PCP

يا عمال العالم اتحدوا

مداخلة الحزب الشيوعي الفلسطيني في مؤتمر حزب العمال البرازيلي

الأصدقاء الأعزاء:- لقد تميزت حقبة ما بعد الحرب الباردة ، بمتغيرات وتحولات نوعية كثيرة ومتعددة ، جاءت في معظمها على عكس ما اشتهى معسكر الرأسمالية وتمنى ، فقد أجهد هذا المعسكر نفسه بقيادته الأمريكية السنين الطوال ، وطن أنه نجح أخيرا ، في الانتقال بالوضع الدولي ، إلى حالة من القطبية الواحدة . تهيمن أمريكا من خلالها على العالم أجمع ، وأن التاريخ على رأي فوكوياما قد انتهى وسيتوقف عند هذه اللحظة ، وتحت تأثير مثل هذه الحسابات الخاطئة ، اندفعت الولايات المتحدة في مغامرات سياسية وعسكرية واقتصادية . مفجرة صراعات وبؤر توتر تكاد تعم وجه الكرة الأرضية. متسلحة بنظريات من وحي خيالها الامبريالي المتعطش دائما للهيمنة ونهب خيرات وموارد الشعوب ، فصنفت دول العالم : إلى دول مارقة ودول غير مارقة ، محور خير ومحور شر ، معتدلة ومتطرفة ، ولتبرر نهجها العدواني ، اخترعت ما أسمته الإرهاب دون أن تلتزم بتعريف محدد لهذا الإرهاب ، وعزت كل سلوكها وتصرفاتها له ـ وبذلك تكون قد استبدلت بتناقضها مع المعسكر الاشتراكي ، ومع كل قوى التحرر والتقدم في العالم ، لتبقي على مبررات تدخلاتها العسكرية في شؤون الدول والشعوب التي لا تسير على هواها ، ولا ترضخ لمشيئتها ، مثبتة بذلك صحة النظرية الماركسية القائلة بتناقض الرأسمالية والسلام العالمي ، فالسلم العالمي هو العدو الأساسي للإمبريالية ، ولذلك فإننا نشهد دائما توسعا في المغامرات العسكرية والتدخلات المسلحة ، التي تقودها الولايات المتحدة / في العراق ، وأفغانستان ، والسودان ، وباكستان ، وفي الصومال وفلسطين ولبنان وأخيرا ـ وليس آخرا ـ في هيتي حيث تستغل الاعتبارات الإنسانية (المساعدات بعد الزلزال) لخلق حالة من الاحتلال العسكري لتلك الجزيرة ، والأمثلة كثيرة ومتعددة ، ولا مجال لحصرها الآن ، لكن ما يجب التنويه إليه ، هو أن هذه المغامرات قد جرت ولا تزال تجر الويلات والكوارث السياسية والاقتصادية على كل الشعوب ومن بينها شعوب الولايات المتحدة نفسها . فالزلزال المالي العالمي ، الذي ابتدأ من واشنطن ونيويورك لا تزال آثاره تمتد وتتسع ليصبح نكسة اقتصادية عالمية يصعب كبحها ، لقد ضخت أمريكا في أسواقها ما يقارب الـ 800 مليار دولار مع ذلك لا يزال عدد البنوك التي تغلق أبوابها في تزايد مستمر ، ( لغاية الآن 148 بنكا في أمريكا وحدها) ومن بنها بنوك كبا جدا) وعدد الأمريكان الذين لا يزالون بدون تأمين صحي ويحتاجون لرعاية صحية يفوق الـ 46 مليون شخص . (هذا الرقم منذ عهد روزفلت سنة 1912 تقريبا ولم يطرأ عليه أي تغير يذكر) ونسبة البطالة في تزايد ، والكارثة الاقتصادية العالمية تتفاقم والتدخلات العسكرية الأمريكية تزداد يوما بعد يوم . وشعارات التغير التي أطلقها الرئيس أوباما ـ في حملته الانتخابية ـ تختزل اليوم في خطابات وعلاقات عامة فقط ، وحلف الأطلسي الذي فقد كل مبررات وجوده بدل أن يتلاشى يزداد اتساعا واستفزازا وأطماعا ، وبسبب كل هذه السياسات والممارسات يعيش العالم اليوم حاله من التوتر وعدم الاستقرار بشكل لم يسبق له مثيل حتى في أحلك أيام الحرب الباردة .وإلى هذه الحالة ترجع الأسباب الأساسية لظهور منظمات من نوع القاعدة والتي تكتسب مؤيدين يتزايدون بتزايد الشعور بالظلم والقهر والاستبداد الذي لا يزال عنوان الإمبريالية وسمتها الرئيسية. وفي منطقتنا (الشرق الأوسط) تقدم الامبريالية كل أشكال الدعم والتأييد لقاعدتها المتقدمة في بلادنا فها هي إسرائيل بمؤازرة الولايات المتحدة ، تعربد في المنطقة وتشن الحروب الظالمة على شعوبها وفي غضون سنتين تقريبا شنت عدوانيين بربريين على كل من شعب لبنان سنة 2006 والشعب الفلسطيني في غزة سنة 2009 فصواريخ طائراتها أصابت في غزة وحدها 60 ألف بيت ومصنع (3500) منها أصبحت أنقاضا ، وأكثر من 10 ألآلاف شخص لا يزالون لغاية الآن بلا ماء جاري ، و40 ألف بلا ربط لكهرباء و97% من مجمل مصانع ومشاغل قطاع غزة متوقفة عن العمل بسبب القيود الإسرائيلية على المواد الخام . وقد مرت سنة كاملة على التزام الجماعة الدولية في مؤتمر شرم الشيخ بـ 4.5 مليار دولار لإعادة بناء قطاع غزة ، وهذا المال يفقد قيمته بسبب الحظر الإسرائيلي المفروض على مواد بناء ، وقبل بضعة أيام فقط من مبادرة أطباء إسرائيليين لإنقاذ جرحا هيتي منعت السلطات الإسرائيلية في معبر إيرز 17 مريض عيون من الدخول إلى رام الله لزراعه عاجلة وضرورية لشبكات عيونهم لمجرد أنهم صوتوا لحماس في الانتخابات . في حين يعالج أطباء نفسيون إسرائيليون أيتام هيتي بإخلاص يحرص المراقبون الإسرائيليون على تفتيش الحاويات التي تعبر إلى غزة خشية أن يحاول أحدهم تخبئة دمية أو دفتر أو رزمة شوكلاته لطفل في غزة ، وفي القدس (الشيخ جراح مؤخرا) يؤمر السكان بإخلاء منازلهم ليسكن مكانهم يهود بدعوى أنها كانت ملكا لهم قبل عام 1948 في حين هذا القانون يمنع الفلسطينيين من المطالبة ببيوتهم التي هجروا منها قسرا أعوام 1948،1967. إن معظم شعوب العالم ، تدرك اليوم أخطار هذه السياسات وآثارها المدمرة على حياتها ومستقبل معيشتها ، ولذلك فهي تكن للإدارة الأمريكية كرها ومقتا شديدين ، هذا الكره الذي أصبح ظاهرة تقلق وتخيف المعسكر الرأسمالي برمته . ويزداد قلق وخوف قادة ومنظري الرأسمالية وهم يشهدون في المقابل تزايد وتنامي التحولات الإيجابية /السياسية / والاقتصادية / والاجتماعية في كثير من بلدان العالم ، التي انتهج قادة شعوبها سياسات وطنية تقدمية ، وأن هذه البلدان قد حققت انجازات ومكتسبات هامة ذات سمات اشتراكية واضحة . وأنها في طريقها لتشكيل نواه لمنظومة سياسية جديدة وناجحة ، مثل هذه الدول استفادت من تجارب ودروس الماضي ، ففي معظم بلدان أمريكا اللاتينية ، والعديد من بلدان أسيا وأفريقيا وأوروبا ، يجري تحول ملموس على الأرض وفي مدركات الشعوب التي باتت تقارن بين أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية الحالية والسابقة. الأصدقاء الأعزاء ، في حزب العمال ، إننا في الحزب الشيوعي الفلسطيني ـ مثل غيرنا ـ نثمن عاليا دور حزبكم ، والأحزاب المؤتلفة معكم ، في مختلف هذه التحولات ، المحلية منها والدولية ، وكلنا ثقة في أنكم كما نجحتم وحلفائكم في عزل الدكتاتورية العسكرية في بلدكم العظيم البرازيل ، ستنجحون حتما في عزل الدكتاتورية الاقتصادية وإنهائها، ونرى في نهجكم العام مثالا يمكن لقوى اليسار والديمقراطية في العالم أن تستفيد منه للخروج من حالة الضعف وفقدان الثقة ، التي جاءت أولا كنتيجة سلبية لموروث الحقبة السابقة ، وثانيا وهذا هو الأهم : لانتهازية مواقف بعض قادة اليسار الذين استغلوا بعض نواقص ذلك الموروث لأغراض أنانية ضيقة. إن قوى اليسار والديمقراطية ، بحاجة اليوم لوقفة مراجعة صادقة ، خصوصا وأن البشرية اليوم تقف اليوم على مفترق طرق فيه للاشتراكية مسرب واضح وبارز، وقفة تتطلب منها:- 1- تجميع قواها على الصعيدين : المحلي والدولي ، تجميعا ممنهجا. 2- طرح برامج سياسية واقتصادية واجتماعية تتماشى وآمال وأحلام شعوبها. 3- إقامة تحالفات وعلاقات ائتلافية مرحلية وإستراتيجية داخلية وخارجية. إننا أيها الأصدقاء الأعزاء ـ في حزبنا الشيوعي الفلسطيني نولي أهمية كبيرة لكل المتغيرات الجارية الآن على الساحة الدولية ، ونعمل بدون كلل أو ملل للاستفادة منها ومن مختلف متجهاتها، لحسم الصراع في بلدنا فلسطين مع المحتل الغاشم ، لإنهاء احتلاله لأرضنا عام 1967 لصالح الحق والعدل والمساواة ، وصالح شعبنا الفلسطيني والإسرائيلي ، على قدم المساواة ، وباتجاه تفويت الفرصة على أعداء شعبينا الطبقيين للتلاعب بمقدرات ومصائر الشعبين ، وهنا فلا يسعنا إلا أن ننوه بأننا نفرق دائما بين الأطراف المتباينة في كل من الجانبين، نفرق بين أطراف ارتبطت مصالحها الشخصية بالمشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني ـ فلسطينيا وإسرائيليا، وبين أطراف ارتبطت أهدافها بالمصالح الوطنية والأممية ، وهذه هي الصعوبة الحقيقية التي يواجهها حزبنا في فلسطين (محليا على مستوى السلطة المسماة بالوطنية) وخارجيا على مستوى الأنظمة الحاكمة /العربية وغير العربية ، ذات الصلة بالقضية الفلسطينية) ، وكلها تقف من حزبنا موقفا مناهضا لا يقف عند محاصرة الحزب ماليا والتضييق عليه أمنيا ، دائما تهدف إلى تقليص دوره المتنامي وإبعاده عن دائرة التأثير والفعل المحلي والخارجي، ومع ذلك فإن حزبنا أيها الأصدقاء الأعزاء ، يزداد يوما بعد يوما قوة وصلابة واتساعا بين جماهير العمال والفلاحين ، الذين يرون فيه المدافع الحقيقي عن مصالحهم والنصير الفعلي لقضاياهم. نحن نفهم جيدا المنطلقات الطبقية لمن يناصبون حزبنا هذا العداء ، ولكننا نعلم أن الكثيرين من أبناء شعبنا ومن شعوب البلدان الأخرى الشقيقة والصديقة يقفون إلى جانبنا ، دعما ومناصرة ومن تعاطفهم ودعمهم نستمد قوتنا وصلابتنا ، ويزداد إيماننا بحتمية انتصار قضيتنا وسنبقى نشد الأحزمة على البطون حتى يتحقق لنا النصر. رفاقكم في الحزب الشيوعي الفلسطيني


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني