PCP

يا عمال العالم اتحدوا

النكبة والنكسة وانشطارات النظام العربي

النكبة والنكسة وانشطارات النظام العربي مرت ذكرى النكبة الفلسطينية الحادية والستون والنظام العربي الرسمي منشغل بترتيب أولياته، وفق الرؤية الخاصة لكل دولة، ولم تستطع مؤسسة الجامعة العربية أو مؤسسة القمة التي عقدت اجتماعها الدوري في الدوحة أواخر آذار الماضي أن تضع آليات فاعلة لتنفيذ القرارات والتوصيات المتخذة بشأن الملفات الساخنة والاستحقاقات المتصلة بوضع المبادرة العربية على الطاولة أو سحبها، أو بتسوية المشكلات المنذرة بالتفجر في السودان والصومال واليمن والعراق. مرت ذكرى النكبة وتليها بعد أسبوعين ونيف ذكرى نكسة حزيران الثانية والأربعون، والنظام العربي الرسمي ممعن في انشطاراته، ينتظر عطفاً من الإدارة الأمريكية التي تتصرف على أنها زعيمة العالم، أو انعطافة إسرائيلية مفاجئة نحو السلام في وقت صّعدت فيه حكومة نتنياهو- ليبرمان اليمينية المتطرفة من عمليات تهويد القدس وهدم المنازل الفلسطينية ومصادرة الأراضي وتشديد الحصار على قطاع غزة وعرقلة جهود إعادة إعماره، في وقت لم يصحُ العالم بعد من صدمة العدوان الهمجي الإسرائيلي عليه قبل شهور قليلة. والنكبة والنكسة وما تلاهما من زلازل وانشطارات وما نتج عن كل ذلك من أشكال عدوان متعدد الجوانب، أمريكي وإسرائيلي عبر العقوبات والتهديدات وخرق الأجواء ونصب شبكات الإنذار وتمويل شبكات التجسس، وما رافق ذلك من غزو واحتلال جلبا للمنطقة الفوضى المدمرة وعدم الاستقرار، أوصلت النظام العربي الرسمي إلى زاوية العجز، وأخرجته من دائرة استعادة التماسك وانتهاج السياسات المعبرة عن مزاج الجماهير العربية، وعن مصالح الشعوب العربية وأهدافها. ومن المفارقات العجيبة أن ينقسم النظام العربي الرسمي بين معتدلين ومتشددين في وقت يجثم فيه الاحتلال على الأراضي العربية منذ عقود، وفي زمن يتعرض فيه أمن العرب في برهم وبحرهم وأجوائهم ومياههم للخطر.. والأعجب أن تتعالى أصوات تشكك بنهج المقاومة، وترى فيه سبيلاً لتضييع الحقوق العربية، وذريعة تعطي إسرائيل والإدارة الأمريكية الذريعة لاتهام العرب والمسلمين بالإرهاب، ولتجاهل الحقوق العربية أو تضييعها.. في وقت سجلت فيه المقاومة الفلسطينية واللبنانية والعراقية الموجهة ضد الاحتلال صفحات ناصعة، أربكت المحتلين، واضطرتهم إلى تغيير خططهم وإعادة حساباتهم. لقد حددت الإدارة الأمريكية الجديدة خياراتها وأولياتها، ولا ترى ضرورة للتعجل في مقاربة ملف الصراع العربي الإسرائيلي، وهي تركز على تلبية احتياجات أمن إسرائيل أكثر من اهتمامها بتوفير الاستقرار في منطقة كانت الإدارة الأمريكية السابقة وراء نشر الفوضى فيها عبر غزوها وحربها غير المبررة واحتلالها للعراق وتدمير بناه التحتية وتشريد سكانه. وحددت حكومة إسرائيل الجديدة برئاسة نتنياهو أولياتها، وهي تحديث الترسانة العسكرية، وفرض يهودية الدولة، وتهويد القدس، وتوسيع الاستيطان، وتهديد إيران.. أما العرب فمازالت خياراتهم تنتظر زيارة أوباما للمنطقة، ومازالوا بعيدين عن الوفاء بتعهداتهم بشأن إكمال المصالحة العربية، العنصر الأهم في تفعيل مؤسسة القمة العربية، ووضع آليات لتنفيذ قراراتها.. ومازال النظام العربي الرسمي يتعامل مع الانقسام الفلسطيني كغطاء لإخفاء التجاذبات العربية بين محوري الاعتدال والممانعة، أو للإبقاء على أجواء الجفاء بين هذا النظام العربي أو ذاك، وهذه التجاذبات ليست بسبب سياسات استراتيجية أو برامج تحديثية، بل تعود إلى تراكمات ومواقف تبعية غذتها قوى خارجية، لتبقي حالة العطالة في الفعل العربي، ولتضعف قدرة العرب على مواجهة المخططات المرسومة لإبقاء المنطقة العربية في قبضة قوى الهيمنة والاستقواء والاحتلال، وكل ذلك يجري تحت مظلة خلق عدو وهمي للعرب وهو إيران، والتغاضي عن عدو العرب الحقيقي وهو إسرائيل. إن النكبة والنكسة والمخاضات التالية التي شهدتها المنطقة، جديرة بمراجعة لآليات مقاربة الشأن القومي، وللسياسات الاستراتيجية التي تؤمن استعادة الحقوق العربية، وتقود إلى سلام عادل وشامل في المنطقة. ونعتقد أن تغليب رؤية الخطر المشترك الذي يهدد المنطقة على أساليب المقاربة المنفردة والمساومات والتنازلات الأحادية وتغليب تقوية النهج المقاوم والتيار الممانع لسياسات الاستقواء والضغط أو أساليب تزيين قبول ما يُعطى من المحتلين على أنه خير وبركة على أسلوب وضع البيض كله في سلة حليف المعتدي. ونرى أن الأخطار ماثلة ويمكن استدراكها قبل استفحالها. )جريدة النور)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني