PCP

يا عمال العالم اتحدوا

الترانسفير سياسة رسمية إسرائيلية زمن النكبة. . . زمن المقاومة

تستعيد إسرائيل، ومعها الحليف الأمريكي والأوربي ورهط النظام العربي المعتل، ذكريات النكبة الفلسطينية الكبرى عام 1948، الجرح الذي ما زال ينزف وهو يطوي بعد ايام عامه الثاني والستين، حين استطاعت مستعينة بعصابات القتل المنظم (مثل شتيرن وهاغانا)، وبالترهيب والترويع للمدنيين الفلسطينيين تحت وابل من القصف الإعلامي الغربي والتخاذل العربي الرسمي رغم النبرة العالية للغة السياسية آنذاك (حتى هذه الظاهرة الصوتية أضحت مفقودة لدى الحلف المصري السعودي)، استطاعت ترحيل معظم أبناء الشعب الفلسطيني من أرضه وحولتهم إلى لاجئين لتقيم دولتها على أنقاض شعب آخر. وبقرارها العدواني ترحيل حوالي سبعين ألف فلسطيني من الضفة الغربية والقدس بذريعة أنهم من سكان قطاع غزة، أو أنهم لا يحملون تصاريح إقامة في الضفة، تترجم إسرائيل الصهيونية صلفها وخروجها حتى عن منطق حلفائها وأصدقائها وعملائها. حرج العملاء وصل حدا أعرب فيه وزير خارجية المملكة الهاشمية مثلاً عن قلقه البالغ من الخطوة الإسرائيلية (تصور الشهامة الهاشمية!!) واكتفى من الغنيمة بالإياب. وحرج الحلفاء بلغ بهيلاري كلينتون التي تحسب منذ الآن لمعركة الرئاسة القادمة، وما سيقدمه رأس المال اليهودي لحملتها، إلى القول إن على إسرائيل أن لا تقدم على خطوات انفرادية تعيق مسيرة السلام، وربما كانت هيلاري تفكر بجزيرة بروناي مثلا عندما تتحدث عن سلام ومسيرة. وتستمر إدارة أوباما في ترداد مقولة بوش نفسها الإصرار على إقامة دولة فلسطينية (لكن أين ؟) وتسرب للصحافة مواعيد وآليات لذلك، فقد نقلت صحيفة هآرتس عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن أوباما مصرّ على الدفع باتجاه إقامة دولة فلسطينية، وإنه قد يعقد مؤتمرا دوليا للسلام إذا استمر تعثر عملية التسوية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين حتى الخريف المقبل. وقالت «هاآرتس»: إن هدف هذا المؤتمر سيكون على ما يبدو طرح مسار دولي لإقامة دولة فلسطينية، يشمل عددا من المبادئ المتعلقة بقضايا الحدود والترتيبات الأمنية واللاجئين الفلسطينيين والقدس. أما مجموعة أوسلو التي يبدو أنها متمسكة بالمفاوضات وسيلة وحيدة حتى لو لم يبق خارج التهجير والاستيطان سوى «قلعة المقاطعة» في رام الله!! فأرعدت وأزبدت، لكنها أكدت مرة أخرى وأخرى على أن لا بديل عن التفاوض مؤكدة على لسان عباس إن العودة إلى طاولة المفاوضات المباشرة قادمة. الوقاحة الإسرائيلية وصلت إلى أن تتبنى حكومة إسرائيل لأول مرة منذ عام 1967 نهج الترانسفير، أي ترحيل الفلسطينيين إلى خارج بلادهم، كحل للقضية الفلسطينية. هذا «الحل» كان مطروحاً في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي من قبل مجموعات متطرفة منعزلة في المجتمع الإسرائيلي، وعلى هامش الحياة السياسية الإسرائيلية، مثل جماعة الحاخام مائير كاهانا وحراس الهيكل وغيرها، لكنه الآن يتحول إلى سياسة رسمية معلنة لحكومة بنيامين نتنياهو. أمام هذا الهجوم الصهيوني والتقدم ـ في مجال الطرح السياسي على الأقل ـ نلحظ تراجعا وبؤسا في الخطاب الرسمي العربي يقف عند سقف مبادرة توماس فريدمان التي كتبها للملك السعودي عندما كان أميراً، وأقرتها قمة بيروت 2002، لتدخل في الثوابت العربية التي لا يمكن التنازل عنها، لماذا؟ لأنها بحد ذاتها هزيمة، ولن يقبل المهزوم أي تراجع عن هزيمته لأنه حينها سيبدو عاريا ومفضوحا كما هو في الحقيقة. الإعادة المستحيلة ما غاب عن ذهنية المحتل الإسرائيلي هو أن عام 2010 ليس أبداً مثل عام 1948، لقد مرت الكثير من المياه في انهار الحياة السياسية والاجتماعية العربية منذ تلك النكبة، ولن تستطيع إسرائيل إعادة ما فعلته عصاباتها الإجرامية بالتعاون مع النظامين العربي والدولي، فالمقاومة أولاً وقبل كل شيء لم تعد مرهونة بالجيوش المهزومة قبل أن تحارب، الجيوش التي ينخر فيها دود الفساد والإفساد، الدعامة الأساسية لهذه الأنظمة. المقاومة أصبحت معادلة يستحيل إزالتها من خارطة الفعل السياسي والجماهيري، ولم تعد شعارا تردده إذاعات العواصم النائمة على خيبتها. وقرار المقاومة أصبح بيد أبنائها، وليس مصادرا من أي مركز مالي أو سلطوي، وقد بصمت على تاريخ المنطقة وجغرافيتها عبر انتصارات بدأت عام 2000 بتحرير الجنوب اللبناني واستكملت في تموز 2006 بلبنان وكانون الأول 2007 في غزة التي لا تزال تخوض معركتها بشرف وتسطر ملاحم الصمود الأسطوري بوجه القمع والتجويع والحصار وخيانة ذوي القربى. هذا المعطى الذي طالما كان غائبا عن حسابات المستعمرين وأعوانهم هو العامل الأهم المستجد في المعادلة. صحيح أن حركة التحرر الوطنية العربية خسرت حلفاء مهمين بعد انهيارات أواخر القرن الماضي، لكنها الآن تقف على ارض صلبة، ومع حلف يبدأ بغزة وينتهي عند «الأخ» هوغو تشافيزـ حسب تعبير قائد المقاومة اللبنانية السيد حسن نصرالله ـ مروراً بسورية وإيران والعراق المقاوم للاحتلال، وبكل بلد اشتعلت فيه هبات الشعوب بعد أن وصل الطغيان الرأسمالي إلى ذروته التي تسبق نهايته الحتمية. لا نغفل خطورة الخطوة الإسرائيلية التي إن نفذت فستفرض تغييرا كبيرا في معطيات الصراع العربي الإسرائيلي، وستكون سابقة خطيرة في سياسة الاحتلال الصهيوني، ولا نغفل أهمية توحيد كل الجهود في وجه هذه الحملة التوسعية الاستيطانية وضرورة تجاوز الخلافات بين أبناء الصف الوطني الفلسطيني والعربي من اجل تصدٍّ ناجع للهستيريا العدوانية. كما إننا لسنا واهمين مطلقا بأي فاعلية ترتجى من النظام الرسمي العربي ولا من هيئة بان كي مون المتحدة، لكننا واثقون من قدرة الحركة الوطنية الفلسطينية بوحدتها على أساس برنامج المقاومة ونبذ القطط السمان، التي لم تعد تستطيع الفكاك من حبل السرة الذي ربطها بالاحتلال منذ أن ارتضت لنفسها دور الشرطي على الشعب الفلسطيني لحماية امن المحتل وتنفيذ مخططاته، وها هي الضفة الغربية حيث تدعي سلطة عباس سيادتها عليها توشك أن تتعرض لأوسع عملية إجلاء بعد النكبة، فيما رموزها يؤكدون أن لا خيار أمامهم سوى التفاوض إلى ما لا نهاية، بينما يستمر مسلسل الضم والقضم للأراضي الفلسطينية وتهجير السكان الأصليين أصحاب الأرض. ما تعد له إسرائيل اليوم مشروع نكبة جديدة، لكن للمقاومة وللشعوب كلمتها أيضاً، وهي الكلمة الفصل وعد الخالد


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني