PCP

يا عمال العالم اتحدوا

صفحات من التاريخ الثوري

صفحات من التاريخ الثوري الأممية الأولى ...............نبراس دلول كم كانت فرحتي عظيمة عندما نقلت وسائل الإعلام مظاهرات الشعب الأرجنتيني بعد انهيار اقتصاده وصور المناضل العظيم تشي غيفارا في كل يد. ولأن تراثنا الشيوعي غني بنظرياته وتجاربه الإنسانية كان لابد لنا من الالتفاتة إليه وإعادة قراءته ليزيد من ثقافتنا الشيوعية. فها هو كارل ماركس مع صديقه فريدريك أنجلس يؤسسان جمعية الشغيلة العالمية أو ما يعرف بالأممية الأولى، فقد كان هم كل من ماركس وأنجلس بعد أن توصلا إلى حقيقة صراع الطبقات ومفهوم ديكتاتورية البروليتاريا أن يوحدوا التيارات الاشتراكية في أوروبا لأهداف معينة وفي تنظيم واع، ولأن الحركات الاشتراكية في أوروبا آنذاك كانت تتصف بالطوباوية من جهة والانتهازية من جهة واللاعقلانية من جهة أخرى اضطر ماركس إلى التحالف معها في سبيل توحيد أشكالها تحت راية الماركسية، وبالفعل وقع على أول أممية في التاريخ، وذلك في 28 أيلول ـ 1864 وعين ماركس آنذاك عضواً في المجلس العام لجمعية الشغيلة العالمية وعضواً في اللجنة الدائمة المنبثقة عن المجلس العام فيما بعد. الرأسمالية في أوروبا تصعد شيئاً فشيئاً وتقبض على زمام الأمور وماركس المتفهم لحركة التاريخ كان أيضاً يتحرك لتحرير وعي الطبقة العاملة من تخدير البرجوازية الأوربية لها من خلال مقولاتها حول الديمقراطية والمساواة والقومية وغيرها وكان كما ذكرنا هناك في جمعية الشغيلة العالمية تيارات متعددة كان ماركس يحاربها رغم وجودها وكان من أشد هؤلاء دهاءًً وأكثرهم جماهيرية الاشتراكي الفرنسي برودون حتى أن له تياراً بحد ذاته يسمى أتباعه بالبرودونيين وكان برودون يدعو إلى التخلي عن النضال السياسي ويؤيد التعاون بين الطبقات، لذا أخذ ماركس بالتقرب من عدة شخصيات في المجلس كانت تتسم بالعقلانية مثل دوبون وكان كفاح ماركس يتجلى بعدة أمور منها: 1ـ محاربة الأشكال الاشتراكية الانعزالية والانتهازية. 2ـ توعية الجماهير للمسائل السياسية الداخلية والخارجية. 3ـ إيصال فكرة تسلم البروليتاريا الضروري للحكم السياسي. من عام 1864 تاريخ إنشاء الأممية الأولى وحتى عام 1872 تاريخ حلها، هذه المنظومة عقدت خمسة مؤتمرات سنتناولها بالبحث: عام 1866 «من 3 ـ 8 أيلول» عقد المؤتمر الأول في مدينة جنيف السويسرية وقدم خلاله «تبليغاً إلى مندوبي المجلس العام المؤقت حول مسائل شتى» من قبل ماركس الذي لم يتمكن من الحضور وفيه هاجم ماركس البرودونيين وحدث جدال عنيف وقتها تجلى بمدافعة البرودونيين عن برنامجهم الذي اتصف بجمعه للرجعية والإصلاحية والبرجوازية وكان هذا البرنامج يقف ضد إضرابات العمال ونضالهم السياسي ووصفهم ماركس آنذاك بـ «دعاة الاقتصاد البرجوازي السطحي المطري كمثل أعلى على طريقة برودون»، ولأن ماركس كان يتصف بالمناقشات العلمية وبوقوفه الصلب في صف البروليتاريا وافق المؤتمر على القرارات التي اقترحها وتجلت هذه القرارات بـ : 1ـ التحديد الإلزامي ليوم العمل بثماني ساعات. 2ـ تحديد خاص لعمل الأطفال والفتيان بالارتباط مع التعليم الإلزامي. 3ـ حماية عمل النساء. 4ـ إلغاء الضرائب غير المباشرة. 5ـ إلغاء الجيش الدائم وتسليح الشعب تسليحاً عاماً. وقد كانت هذه القرارات ضربة موجعة ليس فقط للبرودونيين بل للسالين الألمان وتريديونيونية الإنكليز التي كانت تدعو فقط لبعض الإصلاحات داخل مجتمعهم الرأسمالي المتعفن. بعد هذه القرارات المهمة انتبهت النقابات إلى ضرورة النضال في سبيل تحرير الطبقة العاملة التام وقد اتخذ المؤتمر في ختام أعماله قراراً بإعادة انتخاب المجلس العام دون أي تعديلات عليه. المؤتمر الثاني انعقد من 2 ـ 8 أيلول 1867 في مدينة لوزان وكان على جدول أعماله مسألتان أساسيتان وهما: 1ـ التدابير العملية لتحويل الأممية الأولى إلى مركز عام للنضال في سبيل تحرير البروليتاريا. 2ـ التسليف الشعبي العمالي. وقد أبدا كل من ماركس وأنجلس تمسكً عنيداً بهذا الجدول وقد كانوا يوماً بعد يوم يواجهون مؤامرات الانتهازيين عملاء البرجوازية داخل الأممية فقد تحالفت التريديونيونات الإنكليزية مع العناصر البرجوازية الصغيرة مما أدى إلى تخلي عصبة الإصلاح عن مطلب الاقتراع الشامل فغدت الحركة الجماهيرية بدون قيادة. أما المؤتمر الثالث للأممية فقد انعقد في بروكسل شهر أيلول من العام 1868 وكان البرودونيين يتجهون أكثر فأكثر نحو اليمين فبدأت مواقفهم تغاير مطالب الجماهير فأخذ عدد من المندوبين الفرنسيين والبلجيكيين بدعم المجلس العام ضد البرودونيين فجاءت عدة قرارات تؤكد على ما نص عليه مؤتمر جنيف ضد البرودونيين وعدة قرارات أيضاً قدمها «س. بايب» فوافق المؤتمر على وضع الأرض وما في باطنها والسكك الحديدية تحت تصرف المجتمع. في مؤتمر بروكسل سجلت الماركسية انتصاراً عظيماً على الأفكار البرجوازية اللاسالية فبدأت الأحزاب الاشتراكية الألمانية بالنهوض. المؤتمر الرابع عقد في مدينة بال السويسرية من 6 ـ 11 أيلول 1869، وقد كان حاضراً ولأول مرة مندوب عن العمال الأمريكيين «الاتحاد الوطني العمالي الأمريكي» وحاول خلاله البرودونيون اليمنيون إعادة فتح مقررات مؤتمر بروكسل «مسألة الملكية الجماعية للأرض» ولكن البرودونيين انفصلوا عن الأممية نهائياً بعد اتخاذ المؤتمر قراراً يدعو عمال جميع البلدان إلى تشكيل نقابات متحدة على النطاق الوطني. وكانت الساحة قد شهدت بعد مؤتمر بروكسل ظهور شخصية كان لها وجودها فيما بعد وهو الفوضوي ميشال باكونين الذي أصبح نداً للأفكار الماركسية في مؤتمر بال فبعد أن وضع ماركس تقريراً خاصاً للمؤتمر حول مسألة الإرث جاء فيه «إنه ليس بالإمكان تحقيق هذا المشروع الإصلاحي الطوباوي مادام الملاكون العقاريون والرأسماليون في الحكم وإن المسألة تفقد كل معنى حينما يصبح الحكم في أيدي البروليتاريا، ولم يستطيع المؤتمر أن يتخذ أي قرار بسبب التعادل في التصويت وذلك بعد أن قام باكونين برد عنيف ضلل المندوبين فانقسموا مناصفةً وانتهى المؤتمر الرابع بموافقة على نشاط المجلس العام وانتخابه بكامله ولكن بعد المؤتمر واجه ماركس وأنجلس هجوماً عنيفاً من قبل باكونين من خلال صحيفة «ليغاليته» الجينيفية وكان قد انضم إلى باكونين جميع العناصر التي كانت تعارض المجلس العام «الانتهازيون الإنكليز واللاساليون الألمان» وكان رد ماركس عليهم من خلال ما عرف بـ «الرسالة السريعة» حيث عممها على جميع فروع الأممية وكان لنضال ماركس وأنجلس ضد الباكونينية أثر عظيم نستطيع لمسه من خلال التأييد الذي لاقياه من قبل الفرع الروسي للأممية وكان هذا أول لقاء روسي بالأفكار الماركسية. المؤتمر الخامس والأخير للأممية الأولى كان في لاهاي المدينة الهولندية من 2 ـ 7 أيلول من العام 1872 وكان مؤتمراً عنيفاً من حيث الصراع الذي كان تحت قيادة كل من ماركس وانجلس ضد الباكونينين والذين كانوا يساندوهم كالتريديونيونات الإنكليزية وغيرها من العناصر البرجوازية الانتهازية، وكان يقف إلى جانب ماركس الاشتراكي الفرنسي «بلانكي» وتياره والذين كانت هذه المشاركة الأولى لهم من بعد كومونة باريس وقد استطاع ماركس أن يهزم الباكونينية وقتها أشد هزيمة وكان من أهم نتائج هذا المؤتمر: 1ـ تصديقه على القرار الذي ينص على تشكيل حزب سياسي مستقل للبروليتاريا في كل بلد من البلدان يكون معارضاً لجميع أحزاب الطبقات السائدة. 2ـ طرد كل من الباكونينيين وغليوم من الأممية. 3ـ اتخاذ قرار يقضي بنشر المجلس العام تقريراً مفصلاً عن نشاطهما الانقسامي. وضع كل من أنجلس والاشتراكي الفرنسي الناشط في أسبانيا بول لافاراغ هذا التقرير الذي نشر عام 1873 وكان عنوانه «حلف الديمقراطية الاشتراكية وجمعية الشغيلة العالمية».


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني