PCP

يا عمال العالم اتحدوا

ردا على مقالة السيد عريب الرنتاوي “شيوعيون وليبراليون”

ردا على مقالة السيد عريب الرنتاوي “شيوعيون وليبراليون” مركز القدس للدراسات السياسية في البداية أود أن أعرض المقال على القارئ الكريم ومن بعدها سيكون هناك ردي على هذه المقالة مع العلم أن كاتب المقالة كان في السابق من المؤيدين للماركسية واليسار العربي النمطي كما يسميه. " طوال عقود من الزمان، دفع الشيوعيون العرب الثمن باهظا لـ"صورة نمطية" وضعتهم في خانة العمالة للاتحاد السوفيتي والحركة الشيوعية العالمية، وهي صورة شكلتها ونفخت فيها وعممتها، دوائر حكومية عربية وقوى سلفية وإخوانية أهلية، كانت مندرجة في "حلف غير مقدس" بزعامة واشنطن وتحت لواء الحرب الباردة ضد الخطر الشيوعي الأحمر. واليوم، يدفع الليبراليون العرب، ثمنا باهظا أيضا، لـ"صورة نمطية" أخرى، يراد بها وضعهم في خانة العمالة، ولكن للغرب عموما والولايات المتحدة على وجه الخصوص هذه المرة...وهي صورة تشكلها وتنفخ وتعممها، دوائر حكومية عربية، تعشق الليبرالية الاقتصادية حد التبني، وتمقت حتى الاستئصال، أي مظهر من مظاهر الليبرالية السياسية وأي صورة من صور الحرية والديمقراطية والتعددية ، تساعدها في "حربها غير المقدسة" ضد الخطر الليبرالي البرتقالي، القوى الأصولية بمدارسها المختلفة ذاتها، مدعمة بمدد محدود من بقايا القوى القومية واليسارية العربية. لم يكن الشيوعيون أبرياء تماما مما لحق بهم من "تنميط"و"تبسيط"، فكثيرون منهم كانوا يرفعون المظلات فوق رؤوسهم حين تمطر في موسكو، وكانت عروقهم تنفر من جباههم وأعناقهم وهم يستذكرون صفحات من ملاحم الدفاع عن "وطن الاشتراكية الأول"، في حين ظلت علاقتهم بالقضايا القومية والوطنية "سكر خفيف"، إلى أن قاد الحزب الشيوعي اللبناني حملة مراجعات واسعة، استكملت ما بدأه شيوعيون منشقون ويساريون مثقفون ولدوا من خارج رحم الحاضنة الشيوعية الكلاسيكية، المعترف بها من الكرملين و"الكومنترن". وليس الليبراليون العرب، أبرياء بدورهم مما حاق بهم من سوء "تبسيط" و"تنميط"، فهم – غالبيتهم العظمى - أداروا ظهورهم لقضايا الأمة وكفاحها في من أجل استكمال تحررها الوطني، وهم اسقطوا من حساباتهم مقتضيات الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، وهم اصطفوا في طوابير "المؤلفة قلوبهم" على موائد "البترودولار" و"الاعتدال" و"التسويات" و"المبادرات"، وهم أظهروا حساسية معدومة حيال حركات سياسية جماهيرية نافذة، وقدموا تناقضهم معها على صراعهم مع خصوم الأمة وأعدائها التاريخيين، لا لشيء إلا لأنها ذات مرجعية إسلامية. منذ النهضة والتنوير، قبل أزيد من مائة عام، وبرغم صعود وهبوط الحركة الشيوعية في العالم، ظل الشيوعيون العرب أقلية نخبوية، أخفقت في التحول إلى تيار جماهيري عريض، وعجزت عن الوصول إلى السلطة في الدول العربية...وكذا الحال بالنسبة لليبراليين العرب، الذي بدأ التنوير بهم في مفتتح الفرن الفائت، إلى أن غابوا – أو غييبوا - عن المسرح بفعل الانقلابات و"ترييف المدن العربية" في خمسينيات القرن الفائت، ومن ثم بفعل "البترودولار" و"بدونة المدينة العربية" على يد الوهابية المدججة بالمال والتطرف، قبل أن يعودوا للظهور على استحياء على منصة "الشرق الأوسط الكبير". عندما نتحدث عن "الشيوعيين العرب"، لا نتحدث عنهم جميعا، فقد خرجت كما قلنا تيارات ومراجعات وشخصيات شقت طريقا مغايرا، وعندما نتحدث عن "الليبراليين العرب"، لا نتحدث عنهم جميعهم، وإن كنا نتحدث عن غالبيتهم العظمى، أما التحدي الذي يواجه هؤلاء ويضعهم على المحك فهو أن يكونوا ليبراليين "بحق"، وأن يكونوا وطنيين وقوميين مخلصين في الوقت ذاته، أن يكونوا ليبراليين من جهة ومناضلين من جهة ثانية، فما الضير في ذلك، وما العوائق الفكرية والسياسية والثقافية التي تحول دون الاهتداء لمعادلة تصهر هذين الحدين في بوتقة واحدة، إذ من دون ذلك، فلن يكون لليبرالية العربية حاضر ولا مستقبل، ولن تكون أكثر من فاصلة في كتاب التاريخ العربي الحديث والمعاصر، بل ولن تحتل مساحة ذات قيمة تذكر، حتى بالمقارنة مع تلك التي احتلها الشيوعيون ذات يوم." الرد: حضرة الكاتب الليبرالي البرتقالي أو الليبرالي المناضل سياسيا وليس الليبرالي الاقتصادي التي تمقتها جدا لنبدأ من حيث انتهت مقالتك. في بداية المقالة تحاول الخلط "الحابل بالنابل" عند مقارنة ما تعرض له الشيوعيون والليبراليون بنفس المستوى من التنميط وبالتالي حكم على الشيوعيون مسبقا بالعمالة لموسكو ، وكذلك الليبرالية بالعمالة للغرب ، كل ذلك في ذهنية المؤامرة وكأن المعسكرين وجهان لعملة واحدة . فيا حضرة الليبرالي (السياسي المناضل) أنت تعرف جيدا أن تجربة الاتحاد السوفيتي هي تجربة بناء مجتمع العدالة الإنسانية مجتمع المساواة والقضاء على الملكية الخاصة بالتدرج من تجربة بناء الاشتراكية وصولا إلى الشيوعية ، وأن ليس هي نفسها مجتمع النهب الاستعماري والعولمة ونهب خيرات الشعوب ومقدراتها وفرض الهيمنة على الشعوب بعربدة القوة على نطاق دولي ، ونعرف أن عوامل انهيار التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي السابق هي اتحاد جملة من عوامل داخلية وخارجية وأول هذه العوامل أن مجتمع النهب الإمبريالي في الوقت الذي كان يراكم رأسماله من خيرات الشعوب كان الاتحاد السوفيتي يقتطع من رغيف شعبه لدعم شعوب هذه الدول المقهورة. إن ليبراليتك البرتقالية يا حضرة الكاتب هي محاولة للقفز عن الواقع وتسطيح الأمور وتبسيطها ، ومعركة الدونكشوتية التي تخوضها تقفز عن أبجديات السياسة والتي هي تعبير مكثف عن الاقتصاد ، فعن أي ليبرالية تتحدث وأي حريات ممكنة في ظل الامبريالية ووحشيتها الاقتصادية فهي ليبرالية انتقائية ذهنية فقط تصلح كمادة للكتابة وليست واقعية فلو استطعنا العزل الفكري بين ما هو سياسي واقتصادي ، فلا يمكن تطبيق ذلك على أرض الواقع والفكاك من جدلية العلاقة بينهما فالوحش الإمبريالي لا ينفك تأثيره يصيب كل أسرة في هذا الكون ، فأي ليبرالية انتقائية سياسية تريدها وأي أفكار وأيديولوجيا ترقيعية أم هي أنصاف الفكرة وأنصاف الثوريين الذين يبحثون عن تسعيرة لهم في سوق العولمة إن ليبراليتك النصف ثورية السياسية "المناضلة" تغيب عمدا أي فهم مادي لدور الدولة كجهاز قمع طبقي. إن الماركسية علمتنا أن لا نكون مغامرين وأن لا نفرط بما هو استراتيجي على حساب التكتيك وأن لا نخفي هذه الأهداف من برامجنا لأننا نستند إلى فهم القوانين الموضوعية ، فلا يعيب هذه القوانين إغماض العين عنها لنقول أنها غير موجودة وأذكرك يا حضرة الكاتب أن الشيوعيين كان لهم امتداد وجماهيرية ، فمن كان وراء تعريب الجيش (1956) الأردني وتجربة اليمن الجنوبي ألم يكن لها جماهيرها والتي تمت التضحية بها نتيجة لمراجعات تحدثت عن أمثالها لصالح الوطني والقومي والتي كانت نتيجتها تكريس السيد الشمالي والعبد الجنوبي كل ذلك حدث لأنهم طبقوا نصيحتك قبل أن تنطق أنت بها. وليس عيب التجربة السوفيتية أو الكمنتيرن يا حضرة الكاتب أن يلتصق بها من ادعوا انتمائهم للفكر الشيوعي والمرتدين حاليا لأنهم التصقوا بهذا الفكر بنفس البرجوازية الصغيرة وهم نفسهم الساعين دوما على موائد مراكز القوى والنفوذ والجماهيرية التي تفتخر بها يا حضرة الكاتب ، أما من صدحت حناجرهم دفاعا عن وطن الاشتراكية فذلك لما مثلته هذه التجربة للإنسانية جمعاء فهل كان خطأ الدفاع عن بلد الاشتراكية التي ضحت من أجل البشرية بـ 20 مليون شهيد ضد الوحش النازي فتخيل يا حضرة النصف ليبرالي ماذا كان يعني انتصار النازية وسفلة رأس المال الأكثر دموية في التاريخ والتي كانت أكثر من مجرد حركة جماهيرية نافذة. وفي الختام أقول لك ما قاله الرفيق "فوتشيك" ليس هناك عذرا لمن أدرك الفكرة ثم تخلى عنها بقلم الرفيق أبو يوسف ( عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني