PCP

يا عمال العالم اتحدوا

مؤتمر كوبنهاغن للتغير المناخي ألاعيب إمبريالية وفشل بامتياز

مؤتمر كوبنهاغن للتغير المناخي ألاعيب إمبريالية وفشل بامتياز أنهى مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي أعماله في العاصمة الدانمركية كوبنهاغن، بعد مناقشات دامت /12/ يوماً شارك فيها أكثر من /190/ دولة، وتمخض المؤتمر عن اتفاق سياسي غير ملزم سمي بتفاهم كوبنهاغن. ويستند الاتفاق إلى ثلاثة نقاط رئيسية هي: منع ارتفاع حرارة الغلاف الجوي لأكثر من درجتين مئويتين، وهو ما يستلزم تخفيض انبعاث الغازات المسببة لارتفاع حرارة الغلاف الجوي من خلال اعتماد «إستراتيجية التنمية منخفضة الانبعاثات»، ورصد /30/ مليار دولار كمساعدات للدول الفقيرة لمواجهة التغير المناخي للأعوام /2010 ــ 2011 ــ 2012/ وزيادتها لتصل إلى /100/ مليار دولار سنوياً بحلول العام /2020/. وكانت نقطة الخلاف الرئيسية بين الدول الإمبريالية من جهة والدول الفقيرة والنامية من جهة أخرى هي الإطار الزمني الذي يحدد العام /2010/ كحد نهائي لإبرام اتفاق ملزم، وهو المسعى الذي أفشلته دول الجنوب بقيادة الدول سريعة النمو، الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا. واستطاعت هذه الدول تعديل البند المتعلق بالتعاون الدولي من أجل تخفيض الانبعاثات، فتمت إضافة أن ذلك يجب ألا يتعارض مع السيادة الوطنية للبلدان المعنية، كما دفعت الدول الكبرى للإقرار بأن تخفيض الانبعاثات الملونة للبيئة يرتبط بزيادة رقع الغابات حول العالم. أما مساعدة الدول الفقيرة فقد ربطت باستثمارات المؤسسات الدولية والبحث عن موارد إضافية، وهو ما قد يناقض مبدأ السيادة الوطنية الذي تم إقراره في التفاهم، وقد يكون ربط المساعدات «بالمؤسسات الدولية» هو أخطر نقطة في الاتفاق لصالح القوى الإمبريالية، في وقت لا يتحدث فيه عن أية آليات واضحة لتخفيض الانبعاثات وتقييد ارتفاع درجات الحرارة. كل ذلك دفع المراقبين والمهتمين لاعتبار المؤتمر فاشلاً بامتياز، لا بل انبرى البعض للقول أنه كارثة. أما وزير البيئة البريطاني أيد ميليباند فاتهم الصين والدول التقدمية في أميركا اللاتينية بإحباط الاتفاق، فردت عليه وزارة الخارجية الصينية عبر المتحدثة باسمها بالقول: (على ميليبان وغيره تصحيح أخطائهم وتنفيذ التزاماتهم تجاه الدول النامية بشكل جاد، والابتعاد عن أي عمل يعوق تعاون الأسرة الدولية في مواجهة التغير المناخي. إن تصريحات المسؤولين البريطانيين تأتي في سياق مخطط سياسي واضح، الهدف منه هو التهرب من المسؤولية تجاه الدول النامية وإثارة الانقسام بين تلك الدول. واتهم وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيس أوباما بالكذب، فقال: (إن أوباما كذب خلال قمة الأمم المتحدة في كوبنهاغن، وهذه أصبحت عادته بعد مرور عام على توليه منصبه، إنه يكذب طوال الوقت). وأضاف: (في هذه القمة لم يظهر سوى الوجه الاستعماري المتعجرف لأوباما، الذي لا يصغي والذي يفرض مواقف تهدد حتى الدول النامية). ولم تستطع القوى الإمبريالية فرض أجندتها على الدول النامية والفقيرة رغم كل التهويل والضغط، حيث تعتمد في إستراتيجيتها على المبالغة في نتائج التغيير المناخي وخلط الأرقام والنسب لتشويش الرأي العام. وقد نجحت إلى حد ما، منذ اتفاق كويوتو، إلى توجيه أنظار الإعلام إلى الصين واعتبارها أكبر ملوث للبيئة بالقيم المطلقة، لكن المعروف أن نسب الملوثات تقاس لا بالقيم المطلقة بالنسبة لسكان كل بلد ولوحدة الناتج الاقتصادي، وعلى هذين الأساسين تكون الولايات المتحدة الأميركية هي الملوث المباشر الأول في العالم، وهي كذلك الملوث غير المباشر من خلال استثماراتها حول العالم ونهبها اللا محدود لموارده. وتحاول الإمبريالية الأميركية، بشكل خاص، توجيه أصبع الاتهام إلى الفحم الحجري الصيني، والذي يعتبر مصدر الطاقة الأساسي والرخيص للاقتصاد الصيني، ويتم تصوير الفحم الحجري وكأنه المستخدم ذاته في مراجل القطارات في القرن التاسع عشر وذو التأثير الملوث الكبير، في حين أن طرقاً جديدة يتم استخدامها حالياً تزيد من فعالية احتراقه وتخفض نسب الانبعاثات الملوثة، بما فيها غاز ثاني أكسيد الكربون، وذلك من خلال تحويله إلى ميثانول، والميثانول يعتبر وقوداً نظيفاً بالمقارنة مع أنواع الوقود الأخرى، لكن مشكلته الأساسية أن له تأثيراً شديد السمية في حال شربه، لذلك يحتاج لإجراءات رقابة صارمة، وهي مطبقة في الصين. وتأتي هذه الحملة في إطار محاولة عرقلة النمو السريع للصين بشكل خاص وأيضاً للهند والبرازيل من خلال فرض أجندات بحجة تخفيض التلوث يتم من خلالها تخفيض الإنتاج لصالح الاحتكارات الإمبريالية. في الوقت ذاته تعمل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على التشويش على المسببات الحقيقية لارتفاع حرارة الغلاف الجوي، وربطها فقط بغاز ثاني أكسيد الكربون، بينما كشفت الدراسات الجيولوجية، أن ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي حدثت في الحقب التاريخية، دون وجود نشاط بشري صناعي بطبيعة الحال، ولم تكن ناشئة عن زيادة غاز ثاني أكسيد الكربون الذي تمتصه النباتات في عملية التركيب الضوئي، وأكد تقرير لمجلة «ناتيشر الالكترونية» المتخصصة في الجيولوجيا أن ثاني أكسيد الكربون ليس المسبب الوحيد بل هناك ظواهر أخرى أشد تأثيراً ينبغي دراستها من وجهة نظر الدورة المناخية. ويمكن أن نضيف إلى ذلك بعض الأبحاث والتقارير التي تم طيها والتعمية عليها، فمنذ سنوات قليلة أشارت أبحاث أن ثقب الأوزون قد بدأ بالتقلص لكن أسباب ذلك بقيت طي الكتمان لأنها لا تتوافق مع الدعاية الإمبريالية، والتي حملت غازات التبريد المسؤولية في اتساع ثقب الأوزون، ثم تم نسيان ذلك، ليصبح ثاني أكسيد الكربون هو المتهم رقم واحد على لائحة الإرهاب البيئي الإمبريالي. ويطلب حالياً من الدول النامية تطبيق الأجندات البيئية، والتي هي «بالصدفة» في صالح القوى الإمبريالية، كما حدث مع اتفاقية كيوتو التي لم يوقعها بيل كلينتون إلا في آخر يوم من ولايته ليجمدها خلفه جورج بوش الابن، وهو مصير كافة الاتفاقات البيئية اللاحقة، والتي إن وافق عليها الرئيس الأميركي فسيرفضها الكونغرس، لأنها، كما أوضحوا أكثر من مرة بعجرفتهم المعهودة، ستعرقل النمو الاقتصادي للولايات المتحدة الأميركية. وبخصوص الأموال والمساعدات فهي لذر الرماد في العيون، حيث لم يتحدث التفاهم عن آليات جمع الأموال ومصادرها، ومصيرها سيكون ككل «المساعدات المرصودة» من القمم الإمبريالية التي لا تتعدى الجعجعة، وهو ما عبر عنه رئيس أرخبيل توفالو، المهدد بالغرق جراء التغير المناخي، قائلاً: (الاتفاق هو حفنة من الأموال من أجل خيانة شعبنا ومستقبلنا). وهناك عامل هام آخر يجري التعتيم عليه وله المصلحة المباشرة في فرض هذا النمط من تخفيض الانبعاثات ألا وهو بورصة الكربون الدولية، حيث تأسست هذه البورصة في الولايات المتحدة وأوروبا لتقييد الانبعاثات الصادرة عن المعامل فتم إصدار ما سمي برخص الكربون التي تحدد الحد الأعلى المسموح به من كميات ثاني أكسيد الكربون لكل مشروع والتي تفرض غرامات مالية على المتجاوزين. على هذا الأساس يمكن لمعمل لم يتجاوز الحد المسموح به بيع الفائض من الكربون إلى معمل آخر تجاوز الحد الأعلى كي لا يدفع ضرائب أعلى على إنتاجه. في الوقت نفسه يمكن لهذه الشركات زيادة حصتها من الانبعاثات في حال حولت مشاريع «نظيفة وصديقة للبيئة» في دول العالم الثالث. وأصبحت هذه الرخص مجالاً واسعاً للمضاربات وتكدست الرخص في أيدي القلة من الشركات، والتي لها المصلحة لاستبدال الصناعات الحالية في الدول النامية بصناعات حديثة ومكلفة كي تأخذ المزيد من الدعم من حكوماتها، وفي الوقت نفسه تحقيق أرباح على حساب الدول الفقيرة. وضمن هذه الألاعيب الإعلامية تغيب الأزمة الاقتصادية العالمية عن المشهد لتحل محلها أزمة المناخ مفتعلة وبأسباب مختلفة، ويستمر النهب والاستنزاف الملوث للصنيعة من قبل الشركات الاحتكارية العالمية والدول الإمبريالية الكبرى والتي تبدأ من اقتطاع الغابات وتخريب التربة واستنزافها لدرجة التصحر وتدمير الزراعات المحلية خدمة لمصالح الشركات الزراعية الإمبريالية، ولا تنتهي بكافة أصناف الأسلحة التي تجربها ضد البشر والطبيعة بغية تثبيت سلطة صاحب الجلالة رأس المال. أما الحديث عن الديمقراطية وحرية التعبير فقد شاهدناه على شاشات التلفزيون هراوات وخراطيم مياه لمواجهة المتظاهرين الذين طالبوا فقط بوقف تلويث البيئة، وتركزت الاعتقالات على الشيوعيين المشاركين في المظاهرات. فلسان حال الإمبرياليين يقول تحدثوا كيفما شئتم إلى حين تهديد سلطة رأس المال وقتها سترون الوجه البشع والمتعجرف للإمبريالية. رشيد موسى


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني