PCP

يا عمال العالم اتحدوا

مسألة الديمقراطية

مسألة الديمقراطية ملاحظة: هذا النص عبارة عن مداخلة ألقاها المفكر الماركسي الشهيد مهدي عامل عام 1986 ضمن "الندوة اللبنانية العربية العالمية" التي دعا إليها وقتها الحزب الشيوعي اللبناني ضمن التحضير لمؤتمره الخامس. "سأحاول أن احصر مداخلتي في ملاحظتين: 1-الملاحظة الأولى: حول مفهوم الديمقراطية البرجوازية. إذا أردنا أن نعرّف الديمقراطية لقلنا أنها في شكل عام هي : الشكل السياسي الملائم لسيطرة البرجوازية من حيث هي، اعتي الديمقراطية في الظاهر، حكم الشعب بالشعب عبر ممثليه السياسيين وللشعب، وفي الحقيقة من حيث هي ديكتاتورية الطبقة البرجوازية. على قاعدة هذا التناقض، الديمقراطية ممكنة في ظاهرها بالذات لان البرجوازية كانت طبقة ثورية بمصالحها ارتبطت مصالح الطبقات الأخرى التي كانت خاضعة للسيطرة الإقطاعية وفي تناقض مع هذه السيطرة. الديمقراطية البرجوازية في مفهومها النظري ممكنة لان البرجوازية طبقة هيمنية أي تحمل في صيرورتها الطبقية إمكانية تكوين نمط جديد من الإنتاج، وان تسيطر اقتصاديًا في إطار علاقات جديدة وسياسية، من حيث تمثل بنظام سيطرتها مصالح الطبقات والفئات الأخرى المتحافة معها والعاجزة عن تحقيق مصالحها بذاتها؛ فهذه المصالح، مصالح الطبقات والفئات الأخرى مرتبطة في إمكانية تحققها بنظام سيطرة البرجوازية. ما أقوله يصح في مرحلة من مراحل نظام البرجوازية بشكل خاص، وهي المرحلة الثورية اي المرحلة التي كانت فيها البرجوازية طبقة صاعدة، وفي تناقض تناحري مع النظم السابقة عليها. والديمقراطية البرجوازية ممكنة بمعناها المحدد، الذي هو إعطاء النقيض الطبقي للبرجوازية إمكانية التكون في قوة سياسية مستقلة هي التي يؤمنها لها حزبها السياسي، هذا يعني في تعبير آخر أن تكوّن النقيض الطبقي للبرجوازية، وهي الطبقة العاملة كقوة سياسية ممكن في إطار الديمقراطية البرجوازية، لكن مع ذلك يجب أن نورد هنا ملاحظة: وهي أن هذه الإمكانية بالذات، لم تتحقق كهبة من البرجوازية، بل بنضال ضدها. ويمكن القول، بل يجب القول، أن كل المكتسبات الديمقراطية السياسية والاجتماعية،حتى تلك التي لا تهدد النظام البرجوازي بالتهافت، قد انتزعت بنضال جماهيري. أصل من هذا القول إلى خلاصة: 1-إن المكتسبات الديمقراطية، حتى في الديمقراطية البرجوازية، هي وليدة الصراع الطبقي ووليدة نزعة التسلط والهيمنة، والديكتاتورية الملازمة للنظام البرجوازي، أنها وليدة النضال الجماهيري لا سيما في مرحلة صعود البرجوازية، وفي إطار من التحالفات تقيمها هذه البرجوازية مع قوى شعبية محددة. 2-أما في مرحلة الأزمة، فتظهر نزاعات متجددة لضرب المكتسبات الديمقراطية، وبالتالي يصبح الحفاظ على هذه المكتسبات الديمقراطية البرجوازية، وتعميقها، نتيجة نضال دائم، مثابر ، مستمر، ينتج عن هذا منهجيًا، ضرورة النظر في مشكلة الديمقراطية، حتى بمعناها البرجوازي، من زاوية الصراع الطبقي ومن موقع النضال الجماهيري. هذه الملاحظة الأولى حول الديمقراطية البرجوازية العامة. 2-الملاحظة الثانية: هي أن الديمقراطية البرجوازية التي نسميها كولونيالية، نعني الخاصة ببرجوازيات مجتمعاتنا العربية، ومثال عليها الديمقراطية الطائفية [نموذج لبنان] كل ما كان ممكنًا في الديمقراطية البرجوازية في مفهومها النظري، ليس ممكنًا في الديمقراطية البرجوازية الكولونيالية، أو في إطار الرأسمالية التبعية، كما في مجتمعاتنا. وخاصة الشيء الثاني: الديمقراطية البرجوازية في هذه المجتمعات لا تسمح بتكون النقيض الطبقي لها كقوة سياسية مستقلة، وفي حزب ثوري، وسبب ذلك أن البرجوازية لم تقم في بلادنا بثورتها كما قامت بها في المجتمعات الأخرى، ولم يكن ممكنًا أن تقوم بثورتها هذه، لأنها أتت إلى التاريخ متأخرة بعد أن دخلت الرأسمالية في طور أزمتها. اذ يمكن الكلام على طورين بالنسبة لتاريخ كل نمط من الإنتاج: أ_طور صاعد، تكون فيه الطبقة احاملة في صيرورتها طبقيًا هذا النمط من الإنتاج، طبقة ثورية. وب_طور هابط: أو طور الأزمة، حين تطرح ضرورة الانتقال الثوري إلى نمط آخر من الإنتاج. إذن الرأسمالية في مجتمعاتنا عرفت طورًا واحدًا، هو طور أزمتها. تلاحم طور تكونها بطور أزمتها، وفي إطار أزمة الامبريالية وازة النظام الرأسمالي العالمي في زمن الانتقال الثوري إلى الاشتراكية. لذلك، ولهذا بالذات كانت الديمقراطية البرجوازية، بما تعنيه من فسح إمكانية التكون السياسي المستقل للنقيض الطبقي في مجتمعاتنا، أمرا يكاد يكون مستحيلاً، إن لم اقل مستحيل في مبدئه. إنها ممكنة فقط بشرط واحد، هو الحيلولة بالمطلق دون تكون النقيض الطبقي للبرجوازية في قوة سياسية مستقلة تتمثل بالحزب الثوري للطبقة العاملة. مثال مصر:من هنا بالذات يمكن أن نفهم هذا الاستشراس الذي ظهر عند البرجوازية لضرب التنظيمات السياسية الثورية باكرًا: مثلاً، حتى في ثورة 1919 الذي بادر إلى ضرب التنظيم السياسي لحزب الطبقة العاملة هو سعد زغلول. ولكن هل هذا يعني انه لا يوجد إمكانية تكون سياسي مستقل للنقيض الطبقي للبرجوازية؟ نعم. ولكن ماذا تكون النتيجة.؟ حين ذلك تسير البرجوازية في الطريق الفاشية، وفي طريق الحرب الأهلية، وهذا بالضبط ما جرى في لبنان، وهذا بالضبط هو سبب أساسي من أسباب الحرب الأهلية في لبنان،التي فرضتها البرجوازية على شعب لبنان. مثال لبنان: كانت الديمقراطية ممكنة ما دامت ديمقراطية طائفية، والديمقراطية الطائفية في أساسها هي هذا النظام الذي يحول دون التكون السياسي المستقل للطبقة الثورية النقيضة، وبالتالي ما أن ظهرت ضرورة تحول الديمقراطية الطائفية إلى ديمقراطية سياسية، حتى بمعناها البرجوازي، ما أن ظهرت هذه الضرورة حتى اختارات البرجوازية الخيار الفاشي ودخلت في مرحلة الحرب الأهلية. إذن لم تعد الديمقراطية ممكنة في لبنان إلا كديمقراطية ثورية أي كحكم وطني ديمقراطي. ترقين النص :الأخضر القرمطي –لبنان- المصدر: مجلة الطريق (اللبنانية)-العددان الاول والثاني-نيسان-ابريل-1987.


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني