PCP

يا عمال العالم اتحدوا

بيان صادر عن الحزب الشيوعي الفلسطيني بمناسبة مرورأربعين عاما على نكسة حزيران – دروس وعبر

في الخامس من حزيران من العام 1967 ، وبعد 19 عاما من نكبة 48 ، مني شعبنا العربي الفلسطيني بكارثة احتلالية صهيونية ثانية ، مدعومة عسكريا وفنيا وماليا وسياسيا بالحلف التكتيكي والاستراتيجي الأمريكي لإسرائيل ومؤسستها العسكرية الغاصبة لفلسطين ، كارثة أجهزت على ما تبقى من فلسطين إضافة إلى مساحات شاسعة من أراضي أربعة دول عربية مجاورة هي مصر وسوريا والأردن ولبنان ، سميت هذه الكارثة فلسطينيا بالنكسة ، تميزا لها عن سابقتها في عام 48 ، والتي حملت حينها اسم النكبة مع أن الثانية فاقت الأولى كثيرا من حيث مساحات الأراضي الجديدة التي احتلت ، الفارق الوحيد هو أن الشعب العربي الفلسطيني تعلم في هذه المرة درسا قاسيا في نتائج النزوح عن الأرض ، فتشبث بالأظافر والأسنان ، وانزرع في أرضه مفضلا أن يبقى في بيوته تحت حراب الاحتلال و نيران مدافعه على أن يقضي العمر نازحا من بلد إلى بلد ومن مخيم إلى مخيم ، كما يحدث له ألان على أطراف وفي قلب بعض المخيمات في لبنان . لقد وعى شعبنا جيدا كل أخطار الهجرة وكل أعمال ومخططات الترانسفير لإعادة صياغة نتائج نكبة 48 و الإجهاز نهائيا على كل عروبة فلسطين. وإذا كان لا بد لنا ولغيرنا من وقفة تقيميه مختصرة وسريعة بهذه المناسبة ، تربط وتحلل دروس الماضي بالحاضر، وتؤصل لمواقف وممارسات مستقبلية أفضل. فإنه يتوجب علينا الاعتراف أولا بأن كل ما حل بشعبنا وما سيحل به وبقضيته ، لم يكن دائما حتمية تاريخية ولا صدفة استعمارية وإن كان العدو الامبريالي بتحالفه مع الصهيونية دائم التربص لاستثمار واستغلال أي خلل سياسي أو إداري أو فني أو عسكري للانقضاض على شعبنا وعلى شعوب المنطقة مستفيدا من كل عوامل القصور الذاتي وقصر النظر ، وتواطؤ القادة المحلين و الرسميين العرب. وعليه فإن نكبة 48 لم تكن لتكون بهذا الزخم ولا بهذه النتائج ـ وربما ليست على هذا النحوـ لو تم التعاطي من قبل قيادات ذلك الوقت مع الحلول والقرارات الدولية بشكل أكثر وعيا وتفهما ومسؤولية وببعد نظر أكبر بعيدا عن المزايدة ومواقف الارتجال والقصور السياسي ونخص هنا قرار التقسيم عام 1947 بشكل خاص. وذات الشيء يمكن أن يقال عن أسباب و مبررات حرب حزيران عام 1967 ، فهي و إن بدت كضيق ذرع إسرائيلي بالمقاومة الفلسطينية الناشئة (سنة65) إلا أنها لم تكن هي الأخرى قضاء مقدرا ولا صدفة تاريخية ، وكان بالإمكان تلافيها وقطع الطريق على الباحثين عن أسباب لها و المدبرين لمكائدها ، لو تعاملت القيادة المصرية ـ في حينها ـ مع الأزمة بعقلية أكثر وعيا واستشرافا للمقاصد والمرامي المبيتة، وللحقيقة فقد تنبهت القيادة المصرية لخطأ طلبها المتسرع بسحب قوات الطوارئ الدولية من سيناء وحاولت تداركه بطلب أخر يلغي الطلب الأول ، لكن رئيس هيئة الأمم ـ يوثانت ـ لعب يومها دورا مشبوها للغاية أولا: بموافقته السريعة جدا (خلال يومين) على طلب الحكومة المصرية الأول وثانيا: رفضه التام والمطلق للمطلب الثاني (العدول عن السحب) ، مما استدعى تصعيدا مصريا بقرار إغلاق مضائق تيران الذي أعطى للعدو المتربص مبررات إضافية لشن الحرب ولفتح المضائق بالقوة فكانت الحرب الحزيرانية الغير محسوبة جيدا عربيا و الغير معد لها إعدادا فنيا وعسكريا ونفسيا ، فجاءت تلك النتائج الكارثية وبالطبع ليست هذه العجالة التقيمية بالكافية والوافية ، ولكنها مجرد عرض نموذج لقصور عربي رسمي جاء التطبيق الفلسطيني الرسمي اللاحق (السلطة الفلسطينية) ليكرس قوة استمراره. لقد بدأ دور القيادة السياسية الفلسطينية يأخذ موقعه الفعلي في الصراع العربي الفلسطيني الصهيوني ، بعد حرب 67 مباشرة برز في صورة منظمة تحرير فلسطين (منذ سنة65) التي أخذت على عاتقها قيادة مرحلة تحرر وتحرير وطني فلسطيني و أول مظاهر انسحاب القصور العربي على القصور الفلسطيني كان في عدم قدرة قيادة المنظمة على الربط الدايلكتيكي ما بين مهام ووسائل وأدوات عملية تحرير الوطن من محتل غاشم وأدوات ووسائل ومهام إنجاز ثورة وطنية ديمقراطية ، صحيح أن الثورتين متلازمتين ولكن لكل منهما شروطها ومقوماتها الموضوعية والخاصة. لقد أصبحت منظمة التحرير الفلسطينية جزءا من النظام العربي الرسمي وتغطت بعباءته فسحبت من ورائها كل إخفاقاته بل فاقمت الكثير منها ، وإن معظم ما يعاني منه شعبنا ألان من فلتان أمني يعكس ثقل تلك الإخفاقات وما هو إلا نتائج طبيعية لفلتانات أخرى سبقته وأسست له فقد سبقه فلتان إداري ومالي وسياسي ومعاشي ،الخ من الفلتانات التي يخشى أنها أصبحت مزاجا شائعا يصعب التخلص منه أو استئصاله. لا نقول هذا تثبيطا للهمم . ولا زرعا لليأس في النفوس ولكننا نقوله ونذكره كجانب هام لمراجعة ينبغي التوقف عندها مليا لإصلاح أخطاء آنية، وتلافي أخطار مستقبلية والتخلص نهائيا من مسلسل الإخفاقات الموروثة ، ولبدء نهج عملي وعلمي مجرب ومدروس ، جربته شعوب كثيرة من قبل وأحرزت بمقتضاه النصر الحازم والحاسم وتحت أيدنا منها أمثلة كثيرة ، غنية وزاخرة بالمواعظ والعبر وكلها تؤكد ضرورة النضال والكفاح عبر مشروع جبهوي يفرق بين الخاص والعام والمرحلي والاستراتيجي ويستند على حد أدنى من التوافق السياسي الذي يخدم الراهن ويؤسس للمستقبل . إن التخلص من الاحتلال والى الأبد ينبغي أن يكون هو هدف كل عمل مقاوم وبعدها لكل حادث حديث إن الاستباق وحرق المراحل لن يعود على أي طرف إلا بمزيد من الخسارة ، بمزيد من الضعف ، مزيد من التشرذم ، مزيد من النجاح للعدو الأول والأخير المحتل الغاشم. لنجعل من ذكرى نكسة حزيران حافزا ومحفزا لنا جميعا للمطالبة بالعودة لإحياء عمل القيادة الوطنية الموحدة التي قادت بنجاح الانتفاضة الأولى ولتكون هذه القيادة نواة لانبعاث عمل جماهيري أوسع وأشمل ، ينخرط فيه الجميع في إطار عمل جبهوي مقاوم يقود نحو بناء الدولة الحرة المستقلة كاملة السيادة على أرضنا المحتلة عام 67 بما في ذلك القدس العربية عاصمة أبدية ، ويقود إلى تحقيق كل مطالب شعبنا العادلة وفي مقدمتها حق اللاجئين في العودة والتعويض بموجب قرار 194 المعترف به دوليا وشرعيا. الحزب الشيوعي الفلسطيني 5 / 5 / 2007


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني