PCP

يا عمال العالم اتحدوا

الإدارة الأمريكية «الديمقراطية» والسياسة المنافقة

الإدارة الأمريكية «الديمقراطية» والسياسة المنافقة إن المتتبع للسياسة الأمريكية في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط والأدنى، خصوصاً هذه الأيام، والتصريحات التي تصدر عن مسؤوليها بدءاً من الرئيس باراك أوباما ووزير خارجيته السيدة هيلاري كلينتون، قد يصاب بنوع من التشويش البصري لكثرة تأرجحها وتقلبها بغية وضع المُشاهد والمُستمع في دوامة من التحليلات والتكهنات التي تؤدي به إلى فقدان البوصلة وإضاعة الهدف كمهمة ديماغوجية «تضليلية» يروّج لها الإعلام الناطق بالعربية، والذي ينهل من منابع (الصديق مردوخ الصهيوني!!) فقبل عدة أشهر قال الرئيس أوباما: «إن جرائم الإبادة الجماعية للسكان في إقليم دارفور لا يمكن السكوت عنها». ثم عادت هذه الإدارة الأمريكية هذه الأيام لدغدغة المشاعر السودانية، وطالبت بعودة العلاقات الطبيعية معه، وحذف اسمه من قائمة الدول الإرهابية بالمقياس الأمريكي علـّها تحصل على امتيازات للتنقيب عن بعض الثروات الباطنية وخاصة البترول بإزاحة الصين أو غيرها. وعندما تحرك الإصلاحيون في إيران على خلفية الانتخابات الرئاسية هناك لإحداث تغير نوعي في طبيعة النظام الإيراني الحالي والمعادي لأمريكا وإسرائيل، عندها نفت الإدارة الأمريكية أية علاقة لها بما يجري في إيران، ثم تراجعوا وقالوا بأنهم أخطأوا في عبارة (الرئيس المنتخب) فهو قد لا يكون شرعياً! ومن ثم حث المعارضة وتجييشها بشكل علني، وعلى كوريا الشمالية وقف الاستفزاز! لأنها تحصن قواها الدفاعية، والتفتت هذه الإدارة إلى أمريكا اللاتينية تتلمس الخطر القادم منها على مصالحها الإمبريالية فكان انقلاب هندوراس باكورة هذه الالتفاتة حيث روّج الإعلام بداية إلى عدم رضا أمريكا عن الإطاحة بالرئيس المنتخب وقد تبين لاحقاً كذب هذا الإدعاء. إن الاعتقاد ولو للحظة واحدة بأنه يمكن استمالة الإمبريالية الأمريكية أو الوثوق بها هو باطل الأباطيل ووهمٌ لا فائدة منه، فهذه الإمبريالية وعلى طول الخط منسجمة مع ذاتها، وبشكل مطلق، أي هي منسجمة مع مصالحها الطبقية أي مصالح شركاتها الاحتكارية في العالم، وهي تعتبر إسرائيل جزءاً أساسياً من تركيبتها الإمبريالية بسبب الاندماج بين رأس المال المالي اليهودي وشريكه الأمريكي، فقبل أيام صدر تقرير عن (هيومن رايتس ووتش) والذي يحقق في جرائم الحرب الإسرائيلية على غزة، جاء فيه: «إن إطلاق صواريخ فلسطينية على مدنيين إسرائيليين هو جريمة حرب»!! هل رأيتم أو سمعتم انحيازاً واضحاً وصريحاً لجانب العدوان أبلغ من هذا؟؟ بينما تدمير قطاع غزة بأكمله (بشراً وشجراً وحجراً) ليس جريمة حرب!!! هذه هي الإمبريالية الأمريكية وعلاقتها الاندماجية بالصهيونية ودولتها إسرائيل، ولا يغرنكم ما يطلقونه من تسميات حقوق الإنسان، المحكمة الدولية للجنايات ... وصولاً إلى مجلس الأمن الدولي الحالي ... حيث تهيمن عليه الإمبريالية العالمية وخصوصاً الأمريكية ترغيباً أو ترهيباً. إن المحاولات التي تبذلها الإدارة الأمريكية الحالية بتركيبتها اليمينية بالمفهوم البرجوازي والهادئة نسبياً مقارنة مع إدارة سلفهم الأحمق والأرعن جورج دبليو بوش، لا تخرج عن إطار السيطرة التامة على المنطقة بطريقة دبلوماسية وعلى مبدأ «عفا الله عما مضى» والبدء بخرائط طريق جديدة والتي تمقتها شعوب المنطقة وخصوصاً العربية منها لارتباطها المباشر بالدجل والرياء. إن هذا الأسلوب الجديد في الطرح جاء على خلفية الهزائم الأمريكية العسكرية والسياسية في المنطقة بعد احتلال العراق وغزو لبنان عام /2006/ من قبل إسرائيل والحرب الظالمة على قطاع غزة حيث منيت هذه الحروب الثلاثة وما يرتبط بها من سياسات بالفشل الذريع بفضل المقاومات الوطنية البطلة في «العراق ــ فلسطين ــ لبنان» وعدم انجرار الشعوب العربية وراء الأنظمة العميلة والإنبطاحية في تآمرها بل ومشاركتها في تنفيذ المخططات المرسومة للمنطقة والأمثلة أكثر من أن تحصى في عدوان تموز ــ حرب غزة واحتلال العراق حيث جرت بمشاركة أو مباركة الأنظمة: السعودية ومصر والخليج ومحمود عباس في فلسطين ومجموعة /14/ آذار في لبنان بشكل أساسي، ناهيك عن نظام الحكم العميل في العراق والذي يُدار مباشرة من الاحتلال الأمريكي. إن التاريخ الحديث للعلاقات الأمريكية ــ العربية والإقليمية يدلنا بشكل ساطع وبما لا يدع مجالاً للشك بأن أي تقارب مع هذه الإمبريالية سيكون حتماً على حساب شعوب المنطقة وثرواتها وقضاياها الوطنية تحت أية مسميات جاءت. «فإغضاب الاستعمار أهون من إرضائه» هكذا قال أحد السياسيين المخضرمين في سورية، والذي عايش مراحل مختلفة من الحياة السياسية في هذا البلد، إنه الرفيق خالد بكداش. ولو أردنا أن نتذكر بعض الشواهد ستكون حرب تشرين التحريرية، عام /1973/ في مقدمتها والتي خاضتها مصر وسورية يومها بمساعدة أممية نزيهة من الاتحاد السوفييتي الصديق، فلابد والحال كذلك أن نتذكر في نفس الوقت اتفاقيات كامب ديفيد (السلمية!!)، والتي أنجزتها الإدارة الأمريكية (الديمقراطية) ورئيسها جيمي كارتر بعد هذه الحرب المظفرة، فكانت مساعدة سلمية غير نزيهة؟ من جانب تلك الإدارة بالتعاون الوثيق مع حاكم مصر المقتول أنور السادات والتي كانت مؤامرة كبرى على العرب وقضاياهم تم بموجبها إخراج مصر بثقلها العسكري والبشري والجغرافي من ساحة الصراع لصالح الصهيونية وإسرائيل وترك سورية وحدها في الميدان، بل خلقت مشكلة لبنان وحروبه واستمر النظام المصري حتى يومنا هذا في لعب هذا الدور التآمري، إن كان في فلسطين أو لبنان وخلق جبهات ما تسمى «بالاعتدال» وهي في حقيقتها جبهات لمعاداة كل الأنظمة الوطنية عربياً وإقليمياً وتمرير مشاريع الإمبريالية الأمريكية والصهيونية في المنطقة. إن باراك حسين أوباما ليس أفضل من جيمي كارتر والسيدة كلينتون لا تقل إخلاصاً لإمبرياليتها عن هنري كيسنجر. إن المقاومات ودول الصمود في المنطقة أحبطت مشاريع الإمبريالية الأمريكية والصهيونية بالرغم من الضغوطات الهائلة التي تعرضت لها عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وأشكال من المؤامرات والفتن التي حيكت ضدها، لكنها فشلت الواحدة تلو الأخرى بفضل التعاون والتعاضد بين هذه القوى في ساحات الميدان العسكري وفي الصمود السياسي وقد لاقت هذه القوى دعماً جماهيرياً لا نظير له ومن قوى الحرية في العالم. لذلك مطلوب من هذه القوى رص صفوفها أكثر لتحافظ على إنجازاتها وتلحق الهزيمة بمشاريع الإمبريالية والصهيونية وأدواتها الرجعية والعميلة في المنطقة فما زال شعار المستعمرين الذهبي والمفضل هو نفسه: «فرق تسد». م. فواز الدبس


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني