PCP

يا عمال العالم اتحدوا

حتى الآن .... لا أحد يريد أن يعتبر

رغم مرور أكثر من ستة عشر عاما على نهج المفاوضات التي أعقبت أوسلو والتي وجد أحد أبرز مؤيديها ـ بعد أن أحبطته المراوغات والعجرفات الإسرائيلية ـ وجد نفسه مضطرا لوصفها بالعبثية . برغم كل التنازلات التي قدمها الفريق المفاوض، وبرغم كل الدروس التي بات يحفظها عن ظهر قلب كل أبناء الشارع الفلسطيني ، وبرغم كل مآسي الفرقة والانقسام التي بات يحفظها عن ظهر قلب دامي كل أبناء الشارع الفلسطيني ، وما تسببت به من خسائر سياسية وغير سياسية وكادت تطيح بالمشروع الوطني التحرري . وبالرغم من كل مطالبات ومناشدات الأصدقاء والحلفاء وأحيانا الغرباء ، لا تزال الأطراف المعنية تصم آذانها ، وتغمض عيونها عن كل مدخلات ومخرجات الحقبة ، ولا أحد من قادة وزعامات هذه الأطراف يريد أن يأخذ العبرة مما جرى ويجري ، كأن بينهم وبين قواعد السياسة وقوانين المنطق ، ونواميس الطبيعة عداوة تفوق في ضراوتها عداوات الجاهلية الأولى ، أو أنهم من الغرور والغطرسة بحيث أنهم يرون كبير غضاضة في وقفة مراجعة يأخذون منها الدروس والعبر ، مع أن الكثير من الحقائق تكاد تفقأ أعين المتغطرسين . منها انتصار شعبنا في غزة ، في حربه الغير متكافئة تحت أي اعتبار مع غزاته الصهاينة المجرمين ، وهي أمثلة كثيرة لم يفلح ولا مثال واحد منها بإقناعهم ـ ولو مرة في العمر ـ لمراجعة مواقفهم وسياساتهم ، مثل هذه الغطرسات الرعناء لها معنى واحد لا غير ، وهو أن قيادات هذه الأطراف لا تعنى بالجماهير ولا تؤمن بها وبقدراتها ، قيادات بعضها يتمترس وراء شرعية تاريخية على وشك أن تبلى. وقيادات تتمترس وراء شرعية انتخابية تعرف هي نفسها مدى صدقيتها وحقيقة تمثيلها، قيادات ينم سلوكها عن تشبث فاضح بمكاسب حركية أغلبها يفتقر لأي سبب بمقدور أحد أن يفهمه على أنه غير ذاتي وغير فصائلي وغير ضيق ، أما تلك الأحزاب والتنظيمات التي يدور بعضها في فلك هذه الحركة أو تلك ، فإنها لا تقل قصورا في فهم مقتضيات المرحلة ـ هذا إذا أحسنا الظن واعتبرنا الأمر مجرد قصور لاغيرـ . من هذا المنطلق (منطلق حسن الظن) نجد أنفسنا ـ في الحزب الشيوعي الفلسطيني ـ على حق حين نطالب طرفي الصراع ، كل على حدة ، بوقفة مصارحة ومراجعة للنفس ، أولا ومن ثم التوجه لحوار جاد ومخلص وشفاف مع الآخرين ، لانجاز ما توصلت إليه شعوب مكافحة نعيش بعض تجاربها ، ولم تحرز انتصاراتها إلا عبر جبهة وطنية أقامتها على أسس من التوافق الداخلي ، وجمعت في إطارها كل الأحزاب والحركات والفصائل التي جمعتها بؤرة التناقض المشترك مع العدو الرئيسي ، وفي حالتنا هو المحتل الصهيوني الاستيطاني البغيض. لقد حان الأوان لانعطافة نوعية في كل المسارات المتباينة ، لتنتظم كلها في مسار واحد مشترك تتعاضد فيه كل القوى بالحدود القصوى من جهودها ، وتتلاشى فيه المتناقضات ، وتتسع فيه آفاق الإمكانات أمام كل ظرف ، فلا يعدو طرف يرى مجرد وقف المفاوضات هو حده الأعلى في حين يغامر طرف آخر ببعض الشعارات الغير قابلة للتطبيق ، لا بد من انعطافه في كل المواقف ، تقوم على فهم المتغيرات الايجابية منها والسلبية ، والاستفادة المشتركة من الإيجابي ، ونبذ السلبي ، والتعامل مع هذه المتغيرات ، بنفس جبهوي ، وبمنظور المصير المشترك الذي سيواجه الجميع سلبياته إذا بقوا يركبون رؤوسهم ويسدرون في أهوائهم الخاصة. ثمة قواسم مشتركة كبيرة وكثيرة ولا تزال تصلح لبناء موقف مشترك حولها وفي إطار وصيغة جبهة وطنية تتعاون وتتكامل فيها كل الاتجاهات ، وتتفاعل معها كل النظريات من شتى الأطراف ، ولعل في عدونا المشترك المثال الأكثر وضوحا فمن يتابع الخارطة السياسية الحزبية لديه ، يجدها منذ ولاية نتنياهو الأولى عام 1996 تسير في اتجاه التناغم والتكامل للتجمع حول الهدف الاستراتيجي الواحد ، ألا وهو دعم وصيانة المشروع الصهيوني العنصري الرجعي المتطرف. بقلم الرفيق عمر الدجاني عضو الكتب السياسي للحزب الشيوعي الفلسطيني(مجلة الوطن الجلة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني