PCP

يا عمال العالم اتحدوا

محرقة نازية صهيونية.. غزة تحارب وحدها

هي مدينة ـ قطاع صغير لا يبدو سوى نقطة على الخارطة، لكنه الآن يخوض حرب 6 مليون فلسطيني و200 مليون عربي و 1.5 مليار مسلم، وأعداء الصهيونية وحلفاء التحرر في العالم، وحدها غزة الآن تعيد الروح إلى الحلم الفلسطيني بشلال الدماء الذي يهدر في أزقتها وتحت أنقاض بيوت الصفيح التي سكنها اللاجئون يوماً على أمل العودة السريعة إلى بيوتهم التي شردهم منها الاحتلال. أكثر من 135 شهيداً منهم 32 طفلاً في ستة أيام و 350 جريحاً، الآن يتراجع الحصار المجرم الذي مضى عليه أكثر من عام إلى الدرجة الثانية من الاهتمام، يتراجع ما يحصل في القدس من قضم وضم وتهويد، وما يحصل في الضفة أيضاً، ويتراجع الاهتمام بالمدمرة كول التي يبدو أنها سترمم ذاكرة الإمبراطورية السائرة إلى زوالها بإعادة درس 1983 لبوش حين قام سلفه ريغان بإنزال المارينز في بيروت وكان ما نعرفه جميعا. حتى بعض الأجنحة من كتائب الأقصى التابعة لحركة فتح (محمود عباس) لم تنج من غريزة الدم الصهيونية المنفلتة من عقالها، حين قتلت اثنين من كتائب الأقصى الذين سلموا أسلحتهم ومصائرهم لسلطة أوسلو. كل هذا يجري فيما العرب يبدو أنهم قرروا أن يكونوا خارج التاريخ بصمتهم، وبمباركة حكامهم لما يجري في فلسطين والعراق ولبنان ومقاطعتهم لسوريا، وإذا كان صمت الحكام واضح الأسباب والمآلات، فإن الصمت الشعبي سيذكره التاريخ يوماً وصمة عار . إسرائيل التي توضحت نياتها تماما في «إنجاز محرقة» في قطاع غزة (إذا استمر إطلاق الصواريخ) لا تريد سوى رأس المقاومة، وترفض حتى البحث في هدنة أو تهدئة عرضتها وساطات عربية وأوربية، فماذا تفعل المقاومة؟ وماذا يفعل شعب غزة الذي أنهكه الحصار والتجويع وظلم ذوي القربى؟ تعبير «شوآه» العبري الذي يشير إلى المحرقة النازية، استخدمه نائب وزير الدفاع الإسرائيلي ماتان فلنائي، في إطار تهديده أهل غزّة، هو الترجمة الحقيقية لما تفكر فيه دولة الاحتلال، ونادراً ما يُستخدم تعبير «شوآه» في إسرائيل خارج الإطار التاريخي لأكذوبة المحارق النازية في الحرب العالمية الثانية. ورغم أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، آري ميكيل، أعلن إن «فلنائي استخدم العبارة بمعنى كارثة أو مصيبة لا بمعنى المحرقة»، إلا أن زلات اللسان غالبا ما تكون هي الأصح في التعبير عن حقيقة ما يجري، ألم يقل بوش بعد 11 أيلول: الآن بدأت الحروب الصليبية؟! حتى رئيس السلطة محمود عباس لم يخجل من لعب دور المخبر لصالح الإسرائيليين والأمريكيين حين اتهم حماس أنها تأوي القاعدة في غزة؟؟ وأدان الهجمات الإسرائيلية على غزة، لكنه أدان بنفس الوقت وبنفس الشدة صواريخ المقاومة التي لا يطيق حتى لفظ اسمها لأنها تفسد عليه هدوء جلساته المستمرة مع أولمرت وباراك، هذين المجرمين اللذين لا يستحقان سوى الجلوس في قفص اتهام محاكم مجرمي الحرب الدوليين وليس مع ممثلي الضحايا ورؤساء الدول. وزارة الخارجية المصرية أدانت (الاستخدام المفرط في القوة) ودعت «الطرفين» إلى ضبط النفس. . . .هكذا يتصدى نظام كامب ديفيد لحرب إبادة غزة بشراً وشجراً وحجر. دول النفط ليس لديها ما تفعله سوى استقبال المزيد من الوفود الإسرائيلية (في بعض هذه المحميات) والحديث الخجول عن ضرورة وقف المجزرة. المقاومة فعلت وتفعل ما عليها رغم الاختلال الكبير في القوى والإمكانات، وغدر الأقربين، وقد وصلت صواريخها إلى مدينة اشكلون (المجدل) (20 كم عن غزة) ما اعتبره الكيان المغتصب تجاوزاً لخط أحمر نظراً إلى أنها مدينة كبيرة تعداد سكانها يتعدى 120 ألف نسمة، فضلاً عن وجود منشآت استراتيجية فيها قد تطالها القذائف الفلسطينية. وهددت قيادات من المقاومة بأنها تخبىء مفاجآت جديدة لدولة العدوان إذا ما استمر العدوان الوحشي على غزة. وقد سقط صاروخ قرب عدد من نواب حزب «إسرائيل بيتنا» الذي يقوده المتطرف الصهيوني أفيغدور ليبرمان أثناء زيارتهم النقب الغربي المحاذي للقطاع. وفر النواب من المنطقة ذعراً كما حصل مع وزير الأمن الداخلي آفي ديختر الذي فر من بلدة سديروت قبلهم عندما سقط صاروخ على مقربة منه ما أدى إلى إصابة أحد حراسه بجروح. وقد وحد العدوان كل فصائل العمل الوطني الفلسطيني، فخرجت تظاهرات في قطاع غزة شارك فيها قياديون من فتح هتفوا ضد الحصار ومع تصعيد المقاومة، إضافة طبعا إلى فصائل المقاومة الأخرى المتحررة أصلاً من أوهام أوسلو مثل الجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي. غزة اليوم تذكرنا ببورسعيد وما قاله عنها شاعر العراق الكبير محمد مهدي الجواهري: أحسستُ بالذل أن يلقاكِ ــ دون دمي ــ شـعري وإني بما ضحيتِ أنتصرُ إنها تخوض حربا هي حربنا كلنا، ولا بد أن يتحرك شيء في هذه المستنقعات الراكدة بوهج الدم الذي يضيء ليل غزة، حتى لا تأسن وتصبح مرتعا للعملاء والمرتزقة. حسين خليفة


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني