوذ الشيوعي والإلحاد» أيام الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية. . . لذلك عندما نفضح أوهام الاعتماد على تغيير في سياسة أمريكا لأنهم غيروا لون بشرة الرئيس وبعض كلامه (خطابه في جامعة القاهرة وبعض وعوده قبل الانتخابات) فإننا لا نخاطب النظام العربي الميت، والذي يصر عمرو موسى على انه لا زال فيه نبض، فيما هو في موت سريري منذ عقود تسخره أمريكا لتمرير ما تريد بلغة عربية فصيحة وعلى لسان قادة الموات . . . . نتوجه للرأي العام العربي الذي من كثرة ما تردد وسائل إعلام النفط ترهات التأثير على الموقف الأمريكي من الداخل، وتأسيس لوبي عربي في أمريكا أسوة باللوبي الصهيوني، وممالأة السياسة الأمريكية في المنطقة لتحن علينا أمريكا بحل القضية الفلسطينية. . .من كثرة ذلك تشوش الرؤية لدى الكثيرين ومنهم من لا زال يتلفع بأثواب يسارية. . .لهذا لا بد من التأكيد الدائم على هشاشة هذا الوهم وخطره على الوعي الوطني. الآن يعود نتنياهو من البيت الأبيض بنصر جديد، أوباما رأى أن إسرائيل أعطت ما عندها (تجميد محدود ومؤقت للاستيطان ووعد من نتنياهو بالاهتمام بالضفة الغربية إذا انطلقت المفاوضات المباشرة) وعلى العرب والفلسطينيين أن ينطلقوا إلى مفاوضات مباشرة، وكأن سنوات ما بعد أوسلو العجاف غابت عن ذاكرة الشعب الفلسطيني، الحوار الذي لا ينتهي، الغرق في تفاصيل التفاصيل، فيما الاحتلال يقضم المزيد من الأراضي (حسب مؤسسة بتسليم الإسرائيلية لحقوق الإنسان ابتلع الاستيطان مساحة 42% من الضفة فيما ابتلع الجدار العازل 9.4% أي أن عباس وعمرو موسى سيتفاوضان على 48.5% من مساحة الضفة؟؟) قال أوباما، عقب اجتماعه مع نتنياهو في المكتب البيضاوي، إن تأييده لإسرائيل لم يتراجع قط، مؤكداً أنه لا يمكن فك عرى العلاقة التي تربط الدولتين. وكان أوباما قد كرر، أثناء استضافته نتنياهو تبريرات إسرائيل المستترة لامتلاك القنبلة النووية. وقال للصحافيين «نعتقد بقوة أن لإسرائيل متطلبات أمنية فريدة بالنظر إلى حجمها وتاريخها والمنطقة الموجودة فيها والتهديدات الموجهة لنا ولها». وتلا تصريحات أوباما بيان أصدره البيت الأبيض جاء فيه أن الرئيس الأميركي تعهد أيضاً بألا تذكر إسرائيل بالاسم في اجتماع للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في فيينا في أيلول المقبل، وأيضاً في المؤتمر الإقليمي الذي اقترحت مصر عقده في 2012. ولم يتحدث أوباما عن أي التزامات على إسرائيل بشأن ضرورة أن تشمل المفاوضات المباشرة القضايا الجوهرية، مثل الحدود واللاجئين ووقف شامل للاستيطان ومصير القدس، بل تحدث عما يسميه هو وقبله بوش ومعهم طبعا قادة الكيان الصهيوني بإجراءات بناء الثقة، ملمّحاً إلى مسألتين: منح السلطة الفلسطينية مزيداً من السلطات الأمنية بعدما أشار إلى «نجاحات» حققتها في هذا المجال في الضفة الغربية، ومواصلة إجراءات تخفيف الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة منذ نحو أربع سنوات، وذلك لقاء أن توقف السلطة الفلسطينية كل أشكال التحريض والتوقف عن القيام بأي إجراء من شانه إحراج إسرائيل في المحافل الدولية. وحتى بخصوص قضية المجزرة الإجرامية التي ارتكبتها إسرائيل بحق سفن أسطول الحرية، والتي أدانها العالم كله، آثر أوباما أن يطمئن صديقه الإسرائيلي، فقد ذكرت «يديعوت أحرونوت» أنّ الرئيس أوباما أوضح، بحضور مندوبة واشنطن في الأمم المتحدة، سوزان رايس، أنه إذا حاول مجلس الأمن اتخاذ قرار بإنشاء لجنة تحقيق في أحداث أسطول الحرية، فستواجهه الولايات المتحدة بحق النقض. هذا ما أعطاه أوباما مرة أخرى لمروجي اختلافه عن أسلافه، وكان السياسة الأمريكية هي بيد شخص الرئيس فيما هو موظف لدى الاحتكارات الرأسمالية الكبرى التي توجه السياسة الأمريكية. وإذا كنا لا نلوم الليبراليين العرب وكتاب الصحافة النفطية على تصدير هذه الأوهام، فإننا نستهجن صدور مواقف كهذه من كتاب وصحف وأحزاب لا زالوا يدرجون أنفسهم في صف اليسار، ونحن نعلم كم أن تعبير اليسار غائم ورمادي ومريب أيضاً، لأنه يجمع شمعون بيريز ووليد جنبلاط مع جورج غالاوي وتشافيز واليكا باباريكا واحمد سعدات وغيرهم من الذين نذروا حياتهم للدفاع عن شعوبهم وفقراء هذه الشعوب تحديدا وعن كادحي العالم. ما سمي بالمحادثات غير المباشرة لم تحرز أي تقدم باعتراف عمرو موسى، وبلسان مصدر رفيع المستوى في وزارة الخارجية الإسرائيلية ذكر أن محادثات التقارب التي يديرها المبعوث الأميركي الخاص، جورج ميتشل، لن تتوصل إلى أي تسوية، مشيراً إلى أن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان أوضح للأميركيين أنهم يوهمون أنفسهم. ولفت المصدر الإسرائيلي إلى أن ليبرمان لا يرى أن هناك شريكاً في الجانب الفلسطيني انطلاقاً من أن الرئيس محمود عباس «لا يمثل الفلسطينيين في غزة ومن المشكوك فيه أن يكون يمثل الفلسطينيين في الضفة». ولتأكيد صحة كلامه، أضاف المصدر انه «لو جرت اليوم انتخابات في السلطة من غير المؤكد أن يفوز فيها الرئيس الفلسطيني الحالي». مكافأة مجزية لمحمود عباس على انغماسه في المشروع الأمريكي الإسرائيلي، أوباما يثني على نجاحاته الأمنية في الضفة فحسب، وإسرائيل تردد معلومات عن انتهاء مفعوله لأن شعبيته ـ وهي حقيقة ـ أصبحت في الحضيض ولم يعد يمثل سوى المنتفعين وموظفي المقاطعة في رام الله. إذا كان المراهنون على أمريكا لا زالوا ينتظرون مواقف أوضح من التي أدلى بها أوباما بحضور ضيفه الصهيوني فهم حقيقة ليسوا واهمين، إنهم مشاركون فعلا في التضليل وبالتالي في تمرير المشروع الأمريكي الصهيوني، الذي لن يمر بفضل صمود المقاومة وجبهتها الممتدة من غزة إلى لبنان وسورية وإيران وصولا إلى كوبا ونيكارغوا ـ التي قطعت علاقاتها مع إسرائيل اثر الاعتداء على أسطول الحرية، ولم نسمع من الإعلام العربي ولو وقفة عابرة مع هذا الموقف الشجاع مقابل جبن حكام الاعتلال العرب ـ وفنزويلا وباقي سلسلة كسر النفوذ الامبريالي حول العالم.


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني