PCP

يا عمال العالم اتحدوا

الذكرى الخامسة والستين للانتصار على النازية

في الثامن من أيار عام 1945 أعلن رسميا الانتصار على النازية وتوقيع وثيقة الاستسلام الألماني بعد حرب عدوانية "الحرب العالمية الثانية". وفي هذه الأيام ذكرى الانتصار على النازية التي قادت العالم نحو حرب كونية بكل ما رافق ذلك من اغتصاب خيرات الشعوب، جراء انفلات دولة الرأسمالية من عقالها ، هذه الرأسمالية التي حاولت بعصبوية اثنيه اغتصاب خيرات الشعوب كافة بأبشع الوسائل وحشية ودموية ، إن هذه الحرب لم تكن لتحدث لولا المقدمات المادية التي قدمت لألمانيا في عشرينيات القرن العشرين على شكل أموال دعم للبرجوازية الألمانية من أقطاب المعسكر الإمبريالي الأمريكي البريطاني ، هذا الدعم الذي حاولت الإمبريالية من خلاله تربية كلب مسعور ، وفي نيتها محاصرة وضرب ثورة العمال والفلاحين في الاتحاد السوفيتي وتطويقها ، لكن هذا الدعم الذي بنى الاقتصاد الألماني تحول إلى وحش يهدد البشرية كافة وليس دولة العمال في الاتحاد السوفيتي فقط ، حيث توج هذا الدعم في عام 1933 بوصول الحزب النازي إلى السلطة بقيادة هتلر ، وبعد بروز الطابع العنصري الدموي للحزب النازي خاصة بعد تمثيله رأس الهرم في السلطة الألمانية ، تنبه الاتحاد السوفيتي لخطورة هذا الوحش وكانت همومه الداخلية بالحفاظ على بلد الاشتراكية هو الأولوية بما يترتب على ذلك من بناء الاقتصاد السوفيتي في جو سلمي وعلى الرغم من ذلك وقع الاتحاد السوفيتي عام 1939 مع حكومة ألمانيا اتفاقية عدم اعتداء ، وأشعره ذلك ببعض الاطمئنان حيث كان تقدير الخطر على الثورة الاشتراكية العمالية هو من اتجاه الشرق من تركيا واليابان ، لذا تمركزت جل السياسة السوفيتية على تجنيب الشعب السوفيتي حربا بين أقطاب الحكومات الامبريالية في صراعها الدائر للسيطرة على الأسواق العالمية والاستحواذ. وبناءا على ذلك فقد أعلنت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي قي 22/2/1941 خطتها العامة لتطوير الاقتصاد السوفيتي والتي مدتها خمسة عشرة عاما ، لكن الأمور سارت باتجاه آخر مغاير حيث لم تمضي أربعة أشهر على الخطة وإذا بالعدوان الغادر يجتاح الأراضي السوفيتية وذلك بتاريخ 22/6/1941 بخطة هجومية تدعى باربا روسيا والتي تقضي بالاجتياح المفاجئ والتغلغل عميقا بالأراضي السوفيتية واحتلال أهم المدن السياسية مثل موسكو ، لينينغراد وكيف وأهم المصانع ومكامن الثروات السوفيتية. لقد شكلت السنة الأولى للحرب اكبر معاناة على الاتحاد السوفيتي وذلك لعدة أسباب منها:- 1- عنصر المفاجئة بوقت وحجم القوة الغازية. 2- تفوق ألمانيا الاقتصادي على الاتحاد السوفيتي بسبب استيلائها على كافة موارد أوروبا. 3- تحالف ألمانيا مع عدة دول شاركتها حربها وعدوانها كإيطاليا ، رومانيا، المجر ، فلندا. 4- تكييف الاقتصاد الألماني كاقتصاد حربي . 5- امتلاك الألمان للخبرة القتالية في الحروب الواسعة خلال سنتين من الحرب. لقد تشكلت القوة الألمانية الغازية من 195 فرقة وأكثر من 3500 دبابة و 5000 طائرة مقاتلة و50 ألف مدفع من مختلف أنواع المدافع. لقد خاض الشعب السوفيتي غمار الحرب الوطنية للذود عن بلد الاشتراكية الأول بقيادة الرفيق ستالين الذي عين قائدا عاما للقوات السوفيتية في 30/6/1941 ، وهذه الحرب في سنتها الأولى تمحورت باستيعاب الضربة القوية التي تمثلت باحتلال القوات الغازية لمناطق شاسعة يسكنها 88 مليون شخص وتنتج 46% من الصناعات و 47% من المزروعات و50% من رؤوس الماشية كما تقلص حجم الناتج السوفيتي في السنة المذكورة مرتين مما دفع القيادة السوفيتية بالسعي الحثيث لتحويل الاقتصاد السوفيتي لاقتصاد حربي حيث تم في هذه السنة نقل 1560 مصنع كبير من مناطق الجبهة إلى الشرق بما فيه من فنيين ومهندسين بواسطة مليون ونصف من عربات القطار ووصل في نهاية عام 1941 عدد الأعضاء الحزبيين في الجيش الأحمر مليون وثلاثمائة ألف شيوعي وأكثر من مليونيين من الشبيبة الشيوعية. في بداية عام 1942 توقف تقلص الناتج الاقتصادي ، وبدءا من الشهر الرابع من السنة تفوق الاتحاد السوفيتي على ألمانيا النازية من حيث إنتاج الطائرات والدبابات والمدافع ، وهذا لم يحدث سوى لقناعة راسخة لدى السوفيتي العامل والفلاح أن حماية بلد الاشتراكية الأول في العالم هي مسألة حياة أو موت حيث اجترح البطولات من قلعة برست وصمودها إلى تشكيل فرق الأنصار للعمل خلف خطوط العدو والتي أرعبت العدو ببطولاتها وليس بعيدا عن هذا السياق فقد سطر الفلاح الكلوخوزي بطولة في العمل لكي يؤمن الغذاء للجنود على الجبهة ، لقد ضحى العامل السوفيتي براحته وساعات عمل وصلت إلى 12 ساعة وأكثر في سبيل تأمين الصمود ودعم الجبهة لتحقيق الانتصار وكذلك فعل المهندسين والأطباء وكافة شرائح المجتمع السوفيتي تحت شعار كل شيء للجبهة كل شيء للنصر. لقد حاول ويحاول أعداء الاشتراكية قدماء وجدد اليوم وأمس تشويه الحقائق خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في محاولة منهم لمحو ما تمتع به ويتمتع به النظام الاشتراكي والملكية العامة لوسائل الإنتاج من مزايا تتفوق بها على النظام الرأسمالي ، هذه المزايا التي كانت العامل الأول والحاسم في تحقيق النصر على النازية حيث تركز الادعاءات أن الاتحاد السوفيتي لم يحقق النصر على النازية سوى بما قدمته الامبريالية من دعم لقوات الجيش الأحمر السوفيتي في السنة الأولى للحرب ، ونسي هؤلاء ما اجترحه الشعب السوفيتي بنظامه الاقتصادي وحكومته العمالية من بطولات بكل مكوناته القومية والتي التفت حول الحزب الشيوعي في معركة الدفاع عن بلد الاشتراكية بلد دكتاتورية البروليتاريا الأول في العالم ، ولعل الأرقام هنا تفند هذه المزاعم الحاقدة وهذا ليس تقليلا من أهمية الدعم في سنة الحرب الأولى ولكنها تبيان للحقائق . في سنوات 1942-1944 شيد وتم تشغيل في الاتحاد السوفيتي 2250 من المصانع والمحطات الكهربائية والكثير من المؤسسات الصناعية الضخمة حيث زاد الإنتاج بنسبة 40% ، ونمت أكثر من ثلاث مرات وتيرة الإنتاج والعمل عما قبل الحرب ولقد تم رفد الجبهة في سنوات الحرب بـ 446 ألف مدفع و136 ألف طائرة وأكثر من 102 ألف دبابة ومدفع ذاتي الحركة ، كما أن نسبة 70% من جرحى الحرب تم شفائهم بفضل الأطباء السوفيت . وقد تمثلت المساعدات للجيش السوفيتي من الولايات المتحدة وبريطانيا بـ 9600 مدفع أي أقل من 2% قياسا لما أنتجته الصناعات السوفيتية و18700 طائرة أي حوالي 12% و1080 دبابة أي نسبة 10% ، رغم أهمية هذه المساعدات إلا أنها لا تقارن بما قدمته وأنتجته الصناعات العسكرية السوفيتية بفضل مزايا الإنتاج الاشتراكي وما قدمه الفلاح من تأمين الغذاء للجيش الأحمر على الجبهة وأبسط دليل على ذلك مؤشر العضوية في صفوف الحزب الشيوعي أبان الحرب وبعدها والذي تضاعف مرات عدة وهذا يؤكد أن مزايا النظام الاشتراكي وبطولة شعوب الاتحاد السوفيتي وتضحياتهم هما من صنعا الانتصار على النازية وإنقاذ العديد من الشعوب من براثن الوحش النازي. بقلم الرفيق أبو يوسف ) عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني