PCP

يا عمال العالم اتحدوا

انتخابات العراق: بين سلطة الاحتلال واحتلال السلطة

يستمر ماراتون الانتخابات وسط عمل للأجهزة الأمنية التي يتوقف ولاؤها على مكان عملها, أما كاشفات المتفجرات فقد ظهر أنها فاسدة نتيجة صفقات بملايين الدولارات مع الشركات الأميركية والبريطانية,أما الحكومة فعاجزة عن حل أي مشكلة حقيقية من مشاكل العراق المتفاقمة ،لأنها بالأصل حكومة داخل المنطقة الخضراء فقط . إذن , فبعد ماراتون مطول من التجاذب والاجتثاث والاتهامات توافق المتحاصصون على نسب الغنائم وضمانات عدم ضياع أي مقعد من مقاعدها ، فكل مقعد غنيمة لها مالها وليس عليها إلا أن تتوافق مع إرادة المحتل الضامنة الوحيدة للبقاء في السلطة بانتخابات أو دونها ! زادوا عدد المقاعد بمقدار 50 مقعدا ـ من 275 إلى 325 ـ لتوزع على جميع المشتركين بإشراف الراعي الأميركي المكلف بالملف العراقي جو بايدن ! عملية سياسية ناتجة عن تزاوج الاحتلال مع الفساد الجارف ، وهنا الحديث عن الفساد مثبت دوليا حيث تحصل دولة العراق على شهادة جديدة ومكررة من ـ منظمة الشفافية العالمية ـ تعلن فيها أن العراق وأفغانستان والصومال هم أكثر دول العالم شذوذا وفسادا وفشلا وإهدارا ! وورد هذا في التقرير السنوي الذي صدر مؤخرا عن المنظمة المذكورة والمشفوع بأرقام وملاحظات مذهلة عن الإهدار والرشاوى وغياب الرقابة والمحاسبة وعن تواطؤ القائمين على الأمر وانغماسهم في هذه الأعمال التي تسري من القمة للقاعدة وهو يمتاز بكونه فسادا شاملا ومتداخلا ! نجد أن هناك ربطا سياميا نسبة للتوائم بين الحالة التي تعيشها أفغانستان والعراق ، فهذين البلدين يعايشان جوهراً واحداً ـ احتلال أميركي فاسد ومفسد ومحاولة إقامة دولة مصطنعة تلائم مشيئة المحتل ـ في ظل ظروف متشابهة رغم الفوارق الكبيرة بين حجم الإهدار ومقدار سيولة الفساد المستشري وتلازمه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، والاختلاف النوعي بين التطلع المقاوم في كلا البلدين بحكم اختلاف البنى التحتية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بينهما ، المفارقة انه ورغم هذا الاختلاف لكن محصلة الظروف المتشابهة التي يعيشها البلدان تعطي نتائج تكاد تكون متطابقة ، ففي العراق ثروات متراكمة ثابتة ومتحولة وجارية من العوائد المجزية لاقتصاده الاستخراجي وتحديدا من بيع النفط الخام والتي يقابلها في أفغانستان عوائد إنتاج الأفيون ورشاوى جحافل المحتلين أنفسهم ! الحقيقة أن الفساد العراقي أعظم وأكثر إجراما وذلك لأنه لا يبدد الثروات المادية فقط وإنما الثروات الحضارية الوطنية والثقافية أيضا، والتي لا تقدر بثمن حيث يجري القتل العشوائي و المنظم للكفاءات والعقول والخبرات والمناخات الإنتاجية الطبيعية لها، وإجبار البشر على الهجرة لتفرغ الساحة من أثمن رأسمال يمكن أن يملكه أي بلد إلا وهو الخبرات المتخصصة وفي كافة المجالات ـ أساتذة المدارس والجامعات ، الأطباء ، المهندسين ، الصيادلة ، العلماء ، الطيارين ، ومبدعي الأدب والفلسفة والفكر ، وعلماء الاقتصاد والسياسة واللغات ووو ـ ففي العراق الفاسد اليوم نجد تدهوراً شاملاً في التعليم , الرداءة والقحط في البنى التحتية ـ فأصبح التزوير هو السمة العامة، ولم تعد الشهادة الجامعية العراقية معترف بها ، بل حتى امتحانات البكالوريا لم تعد يعتد بها بين المراحل ما قبل الجامعية ، انه الانحدار الشامل الذي يتسرب وبسرعة ليشمل المناهج أيضا ـ لا تعليم إلزامي ولا مجاني ولا هم يحزنون ، كما لا تطبيب ولا دواء مجاني ولا خدمات عامة فكل شيء فاسد ، حتى مكونات البطاقة التموينية يتسرب الفساد لمكوناتها , وسجلات حصص البطاقة التموينية يتم حلبها ، فهناك مسجلون إما هجروا أو قتلوا أو خرجوا ولم يعودوا ، وهم بمئات الآلاف بل بالملايين ، على الورق يحسبون وكأنهم حاضرون ، أما حصصهم فيستلمها عنهم المستلمون ، وبحسب إحصاءات دولية محايدة فان أعداد القتلى العراقيين منذ الاحتلال وحتى الآن أكثر من مليون إنسان ، فكيف يبقى عدد أصحاب البطاقات التموينية وبتزايد متناسب مع متوسط الزيادة السكانية الطبيعية 3% ولكل عام حتى يبقى الرقم 32 مليون نسمة محافظا على نفسه ؟ حتى الآن لا توجد إحصائيات لحساب النفط المصدر ، حتى الآن لا يعرف كميات النفط التي تنتج من الحقول الواقعة تحت تصرف أقطاب الحكم، والتي تباع بالسوق السوداء! ليس للفساد حدود انه يتلف كل شيء ، وما بني على فساد فهو فاسد ! بالمحصلة لا يمكن للعراق النهوض مجددا إلا إذا تحرر من الاحتلال الغاشم لأن وصاية المحتل الأمريكي وإشرافه على كل تفاصيل العملية السياسية الجارية بما فيها الانتخابات المزمع انجازها هذه الأيام فان نهج المحاصصات الذي ابتدعه المحتل نفسه سيؤدي حتما لتقويض العملية برمتها أو تقسيم العراق كتحصيل حاصل ، ويبدو أن هذه النتيجة هي المطلوبة على الأمد المتوسط ، إذا اعتبرنا ان الانسحاب الأمريكي الموعود سيكون في الأمد القريب ، والذي لا يريد له أن يكون هو المسؤول مسؤولية مباشرة عن النهاية المطلوبة للعراق الجديد وتحت رعاية أمريكية غير مباشرة !فالتدخل مباشر وغير مباشر ـ تواجد شبه دائم للسفير الأمريكي في مداولات البرلمان العراقي ، اتصالات اوباما وجو بايدن المستمرة ، الدور المباشر لقائد القوات الأمريكية في العراق ـ وأخيرا سترحل المشاكل العالقة أو بالأحرى الفاصلة ـ إحصاء سكاني ، قانون للأحزاب ، قانون النفط والغاز ، وقبل كل هذا تعديلات الدستور ـ إلى حيث التوقيتات الأمريكية الجديدة ! أخيرا فإن الملفت أن الآثار الجانبية للأوضاع المتفاقمة تصب لمصلحة القوى المقاومة للاحتلال وعمليته السياسية خاصة إذا ما بقيت جمرة المقاومة متقدة.. كفاح عبد الجبار


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني