PCP

يا عمال العالم اتحدوا

لماذا عاد التوتر من جديد إلى شبه الجزيرة الكورية؟

لماذا عاد التوتر من جديد إلى شبه الجزيرة الكورية؟ أثارت التجربة النووية الكورية الديمقراطية الأخيرة، وإطلاقها صاروخاً بالستياً بعيد المدى بنجاح، موجة من التهويل في مختلف أنحاء العالم، ولكنه تهويل منافق ورخيص لإخفاء حقيقة الوضع كما هو عليه في شبه الجزيرة الكورية، ولتغطية السياسة العدوانية التي تمارسها واشنطن ضد جمهورية كوريا الديمقراطية. فالولايات المتحدة هي من يملك أكبر ترسانة من الأسلحة النووية في العالم، وهي الوحيدة التي استخدمت هذا السلاح الخطير ضد السكان المدنيين في التاريخ. وغضبها أنصب على كوريا الديمقراطية، فقط لأن هذا البلد المسالم، تجرأ على امتلاك سلاح تعتبره أمريكا حكراً لها ولحلفائها الإستراتيجيين هنا وهناك، ولو كان النظام القائم في كوريا الديمقراطية حليف لأمريكا، ليس فقط لم تثر أية ضجة ضده، بل وعملت لكي لا يحتج أحد في العالم ضده. ولم تخجل الآنسة سوزان رايس سفيرة أمريكا في الأمم المتحدة، من الصراخ «بأن التجربة النووية الكورية الديمقراطية، خرق للقانون الدولي وتشكل خطراً على السلام في العالم أجمع وفي المنطقة» وطالبت أمريكا بإصدار قرارات جديدة، تعاقب فيها كوريا الديمقراطية، ودعا الرئيس أوباما العالم كله للتوحد ضد كوريا. وتتصرف أمريكا وحلفاؤها، وكأنه لا يوجد في أجندة تاريخها لا تدخل في شؤون الدول الأخرى، ولم ترتكب أي عدوان ولم تخرق إطلاقاً القانون الدولي، وتناضل بقوة ضد إمكانية تدخل الآخرين وعدوانهم وخرقهم للقانون الدولي، إنها المهزلة بكل مواصفاتها. ولم ترغب واشنطن وأعوانها وعملائها، أن تتذكر بأن كوريا الديمقراطية وعلى امتداد عشرات السنين، لم تتوقف عن الدعوة لتحويل شبه الجزيرة الكورية إلى منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل وخاصة من الأسلحة النووية، بينما قامت أمريكا بالتلويح بالعصا النووية غير مرة ضد كوريا الديمقراطية، نصف مليون جندي وضابط أمريكي، ومئات القنابل النووية، منتشرة في كوريا الجنوبية المحتلة من قبلها. ولم تفعل الإدارة الأمريكية الحالية أي شيء لإسقاط التهمة التي أطلقها الرئيس السابق جورج بوش الصغير بأن كوريا الديمقراطية إلى جانب العراق وإيران تشكل «محور للشر»، وهذه التهمة تعني في مضمونها، استباحة هذه الدول للتدخل والقصف والعدوان واحتلالها أيضاً كما فعلت واشنطن في العراق، بعدوانها الأحمق ضد هذا البلد. وحيال هذا السلوك العدواني الأمريكي ضدها، اضطرت كوريا الديمقراطية للعمل لتعزيز عوامل الدفاع عن نفسها، ولأنها كانت الهدف الآخر لعدوان واشنطن. وهذا ما خلق حالة هستيرية لدى أمريكا ضد كوريا الديمقراطية علماً بأن الصواريخ الكورية أقل قدرة وقوة من الصواريخ اليابانية (H–2A) والإسرائيلية «أريحا ــ 3»، والتي لم تثر أي امتعاض من قبل أمريكا. ووضع كوريا الديمقراطية اليوم أقل خطراً من إسرائيل وغيرها من عملاء وشركاء واشنطن. والحقيقة أن واشنطن، جلّ ما تسعى إليه هو تصفية النظام الاشتراكي في كوريا الديمقراطية، وهذا السبب الذي جعلها تفرض عليها حصاراً اقتصادياً وفرض عقوبات ليس لها أي وجه قانوني، وأمريكا ما زالت تحاول خنق كوبا ومحو العراق، بينما الشقيقة الأصغر لها، إسرائيل، تخنق قطاع غزة وتقتل أطفاله ونساءه وشيوخه وتستخدم ضد سكانه الآمنين الأسلحة المحرمة دولياً، ولم يثر لديها أية مشاعر من الغضب أو الاستنكار. وكانت كوريا الديمقراطية على استعداد كامل لتصفية قدرتها النووية ولكن بشرط أن تتوقف الولايات المتحدة عن عدوانها ضدها، رغم أنهما وقعا اتفاقاً حول ذلك، ولكن أمريكا داست على هذا الاتفاق، وأقدمت على مصادرة حسابات كوريا الديمقراطية وأملاكها، وشنت هي وأعوانها حملة إعلامية واسعة، مليئة بالكذب والكراهية ضد هذا البلد الاشتراكي الصادق. وتتهمها بأنها تقدم الدعم والسلاح للمقاومة الفلسطينية واللبنانية ولسورية وللبلدان الأخرى المناهضة لأمريكا، ولكنها هي تدعم إسرائيل التي لم تترك وسيلة وحشية إلا واستخدمتها ضد الشعب الفلسطيني وضد العرب عموماً. وسائل الإعلام الغربية، ما زالت تنظم حملة عدوانية واسعة ضد حق كوريا الديمقراطية في امتلاك عوامل القوة للدفاع عن نفسها. وبالمناسبة لم تقم كوريا الشمالية يوماً بأعمال استفزازية ضد أحد ولم تهدد أحد بالحرب، على العكس، الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بوصفها قاعدتها العسكرية الثابتة، هما اللتان تهددان كوريا الشمالية وتقومان يومياً بأعمال استفزازية ضدها، وتنضم إليهم في هذه الأعمال المعادية اليابان التي تهدد بإشعال الحرب ضد كوريا الشمالية، وكل ما قامت به كوريا الشمالية هو عمل دفاعي وعادل، فهي تدافع عن كرامتها الوطنية وسيادتها وحقها المشروع في الحياة. في تموز من العام الماضي، قامت جمهورية كوريا الديمقراطية بتصفية /80%/ من مواقعها النووية، وأبدت استعدادها السير قدماً حتى النهاية في هذا الاتجاه، فيما إذا التزمت الولايات المتحدة بتعهداتها وفق المعاهدة الموقعة من قبل السداسية، ومن الواضح أن مصلحة كوريا الديمقراطية تطبيع الوضع في شبه الجزيرة الكورية وإعادة الأمن والاستقرار لهذه المنطقة، والتوقف عن النفقات العسكرية الهائلة المرهقة والتي وجدت نفسها دائماً مضطرة للجوء إليها دفاعاً عن حريتها واستقلالها الوطني على حساب معيشة شعبها واقتصادها الوطني. وعبرت مرات كثيرة عن رغبتها في توظيف إمكانياتها المادية في حل مشاكلها الاقتصادية لصالح شعبها. ولكن تهرب أمريكا من كل ما وعدت به من تعويضات لكوريا الديمقراطية وتزويدها بعوامل الطاقة، مقابل تصفية احتياطيها من القدرات النووية، وتوقيف تخصيب اليورانيوم. فشلت لأن أمريكا وعوضاً عن ذلك، أخذت تطالبها بما يسمى بالإصلاحات الاقتصادية واحترام حقوق الإنسان إلى ما هناك من ألاعيب باتت مكشوفة، هدفها تصفية النظام الاشتراكي وتحويلها إلى نظام رأسمالي يتيح لأمريكا الهيمنة عليها وتحويلها إلى قاعدة عسكرية لها على غرار ما هو عليه الوضع في كوريا الجنوبية. ولكن قيادة كوريا الديمقراطية رفضت هذه التوجهات والإملاءات الأمريكية، وعندئذ بدأت أمريكا من جديد تهدد بشن حرب عليها وإحكام الخناق الاقتصادي حول عنقها، وهذا ما دفع كوريا الديمقراطية، للعودة مجدداً لتعزيز قدراتها الدفاعية ورفع جهوزية جيشها الشعبي، والاستعداد لكل الاحتمالات السيئة التي قد تواجهها. وهذا هو جوهر الخلافات المفتعلة من قبل واشنطن ضد هذه الجمهورية المسالمة التي أبت أن تتخلى عن حريتها وطريقها الاشتراكي في التطور الاجتماعي والاقتصادي الذي يعتبر سر صمود شعبها وتحمله الصعوبات الهائلة. د. إبراهيم زعير


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني