PCP

يا عمال العالم اتحدوا

وتستمر عمالة الاشتراكية الديمقراطية

وتستمر عمالة الاشتراكية الديمقراطية العدوان على لبنان نموذجا كان لينين يعتبر أمير أفغانستان الإقطاعي والذي كان يقاوم الاستعمار البريطاني بأنه ثوري في ذلك الوقت أكثر بكثير من الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية التي تعاونت مع برجوازياتها... لقد ارتبط زعماء الاشتراكية الديمقراطية منذ العقد الثاني من القرن الماضي بالانتهازية والخيانة، ولقد وصفهم لينين بأنهم ليسوا سوى ممررين للسياسات الإمبريالية وعملاء مأجورين لها يرتبطون بها ارتباطا عضويا. وكان أكبر برهان على خيانتهم هو انتقالهم من مواقف الحرب ضد الحرب إلى الدفاع عنها من مواقف شوفينية, وذلك إبان الحرب العالمية الأولى , حين دعوا العمال إلى الانخراط فيها خدمة لأسياد الإمبريالية في صراعهم على مناطق النفوذ وإعادة اقتسام العالم..وكذا خيانتهم للطبقة العاملة الألمانية في ثورتها, واغتيالهم لقادة ورموز النضال العمالي في أسبانيا...الخ. ولا يتسع المقام لسرد وقائع سجلهم الأسود، فهي ما تزال مستمرة من " كاوتسكي" إلى يومنا هذا. ولا مجال " للجدل" حول التصورات "الفلسفية"، وليس المقصود تبييض مسار طرف على حساب آخر، ولا إقامة "محكمة التاريخ" لعمالة مستمرة بشكل مستتر في أغلب الأحيان...ومع ذلك فإن عدم التبصر وتناسي دروس الماضي قد يحكم علينا الحاضر بالسقوط في دواليب قد ترهن آفاقا مستنيرة وتزج بمسار طاقات ونضالات الكادحين في غياهب هي في غنى عنها... وفي هذا السياق كانت مدة 33 يوما من العدوان على لبنان كافية لقلب موازين سياسية كانت إلى وقت قريب شبه مسلمات, كما لم تثبت وسقطت ورقة التوت عن الخطابات المنمقة ببقايا الجمل اليسارية ليتكشف للعلن خزي وعمالة بعض أطراف الأممية الاشتراكية, لا سيما ممثليها في لبنان. إن الأممية الاشتراكية ( الأممية الثانية)، ومما تضمه حزب العمال البريطاني بقيادة توني بلير الذراع الأيمن والطيع للولايات المتحدة, وحزب العمل الإسرائيلي بزعامة عمير بيريتس, وزير الدفاع وقائد العدوان على الشعب اللبناني, الذي عارض وقف العدوان ومهندس مجزرة قانا الثانية, ومكمل سيرة سلفه في الحزب, شيمون بيريز, جزار قانا الأولى, والمجازر بحق صبية ونسوة فلسطين اليومية ليس بالجديد الذي يذكر. والى نفس المنظمة ينتمي " الحزب التقدمي الاشتراكي" لوليد جنبلاط الذي لا يحمل من التقدمية سوى الاسم, حيث لم يكن مستغربا أن يقوم هذا الأخير بلقاء إحدى أعضاء الكنيست المتشددين ولم تجف بعد دماء أطفال قانا ومروحين والقاع..ليس مستغربا أيضا، لأن اللقاء جاء على هامش مؤتمر الحزب الاشتراكي الفرنسي الغني عن كل تعريف ‼. ففي الوقت الذي كانت إسرائيل تدك الأرض وما عليها بالقنابل الفسفورية والذكية والانشطارية..سارع " الحزب التقدمي الاشتراكي" إلى الطعن في ظهر المقاومة بالتشكيك فيها بأنها حرب سورية إيرانية على أرض لبنان. وأفضع من هذا أن عناصر حزبه قامت بمنع مرور مساعدات إلى الجنوب وتحويلها إلى جهات أخرى, ومنها حسب ما تواردت الأخبار حينها مساعدات جزائرية..إلى جانب هذا "يساري" آخر هو الياس عطا الله الذي صرح في أولى أيام العدوان أن المقاومة اللبنانية ما أسرت الجنديين إلا لأن الطيران الإسرائيلي اخترق الأجواء السورية... وقبل هذا, على سبيل التذكير, جرى في لبنان غداة اغتيال رفيق الحريري فيفري 2005 , اصطفاف لقادة سياسيين من بينهم هاتين الشخصيتين, وكذا " تيار المستقبل" بزعامة سعد الحريري, ابن رفيق الحريري, في جماعة أطلقت على نفسها " جماعة 14 مارس". ولفهم أبعاد السياسة التي تجمعها يجدر استعراض بعض الأهداف التي راحت تصوب عليها׃ تهجمت على القوى الوطنية والتقدمية اللبنانية المعادية للصهيونية والإمبريالية وهللت لقرار مجلس الأمن 1559 المطالب بخروج القوات السورية ونزع سلاح "حزب الله"، وراحت هذه الجماعة تردد معزوفة السيادة والديمقراطية بحشد المظاهرات- بدعم أمريكي- حتى أن منظمة " روح أمريكا" كانت تتكفل بتوزيع الشطائر على المتظاهرين ضد ما أسمته " الاحتلال السوري". وليس في الطرح قصور في الرؤيا، فـ "الجماعة" بانخراطها في مشروع سياسي واقتصادي لم تفعل ذلك بمحض الصدفة. فوليد جنبلاط وجماعته يسعى لاتفاق مع إسرائيل على غرار اتفاق 17 أيار، وهو الذي اعترض أيضا في قمة السودان على بند المقاومة. وقد سعى هو وجماعته لاستصدار عـفـو عـن سمير جعجع "ديمقراطي" آخر وعضو الآن في هذه الجماعة، اعتقل في 1994 بعد تفجيره لكنسية " النجاة"، واغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رشيد كرامي. وهو أحد الضالعين في مجزرة صبرا وشتيلا..إلى غير ذلك من الجرائم الثابتة ضده. إن تحميل المقاومة اللبنانية مسؤولية العدوان هو ارتماء تحت أقدام أسياد الإمبريالية بتشكيل غطاء للعدوان نفسه, وإعطاء الشرعية له ليتلازم ذلك مع ادعاءات الإدارة الأمريكية في أن إسرائيل تدافع عن نفسها. ولقد استشهد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة بأقوال " اليساري" إلياس عطا الله. لقد برهـن من هـم من نفس الطينة " الديمقراطية" عـن عمالتهم وخيانتهم بأقـنعة وستائر إيديولوجية إصلاحية قديمة بأغلفة جديدة، ويواصلون ذر الرماد في أعين الجماهير مجترين مصطلحات بورجوازية فارغة. فعندما سئل الأمين العام للحزب الشيوعي في قناة المنار عن نوعية هذا اليسار، أجاب بأنه ليس يسارا. وإنما هو العار. لقد انفـضحت عمالة هذه البقايا المتبقية من "رواد الديمقراطية" على المكشوف، وانفضحت " الديمقراطية" و" الوعود الوردية" لأسيادهم في العراق وأفغانستان، فحقيقة الدمار والخراب وتزايد البؤس والفقر والجوع هي من إنتاج العالم الرأسمالي. إن التاريخ لا يسير على "هوانا" نضعه في اللحظة " الواقعية" متى نشاء أو في ظروف نحن نختارها. وأما حفنة " الديمقراطيين" هؤلاء, كما قال ناظم حكمت, الشاعر الشيوعي التركي الراحل,..فستدور عجلة التاريخ، ويطرح عليكم السؤال..كيف فرطتم بهذا الوطن. إنقاذ الجزائر يجب المضي بسرعة لقد أمكننا خلال الأسابيع الأخيرة قراءة عدد من المساهمات والتصريحات والبيانات أو حتى حضور نقاشات وجدال حول المسائل والتوجهات الاقتصادية للبلاد. وتجدر الإشارة أنه منذ مدة لم نشهد نقاشا مماثلا نشطه أساسا اقتصاديون أو أخصائيون سبق وتقلدوا مسؤوليات في الحكومة ومختلف المؤسسات خلال الـ 20 سنة الماضية. ربما تعكس هذه النقاشات الصراعات الساخنة الدائرة في داخل الحكومة والسلطة حول التوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المنتهجة، حيث شهدنا بعض الأحداث الهامة كإعادة النظر في قانون المحروقات، والتفكير داخل غرف مغلقة لتحديد إستراتيجية صناعية وإعادة إنشاء هيئة تخطيط ممثلة في الأمانة العامة للتخطيط التي أنشئت مؤخرا.. ومن المهم بمكان التذكير بأنه خلال العقدين الماضيين، سيطر التيار الليبرالي والليبراليين الجدد على الساحة السياسية والإعلامية بشكل مهيمن׃ من ذا الذي كان يستطيع الدفاع عن الاستثمار المنتج، والتصنيع، والتخطيط، وحماية الاقتصاد الوطني، وتدخل الدولة?. لقد كان من اللازم التحلي بقناعات سياسية وإيديولوجية راسخة لمواجهة أنبياء اقتصاد السوق والانفتاح والعولمة. كان يلزم قدرا من الشجاعة والبراهين والكفاءة من أجل خلق الدواليب الذاتية للتدخل وكسر احتكار الإعلام. التضحية بالصناعة قربانا... خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2004 كان يجب قراءة وإعادة قراءة برنامجي المترشحين الرئيسيين ليتضح أنه لديهما نقاط مشتركة، فضلا عن أنهما لم يتضمنا كلمة واحدة حول الصناعة. لقد تجلى هذا التوجه على أرض الواقع، فقانون المالية لسنة 2006 لم يخصص أي شيء للصناعة، كما أن التوجه المتطابق والمقتبس من المخطط الرباعي 2005 ـ 2009 للإنعاش والنمو الاقتصادي لم يخصص بدوره أي سنتيم للصناعة الوطنية. وضمن هذا التوجه الليبرالي المفرط أعلن وزير المساهمات وترقية الاستثمارات عن استرتيجية قادمة للصناعـة وحوالي 20 عملية خوصصة كل شهر، وهذا دون أن يتحدث عن عدد المشاريع الصناعية كل سنة. وبذلك يتم إعفاء الدولة من الاستثمار، في حين لايبدي المستثمر الأجنبي الاهتمام سوى بقطاع المحروقات. أما الطرقات السريعة فقد خصص لها حصة 8 مليار دولار والتي تعـود بالفائدة بصفة خاصة عـلى الشركات الأجنبية الكبرى. وهنا نجد الدولة تضخ الأموال لهذه المشاريع دون إبداء أي انزعاج كما أن وزير الأشغال العمومية يرفض حجة " انسحاب الدولة " بالنسبة لهذا القطاع "المحرك للتطور الاجتماعي والاقتصادي". وتعتبر هذه الممارسات سابقة أولى من نوعها في تاريخ الاقتصاد العالمي، لكنها حصلت عندنا. حيث لم يتم فقط رفض استثمارات صناعية، إن الصناعة العمومية المتواجدة بأكملها قد أهملت وتمت تصفيتها. لقد تم تسريح مئات الآلاف من العمال وحرم مئات الآلاف الآخرين من الشباب من مناصب عملهم الأوليةـ سواء أكانوا حائزين على شهادات أم لاـ ليرموا إلى البطالة وخيبة الأمل. إنقاذ لا مفر منه.. لقد تم تطبيق سياسة ليبرالية متطرفة أثارت دهشة حتى البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، إلا أن بعض "الأخصائيين" مازالوا يواصلون المطالبة بانفتاح أكثر في المجال الاقتصادي. وعلى الرغم من أن الانخراط في المنظمة العالمية للتجارة لم يبدأ بعد، واتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ما يزال في بداياته، إلا أن الجزائر قـد قطعت أشواطا من الانفتاح الاقتصادي أكبر من بلد كفرنسا مثلا. وبغض النظر عن أية حصيلة، فإنه من الواجب التخلي بسرعة عن التقييمات الرسمية التي تقوم بها السلطات العمومية حوصلات الاكتفاء الذاتي والمعممة الرسمية والمضي بسرعة وبحزم نحو برنامج جريء للإصلاح الاقتصادي وتصنيع البلاد لمحاولة استدراك التأخر بمعية العمال والإطارات التي مازالت موجودة لحسن الحظ. إن انتهاج برنامج كهذا يعتبر أحسن خدمة تقدم للبلاد وأبنائه. رضوان ميموني. ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء ليس على المواطن أن يدفع الثمن ! لا يتوقف مسئولو سونطراك عن الإعلان عن الزيادة في أسعار الكهرباء بأكثر من 20 % . ولتبرير تلك الزيادة يقدمون سببين: السبب الأول مرتبط حسبهم بجدوى أن السعر المعمول به سيكون أقل بـ 35 % من تكلفة إنتاج الكهرباء, فأي مصداقية لتصريحاتهم ?. يمكننا أن نتساءل حول كيفية حساب هذه التكلفة. لماذا تكشف حصيلة سونلغاز عن نتائج إيجابية بفوائد متزايدة كل سنة، في حين أنه يتوجب أن تلحقها الخسائر. وإذا ما استمعنا لمسئولي الشركة فإن الأسعار المطبقة هي أقل من التكاليف. وفي مناسبات أخرى يطمئننا نفس هؤلاء المسئولين بأن السعر الجاري للكهرباء في الجزائر هو الأكثر انخفاضا في بلدان حوض المتوسط. يمكن أن يكون هذا صحيحا، بل إن ذلك يعتبر أمرا عاديا، وهذا على عكس البلدان الأخرى المتوسطية التي يلزمها شراء الغاز بالسعر العالمي لتزويد محطاتها لتوليد الكهرباء. وباستثناء ليبيا، فان الجزائر تنتج وتملك الغاز الطبيعي، وبالتالي بإمكانها أن تنتج الكهرباء بسعر منخفض . هاهنا يتوفر امتياز اقتصادي يجب استثماره لتموين شركاتنا الاقتصادية بمورد للطاقة بسعر منخفض, وأيضا عامل جد مهم للمنافسة التي سيكون من غير المعقول التخلي عنه. لكن المسئولين عندنا بطبيعة الحال لا تهمهم المصلحة الوطنية، وإنما ما يهمهم هو ضمان فوائد فاحشة للسماسرة. ثم إن الليبراليين المتطرفين ما فتئوا يشتكون من اختراق "قوانين" المنافسة، عندما تقوم سونطراك بتموين سونلغاز بالغاز بسعر وطني أقل من السعر الدولي. فإذا ما أردنا محاربة تبذير الموارد الطبيعية التي بإمكان الأسعار المخفضة أن تشجعها, فإن الإمكانيات متوفرة لذلك، دون المساس بالقدرة الشرائية لذوي الدخل المحدود. يجب إعادة النظر في زيادة أسعار الكهرباء بما يتماشى ومعدلات الاستهلاك. فالأكثر غنى، أي كبار المستهلكين للكهرباء من واجبهم أن يدفعوا أكثر، وفي هذا لا يتلفظ مسؤولونا أية كلمة. أما السبب الثاني فيتعلق بضرورة توفير الإمكانيات المالية لسونلغاز والتي تتطلبها الاستثمارات الضرورية لرفع قدراتها الإنتاجية. وستكون سنة 2007 صعبة إذا ما لم يتم تطبيق الزيادات المعلن عنها، حسب ما يقوله مسؤولو سونطراك. إن أصحاب القرار الذين يستندون إلى هذه "الحجة" ليسو- في كل الاحتمالات - سوى مسئولي وزارة الطاقة الذين يسعون لتبرير عمليات التحويل والنهب الآتية مستقبلا. لقد جمدت إدارة سونلغاز الاستثمارات لفسح المجال واسعا للشركات متعددة الجنسيات التي لم تأت، ثم إنه منذ متى يكون بإمكان شركة ما أن تمول استثماراتها بفرض زيادات ـ مسبقاـ على زبائنها ?. إن سونلغاز شركة وطنية، والدولة باعتبارها المالك لهذه الشركة ما عليها إلا أن تضخ الأموال في رأسمالها لإنشاء محطات جديدة وتوسيع شبكة التوزيع، الشيء الذي لا يستدعي إقـرار أي زيادة. كما لا يوجد أي مبرر في كل الأحوال للجوء إجباريا إلى القروض . فالدولة تملك الأموال الوفيرة، في حين أن القروض لديها تكلفة تعود تبعيتها على المستهلك الذي سيدفع عواقبها إن عاجلا أم آجلا , حيث أن الفوائد التي تعود على المقرض تؤدي حتما إلى زيادة الأسعار. لهذا، فإن هذه الخطوة التي تنص على الاستعانة بصورة منتظمة " بالأسواق المالية" كما هو الحال في اتصالات الجزائر مثلا أو سونلغاز يجب أن تحارب وأن تلقى كل التنديد. ولهذا الغرض بالذات ينوي مواطنون إطلاق حملة جمع التوقيعات على المستوى الوطني لمطالبة الدولة بضرورة التكفل بتمويل استثمارات سونلغاز ورفض مشاريع زيادة أسعار الغاز والكهرباء التي ستثقل كاهل المواطنين وتزيد الطين بلة . خالد صافي الشرق الأوسط ماذا بعد العدوان على لبنان؟ يبدو أن العدوان الأخير على لبنان مازالت تدور من حوله النقاشات وتعود أقلام البعض والآخر لتناول الحدث من زاوية أو أخرى. فطبيعته وسياقه المتميز والتداعيات المترتبة عنه والتطورات الحاصلة والمستترة هي التي تصنع دون أدنى شك الوضع اليوم في عموم الشرق الأوسط لا سيما في لبنان. وقبل الحديث عن أي "حصيلة" أو"حصاد"، يجدر بنا العودة لاستعراض أهداف العدوان نفسه حتى تتبين لنا طبيعة الإفرازات وأبعادها. فما أعلن عنه من وراء العدوان׃ تحرير الأسيرين دون أي قيد أو شرط، والقضاء على المقاومة اللبنانية وتجريدها من سلاحها. أما الأهداف الخفية فمنها إنزال ضربة نكراء بالمقاومة لتكون عبرة لمثيلاتها في فلسطين والعراق، وإعطاء المجال للقوى السياسية اللبنانية والعربية الأخرى المتواطئة لتثبيت أقدامها, وتدمير لبنان وإثارة الحرب الأهلية وجعلها نموذجا أوليا لكيفية إزالة ملاح الشرق الأوسط" الكلاسيكي", والاستفراد بالمقاومة الفلسطينية والقضاء عليها، وخلق مناخ موات للقضاء على المقاومة العراقية والتفرغ بعد ذلك لإيران الغنية بالبترول والغاز ومن ثمة الطريق نحو بحر قزوين. وهي طبعا جملة من الأهداف التي كان السعي لتحقيقها هو تحقيق لإحدى المراحل التي يتضمنها المشروع الإمبريالي في المنطقة لتقسيم الشرق الأوسط إلى دويلات طائفية وإثنية وبحكومات موالية لأمريكا وتهيمن عليها إسرائيل كمركز متقدم للإمبريالية وقوة ردع في المنطقة. وأما من نتائج العدوان, فالمقاومة, شئنا أم أبينا, أحبطت معظم أهداف العدوان لاسيما المباشرة منها وخلقت مناخا مقاوما سوف تترتب عنه تداعيات كبيرة تبدل كثيرا من المفاهيم والقناعات السائدة في المنطقة وفي العالم. واليوم يبدو واضحا في أعين الجماهير أنه لا توجد في العالم قوة لا تقهر وإنما إرادتها هي التي لا تقهر. إن النضال ضد المشروع الامبريالي يجب أن يكون المهمة الرئيسية لكافة فصائل حركة التحرر الوطني، فضلا عن أن يكون أحد المهام الأساسية لفصائل الحركة الثورية. الشيوعيون إلى جانب الإسلاموية إن انتصار المقاومة يكمن قبل كل شيء في التصدي للعدوان الإمبريالي وإجهاض مخططاته، حتى الآن، لتسريع إنشاء "الشرق الأوسط الجديد" مباشرة بدءا من لبنان. وإن بعض الأوساط اليسارية التي تتكهـرب من كل ما هو رجعي تحت أي شكل كان, لم تكن على هامش العدوان بقدر ما كانت من وراء الشاشة الصغيرة فصنعت لنفسها قوقعة فوق أخرى وجمودا فكريا لا يمت بصلة للفكر الماركسي الذي يحلل الظواهر الاجتماعية في صيرورتها ووفق خصوصياتها وسياقها وطبيعتها المتشابكة. سيكون من "الحكمة" التبصر، ولكن من التعسف اتخاذ المواقف والإذعان لشتى التصريحات و"التحاليل" الفكرية المزعـومة انطلاقا من حسابات و" تنبؤات" ارتجالية. ففي الوقت الراهن توجد أمور مضت ومعطيات دفنت وأخرى قد ولدت, فالمسألة في لبنان كانت بين الموت والحياة وحتى الحياد في تلك اللحظات خيانة أكبر من الخيانة ذاتها... وطبعا " حزب الله" ذو صبغة دينية ويكفي نظريا هذا ليتلازم مع أحلك معاني الرجعية, ولكن من التعسف إقرانه بحركات إسلاموية رجعية كتلك الحليفة مع الإمبريالية أو كنسخة للفيس مثلا عندنا في الجزائر...ثم إن مضمونه في المرحلة الراهنة وطني تحرري وموضوعيا ضد الليبرالية. فلقد دعم ماركس وانجلس حركة التحرر الوطني في بولونيا بالرغم من أنها كانت ذات صبغة كاثوليكية واضحة؟ لقد دعموا غاليباردي هذا الثائر الإيطالي بالرغم من كل خلافاتهم الإيديولوجية معه. إن "حزب الله" ليس العدو الأساسي في المرحلة الراهنة ومن مصلحتنا في هذه المرحلة توسيع الجبهة المعادية للإمبريالية، ومن أبعاد ذلك خلق ميزان قوى مناهض للإمبريالية في المنطقة وفي العالم. وطبعا من واجب التقدميين إبراز وتوعية الجماهير بالحدود الموضوعية والتاريخية لمثل هذه الحركات ومواصلة النضال الإيديولوجي من أجل البديل السياسي والاجتماعي الذي يتجاوز الظروف الراهنة, وهذا بالإضافة لمسائل التنظيم والاستقلالية التي تتلازم طردا والأهداف المرجوة من كل تقارب أو تحالف. وإذا كان من غير المكن تشبيه " حسن نصر الله" بـ "غاليباردي", على الأقل, فإنه على هذا الصعيد يعد أكثر تقدمية من ممثلي الاشتراكية الديمقراطية في لبنان التي لم تكتف بالتشكيك في المقاومة، بل راحت تطعن ظهرها في أيام الحرب، وهي اليوم تنفخ أبواقها لترجمة إملاءات ورغبات إسرائيل وأمريكا.. "عرقنة" لبنان.. ومما راهنت عليه إسرائيل إثارة حرب طائفية في لبنان على غرار ما يحدث في العراق, فمخاطر احتمال حدوث ذلك قائمة بحيث أن إسرائيل استغلت ضعف المقاومة في مجال الأسلحة والعتاد الحربي وقام جيشها بإنزال خسائر هائلة في البنية التحتية وفي صفـوف المدنيين بقصد التعويض عـن فشله في مواجهة مقاتلي المقاومة ولتحقيق انفصام بين الوسط الحاضن والمقاومة، وبالتالي تحميل هذه الأخيرة مسؤولية المآسي التي لحقت باللبنانيين. وفي هذا الصدد برزت أصوات التيارات المتكتلة في ما يعرف بـ "جماعة 14 مارس" متهجمة على المقاومة ومحاولة تأليب الشارع؛ غير أن الذي حدث كان صورة من صور التلاحم والتضامن الذي اتسعت رقعته إلى كافة أرجاء العالم ليكتسب صبغة أممية. لقد صاغت فرنسا في 1943 هذه الصيغة الطائفية واستمرت بعد الاستقلال، وانفجرت في 1975 الحرب الأهلية الأولى. واليوم هذه " الجماعة" بمنطقها الطائفي البرجوازي تفتت " الوطن" والشعب. والتاريخ يعلمنا أن البرجوازية لا تتماسك ولا تقوى إلا بتفتيت الكادحين بأي وسيلة كانت. ولا يمكن إسقاط هذه الصيغة الطائفية في لبنان إلا بإسقاط هذه البرجوازية المالية الكمبرادورية والوضع السياسي الطائفي الذي تتغذى منه وتسيطر به هذه البرجوازية.


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني