PCP

يا عمال العالم اتحدوا

الاستقلالية : ما بين الواقع والتطبيق

الاستقلالية : ما بين الواقع والتطبيق في خضم الصراعات الدولية البالغة التعقيد، والتي غالبا ما تديرها وتتحكم بتداعياتها الدول الكبرى ـ وعلى رأسها في هذه الحقبة أمريكاـ خدمة لمصالحها ،تتقاطع دائما معها مصالح ومطامح الدول الأخرى (المتوسطة والصغيرة، وحركات التحرر الناشئة) وبدرجة أكبر مصالح وأهداف حركات التحرر التي غالبا ما تتعارض ومصالح الدول الإمبريالية ، ومن بينها بالطبع حركة التحرر الوطني الفلسطينية، وهنا يتحدد مقدار النجاح والفشل لأي حركة بنوع وشكل وطريقة إدارة هذا التقاطع ، وتصبح الإستقلالية من عدمها تهمة جاهزة بيد الخصوم أيا كان نوعهم علما بأن مسألة التحالفات هي أمر لا مناص منه، وعلى حسن استخدامها يتوقف أيضا نجاح أو فشل أي حركة، بمعنى أن الإدعاء بالإستقلالية التامة دائما يكون للإستهلاك المحلي فالإستقلالية المطلقة ضرب من الخيال حتى في ممارسات الدول ذات السيادة، وتصبح متعذرة في مسيرة أي حركة تحرر تؤمن بدايلكتيك النضال وتعمل بموجبه، لذلك فإن مطالبة أي حركة بالإبتعاد عن جهه ما (محور ما) إنما هو في واقع الأمر دعوة لها بل دفع لها للتوجه لجهة مضادة (محور مضاد) وعندما تتكرر أمثال هذه المطالبات ويجري الإصرار عليها والتمترس وراءها تصبح كما يقول المثل : "كلمة حق يراد بها باطل" تصبح مطالبات ابتزازية تحكمية أشد ضررا وأعظم بلوى من التبعية المزعومة، وتتخذ طابع التجني عندما تلقى تبعات ما يسمى بالإرتهان، لأجندة إقليمية على عاتق الحركة "المتهمة" وحدها إن صح مثل هذا الإتهام . في حين أن اللوم في مثل هذه الحالات ينبغي أن يلقى على عاتق المسبب والدافع لهذا الإرتهان، فأي سبب كان سيدعو أي طرف من أطراف حركة تحررنا للتوجه نحو إيران ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ لو أنها وجدت هذا المتحكم يتفهم على الأقل مشروعية نضالها للتخلص من الإحتلال ، ولو لم يقف كحليف وبالباع والذراع مع المحتل الغاشم يدافع عن جرائمه، ويكرس احتلاله وطبيعي جدا أن تبحث أي حركة عن كل ما يساعدها ويعينها على تحقيق أهدافها. وتخليصها من المحتل وشروره، في مثل حالتنا فلا شيء أسوأ وأذل للنفس من الإحتلال، ألم يقل تشرتشل بأنه على استعداد للتحالف مع الشيطان لصد الإحتلال النازي عن بلاده، ثم ألم تقر الشرعية الدولية مقاومة الاحتلال وتعتبره حقا مشروعا للشعوب التي تتعرض له، ألم تعطها الحق في استخدام كل الوسائل للتخلص منه. أوليس التحالف هو أحد هذه الوسائل، مع أن مستوى العلاقة الفلسطينية الايرانية لم يصل إلى حد التحالف إنه مجرد طرف يساعد طرف، والتحالف شيء أكبر من ذلك بكثير. وإذا كانت معركة شعبنا مع العدو الصهيوني تتحدد في ثلاثة ثوابت مركزية هي: 1- إنهاء الإحتلال 2- بناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس العربية 3- عودة اللاجئين ، وهي ثوابت لا يمكن لأي حركة التزحزح عنها ، ولا خلاف عليها فيما بين كافة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وإن أي محاولة للمساس بأي منها يشكل على الفور مساسا بأهم مبادىء المنظمة. وإن المتتبع للمسيرة الكفاحية لشعبنا بمراحلها المختلفة ومحطاتها المتنوعة يلحظ فيما لا يدع مجالا لأي شك بأن المحورالذي لا يعوق فقط بل يعطل كل تقدم باتجاه الاقتراب من تحقيق هذه الأهداف (الثوابت) هو المحور الأمريكي الصهيوني والأوربي الدائر في فلكه والعربي المنصاع لأوامره والمنفذ لإرادته، وهو ذاته المحور الذي يقف وراء دعاة الاستقلالية وعدم الإرتهان للمحاور الأجنبية ، تناقض غير غائب بالطبع عن ذهنية العرب "المعتدلين" ولكنه متفق مع ذهنيتهم ، كذهنية منتفعة وإن كان هذا الإنتفاع لا يعبر إلا عن قصر نظر بدائي، وطموح غاية في الصغر إذا ما قورن بما تخبئه المخططات السرية لهذا المحور، الذي سيظل معاديا للعرب كل العرب ممانعين ومعتدلين ولكنها قصة الثيران الثلاثة المشهورة التي لم يعد طويل وقت لرؤية اخر فصولها على أرض عروبتنا وفي زمن لا يعود يفيد فيه أي ندم. بقلم الرفيق : عمر الدجاني عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الفلسطيني مجلة الوطن (المجلة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني) العدد(17) أذار 2009


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني