PCP

يا عمال العالم اتحدوا

الثمار المرّة لأوسلو .. لعبة الاعتذار السمجة

الثمار المرّة لأوسلو .. لعبة الاعتذار السمجة اللعبة ذاتها تكررت في أكثر من بلد عربي عندما تصل أخطاء المسؤول الأول إلى حدود الكارثة الوطنية ولا يعود كلام المتزلفين والمتملقين يستر عورته، فيدفع بورقته الأخيرة. . .التلويح بالانسحاب، الاستقالة في حالة عبدالناصر، وإعلان عدم الترشيح في حالة علي عبدالله الصالح، والآن مصطلح جديد رخوي كأصحابه «عدم الرغبة في الترشيح» هكذا قرر مختار رام الله المدجج بالألقاب: رئيس اللجنة التنفيذية لـ م ت ف وقائد حركة فتح ورئيس سلطة أوسلو، وربما عده البعض كما كان يسمى المرحوم أبو عمار القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية. فقد ابلغ محمود عباس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية لحركة «فتح» عن عدم رغبته بترشيح نفسه في الانتخابات المقبلة التي حددها في 24/1/2010 بسبب إحباطه الشديد من الموقفين الإسرائيلي والأميركي تجاه عملية السلام. اعتذار أم تهديد؟ «عدم الرغبة» ليس انطلاقا لمراجعة سياسية للنهج المدمر الذي اختطته مجموعة أوسلو منذ حوالي عقدين من الزمن، وليس اعترافا بفشل كل السياسات والمراهنات التي بنى عليها هؤلاء سياساتهم وخططهم وكانت النتيجة باعتراف عباس نفسه: خذلونا. . . . لم يقم عباس بالاعتذار من الشعب الفلسطيني، من شهدائه وجرحاه وأسراه، من الأرامل والأيتام والمشردين. . .. عن كل خطاياه ومجموعته بحقهم، لم يعدهم بأنه سيحاول التكفير عن تآمره مع الأعداء خلال العدوان على غزة، وعن خضوعه لمطالب أمريكا التي هي مطالب إسرائيلية في ملاحقة المقاومين وسجنهم بل وتصفيتهم أيضاً، وفي سحب تقرير غولدستون ثم اضطر لاحقا إلى طرحه على مجلس حقوق الإنسان بعد العاصفة الفلسطينية التي هبت في وجهه. . .لم يعدهم انه سيقدم التماسا إلى الصف الوطني بقبوله مرة أخرى ولو بصفة ضيف شرف . .. «تهديد» رئيس سلطة أوسلو كان موجها لأسياده، الأمريكان والإسرائيليين والمعتلين ـ وليس المعتدلين ـ العرب . . .تهديد بترك الساحة لآخر هو إما بديل وطني مطلوب شعبيا ومرفوض أمريكياً وغربياً، أو ورقة أخرى أكثر رداءة من سابقتها ولا تلبث أن تحترق . .. . لم يعد وجهه يحتمل اللطمات، لم يبق مكان للديماغوجية، حتى المطلب البائس بتجميد الاستيطان لم يلق قبولا لدى إسرائيل ووافقتها أمريكا بلسان وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون حين أكدت على ضرورة بدء المفاوضات بلا شروط وردد النغم ذاته وزير خارجية مبارك. . . الهروب إلى المجهول تركوا عباس عاريا تماما . . . . .بعد أن صدق كلام أوباما بأنه سيجمد الاستيطان فوضع ذلك شرطا للبدء بالتفاوض (العلني طبعا لأن كل مسيرة أوسلو كانت مفاوضات في الظلام ونتذكر المقلب الذي أكله الوفد الفلسطيني ورئيسه المرحوم حيدر عبدالشافي في مفاوضات مؤتمر مدريد بعد الإعلان عن اتفاق أوسلو بينما كان الوفد الكبير ينسق مع السوريين والأردنيين بتلازم المسارات). يعرف عباس مدى «حب وتأييد» الشعب الفلسطيني له، ويعرف المأزق الذي أصبح فيه، ويعرف ان من جعله يصعد الشجرة هو الوحيد الذي يمكن أن يؤمن له نزولا مقبولاً، وهو الراعي الأمريكي الذي سارع إلى مديح عباس بعد الإعلان عن «عدم الرغبة في الترشيح» وأكد على أن الأمريكان سيتعاونون معه أينما صار . .. اكتشف اللعبة العربية القديمة الجديدة . .. الاستقالة أو التلويح بها، لكنه لم يصل إلى جرأة الاستقالة بل لمح إلى عدم ترشيح نفسه تاركا المجال واسعا للعودة، وهو عائد بعد ان تقوم أجهزته الأمنية وأعوانه بإنزال الجماهير المطالبة ببقائه إلى الشارع، وسيستجيب ـ على مضض ـ لرغبة الرعية . .. . بعد أن يتلقى جرعة مسكن من رعاته الأمريكان وأذيالهم عرب الاعتدال. خيارات أخرى لوح بها البعض مثل قرار حل سلطة أوسلو وترك فراغ في الضفة الغربية سيضطر الاحتلال الإسرائيلي إلى ملئه والعودة إلى إدارة الضفة، او التلويح بتحركات شعبية وانتفاضة أخرى وهذه بالذات بعيدة عن تفكير وطبيعة السلطة التي دخلت عبر بعض رموزها في شراكة اقتصادية وأمنية مع الاحتلال وبالتالي فان أي خطوة يقدم عليها محمود عباس لن تخرج عن إطار التدلل والتذلل لسادته. ما حصل حتى إعداد هذه المادة يبدو سائرا في هذا الاتجاه، فقد قال ياسر عبد ربه اليساري المرتد واحد رموز النهج التفريطي إن اللجنة التنفيذية لـ م ت ف «قررت بالإجماع أن يكون الرئيس عباس مرشحها للرئاسة في الانتخابات العامة المقبلة». وأضاف: «عبرت اللجنة عن عدم موافقتها على توجه الرئيس للإعلان عن عدم ترشحه في الانتخابات المقبلة وأكدت ثقتها به، وأنه المرشح الوحيد ليس فقط لفتح وإنما لكل فصائل العمل الوطني المنضوية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية». وتابع: «هذا قرار وطني اجماعي. نحن كلنا ثقة وأمل بأنه سينظر إلى القرار بأهمية خاصة في هذه اللحظة» وخرج موظفون وطلاب إلى شوارع رام الله مطالبين ببقاء عباس مرشحا.... ولم يبق إلا أن يستجيب «الرئيس». إذا افترضنا جدلا أن عباس سيصر على انسحابه من الحياة السياسية ـ وهو خير له ـ فان البدائل المطروحة له هي أسماء أكثر انغماسا في العمالة والانقياد لرغبات الأمريكي والإسرائيلي. . .هناك محمد دحلان وسلام فياض المرشحان الأقوى للحلول محل عباس ...عفواً... فليبق عباس... هل ستنطلي هذه اللعبة السمجة فعلاً على الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية الشريفة؟ الجواب الأكيد هو لا. أنها لعبة ميتة كأصحابها وهذا السقوط المذل لرموز الاستسلام والتخاذل يجعل مهمة وحدة الحركة الوطنية الفلسطينية على برنامج وطني مقاوم تزداد الآن إلحاحا وراهنيه لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس وطنية مقاومة تنبذ العملاء وخدم الاحتلال وتعيد المنظمة إلى تاريخها وموقعها الوطني النضالي حتى التحرير والعودة وإقامة الدولة المستقلة.


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني