PCP

يا عمال العالم اتحدوا

تقرير «فاسد» عن الفساد العالمي

تقرير «فاسد» عن الفساد العالمي لا يتعدى التقرير العالمي للفساد كونه كذبة كبرى، لا مبرر له إلا من جانب الجهات الدولية التي أصدرته، والتي باتت تقدمه جائزة ترضية لبعض الحكومات للتفاخر به كأحد «انجازاتها» على قدر إطاعتها ومطواعيتها، وذلك من خلال تحسين ترتيبها على سلم الفساد العالمي، ولذلك لا تعد هذه التقارير تقييماً فعلياً لحقيقة الفساد الذي تعاني منه هذه البلدان، وخصوصاً في العالم الثالث والوطن العربي الذي يعج بملفات الفساد الكبرى التي لا يسمح الوصول إليها أو الحديث عنها، فكيف ستكون الحال إذا ما افترضنا الانتقال إلى إمكانية محاسبتها أو التلميح به؟! حيث إن اغلب ملفات الفساد التي يتم كشفها والحديث عنها لا تتم ملاحقتها أو محاسبة الأشخاص المستفيدين منها، ولذلك فإن هذا التقرير يشبه برنامج الاليكسا الذي يستخدم لتقييم وترتيب مواقع الانترنت على المستوى العالمي، والذي بات معياراً زائفاً لتقييم المواقع الالكترونية، والتي باتت اليوم مهووسة بزيادة عدد النقرات (hits)، وهي سهلة التسجيل، فمن الممكن أن يحقق الموقع عدداً كبيراً منها بنسبة تصفح قليلة. لأنه لا يقيس التصفح وإنما مجرد الدخول. وبالعودة إلى تقرير الفساد العالمي للعام 2009، فقد صنف سورية بشكل لا يخلو من مجاملة، ووضعها في المرتبة 126 عالمياً من أصل 180 دولة، وذلك مقارنة بالمرتبة 147 التي احتلتها في العام 2008، بينما كانت في المرتبة 97 عالمياً في العام 2006. إن ترتيب سورية الحالي على سلم الفساد العالمي -رغم تحفظنا على طريقة القياس- لا يعني بكل الأحوال أن هناك تطوراً سورياً في مجال مكافحة الفساد واقعاً، كما تحاول الأوساط الحكومية ومن بجانبها تصويره، لأن أي متابع لمسيرة الفساد في سورية لا يستطيع أن يرى أي تقدم في مجال مكافحة الفساد في هذا العام مقارنة بالعام الذي سبقه، فالفساد لا يزال ينخر عظم الاقتصاد السوري بكافة قطاعاته ومنشآته، فهناك الكثير الكثير من الأسئلة غير المنتهية التي لا بد من طرحها عند الحديث عن تقدم سورية في ترتيب الفساد عالمياً وأهمها: هل تطورت الشفافية السورية في التعاطي مع ملفات الفساد المختلفة؟! فإلى اليوم تصر الحكومة السورية على تجاهل تحديد ووضع مؤشر تقريبي واحد عن فاتورة الفساد اليومية التي يتكبدها الاقتصاد السوري!! وهل تساءلت الحكومة السورية التي تدعي الإصلاح، وبحجته، تقوم بطرح الشركة والمؤسسة العامة تلو الأخرى للاستثمار والخصخصة بداعي الخسارة، عن المسبب الفعلي لها، أليس الفساد المسبب الأساسي لهذا التراجع والخسائر المتتالية في كافة مؤسسات الدولة؟!! هذا الفساد الذي استشرى في كافة مؤسسات وشركات القطاع العام، وتضافرت جهود الإدارات المتعاقبة على كافة مستوياتها لإبقائه، بل إنها ساهمت في زيادة حجمه وسلطته في مؤسسات الدولة، بدلاً من ملاحقة صقوره، والحد من سلطتهم ونفوذهم، ومنعهم من استثمار أموالهم المنهوبة من جيوب الشعب السوري في مشاريع وشركات تتمتع بكامل الشرعية والامتيازات والإعفاءات الضريبية وغيرها؟! فهل توقفت الرشوة العلنية في مؤسسات الدولة؟! وهل بات التعيين الوظيفي في مكاتب الشؤون الاجتماعية والعمل خارج الواسطة والمحسوبية؟! وهل تؤمن فرصة العمل بأقل من 100 ألف ليرة في مؤسسات الدولة؟! وهل توقف التهريب العلني للمازوت الذي تتغاضى عنه الجهات الأمنية المحلية المستفيدة في أحيان كثيرة؟! وهل توقفت الجمارك السورية عن إدخال كل ما هو مهرب وغير قانوني إلى البلد؟! الإجابة عن هذه الأسئلة، وغيرها الكثير من علامات الاستفهام الكبرى خير دليل على زيف ادعاءات هذا التقرير وسابقاته من التقارير الدولية، التي تفتقد للدقة والموضوعية والمقاييس السليمة في تحديد حقيقة الفساد الموجود. كما وأن التطور الحقيقي في ترتيب الفساد يجب أن يكون أولاً، من خلال الكشف عن ملفات الفساد الكبيرة قبل الصغيرة، دون منح صاحبها أي غطاء أو حماية من أي جانب، وذلك عبر السماح للصحافة والإعلام بالكشف عن هذه البؤر الفاسدة دون أن تتعرض للمنع أو الحجب. وثانياً، عبر محاسبة هؤلاء المفسدين على إفسادهم، واسترجاع أموال الفساد، وذلك من خلال اتخاذ إجراءات قانونية تحاسب الفاسدين، وتحد من حجم الفساد المرتقب والمفسدين المحتملين. وهذا لم يحدث إلا في حيز صغير يكاد لا يرى، رغم كل المحاولات الحكومية لتضخيمه. (حسان منجه)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني