PCP

يا عمال العالم اتحدوا

عن الفساد

منذ بدء الخليقة والتاريخ يعلمنا الكثير عن ظاهرة الفساد ، حيثياته ومبرراته ، كالمقاربة بين الخير والشر ، الفضيلة والرذيلة بدءا بقابيل و هابيل مرورا بمختلف الحضارات والأعراق والأديان التي عبرت عنها بطرق مختلفة ، علما بأن جوهر الأديان كافة هو تهذيب النفس البشرية وصقلها وتبشيرها بالثواب والعقاب "بالجنة والنار " الخ ...... إن مظاهر الفساد كثيرة ومتشعبة ومبرراتها أيضا مختلفة ، وأعراضها كأي مرض لا يقتصر على وجه معين ، فمن السرقة والغش والرشوة والابتزاز والواسطة والمحسوبية والإيقاع بالآخرين من أجل المنفعة الخاصة إلى استغلال النفوذ والسلطة والمركز، ففي الأنظمة الأكثر تطورا ، يوجد قوانين صارمة لإدارة شؤون المجتمع ومن ثم عواقب جدية للمخالفين ، بالرغم من ذلك يوجد عشرات بل مئات الوسائل للالتفاف على تلك القوانين والإفلات من العقوبات من خلال ثغرات موجودة هنا وهناك في تلك القوانين ، حتى لو أدى إلى ابتكار آليات لتفادي الوقوع تحت طائلة القانون. أما في الدول النامية أو ما يسمى بدول العالم الثالث فحدث ولا حرج استشراء الفساد أصبح من الظواهر المألوفة ، من قاع المجتمع حتى رأس الدولة المستعدة لبيع ثروات الوطن أو الوطن كله من أجل الاستغناء والاستئثار بالنفوذ على حساب جماهير شعوبها المسحوقة ، أما في عالمنا العربي والإسلامي حيث وجود كل آفات المجتمع ، من الظلم الاجتماعي إلى القهر السياسي والتسلط التام على معيشة وأرزاق العباد لدرجة أصبح يطلق فيها على بعض هذه الدول بالدول الفاسدة والأمثلة كثيرة. لقد ضرب الفساد عالميا جذور عميقة ، وبات يشكل خطرا مستطردا ، مما استدعى القوى الحية في العالم لدق ناقوس الخطر ، والتنبيه من مخاطر هذا الوباء الاجتماعي الفتاك ، وأعلن يوم في كل عام عن "يوم الفساد العالمي" ، تقام فيه الندوات والمحاضرات وتقوم فيه الدراسات الجادة للتخفيف من آثار هذه الأزمة الخطيرة. ففي شهر ديسمبر من العام المنصرم ، تم ترتيب لقاء بهذه المناسبة في وطننا الحبيب فلسطين ، حيث الفساد ضارب أطنابه وناخر جميع أركان المجتمع من البيت ، المدرسة و الجامعة ، مكان العمل حتى قمة هرم السلطة ، والآخذ بالتفاقم من يوم لآخر حتى أخذ يهدد مستقبل الأجيال الحالية والقادمة ، التي فقدت الثقة في حاضرها ومستقبلها وباتت تتطلع إلى هجرة الوطن كما جرى مع عشرات الآلاف من الجيل الشاب. ومن المثير للسخرية أن أقدمت "وجه السحارة السياسية" تماهياٌ مع ما جرى في العالم لترتيب هذا اللقاء في مدينة رام الله ، التي يطلق عليها البعض "عاصمة الفساد " ، والملفت للنظر في نفس الوقت أن الغالبية الساحقة من القائمين على المؤتمر ومن الحضور هم من ذوي المراكز العالية وأصحاب السيارات الفارهة والملابس القيمة، هم أصحاب الوجوه الكالحة والألسن المتلعثمة ، والتي لا تعرف غير الفساد دينا وحيدا لها ، مما حدا بأحد الصحفيين المتواجدين في الموقع بالتساؤل وبصوت مسموع ومشروع هل هذا مؤتمر عن الفساد؟؟ أم مؤتمر للفاسدين؟؟؟؟ مرة أخرى لك الله يا فلسطين بقلم الرفيق أبو تيمور(مجلة الوطن المجلة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني