PCP

يا عمال العالم اتحدوا

مشاريع الإمبريالية في الشرق الأوسط (الشرق العربي(

مشاريع الإمبريالية في الشرق الأوسط (الشرق العربي( ................م. جهاد البطل يبين التاريخ في العصر الحديث أن جوهر سياسة الإمبريالية في منطقة الشرق العربي تعتمد على الاستغلال والاستثمار لثروات هذه المنطقة وعلى اضطهاد شعوبها وأن أشكال الاضطهاد والاستغلال كانت تتغير بين فترة وأخرى مترافقة مع محاولات الإمبريالية للسيطرة على البلدان العربية بواسطة أشكال قديمة تارة وأشكال حديثة تارة أخرى أو استخدام شكل مركب من الاستعمارين القديم والحديث كما حدث في أفغانستان والعراق في الفترة الأخيرة بعد تفكيك الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية والدعاية التي انتشرت من قبل إعلام الدول الإمبريالية وعلى رأسها الأمريكية بما يسمى بسواد القطب الواحد في العالم. والحقيقة أن مصطلح سواد القطب الواحد الذي روجت له أمريكا غير قابل للتحقيق لأنه يتنافى مع سيرورة تاريخ البشرية حيث عبّر عن ذلك في التسعينات من القرن العشرين الرفيق خالد بكداش بقوله: (لا في الطبيعة ولا في المجتمع ساد قطب واحد). ويبين لنا التاريخ الحديث أن نضال الجماهير الكادحة في البلدان العربية من أجل التحرر الاجتماعي ارتبط ارتباطاً لا انفصام فيه بالنضال ضد السيطرة الإمبريالية ومن أجل التحرر الوطني. ولا يزال هذا النضال قائماً ضد النظام الرأسمالي العالمي الذي يولد الاستعمار بشكليه القديم والحديث. مشروع تقسيم البلدان العربية في أوائل القرن العشرين (اتفاقية سايكس بيكو) لقد خضعت البلدان العربية من المحيط إلى الخليج لفترة طويلة لحكم الإمبراطورية العثمانية مما أدى إلى تأخرها في كل المجالات تأخراً كبيراً. وقد بدأت حركة النهضة الفكرية العربية ضد الأتراك منذ أواسط القرن التاسع عشر عندما ظهر عدد من المفكرين العرب في بلاد الشام ومصر ونادوا بنهضة العرب القديمة متأثرين بالفكر القومي الأوربي، وما أحدث من نقلة نوعية في الحياة الفكرية والاقتصادية والاجتماعية هناك ومنتقدين الإمبراطورية العثمانية التي استخدمت ضد تطور العرب وتقدمهم وما آلت إليه أوضاع المجتمعات العربية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية من ترد وتراجع مذري وكذلك الاستبداد والاضطهاد الذي مورس ضد الشعوب العربية حتى أصبح العرب يعتبرون العثمانيين مستعمرين مستبدين يجب التخلص منهم. وظهرت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين جمعيات وتنظيمات سرية مناهضة للحكم التركي ولسياسة التتريك المطروحة من قبله. ونتيجة لتدخل الدول الإمبريالية الأوربية في شؤون الدولة العثمانية في أواخر أيامها نتيجة لضعفها، وعلى أعتاب الحرب العالمية الأولى ( 1914 ـ 1918) كان المغرب العربي (تونس والجزائر) من محميات فرنسا ومراكش تحت الحكم الإسباني ومصر والسودان من المحميات البريطانية ومكان العربية السعودية الحالي بضع إمارات صغيرة تابعة لتركية وأراضي العراق وسورية والأردن الحالية موزعة بين بضع ولايات تابعة للإمبراطورية العثمانية وكان جبل لبنان يشكل مقاطعة مستقلة تحت إدارة حاكم تركي ولكنه خاضع لرقابة قناصل خمس دول أوربية. وكانت اليمن جزء من الإمبراطورية العثمانية أما أطراف شبه الجزيرة العربية فإما مستعمرات بريطانية أو محميات يحكمها شيوخ القبائل ويديرها موظفون بريطانيون باسم حكومة الهند البريطانية. ونتيجة لاحتدام الصراع بين الإمبراطوريات الإمبريالية على مناطق النفوذ في العالم نشبت الحرب العالمية الأولى وكان الصراع بين الإمبرياليين من أجل الاستيلاء على البلدان العربية أحد أسباب هذه الحرب وجّرت البلدان العربية إلى الحرب بوصفها مستعمرات لدولهم. وراح ضحيتها مئات الآلاف من العرب على جبهات القتال كما هلك مئات الآلاف من السكان المدنيين نتيجة للمرض وانتشار الأوبئة والجوع القاتل. كان العرب ينشدون التحرر وطرد العثمانيين من بلادهم. وعندما قامت الحرب العالمية الأولى وجد العرب فرصة للتخلص من العثمانيين فقد أعلن ملك الحجاز الشريف حسين بن علي الثورة على العثمانيين في حزيران عام 1916 وسير جيشاً بقيادة ابنه الأمير فيصل باتجاه الشمال لتحرير المنطقة من العثمانيين وكان ينوي إقامة مملكة في الشرق العربي تمتد من اليمن إلى جبال طوروس. ومن أجل ذلك تحالف مع الإنكليز على طرد العثمانيين وعندما وصلت قواته إلى شرق الأردن وفلسطين انضم إليها الجيش الإنكليزي وقامت بتحرير بلاد الشام من العثمانيين ونصب فيصل ملكاً على سورية. غير أن الإمبرياليين الإنكليز والفرنسيين كانوا قد عقدوا اتفاقية (سايكس بيكو) في أيار عام 1916 وبمعرفة القيصر الروسي (دول الوفاق). لتقسيم البلدان العربية حيث تصبح فلسطين بموجبها منطقة دولية وأما سورية وإقليم كيليكية ولبنان وولاية الموصل فتصبح منطقة نفوذ فرنسية. أما بلاد ما بين النهرين فتعتبر منطقة بريطانية ومنطقة شمال العراق حالياً (كركوك والسليمانية) ورقعة شاسعة من البوكمال حتى عمان وسواحل البحر الميت فتشكل منطقة نفوذ بريطانية. وأما روسيا القيصرية فأعلنت أنها لا تطمع في الأراضي العربية. وأما الإمبريالية الألمانية فكانت تسعى للاستيلاء على مصر وما بين النهرين وسورية من خلال الحرب. وكانت الإمبراطورية العثمانية العدوة اللدودة لاستقلال البلدان العربية فكان هدفها خنق حركة التحرر الوطني العربية في سورية ولبنان واسترجاع مصر ووضعها تحت إدارة أنور باشا. ومن أجل إرهاب الوطنيين العرب في بلاد الشام قامت بتعليق /21/ شخصية وطنية مشهورة على أعواد المشانق في ساحة المرجة في دمشق وفي ساحة البرج في بيروت في 6 أيار عام 1916. كما برزت الولايات المتحدة الأميركية كقوة نشيطة تدافع عن المواقع والمصالح الاستعمارية للإمبريالية في هذه المنطقة من العالم عندما رفضت الاعتراف بإلغاء نظام الامتيازات الذي أعلنته تركيا في أراضي السلطة العثمانية (مصر وسورية والعراق وفلسطين والجزيرة العربية). وكان أول من فضح هذه المعاهدة (لينين) قائد ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى في روسيا بعد انتصار الثورة ونبه العرب إلى المؤامرة المحاكة ضدهم من قبل الإمبرياليين الإنكليز والفرنسيين. كان ذلك عام 1917. وفي عام 1923 كتب مفوض الشعب للشؤون الخارجية في الاتحاد السوفييتي (تشيتشيرين): ( مع هزيمة ألمانيا انتهى انقسام العالم الرأسمالي إلى معسكرين متساويين في القوة وآنذاك نهضت بكل قامتها المعضلة الأساسية بعد الحرب فإن الطغمة المظفرة في دول الوفاق قد بذلت جهدها لتحول العالم كله إلى مستعمرات لها. وكان لابد من السير بالسياسة الاستعمارية وبحصر سلطة الرأسمال وجبروته إلى أعلى نقاط تطورهما). إن الجبهة الإمبريالية التي وقفت في وجه شعوب البلدان العربية الطامحة والساعية إلى تحررها شقتها ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى وأصبحت هذه الثورة منعطفاً هاماً في تطور حركة التحرر الوطني في جميع القارات واستهدفت تحرير جميع المظلومين من الاستثمار والاستغلال وإقامة المساواة في الحقوق وفي العلاقات بين جميع شعوب الأرض. إن الهدف من معاهدة سايكس بيكو كان خنق حركة التحرر الوطني العربية وتقسيم البلدان العربية إلى دويلات وكيانات سياسية اقتصادية مختلفة تأتمر بأوامر الدول الإمبريالية ومنع قيام أي نوع من التحالف أو التعاون أو الاتحاد في ما بينها كي لا يستطيع العرب إقامة دولة مركزية قوية أو تكتل اقتصادي يستطيع أن يقف في وجه الإمبرياليين وبالتالي عدم حصول استقلال وتحرر وطني عندهم. وعندما أدرك العرب مدى رياء ونفاق الإمبرياليين في مؤتمر الصلح في باريس عن (حقهم في تقرير مصيرهم) وأدركوا شروط الصلح وكذلك جميع المبادئ الزائفة التي أعلنها رئيس الولايات المتحدة (ويلسون) وخداعه للشعوب ومنها العربية رد العرب على الإمبرياليين بالنضال المسلح في سبيل الاستقلال فنشبت الثورة المصرية عام 1919 والانتفاضات المتلاحقة في سورية ثم الثورة السورية الكبرى عام (1925 ـ 1927) وثورة عام 1920 في العراق وفي البحرين عام (1918 ـ 1920) وعدن عام 1919 وفي عمان عام (1919 ـ 1920) وفي السودان (1918 ـ 1921) وفي المغرب العربي عام (1921 ـ 1926). تميزت تلك المرحلة بقيام التحالف الكفاحي بين القوى الوطنية في البلدان العربية وبين الحركة العمالية العالمية والنظام الاشتراكي في الجمهورية السوفييتية الفتية. ثم ظهور المنظمات الثورية للطبقة العاملة في البلدان العربية ومن ثم الأحزاب الاشتراكية والشيوعية فيها وعززت الثورة الاشتراكية الروسية بين العرب فكرة الاستقلال. وكتبت لجنة وحدة العرب في تلك الفترة ما يلي: «إن حكومة لينين وأصدقائه والثورة العظيمة التي قاموا بها من أجل تحرير الشرق من نير الطغاة الأوربيين يعتبرهما العرب قوة كبيرة بمقدورها أن تعطيهم السعادة والهناء. إن سعادة العالم كله وهناءه رهن بالتحالف بين العرب والبلاشفة». وقد اضطر الإمبرياليون بعد الكفاح المسلح إلى المناورة وإلى البحث عن لافتة جديدة لأجل سياستهم الاستعمارية وإلى الإقدام عن تنازلات في صالح الحركة الوطنية ثم إلى التستر براية عصبة الأمم واختراع فكرة الانتداب وقالوا: إن هذه الشعوب عاجزة عن حكم نفسها بنفسها في ظروف العالم المعاصر. ووقفت الحكومة السوفييتية ضد الانتداب وطالبت بإلغاء نظام الحماية والانتداب وشجبته بوصفه شكلاً جديداً للصوصية الاستعمارية وقد حذر لينين منه قائلاً: «ونحن نعلم حق العلم أنهم عندما يتحدثون عن توزيع الانتدابات على المستعمرات فإنما يعنون توزيع الانتدابات للسلب والنهب وإعطاء أقلية ضئيلة من سكان الأرض حق استثمار الأكثرية من سكان الكرة الأرضية». لقد كان هذا المشروع «اتفاقية سايكس بيكو» الذي أصبح واقعاً مشؤوماً موجهاً ضد حركة التحرر الوطني في المنطقة العربية كي لا تستطيع هذه الحركة إنجاز مهماتها وإقامة دولة مركزية في الشرق العربي على الأقل تعيق مخططاتهم وسياساتهم وتقف في وجه ظلمهم واستغلالهم لشعوب هذه المنطقة وخيراتها. ـ 2ـ المشروع الصهيوني في المنطقة العربية لقد نشأت الصهيونية كفكرة معبرة عن مصالح الطبقة البرجوازية اليهودية في أوروبا من خلال النشاط المحموم لأثرياء اليهود وعلاقاتهم بالدوائر البرجوازية الحاكمة في الدول الأوروبية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر في مرحلة تبلور النظام الرأسمالي العالمي وانخراطهم فيه وازداد نشاطهم في أواخر القرن التاسع عشر على أعتاب انعقاد مؤتمرهم الأول في مدينة «بال» في سويسرا عام 1897 فقد اقترح مؤسس الحركة الصهيونية ورئيس المؤتمر «تيودور هرتزل» إقامة جمهورية أرستقراطية في فلسطين تحقق لهم طموحاتهم وأطماعهم وكتب في كتابه «الدولة اليهودية»: «إن اليهود الأثرياء الذين يضطرون الآن إلى إخفاء كنوزهم وإقامة الولائم وراء الستائر المسدلة سوف يتمكنون في دولتهم من الاستمتاع الحر في الحياة» فالحركة الصهيونية إذاً هي نتاج النظام الرأسمالي العالمي الذي كان ينتقل في تلك المرحلة من المزاحمة الحرة إلى الاحتكار والذي سماه لينين «الإمبريالية». ومنذ البداية استخدم هذا النظام الحركة الصهيونية كأداة في الصراع ضد الحركة الاشتراكية الناشئة في أوروبا. ثم ضد الحركة الشيوعية والبلدان الاشتراكية في العالم وكذلك ضد حركة التحرر الوطني العالمية وخاصة في المنطقة العربية. وسعى زعماء الصهيونية لتحقيق مآربهم بشتى السبل فعقدوا الصفقات التجارية مع السلاطين والقياصرة والملوك وأقاموا التنظيمات السياسية الخاصة بهم في أوروبا لضرب الحركة الثورية الاشتراكية الناشطة ولمنع اشتراك اليهود فيها. ووجهوا إعلامهم ضدها وأنشؤوا وحدات مسلحة لضرب ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى ثورة العمال والفلاحين التي فجرها حزب البلاشفة حزب لينين العظيم. واعتمدوا لتحقيق مآربهم في إقامة الوطن القومي ليهود العالم في فلسطين على خرافات عدة منها: 1ـ أبدية العداء للسامية 2ـ الجنس اليهودي المتفوق 3ـ الأمة اليهودية 4ـ وحدة اليهود خارج الإطار الطبقي 5ـ مضار اندماج اليهود 6ـ الجوهر الديني الصهيوني 7ـ أرض الميعاد. وروجوا لها. ثم قاموا بتأسيس «الوكالة اليهودية الاستعمارية» التي أصبحت رأس جسر حيوي لسياسة الرأسمال الاحتكاري الدولي وبدأت تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين وتدعمها بالمال كما تشجع فكرة الاستيطان أيضاً وبدأت تزداد الهجرة رويداً رويداً منذ أوائل القرن العشرين وحاولت الحركة الصهيونية بكل أدواتها أن تستفيد من الحروب الإمبريالية وخاصة الحربين العالميتين الأولى والثانية في القرن العشرين لزيادة نفوذها في النظام الرأسمالي العالمي «الإمبريالية» بالتغلغل إلى نظام المصارف والبنوك والسيطرة عليه كما استطاعت في أواخر عام 1917 أن تنتزع وعداً من بريطانيا العظمى بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين سمي آنذاك بوعد «بلفور» وهو وزير خارجية بريطانيا. وكانت بريطانيا قد اتفقت مع فرنسا على تقسيم البلدان العربية وفق معاهدة «سايكس بيكو». كانت بموجبها فلسطين من حصة بريطانيا، بعد التعديلات التي أجريت على هذه المعاهدة. وقد أدى ازدياد هجرة اليهود إلى فلسطين في ظل الانتداب البريطاني على فلسطين وسياسة بريطانيا المستعمرة في الشرق العربي الموجهة ضد حركة التحرر الوطني الفتية إلى حدوث احتكاك بين العرب واليهود ونزاعات كان من أهمها انتفاضة عرب فلسطين عام 1929 وثورة الشيخ عز الدين القسام عام 1936 وثورة عبد القادر الحسيني عام 1945، وقد أخمدت هذه الثورات والانتفاضات بالتآمر الخبيث بين بريطانيا المستعمرة والعصابات الصهيونية التي تشكلت في فلسطين من قبل الحركة الصهيونية العالمية مثل «شتيرن والها غانا» وغيرهما. وعلى أعتاب الحرب العالمية الثانية زادت الحركة الصهيونية من نشاطها وعملت دوائرها المختلفة مع النظام النازي الهتلري في الضغط على اليهود الألمان من أجل تهجيرهم إلى فلسطين وكان التآمر واضحاً من قبل برجوازيي اليهود مع النظام النازي على اليهود في أوروبا والذي أدى إلى تقتيلهم وهو ما سمي بالمحرقة. وعندما اشتد الصراع بين العرب والصهيونيين في فلسطين وعرضت القضية على مجلس الأمن في الأمم المتحدة عام 1947 قدم المندوب السوفييتي مشروعاً لإقامة دولة ديمقراطية يعيش فيها العرب واليهود بشكل ديمقراطي لم يوافق عليه من قبل الأعضاء الدائمين « أمريكا ـ فرنسا ـ بريطانيا» وتقدمت فرنسا وبريطانيا بمشروع إقامة دولتين دولة يهودية فيها شبه توازن بين اليهود والعرب من حيث عدد السكان ودولة عربية فيها أغلبية عربية ساحقة وافق عليه الاتحاد السوفييتي آخذاً بعين الاعتبار الميزان الدولي في الصراع على الرغم من عدم موافقة المندوبين العرب في الأمم المتحدة بالاجتماع مع المندوب السوفييتي لمعرفة رأيهم قبل اتخاذ القرار. ولم يقبل العرب قرار التقسيم كما تراجعت فرنسا وبريطانيا عنه فيما بعد. وقد قامت الرجعية العربية ممثلة بمعظم حكامها بشن حملة إعلامية كبيرة ضد الاتحاد السوفييتي كما هاجمت الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية متهمة إياها بالموافقة على التقسيم. ثم تآمرت هذه الرجعية العربية مع الدول العظمى الغربية وممثلي الصهاينة بعد حرب فلسطين عام 1948 على ضم الضفة الغربية إلى شرقي الأردن تحت حكم الملك عبدالله وقطاع غزة إلى مصر تحت حكم الملك فاروق وبقية أرض فلسطين تم اغتصابها من قبل الصهاينة وأنشؤوا عليها كياناً غربياً هو إسرائيل الصهيونية وشرد شعب فلسطين من وطنه إلى البلدان المجاورة. وأدى الصراع المستمر بين العرب والإسرائيليين إلى حدوث عدة حروب عام 1948 ـ 1956 ـ 1967 ـ 1973 ثم عام 1982 في لبنان والحرب الإسرائيلية اللبنانية الأخيرة عام 2006 التي تصدت للجيش الإسرائيلي فيها المقاومة الوطنية اللبنانية ولم تمكنه من تحقيق أهدافه ودمرت له أحدث معداته الحربية. كما طردته من جنوب لبنان عام 2000. وأما الفلسطينيين فلا يزالون يناضلون منذ عام 1948 وحتى اليوم من أجل إقامة دولتهم الوطنية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس ومن أجل الاعتراف بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني وفي مقدمتها حق العودة إلى وطنه. وقد قامت الفصائل الوطنية بالكفاح المسلح لفترة طويلة من أجل ذلك. كما قام الشعب الفلسطيني بانتفاضتين هامتين عام 1987 وعام 2000 من أجل حقوقه المشروعة وإقامة دولته الوطنية على ترابه وتكبد من أجل ذلك خسائر فادحة. وقدم الشهداء على مذابح الحرية. ولا يزال يناضل حتى اليوم من أجل تحقيق أهدافه. لقد نادى الصهاينة الإسرائيليون بإقامة «إسرائيل الكبرى» من الفرات إلى النيل في أواسط الخمسينات من القرن العشرين على لسان أول رئيس وزراء لهم «دافيد بنغوريون» وسعوا لتحقيق ذلك ولكنهم كانوا دوماً يصطدمون بتنامي حركة التحرر الوطني العربية ووقوفها في وجههم وإحباط مخططاتهم. لقد تجلت الشوفينية والعنصرية بشكل واضح منذ البداية في إيديولوجيا الصهيونية ووصف لينين الحركة الصهيونية في أوائل القرن العشرين بأنها حركة برجوازية رجعية شوفينية عنصرية. ولازالت الشوفينية والعنصرية تشكلان الأساس لنشاط المنظمات الصهيونية حتى اليوم. ويبدو ذلك بشكل صارخ في كيانهم إسرائيل الصهيونية وممارستها تجاه العرب الفلسطينيين والدول العربية المجاورة أيضاً. وأخيراً يمكن القول: إن المشروع الصهيوني في منطقتنا بدأ مناهضاً بفكره لفكر النهضة العربية المعاصرة ثم أصبح موجهاً ضد حركة التحرر الوطني العربية بمساعدة الإمبريالية العالمية وعلى رأسها الأمريكية اليوم. وأخذ التحالف الجديد بين الإمبريالية الأمريكية والحركة الصهيونية ممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل الصهيونية شكلاً جديداً بعد تفكيك الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية في محاولة محمومة ومستميتة لبسط نفوذه على المنطقة من المحيط إلى ما بعد الخليج العربي وجعل إسرائيل مركزاً إمبريالياً يقود هذه المنطقة وهو ما يسمى بالشرق الأوسط الكبير الجديد. وإن من أهم أهدافه القضاء على المقاومة الوطنية بكل أشكالها الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية. لذلك فإن حركة التحرر الوطني العربية تمر اليوم في أقسى امتحان لها. وهي ستنتصر لا محالة لأن إرادة الشعوب لا يمكن قهرها. ـ 3ـ مشاريع الإمبريالية بعد استقلال سورية عام 1946 رغم خروج القوات الفرنسية والإنكليزية من سورية في 17 نيسان عام 1946 بقيت سورية هدفاً لمطامع الدول الاستعمارية. وأخذت الاحتكارات الأمريكية تحيك الخطط لبناء خط التابلاين كما بذلت الاحتكارات الفرنسية جهدها للاحتفاظ بمواقعها في سورية. كما حاولت بريطانيا تنفيذ خطة توحيد البلدان العربية تحت إشرافها وإنشاء ما يسمى «سورية الكبرى» و «الهلال الخصيب». مستغلة ضعف البرجوازية الوطنية الحاكمة في حل المهام الوطنية الملقاة على عاتقها بعد الاستقلال وكذلك موقف بعض الحكومات العربية الموالية لها والميول الرجعية عند بعض الأوساط البرجوازية الإقطاعية التي وصلت إلى الحكم في البلدان العربية الأخرى. كما أدى وصول الديكتاتوريات العسكرية إلى الحكم في بعض البلدان كسورية بعد حرب فلسطين عام 1948 وإتباع سياسة داخلية رجعية وخارجية موالية للإمبريالية على عزل هذه الأنظمة الديكتاتورية وتوطيد الحركة الديمقراطية المعادية للإمبريالية تلك الحركة التي امتنعت عن الاشتراك في مشروع «قيادة الشرق الأوسط للدفاع المشترك». الذي طرحته الدول الإمبريالية «أمريكا ـ بريطانيا ـ فرنسا» وعن قبول «المساعدة الفنية» التي سميت بـ «النقطة الرابعة» في برنامج رئيس الولايات المتحدة الأمريكية «هاري ترومان» لبلدان الشرق الأوسط عام 1950. إن إحباط خطط الدول الإمبريالية من قبل الجماهير العربية الطامحة لتحقيق التحرر الوطني أدى إلى تكالبها في تشكيل التكتلات الحربية العدوانية الجديدة في هذه المنطقة وكانت أولى هذه التكتلات «حلف بغداد» وهو حلف عسكري عراقي تركي ترعاه وتدعمه بريطانيا التي حاولت جر سورية إلى الانضمام إليه في أواسط الخمسينات من القرن العشرين فكان رد سورية قوياً بأن رفضت الانضمام إلى مثل هذه الأحلاف والمعاهدات وقامت بتوطيد علاقاتها مع البلدان العربية مصر والسعودية وعقدت معها معاهدة دفاعية للرد على الضغوط التي مورست عليها وتعرضت إلى حشود عسكرية تركية على حدودها وإلى استفزازات إسرائيلية أيضاً ولكن وقوف المقاومة الشعبية في داخل سورية ووقوف الاتحاد السوفييتي بقوة إلى جانبها أحبط كل هذه المؤامرات والاستفزازات والمشاريع ضدها. وعلى أثر فشل العدوان الثلاثي الإنكليزي ـ الفرنسي ـ الإسرائيلي والمدعوم من أمريكا على مصر عام 1956 بفضل المقاومة الوطنية وتضامن الشعوب العربية مع مصر ووقوف الاتحاد السوفييتي إلى جانب مصر بحزم، بدأت الولايات المتحدة بالهجوم على هذه البلدان بواسطة مشاريع جديدة كان أهمها «مبدأ إزينهاور». هذا المشروع الذي يمنح رئيس الولايات المتحدة صلاحيات القيام في منطقة الشرق الأوسط بتنفيذ برنامج تقديم «المساعدة العسكرية» لأي بلد أو مجموعة بلدان ترغب في الحصول على هذه المساعدة ورفضت سورية هذه المساعدة كما رفضت تدخل أي دولة في شؤون بلدان الشرق الأوسط وطالبت بضمان استقلالها وحرمة أراضيها. وحاولت الولايات المتحدة تحريك القوى الرجعية في الداخل فتآمرت مع حكومات العراق والأردن وتركيا وإسرائيل من أجل التدخل المسلح في سورية فوقف الاتحاد السوفييتي إلى جانبها محذراً من مغبة العدوان عليها كما قامت حركة تضامن واسعة في البلدان العربية وفي بلدان آسيا وإفريقيا معها. وأدى كل ذلك إلى إحباط محاولة العدوان عليها. وبعد ذلك أعلنت الوحدة بين سورية ومصر عام 1958. ولكن تجربة الوحدة لم تنجح بسبب التآمر الرجعي عليها من ناحية وبسبب السياسة الخاطئة التي اتبعها حكام الوحدة تجاه الطبقات المدافعة عنها من ناحية أخرى. والمؤامرات استمرت في المنطقة وكان من أهمها عدوان حزيران عام 1967 على سورية ومصر وكان الهدف من ذلك القضاء على النظامين الوطنيين في سورية ومصر. ولكن رغم احتلال أراضي الجولان وتدمير الأسلحة الحديثة لمصر لم تستطع إسرائيل تغيير هذه الأنظمة الوطنية وحاولت أمريكا وحلفاؤها الضغط الاقتصادي على حكومات البلدان العربية وذلك من أجل الحفاظ على مصالحها غير أن وقوف الشعوب العربية ضد التدخل في الشؤون الداخلية لبلدانها من جهة ومساعدة الاتحاد السوفييتي لها أدى إلى تحرر هذه البلدان من الاستعمار الكوينالي القديم. غير أن الدول الإمبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها إسرائيل ظلت تتآمر على شعوب المنطقة واستخدمت عملاءها الرجعيين وعلى رأسهم الإخوان المسلمين لقلب أنظمة الحكم فيها وقامت بسلسلة من الاغتيالات لشخصيات وطنية كما ارتكبت المجازر ضد السكان المدنيين في فلسطين ولبنان وسورية والجزائر وغيرها من البلدان ولا تزال حتى اليوم تقوم بهذا الدور القذر. وبعد تفكيك الاتحاد السوفييتي عادت من جديد لاستخدام الاستعمارين الاقتصادي والعسكري كما يحدث في العراق منذ احتلاله عام 2003. مشاريع الإمبريالية والصهيونية في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الواحد والعشرين 1ـ مشروع الشرق أوسطية: أطلقت إسرائيل الصهيونية بالاتفاق والتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية مشروعاً جديداً بعد فشل محادثات السلام التي بدأت في مدريد عام 1991 بين العرب وإسرائيل وبمبادرة من أمريكا لحل قضية النزاع العربي الإسرائيلي وفي مقدمته القضية الفلسطينية سمته «الشرق الأوسط الجديد». يهدف هذا المشروع إلى إقامة سوق اقتصادية شرق أوسطية تكون إسرائيل مندمجة فيها وتقوم بتحقيق مصالح التحالف الاستراتيجي الأمريكي الصهيوني سياسياً واقتصادياً دون حروب. ولتحقيق ذلك طرحت إسرائيل وعلى لسان رئيس وزرائها آنذاك «شمعون بيريز» عدة خطوات من أهمها: 1ـ التطبيع الثقافي: والذي يهدف إلى استمالة المفكرين والكتاب والمثقفين العرب إلى حضور منتديات ومؤتمرات ثقافية عالمية تحضرها شخصيات ثقافية وسياسية من إسرائيل لإحداث تقارب بينهم وجعل العلاقات الثقافية طبيعية فيما بينهم في المستقبل تمهيداً لمحو الفكرة السائدة أن إسرائيل جسم غريب في الوطن العربي ويحمل ثقافة مغايرة لا تنسجم مع ثقافة الشعوب العربية التي تعيش في هذه المنطقة من العالم منذ آلاف السنين. 2ـ التطبيع السياسي: وفي حال نجاح التطبيع الثقافي يصبح الطريق ممهداً لإقامة علاقات دبلوماسية أولاً على مستوى القناصل والسفارات ثم علاقات سياسية من تبادل للوفود السياسية بين إسرائيل والبلدان العربية وبالتالي تصبح الفكرة «إن إسرائيل هي جارة طبيعية لا عدوة لدودة للعرب». 3ـ التطبيع الاقتصادي: ويهدف إلى دعوة البلدان العربية لحضور مؤتمرات إقليمية وعالمية اقتصادية تشارك فيها إسرائيل وتبحث المشاكل الاقتصادية العالمية والتي تهم منطقة الشرق الأوسط من أجل جرها إلى فلكها وجعلها تابعة لا مبدعة ومعتمدة في ذلك على الرأسمال المالي اليهودي العالمي وعلى الاحتكارات الصناعية الإمبريالية العالمية وخاصة الأمريكية ومستفيدة من التفكك الاقتصادي العربي والضعف السياسي لحكام البلدان العربية. وقد أقامت عدة مؤتمرات اقتصادية من أجل ذلك. غير أن وقوف عدة بلدان عربية وعلى رأسها سورية ضد هذه المشاريع والمؤتمرات أفشل المخطط ولم تستطع إسرائيل جر كل البلدان العربية إلى هذا المخطط على الرغم من تحقيق بعض النجاحات فيه. إن مضمون هذا المشروع هو تمكين إسرائيل من بسط نفوذها الاقتصادي على المنطقة أي استبدال الاحتلال العسكري بالاجتياح الاقتصادي وبمباركة ودعم مادي وسياسي من حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية. وقد دفعت الأوساط الإمبريالية الأمريكية الصهيونية بعض البلدان العربية من خلال البرجوازية الحاكمة فيها إلى تبني سياسة اقتصادية ليبرالية جديدة تنعكس في وصفات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي. ومن أهم هذه الوصفات ما يسمى «بالتحرر الاقتصادي» بإطلاق العنان لقوانين السوق ورفع يد الدولة عن أي تدخل اقتصادي ـ اجتماعي. وهذا بدوره يسمح بأن تفتح السوق الداخلية للبلدان العربية أبوابها لدخول الرأسمال الاحتكاري الأجنبي الذي يؤدي إلى القضاء على الإنتاج الوطني وربط اقتصاديات تلك البلدان بالاحتكارات الأجنبية وقد تحقق ذلك من خلال زرع أنظمة ديكتاتورية تثقلها بالديون الكبيرة لتحقيق دكتاتوريتها الاقتصادية وسيطرتها على المفاتيح الاقتصادية لأسواق تلك البلدان. وذلك باستخدام أداة اقتصادية جديدة هي «منظمة التجارة العالمية». مثال على ذلك «مصر». إن مثل هذه السياسة الاستعمارية ووصفاتها لا تضر الجماهير الكادحة ومصالحها فحسب وإنما تضر بالبرجوازية الوطنية والتي ستفقد نهائياً تأثيرها في القرار الاقتصادي لصالح الاحتكارات ما فوق القومية والبرجوازية الكومبرادورية التي تمثل مصالح هذه الاحتكارات في السوق المحلية. وكان من الهام طرح بدائل واقعية لمشروع «السوق الشرق أوسطية». وقد بادر حزبنا للرد على ذلك بطرح قيام «سوق عربية مشتركة» أو «تعاون اقتصادي عربي» وهو مدرك أن تحقيق ذلك يحتاج إلى نضال سياسي واجتماعي طويل وشاق من قبل الجماهير الشعبية العربية ومنظماتها وأحزابها الوطنية والتقدمية والتي تعيش وتعمل في ظل أنظمة معظمها رجعية مرتبطة بشكل أو بآخر بالإمبريالية العالمية ويوجد هوة كبيرة بين شعوبها وحكامها. تلك الحكام التي تنادي من أجل مصالحها بالحلول الانفرادية وبالتالي إلى نشر العدمية والدونية والإحباط بين أبناء شعبها. وقد دعا حزبنا لإحباط هذا المشروع الشرق أوسطي باستخدام أسلحة لم تسخر بشكل جيد مثل «التضامن العربي» ـ « السلاح الاقتصادي المعزز بالغنى الهائل للحضارة والتراث العربي الذي يجمع الجماهير في دنيا العرب ضد الأعداء كما حدث في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وفي الثورة الجزائرية 1954 ـ 1962 وفي حرب تشرين التحريرية عام 1973 وفي القضاء على اتفاق 17 أيار في لبنان عام 1983 وفي الحربين العدوانيتين على لبنان عام 1982 وعام 2006. 2ـ مشروع الشرق الأوسط الكبير الجديد قامت الإمبريالية العالمية وعلى رأسها الأمريكية بشكل محموم بعد تفكيك الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية في نهاية القرن العشرين بالترويج الإعلامي لصالحها في العالم وأطلقت مصطلحات وأفكار تخدم مصالحها كان من أهمها: «النظام العالمي الجديد ـ نهاية التاريخ ـ صراع الحضارات ـ العولمة ـ سواد القطب الواحد ـ الإرهاب الدولي». وكان الهدف من كل ذلك الهجوم مجدداً على حركة التحرر الوطني في العالم حليف الحركة الشيوعية في العالم والمنظومة الاشتراكية قبل تفكيكها. وتركز الهجوم على هذه الحركة في منطقتنا بالهجوم على أفغانستان «النظام الوطني التقدمي» ثم على حركة التحرر الوطني العربية. ومن أجل السيطرة على هذه المنطقة وإبعاد المراكز الإمبريالية الأخرى كاليابان والاتحاد الأوروبي من خلال الصراع على مناطق النفوذ فيما بينهم في العالم أطلقت مشروعاً جديداً سمته: «الشرق الأوسط الكبير الجديد». هدفت من وراء ذلك أن تكون حليفتها إسرائيل الصهيونية هي التي تقود المنطقة من المحيط إلى ما وراء الخليج العربي تحت شعار: «نفوذك يا إسرائيل من المحيط إلى ما بعد الخليج» ولكي تستطيع تنفيذ هذا المشروع يجب القيام في رأيها بعدة إجراءات تتضمن ما يلي: 1ـ على المستوى السياسي: تفكيك الأنظمة السياسية القائمة وتركيبها من جديد بحيث تخدم مصالحها وإستراتيجيتها في المنطقة وفي العالم. كما حدث في العراق بعد احتلاله عام 2003. 2ـ على المستوى الاقتصادي: وضع يدها على ثروات المنطقة والتحكم بها واستغلال هذه الثروات لصالحها وفي مقدمتها النفط وتحديد حصة حلفائها منها وجعل شعوب هذه المنطقة تعيش على الفتات. واستعبادها واستخدامها أيدي عاملة رخيصة. 3ـ على المستوى الاجتماعي: جعل شعوب المنطقة تغرق في التخلف والتبعية وفي النزاعات وعدم تحقيق السلام والأمن وتقليب فئة على أخرى مستغلة طرح شعارات مزيفة كالإصلاح الاقتصادي ـ الديمقراطية ـ حقوق الإنسان ـ وضع المرأة ـ دون معالجة القضايا الاجتماعية الهامة كالفقر والبطالة ورفع المستوى المعيشي للجماهير ورفع المستوى الثقافي والحضاري لها. 4ـ على المستوى العسكري: جعل إسرائيل متفوقة على كل البلدان المحيطة بها في المنطقة بكل صنوف الأسلحة وتمكينها من قهر هذه الدول أو الشعوب في أي زمان ومكان. واعتمدت الإمبريالية الأمريكية المتحالفة استراتيجياً مع الصهيونية في رؤياها لتحقيق هذا المشروع على عدة عوامل موجودة في المنطقة هي: «القومية ـ الدين ـ المذهب.....» ونظرت على الشكل التالي: «إن حدود الشرق الأوسط تسبب خللاً وظيفياً داخل الدولة نفسها وبين الدول من خلال أعمال لا أخلاقية تمارس ضد الأقليات القومية والدينية والإثنية أو بسبب التطرف القومي أو الديني أو المذهبي. لذلك فإن لم الشمل على أساس الدين والقومية في دولة واحدة لن يجعل الأقليات سعيدة ومتوافقة. إن القومية الخالصة أو الطائفة وحدها يمكن أن تجد مبرراً لتغيير الحدود ولتشكيل كيان سياسي لها». واعتمدت فكرة التقسيم والضم على هذه العوامل. ومن أجل تحقيق ذلك والوصول إلى غايتها المنشودة لابد من سفك الدماء، وهي فكرة صهيونية هدامة، تقوم الولايات المتحدة الأمريكية ممثلة بقوات الاحتلال ومخابراتها والموساد الإسرائيلي في تنفيذها في شوارع العراق وأماكنه المقدسة كي تهيئ الأرضية الملائمة لقيام مثل هذه الكيانات والأنظمة بعد إشعال حرب طائفية بين أبناء البلد الواحد. أو حرب بين القوميات فيها كما تتدخل في الشؤون الداخلية في بعض البلدان كلبنان مثلاً من أجل الوصول إلى هدف مماثل وتشكيل نظام سياسي تحت إمرتها إما بإشعال حرب طائفية لا تبق ولا تذر أو بدفع التيارات السياسية المختلفة للاقتتال فيما بينها بحيث يسهل التدخل في شؤون البلد وجعل النظام السياسي تابعاً لها. يتبين من خلال المخطط الموضوع من قبلهم أن الدول المستهدفة بالتقسيم والاقتطاع على حساب جيرانها ولأغراض سياسية هي: «اليمن ـ الأردن ـ أفغانستان». وهم يخططون لإنشاء دويلات جديدة. وبالتالي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية لإنشاء ما يسمى «بالشرق الأوسط الديمقراطي الجديد الكبير». لاغية بذلك المشروع الفرنسي البريطاني القديم «معاهدة سايكس بيكو» معللة ذلك ومبررة بانتفاء الحاجة إليه بسبب المتغيرات القومية والطائفية الجديدة في بلدان المنطقة. وإن التقسيم والاقتطاع هدفهما إضعاف البلدان التي تتعرض لهما تمهيداً لجعلها تابعة للولايات المتحدة وسياساتها في المنطقة. والدول الجديدة الناشئة ستكون حتماً موالية للولايات الأمريكية التي سعت إلى إنشائها. وأما الدول التي سيتم ضم أجزاء جديدة لها كالأردن الكبير ستكون في نظرهم حلاً للمشكلة الفلسطينية وذلك بوضع اللاجئين الفلسطينيين فيها وخلاصاً لإسرائيل من مشكلة ستواجهها في المستقبل إما بقيام دولة فلسطينية ذات سيادة أو بالتغيير الديموغرافي للسكان لصالح الفلسطينيين وذلك في حال تطبيق قرارات الأمم المتحدة الخاصة بهذه المشكلة. ويبدو أن احتلال العراق هو مفتاح الحل الناجح لهم. ولكنهم كانوا يعتقدون أنهم سيتنزهون في العراق بعد احتلاله.غير أن الوقائع تدل أنهم غارقون في مستنقع لا خلاص منه إلا بخروجهم من أرض العراق حيث يزداد قتلاهم ويشتد ساعد المقاومة الوطنية التي تلقنهم الدرس تلو الآخر. كما حدث مع المقاومة اللبنانية التي قهرت العدو الصهيوني المدعوم من قبل أكبر دولة في العالم هي الولايات المتحدة الأمريكية وإدارتها المتصهينة المتطرفة في الحرب على لبنان عام 2006. ومن الواضح أن هذا المشروع كما غيره من المشاريع التي سبقته يعني إخضاع اقتصاد البلدان العربية للنهب الكامل من قبل الاحتكارات الأمريكية الصهيونية وضرب مفهوم السيادة الوطنية كما أنه يؤدي إلى إدماج إسرائيل الصهيونية وبالقوة في النسيج العضوي للمنطقة وتغلغل الرساميل الصهيونية وتحولها إلى مركز إمبريالي متقدم. إنه نسخة جديدة منقحة أمريكياً ومدمجة بقوة السلاح من المشروع القديم الشرق أوسطي الإسرائيلي. ولكن السؤال المطروح اليوم هل ستسمح الدول القائمة بتنفيذ هذا المشروع في المنطقة؟. وهل ستقف شعوب المنطقة من تحقيق الحلم الأمريكي الصهيوني دون مقاومة؟. وهي تعلم علم اليقين أن سياسة أمريكا ومشاريعها وأحلافها في المنطقة لم تخدمها تاريخياً وخاصة في القرن العشرين. وأن المقاومة الوطنية وتصاعدها في فلسطين وسورية ولبنان ستكون حجر الأساس في إفشال هذا المشروع المدمر كما سيكون انتصار المقاومة الوطنية العراقية في حربها على الاحتلال البغيض مصدر الفشل لهذا المشروع وإنقاذ المنطقة من هذا الشر الذي يسمى بالنظام العالمي الجديد والذي عبر عنه الرفيق خالد بكداش في أوائل التسعينات من القرن العشرين بأنه: «هو شكل مركب من الاستعمارين القديم والحديث ويحمل أسوأ صفاتهما». المصادر: 1ـ تاريخ الأقطار العربية المعاصر (عدد من المؤلفين السوفييت( 2ـ الجوهر الرجعي للصهيونية (عدد من المؤلفين السوفييت( 3ـ وثائق المؤتمر التاسع للحزب عام 2000 والعاشر عام 2005 4ـ الشرق الأوسط الجديد (حدود الدم) (نشر في موقع مجلة القوة العسكرية تموز 2006 ـ واشنطن(


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني