مخاض جديد لحركة التحرر العربية.. ميتشل وكافور وحلاوة الروح
مخاض جديد لحركة التحرر العربية..
ميتشل وكافور وحلاوة الروح
«تتوقع إسرائيل أن يعترف الفلسطينيون أولا بإسرائيل كدولة يهودية قبل التحدث عن دولتين لشعبين». هذا ما قاله وزير خارجية إسرائيل أفيغدور ليبرمان لجورج ميتشيل مبعوث أمريكا القديم الجديد إلى المنطقة (هل تذكرون تقرير ميتشيل بعد انطلاق الانتفاضة الثانية عام 2000 وكيف أصبح طي النسيان رغم كل المطالب الإسرائيلية الطاغية فيه).
ليبرمان نفسه قال قبل فترة وجيزة، ولم يكن قد أصبح وزيرا في الحكومة الصهيونية: ليذهب مبارك إلى الجحيم وطلب تدمير السد العالي وهو صاحب مشاريع الترانسفير (ترحيل الفلسطينيين من أراضيهم بالقوة)، وحينها لم يرعد ويزبد كافور مصر وإعلامه الأصفر كما يفعل اليوم مع المقاومة الشريفة في لبنان وهي لم تتدخل في الشأن المصري تاركة لشعب مصر ان يأخذ دوره وهو فاعل.
حتى خريطة طريق بوش ومقررات أنابوليس، التي تتنكر لأبسط الحقوق الفلسطينية وتحتفظ بأحجية حل الدولتين دون أي آليات لتحقيقها أو حدود أو سيادة، حتى هذه يرفضها الثنائي نتنياهو وليبرمان. فما هم فاعلون أيتام أوسلو ومعهم محور اعتلالهم العربي الآن في مأدبة لئام الليكود وإسرائيل بيتنا؟
مع انكشاف هذه الأوراق وخفوت الحديث الإسرائيلي عن السلام (كان أولمرت رغم فشله المتكرر يتقنه جيدا ويكرره حتى في نومه) أصبح محور مبارك ـ عباس ـ عبدالله 1 و2 في حيرة من أمره، وقد أوكل أمره إلى إدارات أمريكية هي في النهاية موظفة لدى رأس المال المالي اليهودي فلم يجن سوى الخذلان، وبالمقابل تثبت مقاومة محاصرة محارَبة فقيرة أنها أقوى من كل ممارسات دولة البطش وآلتها التدميرية في لبنان وفلسطين . . . . وتنتصر رغم كل الآلام والجراح.
زمن حلاوة الروح...
لم يعد وقت لدى أنظمة العفن العربية سوى التآمر على المقاومة سرا في البداية، والآن تدخل علنا في فتح المعارك معها، وليس الفيلم المصري السمج عن المجموعة 49 التابعة لحزب الله وقيامها بالتخطيط لعمليات «إرهابية» ضد مصر ثم التراجع إلى الادعاء بقيامها بتهريب أسلحة وأشخاص إلى المقاومة في غزة المحاصرة المدمرة، والتي لا زال نظام مبارك يغلق معبر رفح حتى في وجه المرضى دون وازع إنساني ولا نقول وطني أو قومي، فوريث السادات قد اغتسل جيدا من كل هذه «الشبهات» وحمم وريثه أيضا وأيضا منها ليصبح الأخير تاجر «شنطة» ريثما يأخذ الله أمانته فيستلم هو مصير مصر وشعبها كما يتوهمون.
رد حزب الله كان واضحا وقاطعا في الرد على تخرصات مبارك وأقلامه المأجورة في مصر وخارجها ومعها الإعلام السعودي والمتأمرك، وأكد سيد المقاومة حسن نصرالله أن المعتقلين في مصر الآن هم أعضاء في حزب الله، وكانوا يقومون بشرف وبالنيابة عن كل الشعوب العربية بإدخال أسلحة وذخائر ومقاومين إلى داخل غزة، مؤكدا انه ليس لحزب الله أي هدف في مصر سوى أنها المعبر الوحيد إلى غزة الذي يغلقه نظام أولاد الكمب. . .
ورغم كل الغبار الإعلامي حول مؤامرة إيرانية وخرق القانون المصري فان نظام مبارك قد زاد من شعبية المقاومة وحسن نصرالله خصوصا بهجومه الرخيص والقذر على شخصه وحزبه.
وفي نفس السياق يأتي إعلان نظام الملك عبدالله الصغير عن إصدار محكمة امن الدولة الأردنية في الأردن أحكاما بالسجن خمس سنوات بحق ثلاثة أردنيين أدينوا برصد مواقع عسكرية لصالح حركة حماس.
انه زمن حلاوة الروح، الأنظمة التي اعتنقت أفكار المحافظين الجدد في إدارة بوش الصغير الراحلة بلا أسف عليها، وعملت من اجلها أكثر من بوش نفسه في محاولة تصفية المقاومة فكرا وسلوكا ووجودا على مستوى المنطقة، تعيش الآن رعبا حقيقيا، تستذكر الهزات الكبيرة عقب نكبة عام 1948 وهزيمة 1967، لم تترك لنفسها طريقا للتوبة والرجوع إلى خيارات الشعب والتاريخ، فتمضي في غيها وتحاول فتح معارك وهمية خائبة في محاولة لصرف انتباه شعوبها عن دورها القذر في المعركة الرئيسية وإطالة عمرها، إن «النطوطة» التي يمارسها نظام مبارك تشبه تماما الدجاجة التي تقوم بهذا الفعل بعد ذبحها مباشرة، وإذا كانت الدجاجة تثير الشفقة فان حركات مبارك لا تثير سوى الاشمئزاز وقد أصبح في أرذل العمر ولم يعد يناسبه النط والرقص . . . .
الحوار الفلسطيني . . .اي هدف؟
نفس ما قلناه عن أنظمة العفن العربية ينطبق على سلطة أوسلو،وربما كان «إثمها» أكبر كونها أو بعض أركانها على الأقل يملكون تاريخا في المقاومة.
هي تهرب الآن إلى حوار بلا نهاية مع حماس وفصائل المقاومة الأخرى متجاهلة أن خيارها الأساسي بل الأوحد،وهو المفاوضات والمفاوضات فقط، قد مات ودفن ولم تقرأ عليه الفاتحة، فيحاور الفصائل حول تفاصيل لحكومة وانتخابات وإدارات ومخاتير لأراض تتسارع وتيرة الضم والقضم الإسرائيلي لها بشكل لم يسبق له مثيل، ناهيك عن طبيعة الراعي المصري للحوار ومستوى تمثيله (رئيس المخابرات المصرية) وهو، وان كان يحمل بعدا رمزيا، يعطي انطباعا عن طبيعته وأهدافه كما يساهم في التغطية على خيانات النظام المصري وتآمره المستمر ضد حركة التحرر الفلسطينية والعربية.
يستطيع عباس وممثلوه في الحوار أن يطيلوا أمد هكذا حوار إلى ما لا نهاية، والهدف الوحيد لهم إطالة عمرهم في السلطة الكسيحة وإطالة تحكمهم بفتح كفصيل مهم من فصائل الحركة الوطنية الفلسطينية، لذلك ينبغي أن تنتبه الفصائل الوطنية الفلسطينية ـ بما فيها فتح ـ باكرا إلى عقم الحوار مع زمرة أوسلو إلا إذا كان الموضوع الأساسي، إن لم يكن الأوحد، لهذا الحوار هو التراجع عن خياراتها المدمرة للقضية والشعب، وليست تفاصيل لا تنتهي حول وزير لهذا ونائب لذاك وجملة هنا ومقولة هناك. الحوار يجب أن لا يستمر إلا تحت عنوان واحد: إعادة بناء منظمة التحرير نهجا وسياسة وتنظيما بما يكفل استعادة دورها الكفاحي المقاوم لا أن تكون أداة لإدارة التفاوض وقمع المقاومة كما يريد ويفعل أيتام أوسلو.
وعد الخالد