PCP

يا عمال العالم اتحدوا

الأموال العربية المنهوبة تذروها رياح الأزمة

الأموال العربية المنهوبة تذروها رياح الأزمة لاشك أن انعدام الشفافية والمراجع العلمية والإحصاءات الدقيقة كان وراء التفاخر الهزلي للبرجوازيات الكومبرادورية العربية جميعا بأنها لن تتأثر بانهيار الاقتصاد ، وأنها في منأى عن مخاطر تسونامي الانهيار المالي الذي زلزل أمريكا وعصف بأوروبا وروسيا والصين واليابان ، ورغم ذلك فان قمة جبل الجليد التي ظهرت كانت كافية لتؤكد انهيار أسهم البورصة بتسارع فاق أوروبا وظل الخطاب الإعلامي هو هو بالإعلان أن كل شيء على ما يرام وان الاقتصاد لم يتأثر، رغم أن حجم خسارات البورصات العربية بترليونات الدولارات ، أما الودائع العربية لأشخاص وشركات ودول يقول صندوق النقد العربي أنها وصلت 3,4 ترليون دولار خاصة أن الأزمة في بداياتها وهنالك تفاعلات أخرى للازمة تنطلق من أمريكا ، ومنها على سبيل المثال انهيار سوق البطاقات الائتمانية في أمريكا والتي تقدر أوليا بـ 700 مليار دولار والحبل على الجرار،، وهذا البعد من الأزمة سيمتد إلى أوروبا والعالم ،وستصل الأزمة قريبا إلى قطاع الإنتاج،وحينها لكل حادث حديث.. وكانت مؤسسة "ميرل لنش" قد أكدت أن ارتفاع أسعار النفط زاد الثروات المالية في المنطقة في عام 2005 بنحو 20 في المائة، ورفع عدد أصحاب الملايين في المنطقة إلى 300 ألف مليونير يملكون 1.2 تريليون دولار." وقدر التقرير الذي أعلنت عنه "ميرل لنش" في مؤتمر صحافي في دبي عدد أصحاب الملايين في الإمارات العربية بنحو 59 ألف مليونير (بالدولار) مرتفعا من 52 ألفا في عام 2004، في حين وصل عدد هؤلاء في السعودية إلى 80100 مليونيرا العام الماضي مرتفعا من 60700 مليونيرا عام 2004.ولكن هذه الأموال كلها كانت أمام قدرها الرأسمالي المحتوم.. وبما أن الدول العربية لا تستورد غذاءها فقط من أمريكا وأوروبا، ولكن تستورد أزماتها أيضا.. خاصة وأن الأزمة هي ليست أميركية فقط بل هي أزمة المنظومة الرأسمالية كاملة فالدول العربية التي لا تزال ترفض حتى مجرد الاعتراف بتأثرها بالأزمة رغم أن العلاقة العضوية التي أشرنا إليها ، والتي هي أقرب ما تكون لعلاقة الزواج الكاثوليكي، كفيلة بأن تجعل ذلك واقعا لا يقبل الشك. ففي البورصة يوجد عاملان مهدا لهذا الزواج، الأول هو ما يعرف بـ"شهادات الإيداع الدولية" التي تصدرها الشركات العربية وتضعها في البورصات الأجنبية، ولعل الأمثلة الأقرب إلى الذهن في هذا الإطار شركة "جلوبال" الكويتية التي أصدرت شهادات إيداع عالمية بقيمة 1.15 مليار دولار أمريكي تم البدء على تداولها في بورصة لندن في 21 أيار 2008، وكذلك بيت التمويل الخليجي بالبحرين الذي أصدر شهادات بدأ تداولها بنفس البورصة في 4 تموز 2007. وفي مصر توجد 12 شركة مصرية لها شهادات إيداع دولية في البورصات الدولية، منها 11 شركة تعد من أبرز شركات التعامل بالبورصة المحلية وذات الوزن النسبي الكبير المؤثر على مؤشر أسعارها. ومن هنا فإن تراجع أسعار أسهم تلك الشركات في البورصات الدولية ينعكس على أسعارها في البورصات المحلية. أما العامل الثاني فهو ارتفاع نسبة تعاملات الأجانب بالبورصات العربية، فوفقا لأرقام عام 2006 ارتفعت نسبة تعاملاتهم إلى 21% في البحرين، و25% بسوق دبي المالي، و 14% بالبورصة الأردنية، و 33.3% من قيمة التعامل بالبورصة المصرية خلال الشهور الثمانية الماضية. والمشكلة هنا أن المتعاملين المحليين يقلدون دائما الأجانب، ومن ثم فإن اتجاههم للبيع مع هبوط أسعار بورصات بلادهم أعقبه اتجاه مستثمرين محليين إلى البيع، مما زاد من عمق الاتجاه الهبوطي للبورصة لينخفض مؤشر أسعارها، ففي مصر على سبيل المثال انخفض المؤشر من حوالي 11 ألف نقطة في أوائل أيار الماضي إلى حوالي سبعة آلاف نقطة عقب إفلاس بنك "ليمان برازر"، أي بانخفاض يدور حول نسبة الثلاثين بالمائة. ولا تقل العلاقة العضوية التي تربط بين القطاع المصرفي الدولي والبورصات العربية قوة عن تلك التي تربطه بالمصارف العربية، التي تعمل على تعضيد العلاقة عبر مجموعة من الروابط منها أرصدة البنوك العربية بالخارج، فقد كشفت إحصائيات مؤسسة النقد العربي السعودي "البنك المركزي" أن حجم الأرصدة السعودية في البنوك الخارجية وصل عام 2006 إلى 829.1 مليار ريال مستفيدة من تدفق الإيرادات النفطية والفائض الكبير الذي سجلته الميزانية والبالغ 265 مليار ريال، وهي أرقام تضاعفت بالطبع عامي 2007 و2008 مع زيادة أسعار النفط. وفي مصر بلغت أرصدة البنوك بالخارج 123 مليار جنيه في حزيران 2008، إضافة للاستثمارات في الأوراق المالية الأجنبية والتي بلغت أكثر من 15 مليار جنيه. هذا بخلاف الودائع العربية بالبنوك الأجنبية، والتي قدرتها دراسة نشرتها مجلة "المستثمرون" الكويتية في عددها الأخير بما يتراوح بين 600 و 800 مليار دولار، وأشارت الدراسة إلى أن البنوك السويسرية تحتضن حصة تتجاوز 50% من هذه الإيداعات، وأوضحت أن ما يقرب من 90% من تلك الأموال تتركز في دول الخليج وبصورة أكبر في السعودية والكويت والإمارات، حيث تبلغ حوالي 718 مليار دولار. ومن الطبيعي أن تتأثر تلك الأموال بما يحدث بالأسواق الأجنبية من تغيرات سلبية، ويزيد نقص الإفصاح المصرفي بالدول العربية من حجم الشعور بتبعات الأزمة. وهكذا لم يعد أحد في ظل الأزمة الدورية يمكنه أن ينجو من الآثار السلبية التي لحقت بالاقتصاديات الدولية. ويمكننا من خلال الأمثلة التالية أن نتتبع بعض أثار الأزمة على البورصات العربية: في يوم واحد سقطت جميع مؤشرات أسواق المال العربية بما عرف بالثلاثاء الأسود فريسة حالة مرعبة من التراجع، فقدت معها آلاف النقاط التي كانت قد كسبتها طوال الأسابيع الماضية، حيث بلغ التراجع في بعض الأحيان نسباً "خيالية"، وصلت إلى ألف نقطة دفعة واحدة في الرياض. وظهر واضحاً أن الكثير من المحافظ الأجنبية التي دعمت أسواق المنطقة مؤخراً سارعت إلى الفرار عقب الانهيار الذي عاشته الأسواق الأمريكية والآسيوية لتغطية مراكزها في بلدها الأم، فيما ساد الرعب المستثمرين المحليين، الذين تهافتوا إلى بيع أسهمهم. ففي السعودية، أكبر أسواق المال العربية، وأكثرها تأثراً بالأجواء الدولية بفعل الشبكة الواسعة لأنشطة الشركات المساهمة، فقد المؤشر 1000 نقطة تقريباً، ليواصل تراجعه المرعب، وسط ذهول وخوف المستثمرين الذين سارعوا إلى التخلص من أسهمهم، وهم يراقبون الانهيار في المؤشرات الآسيوية والأمريكية. ولم ينج أي سهم في السوق السعودية من صدمة التراجع التي عمت المؤشرات، بل أن نصف الأسهم تقريباً تراجعت بمعدلات قصوى، بقيادة "سامبا" و"الدوائية" و"أسمنت السعودية." وفي نتائج أبرز الأسهم، انخفض سهم "الراجحي" بنسبة 9.8 في المائة، و"سابك" بنسبة 9.7 في المائة و"الكهرباء" بنسبة 9.8 في المائة و"الاتصالات" بنسبة 9.8 في المائة، بينما تعرض سهم "اتحاد اتصالات" للخسارة بالنسبة القصوى، أي عشرة في المائة. ففي الكويت، اقفل مؤشر سوق الأوراق المالية على تراجع كبير، بلغ 212 نقطة في نهاية التداولات، تعادل 1.60 في المائة من قيمة المؤشر، الذي استقر عند مستوى 13117 نقطة، وسط حالة من التردد بين المستثمرين جراء تراجع الأسواق العالمية وتأخر إعلانات نتائج الشركات المحلية. وفي دبي، لم يتجاوز عدد الأسهم الرابحة ثلاثة أسهم، فيما ترنح السوق بقوة، فاقداً 345 نقطة، في إحدى أسوأ الجلسات في تاريخ المؤشر الذي خسر ما يعادل 6.21 في المائة من قيمته، متراجعاً إلى مستوى 5210 نقاط، و بلغ التراجع في بعض المراحل 10 في المائة من قيمة السوق. أما في العاصمة أبو ظبي، فقد شهد المؤشر أسوأ خسارة يومية على الإطلاق، فأقفل متراجعاً 315 نقطة تعادل 6.83 في المائة من قيمته، لينحدر إلى مستوى 4302 نقطة. أما في بورصة الدوحة، فلم يكن الوضع أفضل منه في سائر الأسواق، ففقد المؤشر أكثر من سبعة في المائة من قيمته، ليصل إجمالي خسائره منذ مطلع الأسبوع إلى 13 في المائة. ولم تنج البورصات الخليجية الصغيرة من التراجع أيضاً، ففقد المؤشر البحريني 28 نقطة تعادل 1.01 في المائة من قيمته، وأقفل منحدراً إلى مستوى 2793 نقطة، فيما كانت خسائر مؤشر مسقط بحجم مكاسبه القياسية السابقة، ففقد 810 نقاط تعادل 8.33 في المائة من قيمته، متراجعاً إلى 8916 نقطة. بدوره خسر مؤشر CASE 30 المصري 3.26 في المائة من قيمته، علماً أن السوق المصرية هي أكثر الأسواق اجتذاباً للمستثمرين الأجانب خارج الخليج، وتراجعت السوق إلى مستوى 9639 نقطة، بينما فقدت السوق الأردنية 4.02 في المائة من قيمتها، متراجعة إلى مستوى 7733 نقطة. وتراجع مؤشر "القدس" الفلسطيني 1.27 نقطة إلى مستوى 576 نقطة، بينما أقفل المؤشر التونسي عند حاجز 2665 نقطة، فاقداً 1.10 في المائة من قيمته في الأردن أشارت الصحف أن خسارة الضمان الاجتماعي في الأسهم و خسائر الشركات والناس في البورصات كانت كبيرة، والى حد ما يمكن الاستنتاج أن عشرات الآلاف من صغار المستثمرين قد سحقوا تحت عجلات الأزمة ، وكان أخوة لهم بعشرات الآلاف قد سحقتهم قبل أسابيع أزمة ما سمي البورصة العالمية من خلال مكاتب التوظيف الائتماني التي قد تكون انفجرت عبر التأثيرات الأولية لإعصار الانهيار المالي الأمريكي وبالتالي العالمي.. كما انزلق مؤشر بورصة عمان بحدة في يوم واحد وفقدت مؤشراتها نقاط كبيرة من مجاميعها حتى وصل في إحداها لأكثر من ألف نقطة وهو رقم كبير جداً للخسارة في يوم واحد. وبالمحصلة من الواضح أن الخسائر كانت لا تصدق داخل الخليج وخارجه وقد يأتي يوم وتكشف به حجم الأموال المنهوبة التي تمت خسارتها في هذه الأزمة العاصفة، ولكنها أبدا لن تعود... إعداد: زياد حداد(صوت الشعب)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني