PCP

يا عمال العالم اتحدوا

في الفاشية

في الفاشية يعرف ديمتروف الفاشية بأنها: " الدكتاتورية الإرهابية السافرة لأكثر عناصر رأس المال رجعية وشوفينية وإمبريالية". ويستطرد ديمتروف في وصفها فيقول، بأنها: "أشرس هجوم يشنه رأس المال على جماهير الشغيلة وبأنها "شوفينية" جامحة للحرب وغزو ورجعية ومسعورة وثورة مضادة ، إنها أشرس أعداء الطبقة والشغيلة عامة" – (تقرير جورجي ديمتروف إلى المؤتمر السابع للأممية الشيوعية ص14) هذا التعريف للفاشية لا يزال سليما ، فطالما هنالك إمبريالية هنالك فاشية طالما هنالك رأس مال مالي هنالك فاشية و"عنصرية". نستنتج من هذا التعريف بأن المهمة الأولى للفاشية – وبالأخص في زمن الخصصة!! – هي قمع الحركة العمالية "الثورية" وأحزابها، بل وكل القوى الديمقراطية بواسطة "الارهاب" وأيضا تنظيم قاعدة جماهيرية لرأس المال الاحتكاري عن طريق الديماغوجيا القومية و"الدينية" التي لا مثيل لها أي "الكذب" "المرتدون" تجاوزوا مفهوم "الامبريالية" نحو مفهوم : "العولمة" الغامض وبالتالي لا توجد وفق هذا التجاوز "الفاشية" كشكل للسيطرة الطبقية عندما تعجز الأشكال الأخرى "الديمقراطية" البرلمانية عن خوض سياسة الاستغلال والسيطرة على الكادحين وتحديدا مع تعمق الأزمة ، بل هناك فقط: الإرهاب المعولم أو "العنف" المرتبط بالبنية الفوقية بـ "الايديولوجية" دون النظر "في علاقات الانتاج" دون النظر في تركز وتمركز رأس المال الاحتكاري في المركز و "الأطراف"! الفاشية تتلازم عضويا مع الامبريالية مع رأس المال وذلك لأن الإمبريالية هي عنوان الأزمة الدائمة في الإمبريالية ، وبالتالي فإن الفاشية هي دوما على حد قول: "غوس هول" تبقى كأحد الخيارات المفتوحه أمامها – أمام الإمبريالية – عندما تصبح أشكال الحكم الأخرى عائقا في طريق اندفاعها نحو أقصى حد ممكن من الأرباح "والدرس الأول الذي يجب أن نستخلصه هو أن القانون الداخلي للرأسمالية يخلق ميلا معاديا للديمقراطية يغذي الحركات التي تجنح إلى الفاشية ، ففي فترة أزمة الرأسمالية وتفسخها يتحدث تولياتي "عن الميل إلى انتهاج سياسات رجعية في الرأسمالية" وعندما لا يكون رأس المال الاحتكاري قادرا في فترة أزمته العامة على إتباع سياسات من شأنها تحقيق أقصى حد ممكن من الأرباح الاحتكارية وإذا كانت المؤسسات الديمقراطية لا توفر حتى الحد الأدنى من إمكانية تدخل الشعب ضد مثل هذه السياسات. فإن الرأسمالية الاحتكارية تتحرك لتحجيم أو تصفية مثل هذه البنى ، إنها تتحرك لاستبدال البنى الديمقراطية بأنظمة رجعية وعسكرية . والفاشية هي أكثر أشكال هذه الديكتاتوريات البرجوازية الكبيرة وحشية وتدميرا وتطورا". الإيديولوجية الفاشية والقاعدة الطبقية.... الإيديولوجيا الفاشية! إيديولوجيا "إنتقائية" لأن جماهير الطبقة العاملة إنما تتكون من الفئات الوسطى والبرجوازية الصغيرة والبروليتاريا الرثة ، وهذه الانتقائية هي على حد قول تولياتي: "عنصر مشترك لكل الحركات الفاشية" ولكن هذه الايديولوجية الانتقائية هي بـ "الدرجة الأولى وفي كل مكان الإيديولوجية القومية الجامحة : ديماغوجيا ، وبالإضافة إلى ذلك تنهل الفاشية إيديولوجيا من مصادر متعددة فهي تنهل من الاشتراكيين الديمقراطيين مثلا: " مبدأ التعاون الطبقي" والبعض عندنا يسميها بالتشاركية!! أي ما يلائم الفئات الوسطى والبرجوازية الصغيرة لكسبها ... وتنهل أيضا من الشيوعيين حيث تظهر الفاشية ديماغوجيا معادية للرأسمالية ، ولكن الفاشية تحرص دوما على الإدعاء بأنها "فوق الطبقات" لأجل طمس معالم الصراع الطبقي وهذا ما يسهل لها كسب الفئات الوسطى والبرجوازية الصغيرة وبالأخص في فترة احتدام الأزمة ، وذلك لأجل خلق قاعدة جماهيرية لها في هذه الأوساط ففي أزمة 1929-1932 تعرضت البرجوازية الصغيرة الألمانية – موضوعيا – لخطر الدمار الاقتصادي وانعكس هذا الخطر في وعي البرجوازية الصغيرة بشكل مشوه: العداء للشيوعية!! + وعي قومي معاد للسامية ، حيث اعتقدت هذه الفئات البرجوازية الصغيرة بأنها بهذا الوعي – الوهم – سوف تجد مخرجا لهذا الوضع الذي يهددها بالدمار وهذا ما سهل للفاشية السيطرة عليها وذلك لأن البرجوازية الصغيرة كانت وما زالت عاجزة عن أن تجد أو تخلق لنفسها أحزابها المستقلة، إنها على حد قول كارل ماركس : كيس بطاطا. أهم سمات الدكتاتوريات الفاشية...... من أهم سمات الديكتاتوريات الفاشية مايلي:- 1- العداء للشيوعية. 2- العداء المتطرف للديمقراطية وإلغاء كافة الحقوق والحريات. 3- النزعة القومية الشوفنية. 4- الاحتقار الفظيع للإنسان وتبني النزعات اللا إنسانية. 5- التمركز الشديد بشكل عام والتمركز البيروقراطي للسلطة السياسية. 6- عبادة القائد الفرد. 7- عسكرة كافة جوانب الحياة الاجتماعية والدولة بما فيها عسكرة الاقتصاد. 8- إندماج جهاز الدولة بجهاز الحزب الفاشي الحاكم. 9- إلغاء الشرعية البرجوازية واستبدالها بالسيطرة المطلقة العسكرية والبوليسية والقضائية. 10- خلق نظام شامل للإرهاب والتصفية الجسدية للمعارضين خاصة مناضلي الطبقة العاملة الثوررين. 11- تطبيق سياسة خارجية عدوانية وديماغوجية إلى أبعد الحدود أي "الكذب". ملاحظة: لا تظهر هذه السمات كلها دفعة واحدة وفي كل ظرف من الظروف إذ أن الفاشية مجبرة على التكيف مع الظروف المحيطة بها في حدود معينة وهي تعتمد الخداع والمناورة والديماغوجية بهدف كسب قاعدة جماهيرية فتأخذ أشكالا مختلفة تبعا للظروف التاريخية والخصائص لكل بلد ، كما أن توفر بعض هذه السمات في بعض الأنظمة لا يعني بالضرورة تصنيفها بـ "بالأنظمة الفاشية" وهي نزعة اليوم سائدة كمصطلح سياسي إعلامي في مواجهة النظم الديكتاتورية القمعية. الفاشية في الأطراف الرأسمالية " التابعة".... في القرن الذي مضى وقبيل انهيار الاتحاد السوفيتي نشأ جدل علمي ماركسي حول إمكانية ظهور نظم فاشية أو ذات طابع فاشي في الأطراف! والبعض اعتبر آنذاك أن الأطراف لا يمكن أن تنجح بسبب تبعيتها ، سوى نظم ديكتاتورية عسكرية ذات طابع "بونابرتي" – وبالأخص التروتسكيون!- وهذا يعني حصر النظم الفاشية بالمركز الامبريالي ، أي أن الفكرة التي سادت آنذاك هي أن الفاشية هي خاصية الدول الامبريالية في أعلى مراحلها الرأسمالية باعتبارها شكل لسلطة الرأس مال الاحتكاري في ذروة تركزه وتمركزه ، بينما في الأطراف لا توجد تلك المقومات! ولكن التطورات التي طرأت على العلاقة ما بين المركز والأطراف قد أدت إلى ظهور نظم فاشية وشبه فاشية، كما في أمريكا اللاتينية بل يمكن القول اليوم تحديدا ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتتي أن منطقة الأطراف باتت قادرة على إنتاج النظم الفاشية لأن مقومات هذه النظم باتت موجودة – بالضبط الكمبرادوري المالي!! لهذا لا يمكن لنا القول اليوم أن الفاشية تجوب عالم المركز وعالم الأطراف!! فرأس المال المالي قد اخترق الأطراف عضويا! إنه التشابك الوثيق ، بل لنلقي الضوء على هذه التطورات التي أدت لانبثاق مقومات الفاشية في الأطراف التابعة ، ولنبدأ من "الأزمة" في هذا النظام الرأسمالي العالمي وسبل مواجهتها حيث قامت الإمبريالية هنا بإعادة إنتاج التبعية مع الأطراف من خلال ما يعرف بـ "الاستعمار الجديد" أي تعديل العلاقة دون أن تتخلى الإمبريالية عن احتكار : المال+ الصناعة+السلاح بالإضافة إلى عنصر جديد هو : احتكار واستثمار المنجزات العلمية والتقنية أي "العلم وتطبيقاته" وقد ترافق مع ذلك نمو الشركات المتعددة الجنسية العملاقة ، وهنا تم الإنتقال على صعيد تقسيم العمل الدولي من التقسيم التقليدي: دول صناعية في المركز ودول زراعية ومصدرة للمواد الخام في الأطراف إلى تقسيم دولي "جديد" حيث تخصصت الدول الإمبريالية في الصناعات التي تحتاج إلى كثافة في رأس المال والأكثر تعقيدا من الناحية التقنية بينما نشأت في الأطراف ما يسمى بسياسة "التكيف الهيكلي" أي تصنيع الأطراف ضمن إطار عملية تدويل الإنتاج الرأسمالي، وبناء على ذلك تشكلت رأسماليات "تابعة" للإمبريالية عبر خطوات "التحديث الزائف" حيث تشابكت العلاقة ما بين رأس المال الاحتكاري ورأس المال المحلي، أي تنمية صناعية صاحبها تركيز ومركزة رأس المال الطرفي المحلي ضمن نسق العلاقات الرأسمالية بشكلها الاحتكاري المسيطر وطبعا ليست كل الأطراف قد دخلت في هذا التوجه الكومبرادوري بل تم اختيار هذه البلدان طبقا لأهمية موقعها ومكانتها الإستراتيجية ، وهذا ما عرف بالادبيات الماركسية باسم "الاحتكارات المتحدة" التي نشأت على أساس الإندماج ما بين المال المحلي والإمبريالي الخارجي ، حيث تشكلت هنا طغم مالية صناعية "أوليغاريشية مالية" وعلينا أن نتذكر بهذا الصدد إشارات لينين في كتاباته إلى ما يسمى بـ "الإمبريالايات غير المتكاملة أو التابعة"، وهنا يجب أن نشير إلى أن الاحتكارات الإمبريالية ومن خلال أدواتها النقدية الائتمانية الدولية: "صندوق التقد الدولي+ البنك الدولي..." لم تعد مجرد قوى خارجية تمارس نفوذها من خارج الحدود بل تحولت إلى عامل داخلي تغلغل في نظام العلاقات الإنتاجية في البلدان "الحديثة" التابعة بل وفي نسيج المسار السياسي وأساليب الحكم والسيطرة الطبقية هذه المسماة سياسة اللحاق بالعصر : أي دفع عملية التطور الرأسمالي والتصنيع في البلدان الطرفية التابعة – باعتبارها محاولة للتخفيف من عبء الأزمة الطاحنة- إنما لا تجري لمصلحة الرأسمالية الوطنية ولا تؤدي إلى رفع مستوى معيشة الكادحين بل تزيد وتعمق عملية تكثيف الاستغلال الرأسمالي وخفض الأجور الفعلية وتدهور الأوضاع المعيشية ورفض تقديم أي تنازلات اجتماعية واقتصادية بل الهجوم على الشغيلة واستنزاف بشع للناتج القومي عن طريق القروض وأعباء خدمتها وفوائدها ونفقات التسلح وعسكرة الاقتصاد وتخفيض قيمة النقد المحلي والقسوة المتزايدة في شروط التبادل التجاري...الخ كل هذا يؤدي إلى إفقار بشع للجماهير وإلى التفاوت الهائل في مستوى الدخل والتضخم وانتشار البطالة والبؤس وبالتالي يتطلب الأمر إقامة أنظمة سياسية فاشية لقمع مقاومة الكادحين. باختصار مع هذا "التحديث" في تقسيم العمل الدولي تشكلت في الأطراف طغم مالية كمبرادورية وثيقة الارتباط برأس المال الاحتكاري وبالضبط برأس المال المالي ، مما خلق التربة الفعلية لأنظمة فاشية في بعض الأطراف المحدثة والمطورة ! فرأس المال المالي الإمبريالي والطغم المالية الكمبرادورية في البلدان التابعة – وبالأخص في هذه المرحلة- لها مصلحة مباشرة بل ضرورة طبقية في إقامة نظم فاشية بل لنقل أن هذه النظم الفاشية إنما تتلقى الدعم المباشر من رأس المال المالي الإمبريالي فهي كما عبر "رودني ارسمنوي" سكرتير الحزب الشيوعي في الأورغواي : "ليست فاشية كولونيالية ولا هي مصدرة بل هي الشكل الأمريكي اللاتيني للفاشية وهي المعتمدة على الاحتكارات المحلية والأجنبية". في عملية التكيف الهيكلي لا بد أن يكون هنالك فرز طبقي ، أي سوف تحدث تغيرات في البنية الاجتماعية وفي مسار هذه العملية الطبقية تعتمد أشد الدوائر الرجعية في الرأسمالية الاحتكارية والرأسمالية الكمبرادورية – المالي المحلي على:- 1- الفئات العليا من التكنوقراط والاداريين ، وتضفي طابعا كوزموبوليتيا على قسم أساسي من العاملين منهم في المشروعات الرأسمالية الكبيرة و "المشتركة" تشاركيا!! وقطاع رأسمالية الدولة. 2- على قيادي القوات المسلحة والتي تلعب دورا أساسيا في خدمة وحماية مصالح الاحتكارات وهنا يتم الاستيعاب المادي والأيديولوجي ويكون السخاء والامتيازات والميزانيات المستورة والتسلح والتضخم في حجم ووظائف هذه القوات هذا التضخم – كما في السعودية! الذي يخرج عن إطار المهام المقدمة: الدفاع عن الوطن، ناهيكم عن لقمة الشعب حيث يتم التحول إلى "جهاز قمعي" على المستوى "المحلي" و"الاقليمي" ! انظر في حرب العراق واجتياح الكويت! إنها الأداة الفاشية الضاربة!. 3- أما القاعدة الجماهيرية للفاشية هنا فتتشكل أساسا من الفئات الوسطى والبرجوازية الصغيرة والبروليتاريا الرثة بأعداد كبيرة! فالإفلاس المتزايد – في عملية التكيف الهيكلي الكومبرادوري – للأقسام المنتجة من البرجوازية الصغيرة –التقليدية- والتضخم الموازي للقطاعات العاملة فيها، في الخدمات ووظائف الدولة الناشئة عن التضخم وارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة العملة الوطنية وتفشي البطالة...الخ هذه الظواهر التي تطحن الفئات الوسطى والبرجوازية الصغيرة والبروليتاريا الرثة تبدو كطلاسم وقدر محتوم لأمر له ويتعذر عليهم إدراك آلياته الخفية أو المخرج منه. مما يجعلهم فريسة سهلة لأشد الأفكار السلفية وللأطر العاطفية الوجدانية الغيبية وأرضا خصبة لأساليب الديماغوجية الفاشية المشبعة بالخداع والنفاق والوعود الجوفاء والشعارات الشوفينية المتطرفة والتعصب القومي والطائفي... والحلول "التكنوقراطية" والتطلع إلى الفرد الملهم أو "النخبة المنقذة". الأنظمة العربية ومأزق الإنزلاق إلى "الفاشية".... في النظام البرجوازي الديمقراطي تمارس الدولة وظيفة القمع بالترابط مع سيطرة إيديولوجية تقوم بها الأحزاب السياسية فهذه الأخيرة إنما تختص بنشاط إيديولوجي لأجل السيطرة السياسية والفكرية على الطبقة العاملة وسائر الكادحين، في النظام الفاشي: تمارس الدولة والجيش أو الحزب الفاشي الوظيفة القمعية مباشرة والقمع يشكل ركنا أساسيا من سمات أو خصائص الفاشية وأما الإيديولوجيا فهي تلعب هنا دورها الرئيسي في ترسيخ عملية التلاحم ما بين كافة أجهزة السلطة المختلفة والتحكم في فكرها ومن ثم في حركة الجماهير. الأنظمة العربية تتميز بأنها أنظمة كولونيالية قمعية شرسة في قمعها ومعزولة جماهيريا!! وهي اليوم تعاني من مأزق الانزلاق نحو الفاشية حيث بهذا الانزلاق يتفتت ما يسمى بالوطن!! إلى كانتونات "طائفية"! – شرط فاشي تدميري- إنها أنظمة تفتيت لا توحيد ، فمشروعها الفاشي المقنع بالتوحيد إنما هو بالضبط مشروع "تفتيتي" وهو أي هذا المشروع: خيارها الجهنمي المفتوح! فاشية كولونيالية طائفية ذات أزمة مأزقية!! وهي أزمة تاريخية!! إنه "التفتت": تفتيت الكادحين بلغة إيديولوجية طائفية بالضبط تعميم النموذج اللبناني إلى العراق والحبل على الجرار. فاشية طائفية عنصرية! فعلى المنطق الطائفي تبني النزعة "القومية"! كالقومية المارونية التي تحاول دوما أن تستمد شرعيتها التاريخية من خلال استحضار التاريخ "الفنيقي" أو تاريخ الفنيقيين على طريقة استحضار الأرواح و"الأجداد" حيث تكون القومية المارونية "المسيحية"! هي النتاج "الصافي" غير الملوث لهذا التاريخ "الفنيقي" العظيم والجوهري والذي حاول العارض أي برابرة شبه الجزيرة العربية الغزاة طمسه أو طمس معالمه وهكذا يتجوهر التاريخ يتسرمد لا يتغير كالله تعالى. إنها الضرورة الطبقية السياسية للبرجوازية اللبنانية الكولونيالية في شكلها الطائفي – المسيحي لأجل تكريس هيمنتها وهذا يتطلب أيضا سلخ لبنان عن هويته: "العربية" بهوية عنصرية زائفة! وهكذا يتأسطر التاريخ لدى إيديولوجيي سمير جعجع. ولا يشذ من حيث الجوهر من ينادي بـ "الأمة الإسلامية" إنه ذات المنطق السحري اللا تاريخي....الخ ولا أريد التوسع في هذا المجال بل أكتفي بهذه الملاحظة. ولنقل بمعنى آخر أنه على المستوى "الأيديولوجي" إنما يرتكز المشروع الفاشي على عنصر "القومية" ذو الأساس "الطائفي" قالأيديولوجية الدينية لا يمكن أن تكون في النظام الرأسمالي إلا أيديولوجية طائفية!! يتم تكريسها وسائر الفئات الوسطى والبرجوازية الصغيرة والبروليتاريا الرثة أو كما يقال :ردة رجعية سلفية!! في إعادة إنتاج الكومبرادورية "التطوير الاقتصادي" الخصخصة! إنما يعني الهجوم على مكتسبات الشغيلة! وتصدر الفئات الوسطى وإفلاس أو دمار البرجوازية الصغيرة وبالأخص القطاعات المنتجة منها- إنتاج سلعي صغير، عائلي- يمكن لنا الحديث هنا عن "تفكك" الأسرة البرجوازية الصغيرة البطركية بسبب دمار أو إفلاس إنتاجها السلعي الصغير! فإعادة إنتاج الكمبرادورية إنما يستهدفها أيضا. فهذه الأسر البرجوازية وبالأخص الريفية منها وغير القادرة على إقامة رابط سياسي بينها بالضبط: حزب! "إنما نبحث في غمار تفككها- بفعل الأزمة!-عن مخلص عن زعيم يعيد لها "الدفء" العاطفي والمادي والروحي الذي فقدته. إن الخطاب الديني-الطائغ ذو الطابع الشعوري الوجداني إنما يداعب هذه العقلية البرجوازية الصغيرة المنهارة أو المسحوقة ماديا، وهذا الخطاب مشبع أيضا بالحديث الرصين عن "الأسرة" وضرورة تمتين أواصرها ففي إصلاحها ينصلح المجتمع من الفساد و"الزنى" .... إنها ملجأ "الحنان" ومركز "التربية" و....الخ، وهذا ما يولد لدى البرجوازية الصغيرة "النوستالجيا" بالضبط "الحنين لماض ذهبي " تجب عودته "الفاشية" بواسطة المخلص: الزعيم الذي له هيبة القداسة!!. وهتا لا بد من دعم "مالي" للخيار الفاشي أو المشروع الفاشي باعتباره الخيار الذي يحمي ويكرس سلطة الكمبرادور المالي، ولا بد أيضا من تهيئة الظروف المناسبة له، لا بد من التهيئة الأيديولوجية لا بد من ضخ شكل إيديولوجي يومي، وهذا الشكل الأيديولوجي هو كما قلنا أعلاه: شكل قومي طائفي ومقنع بالجتمع المدني! :"الامة الإسلامية المدينة و"طوائفها"! لا بد من ناحية ثانية من رفع شعار: "مكافحة الإرهاب" و"الوحدة الوطنية" وهنا تكون أمام مأزق الخيار الفاشي على الشكل التالي : النخبة الأيديولوجية المفكرة والمدعومة ماليا تجمع في ظل غياب القوى الوطنية والثورية – الحثالات أو سقط المتاع : مجرمين وفاسدين وعهرة من كافة الفئات الطبقية وبالأخص حثالة البروليتاريا!!. الذين سحقهم المنطق الرأسمالي الخصخصي المتوحش – غياب التنمية الوطنية- أطمعهم وأشبع غرائزهم ودعهم يرخون الذقون! وسلحهم وأدفعهم للجهاد المقدس ضد الحكومات : الفاسدة الفاسقة الداعرة! وما من مقصف إلا ويجب إحراقه وما من راقصة أو ممثلة إلا ويجب أن تتوب! فالوضع يحتاج إلى "وهم" وزيدوا المححطات الدينية الفضائية للجهاد ضد "الفسق" و"الخلاعة" و"المرأة العورة" و"الاستغلال"! و"الإلحاد" . ارفعوا شعار "الزكاة" ومساعدة "ذوي الاحتياجات الخاصة" من اليتامى والمساكين والأرامل و"المطلقات" أعلنوا أن كل الحكومات العربية "كافرة" وعميلة للغرب "الإباحي" قسموا الطبقات بالعنف أو بالمعروف وباسم الدين الحنيف إلى "طوائف". فالصراع الطبقي ليس من شيمنا العربية الإسلامية الأصيلة فهو بدعة ضارة وكل بدعة ضلالة وكل ضلاة هي في النار. حتى وإن نخر-وقت النخر- العمل المأجور دمائنا فنحن طوائف أصيلة وعلى الطائفة الصغيرة أن تغضع للطائفة الكبيرة ويا طوائف أمة المليار اتحدوا ضد "الاستكبار العالمي" الذي يدعمنا لأجل تقسيم العالم " عرقيا! وطائفيا! انشروا المقاصف ودور البغاء والإدمان على المخدرات في كل مكان وأعلنوا الجهاد المقدس ضدها! وعن طريق حثالات جاهزة للإنتقام ، لا تبخلوا بالمال على "حثالة" كما يفعل وليد بيك وسعد الحريري فبالمال نصنعهم وبالمال نقتلهم!. العصابات الموتورة: سقط المتاع من كل الفئات الطبقية يجب تجميعها ويجب أن تترأسها "نخبة" لها طابع الهيبة المقدسة! بالضبط سلطة الزعيم المالي والروحي ، الآليات الرأسمالية "الخفية"! التي تسلب الكادحين والفئات الوسطى والرجوازية الصغيرة وحثالة البروليتاريا اقتصاديا لا يمكن لهذه الكتلة الجماهيرية أن تدركها إلا باعتبارها قدر لا مرد له فتقع فريسة للمنطق السلفي الظلامي حيث الفقر نتاج الإنحراف عن الصراط المستقيم فعندما تبتئس الأرص تزدهر السماء ، الأيديولوجية الما قبل رأسمالية إنما تفعل فعلها هنا! فهذا البناء الفوقي الما قبل رأسمالي – تكرار الماضي في الحاضر- وهذه هي التربة البرجوازية المالية- الكمبرادورية – نموذجها رفيق الحريري الصهيوني – وهذه هي التربة الأساسية أو "الخصوصية" التي يرتكز عليها المشروع الفاشي ، وفي اللحظة المناسبة ، لحظة تقدم المشروع الليبرالي الكمبرادوري إلى الأمام في سحق الشغيلة يتم الانفجار هنا أو هناك وبسيارة مفخخة إنه "الإرهاب" وعلى الشعب أن يتعاون مع "النظام" لضبط "الأمن" والاستقرار و"تمتين الوحدة الوطنية" المستهدفة لمكافحة الإرهاب! قد يكون "بن لادن" أو شاكر العبسي أو الزرقاوي أو "جند الشام" إنها المعزوفة الامبريالية كمبرادوريا خصخصيا!!!. لكن المأزق القائم هو كالتالي : الأنظمة البرجوازية العربية التابعة "عضويا" في تقنعها بقناع مكافحة الإرهاب – أي الانزلاق إلى الفاشية شكلا ومضموضا- إنما تسعى إلى تجميع قاعدة جماهيرية حولها – إحدى شروط الفاشية – ولكنها في الوقت ذاته ولكي تتأبد سيطرتها الطبقية لا بد من تمزيق هذه القاعدة الجماهيرية : "طائفيا"! وذلك خوفا من تبلور وعي طبقي "وطني" في صفوفها – العداء للشيوعية! إنه المأزق! فكلما ازدادت "الأزمة الاقتصادية" استفحالا كلما تتطلب ذلك زيادة تعميق الوعي الطائفي بقناع الوحدة الوطنية!! ومن خلال "المؤسسات الطائفية" المدعوما ماليا من خلف الستار – الحريري نموذجا! – وعلى الزعيم المالي هنا أن يكون – وهذا هو الأفضل – زعيما : "روحيا"! منزها عن الأغراض المادية "الدينية"! وعن "الطائفية" بتعميقها!! إنه خارج الطائفة وخارج الطبقات إنه "الوسيط" الروحي ماليا! وفكرة "الوسيط" عميقة الجذور في مجتمعاتنا العربية- وهذه إحدى شروط الفاشية!- ومن ينتقد الوسيط – الزعيم "المقدس" يجب سحقه!. مسألة الزعيم هنا: حساسة جدا سواء كان من الأحياء أو الأموات "المقدسين" وهنا قد تلجأ البرجوازية الكمبرادورية – المالية إلى قتل الزعيم أو ذاك من صفوفها لأجل تكريس إرهاب سافر في سحق الشغيلة تحت عنوان: مكافحة الإرهاب و "الكفرة" نعم .. البرجوازية الكمبرادورية – المالية وبالأخص أشد عناصرها رجعية وشوفينية وإمبريالية فد تلجأ إلى تصفية بعض رموزها لأجل بسط نفوذها وسيطرتها الطبقية وتجميع قاعدة جماهيرية ملتفة حولها بالترابط مع خطاب إيديولوجي ديماغوجي يخاطب الشعور و"العاطفة" وهذا ما فعلته وتفعله قوى 14 آذار في لبنان!! مقتل ابن أمين الجميل ثم معزوفة: شاكر العبسي الإرهابي!. ولكن هناك مسألة خطيرة تدركها هذه الأنظمة وتثير فيها الرعب وذلك في عملية إنزلاقها نحو "الأساليب الفاشية" ألا وهي أن هذه الجماهير التي تريد هذه الأنظمة المأزومة السيطرة عليها بإيديولوجية فاشية قد بدأت تدرك هذا "الكذب" المنقطع النظير والذي تستخدمه هذه الأنظمة ذاتها، وكأن لسان حال هذه الجماهير يقول: إلى هذه الدرجة يستصغرون عقولنا في معزوفة مكافحة الأرهاب! ألا يستحون من هذا الكذب الفاقع! يقتلون القتيل ويسيرون في جنازته!. كلما تفاقمت "الأزمة الإقتصادية" – وهي إحدى شروط الفاشية – تفاقمت العمليات الإرهابية المصنعة برجوازيا بالضبط من قبل هذه الأنظمة الكولونيالية لأجل سحق الكادحين الشغيلة!! باسم الدفاع عن الوطن أو بشعارات إيديولوجية براقة!: لا للإرهاب! والإرهاب لا دين له. مأزق هذه الأنظمة المنزلقة إلى الفاشية هو هذا "التفتيت" بالمنطق الطائفي – الما قبل رأسمالي والخاضع لمنطق الرأسمالية!!- والذي بقدر ما هي – أي هذه الأنظمة – بحاجة إليه لتكريس سيطرتها الطبقية السياسية بقدر ما يقود هذا المنطق إلى انهيارها ودخول "البلد" في حرب أهلية مدمرة!. والفاشية بقدر ما هي نقطة قوة هي بذات الوقت نفطة ضعف – تجاوز الأزمة!! – والمرحلة الراهنة هي مرحلى انتقالية! وعلى حد قول غرامشي: مرحلة ما قبل الاستيلاء على السلطة... وفي المراحل الانتقالية ترتع الوحوش ، وهنا يمكن لنا القول بأنه على القوى الوطنية والديمقراطية أن تنفض غبار ترهلها وتعي خطورة هذه المرحلة "الانتقالية" التي تتسارع خاصة وأن "الفاشية" ليست قدرا محتما على الشعوب. يوسف الجندي(مجلة الطليعة)


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني