PCP

يا عمال العالم اتحدوا

مخاطر "يهودية إسرائيل".. وعرقلة فرص السلام!

مخاطر "يهودية إسرائيل".. وعرقلة فرص السلام! على نار هادئة وباستيحاء، بدأ الضغط الدولي على إسرائيل لحملها على الاستجابة لاستحقاقات السلام، ووقف الاستيطان، و"حل الدولتين"، وتنفيذ القرارات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي. فبعد المنسق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوربي خافيير سولانا، وصل إلى المنطقة مبعوث الرئيس الأمريكي جورج ميتشل حاملاً مشروعاً محدداً لـ"إقامة دولة فلسطينية"، يتم بعده اعتراف مجلس الأمن بهذه الدولة، حتى إذا لم يتوصل الإسرائيليون والفلسطينيون إلى اتفاق! ولأول مرة تبعث الخارجية البريطانية برسالة سرية إلى إسرائيل عبر سفارتها بلندن تعلمها فيها بأنها في أعقاب ضغوط برلمانية شديدة، قررت إعادة النظر في أسس تصدير السلاح إليها، وأنها فرضت بالفعل حظراً على بيع معدات ووسائل قتالية لسلاح البحرية الإسرائيلية "على خلفية مشاركته في العدوان الأخير على قطاع غزة!".. أضف إلى ذلك "كسر جليد العلاقات"، الحذر الذي طرأ على العلاقات السورية- الأمريكية، الذي تجلى بإبداء الرئيس الأمريكي أوباما استعداده لقبول دعوة نظيره السوري بشار الأسد لزيارة دمشق بعد الاتصالات "الإيجابية" بين الدولتين! والمثير للاستغراب أن إسرائيل تواجه كل هذه التحولات بسياسة عمياء وبمزيد من التعنت والاستفزاز.. فزعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو يعلن في صفاقة أن على العرب والفلسطينيين صرف النظر نهائياً عن القدس وحق العودة، وأن يعترفوا بحق إسرائيل كـ"دولة يهودية". ويعلق زعيم حزب إسرائيل بيتنا أفيغدور ليبرمان، باستخفاف على تصريحات ميتشل وسولانا وميليباند ويدعو إلى "عدم إعطاء تصريحاتهم أهمية"، فضلاً عن استمرار سياسة الاستيطان والحصار والاقتحام والاعتقال في تحد صارخ لكل قرارات الشرعية الدولية، ومواثيق منظمات حقوق الإنسان. لقد ارتفع في الآونة الأخيرة الضجيج الدعائي الإسرائيلي حول ضرورة "اعتراف العرب بيهودية دولة إسرائيل".. ويعدّ ذلك عقبة إضافية في مسلسل تقويض "فرص السلام"، وعرقلة التوصل إلى تسوية عادلة. فالمناداة بـ"يهودية دولة إسرائيل" يعني ارتداء هذا الكيان العدواني المزيد من الأقنعة التي تساعده على التسويف والمماطلة والمراوغة.. والإمعان في انتهاك حقوق الإنسان العربي الفلسطيني، وانتهاك قرار الأمم المتحدة رقم 194 الخاص بعودة الفلسطينيين إلى بيوتهم وبلادهم وأرضهم.. بل ومصادرة "حق البقاء" لنحو مليون وربع مليون لسكان فلسطين الأصليين الخاضعين للقوانين العسكرية الجائرة داخل إسرائيل. فإسرائيل بطبيعة الحال هي دولة صهيونية تؤمن بعقيدة "حق العودة" لكل يهود الدنيا إلى جبل صهيون، وإعادة بناء الهيكل فيما يسمى "أرض الميعاد".. وإسرائيل المنتظَرة طبقاً للتلمود والتوراة دولة استيطانية كولونيالية بحكم السياق التاريخي، وبحكم قيامها بدور الوكيل الكمبرادوري في دعم وتنفيذ خطط الهجمة الاستعمارية الغربية على شعوب المنطقة والعالم الآسيوي ودولها وأممها،تحت مسمى "الشرق الأوسط" حماية للمصالح الاستراتيجية الأجنبية. وتفضح إسرائيل نفسها كـ"دولة يهودية" عنصرية تدافع عن أسطورة نقاوة العرق اليهودي، وبالتالي تتحدث باسم اليهود في كل أنحاء العالم، وتنبري للدفاع عنهم وتحصل على التعويضات باسمهم، وتفرض وحدانيتها بوصفها تمثل "شعب الله المختار" الموعود بالأرض المقدسة وأورشليم "القدس" دون عباد الله الآخرين.. ثم تسفر إسرائيل عن الوجه القبيح لدولة استيطانية توسعية، فتدمر الأرض والبشر والشجر وتقيم جدران الفصل العنصري وتحرق الزرع والضرع، وتمارس سياسة الفصل العنصري "الأبارتهيد" ضد الشعب الفلسطيني منذ مذبحة دير ياسين عام 1948 حتى مذابح غزة عام ،2009 وتمد أطماعها كالأخطبوط في الضفة الغربية الفلسطينية وهضبة الجولان السورية والأراضي اللبنانية وصحراء سيناء المصرية. وتقف إسرائيل تالياً وحدها قوة عسكرية مدمرة مسلحة في المنطقة بأسلحة الدمار الشامل لتفرض على العرب سلاماً مذلاً، وعلى الفلسطينيين القبول بـ"دولة مسخ" بلا حدود ولا سيادة ولا جيش ولا موارد، ومقطعة الأوصال بالمستوطنات والطرق الالتفافية وجدران الفصل العنصري. في مواجهة هذه الغطرسة وهذه الممارسات الإسرائيلية المنفلتة من كل عقال، لم تعد كافية تصريحات الإدانة والشجب، بل يصبح المطلوب موقفاً دولياً أكثر جدية، والشروع في ممارسة الضغوط العملية عبر الرباعية الدولية على الحكومة الإسرائيلية الحالية وإرغامها على وقف كل أشكال الاستيطان، والدخول إلى المفاوضات الندية والمتكافئة مع العرب والفلسطينيين، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. ولكي يقف العالم إلى جانب الشعب الفلسطيني ويقدم يد المساعدة أيضا يصبح المطلوب فلسطينياً أن يساعد الفلسطينيين أنفسهم بداية، وينهوا حالة الانقسام ويعودوا إلى طاولة الحوار الوطني الشامل، والاحتكام إلى صناديق الاقتراع على قاعدة التمثيل النسبي الكامل. ويصبح المطلوب عربياً تجاوز التباينات الثانوية، وصولاً إلى تعزيز العمل العربي المشترك، وتغليب سياسة التضامن والمصلحة القومية العليا على كل ما عداها.. بذلك يمكن أن تستقيم الأمور وتُحاصر إسرائيل بإجراءات عملية وجدية لوقف ممارساتها العدوانية! محمد صوان(جريدة النور السورية)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني