PCP

يا عمال العالم اتحدوا

منظمة التحرير الفلسطينية والبدائل المطروحة

منظمة التحرير الفلسطينية والبدائل المطروحة الأداة أم الهدف؟! يمارس المدافعون عن منظمة التحرير الفلسطينية بنهجها وقيادتها الحالية مكيافيلية معكوسة، إذ الهدف لا يشكل أهمية في نظرهم بقدر ما تشكله الوسيلة، يقدسون الوسيلة وينسون الهدف. ولعلها من مصادفات التاريخ الجارحة أن تصبح إسرائيل ـ وهي العدو الأول للشعب الفلسطيني ـ المدافع والحاضن لمعظم الفريق المتمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية والمتمترس خلفها كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني . إضافة إلى هذا العدو الذي أنشئت المنظمة عام 1964 لتشكل النقيض التاريخي له ولكيانه المغتصب، يصطف مع محمود عباس ومتعهدي أوسلو الراعي الأمريكي وجوقته الغربية من ساركوزي إلى ميركل وبراون، وأنظمة عربية خلعت كل براقع الحياء والخجل وفي مقدمتها النظامان المصري والسعودي !! إنها فعلا من مفارقات التاريخ الفلسطيني المليء بالمآسي . .. هل نسينا حفيد أيلول الذي قتل جده الطاهر من الفدائيين واللاجئين في أيلول الأسود أكثر ما قتله العدو الإسرائيلي خلال سنوات النضال التحرري الفلسطيني المستمر رغم ارتهان القيادة المتنفذة في المنظمة لمخططات الأعداء وتحولها الطبقي والسياسي إلى جبهة الحلف الأمريكي الإسرائيلي العربي المعتل . . الآن وبعد تصريحات السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس حول ضرورة إيجاد قيادة بديلة للشعب الفلسطيني ثارت ثائرة الكثيرين، وأولهم طبعا محمود عباس اللائذ بتاريخ المنظمة وارثها النضالي لا ليطوره ويرتقي به، بل ليقضي عليه ممارسة بل وحتى ذكرى . . . وليس آخرهم اليساري السابق ياسر عبدربه وتجمعات الاشتراكيين الديمقراطيين ومتعهدي أموال (الأصدقاء الأوربيين . ( في مواجهة تهديد حماس بقيادة بديلة لم يجد هؤلاء سوى وحدانية التمثيل وقدسية المنظمة لغض الأبصار عن سوءاتهم وعورات المنظمة التي ـ للحقيقة ـ ما عادت منظمة تحرير وما عاد قادتها التاريخيون يقودون العمل الفدائي بنفس الوقت الذي يطرقون فيه أبواب الأمم المتحدة والمنظمات والدول لتثبيت الحق الفلسطيني، وإنما تحولت بفضل قيادتها الحالية إلى هيكل إداري مالي لشفط المعونات الغربية وإدارة المفاوضات التي لا تنتهي ولا تثمر عن شيء مع قادة الكيان، في الوقت الذي يستمر فيه هذا الكيان بالتوسع الاستيطاني والقتل والاعتقال والتجويع بحق أبناء الشعب الفلسطيني ومناضليه . درج التنازلات لم يكن يخطر ببال احد ممن صاغوا واقروا الميثاق الوطني الفلسطيني (1968) أن يصبح هذا الميثاق مزقا من أوراق تجاوزها الزمن العولمي قبل انجاز أي هدف من أهداف التحرير (شطب 12 بنداً من أصل 33 بنداً عام 1993 كرمى لعيون شامير صاحب مقولة مفاوضات بلا نهاية ورابين كاسر عظام الأطفال الفلسطينيين)، وان يسبقه إعلان دولة فلسطين من الجزائر (1988) لتكون تنازلا مسبقا عن البديهية التي تحضر في كل مناسبة، وأكدها العدوان الصهيوني على غزة وقبلها على لبنان، وهي أن هذا الكيان لا يمكنه أن يعيش بسلام وأمان ضمن حدود ثابتة مع الجوار، هو نبتة غريبة لا تستمر في العيش سوى بالتطفل والافتئات على الجيران، وطبيعته العدوانية التوسعية تمنعه من إعطاء أي حق لأصحاب الأرض إلا بالقوة، ولا الانسحاب من أي ارض يحتلها إلا مكسورا مهانا مهزوما كما حصل له في لبنان. لا نشكك بأهمية منظمة التحرير كانجاز تاريخي جمع شمل القوى الوطنية الفلسطينية المناضلة من اجل التحرير على اختلاف انتماءاتها السياسية والفكرية، وحقق اعترافا عالميا غير مسبوق، لكن التطورات التي طرأت عليها برنامجيا وطبقيا وسياسيا لاحقا جعلتها (في منزلة بين المنزلتين)، فلا هي ثورة تفرض وقائعها على الأرض فتجبر العدو على التفاوض معها تحت النار (التجربة الفيتنامية)، ولا هي دولة بما للدولة من مقومات الأرض والسيادة. وبقي الجميع يعتبرها هوية الشعب الفلسطيني بما هي نتاج عقود من الكفاح والدماء والعمل السياسي والدبلوماسي، حتى جاءت التطورات التي تلت الخروج من بيروت واختيار الجناح اليميني المتنفذ في قيادة م.ت.ف الاقتداء بالسادات، ووضع كل أوراقه في السلة الأمريكية (الإسرائيلية لاحقا)، وهكذا بدأ الانقسام في الصف الفلسطيني وتخللته تدخلات عربية وإقليمية رغم شعار القرار الوطني المستقل الذي رفعه الجناح السائد في المنظمة للتحرر من كل التزام ببرامج المنظمة وميثاقها، بينما تمسكت الفصائل المعارضة بـ«قومية المعركة» وبالميثاق الوطني حكما بينهم، ثم جاءت ولادة المنظمات الإسلامية الجهادية (حماس والجهاد الإسلامي) في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي لتضع قيادة المنظمة ـ التي تحولت وأصبحت سلطة أوسلو ـ أمام تحدٍّ اكبر يمس شرعيتها كمقاومة للاحتلال، وحينها أوجد الزعيم الراحل ياسر عرفات بحنكته السياسية وبراغماتيته صيغة وسطى، فلا هو قبل بتصفية المقاومة تلبية لمطلب إسرائيلي، ولا تبناها، ثم جاء صعود تيار محمود عباس الموغل في «الإخلاص» لنهج التسوية والاستسلام ليوصل المعركة بين الجانبين إلى انفصال على الأرض تجسد في الانفصال بين غزة والضفة الغربية اثر تفرد حماس بالحكم في غزة ردا على (مؤامرات رجال الرئيس)، ثم جاءت معركة غزة الكبرى التي فضحت التنسيق الواضح بين سلطة عباس والأنظمة العربية الخائنة والخائبة وبين الاحتلال في محاولة تصفية المقاومة لتدق النعش الأخير في مشروعية المنظمة كمشروع مقاومة طالما أن قائدها هو محمود عباس وأعوانه، رغم وجود فصائل لها وزنها وتاريخها النضالي في قيادتها (الجبهة الشعبية، فتح، الديمقراطية)، لكن تفرد مجموعة أوسلو بالقرار جعل المنظمة رهينة مشاريع تصفية المقاومة فانقلبت إلى عكس الهدف الذي أنشئت من اجله، ولهذا جاء طرح السيد خالد مشعل حول إعادة النظر في المرجعية النضالية للشعب الفلسطيني يحمل مشروعية واضحة وأكيدة، بدليل أن بعض فصائل اليسار التائب واشتراكيين ديمقراطيين أصيبوا بالرعب من دعوة مشعل، وحاولوا تحويلها إلى معركة بين الأصولية والعلمانية (حسب الموضة الدارجة)، لكن القصة واضحة ولا تحتاج إلى كثير من الذكاء لكشف المحور الذي اختارت قيادة م ت ف الانخراط فيه . نعم. . . إنها أجندات . .. إن كل ما يقال عن أجندات إقليمية (المصطلح الأثير لدى مبارك وابو غيطه وعباس وعبدربه) تنفذها حماس وقوى المقاومة هي على كل حال ليست بقدر تنفيذ مجموعة أوسلو الحاكمة للمنظمة والسلطة لأجندات أمريكية وإسرائيلية. وإذا كانوا يخيرون الشعب الفلسطيني بين أجندتين: إيرانية سورية مقاومة ومعادية للامبريالية (بغض النظر عن عمق هذا العداء وجذريته ومداه)، وأخرى أمريكية إسرائيلية عربية عميلة (سعودية مصرية)، فان هذا الشعب قد حسم خياره في أكثر من مناسبة وقبل بدفع الثمن على كل جسامته، لأنه يعرف جيدا أن المستعمرين لا يفهمون إلا لغة المقاومة، وأي تحالف يقوي هذه المقاومة ويدعمها هو تحالف صحيح مقابل التحالفات المشبوهة والتي أصبحت واضحة ولم تعد تحتمل التأويلات الطائفية والمذهبية، فحماس ليست شيعية ــ كحزب الله ــ لتدعمها إيران، وتركيا التي اتخذت مواقف شجاعة فضحت تخاذل المعتلين العرب دولة «سنية» لا يمكن اتهامها بأنها تبحث عن مد مذهبي وأطماع توسعية في البلاد العربية، كما يحلو ترديده من قبل تجار التفرقة والتفتيت الطائفي ليكرسوا الاستقطاب الذي غذوه وسعروه في المنطقة . ان المواقف تزداد وضوحا في المنعطفات والأحداث الكبرى، ومعركة غزة المشرفة كشفت الأقنعة مرة أخرى وبشكل أكثر فضائحية من أي وقت مضى، ولم يعد بإمكان الصهاينة العرب أن يخفوا عمالتهم وتبعيتهم لإسرائيل وأمريكا مهما اخترعوا من مصطلحات ومعابد. . . . ومنظمة التحرير هي أداة لانجاز هدف نبيل هو تحرير فلسطين، وعندما تصبح الأداة غير ذي نفع بل تحمل الأضرار للهدف المنشود فإنها لا تستحق ذرف الدموع عليها بل ينبغي دفنها بدون مراسم عزاء، والبحث عن أدوات أفضل وأجدى، وهي هنا أوسع تحالف وطني فلسطيني للقوى الوطنية المتمسكة بالمقاومة متعددة الأشكال والتجليات، وليبقَ اسمها منظمة التحرير الفلسطينية. . . .أين المشكلة؟! وعد الخالد (صوت الشعب)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني