ضد التروتسكية.. لتحيا الماركسية-اللينينية !!
ضد التروتسكية.. لتحيا الماركسية-اللينينية !!
" الوضوح الفكري و الثبات الفكري - ذلك ما نحتاجه، و لا سيما في هذا الظرف العصيب" لينين1909 (1)
تقديم:
هذه مقالة لا نزعم أنها تتناول بالنقد كل جوانب "النظرية" التروتسكية، لكن أردناها حجرًا نقذفه في وجه هذا السكون لعلها تكون النقطة الصفر لبدء الهجوم على كل الخطوط التحريفية التي كشرت عن أنيابها داخل هذا الوطن- و خارجه أيضا- ضد الفكر الثوري و ضد مسار التاريخ، مستغلين هذا الضباب الكثيف الذي أحدثه إنتقال مجموعة من رموز الحركة الماركسية اللينينية المغربية (الحملم) – أفراداً و مجموعات- إلى مستنقع الردة و الخيانة، وليشكلوا طابورا آخرا إلى جانب النظام و أحزابه والأحزاب الإصلاحية للهجوم على الفكر الماركسي اللينيني.
و لا نخفي القارئ بأن زاوية نظرنا- أو هذا ما أردناه- هي الماركسية-اللينينية، أي زاوية نظر الطبقة العاملة التي يصرخ البعض بموتها و البعض الآخر بهزيمتها، و بينهما تسبح كل التيارات التحريفية و التصفوية بشعاراتها الطنانة و المعهودة "تطوير الجوهر الحي للماركسية" (2)، "النضال ضد الستالينية"، "الديموقراطية ضد المركزية الديموقراطية"، "المجتمع المدني"... إلى غير ذلك من الحدلقات التي هي معبر إلى كل المواقع البرجوازية من أصغرها إلى أكبرها.
إننا نعتبر أن تعرية التروتسكية على المستوى النظري كخط تصفوي معادي لللينينية و للحركة الشيوعية، مدخل ضروري لمواجهة مشتقاتها الكثيرة على المستوى الوطني. و نعد القارئ بمقالات أخرى تتناول بالنقد مجمل طروحاتهم، على ضبابيتها، من مجمل القضايا التي أفرزها الصراع الطبقي التي تخوضه الجماهير الشعبية المغربية ضد التحالف الطبقي السائد، و نظامه اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي.
تروتسكي و التروتسكية:
" أما تروتسكي فلم يكن و ليس له أبدا أي "وجه" وإنما له انتقالات
و اندفاعات من الليبراليين إلى الماركسيين و بالعكس، و مزق من
الكلمات و الجمل الرنانة منتوفة من هنا و من هناك" لينين 1914 (3)
إن أي قارئ أو متتبع لكل الطروحات التحريفية على اختلاف تلاوينها، لابد أن يقع على الخيط الناظم الذي يلفها جميعا و المتمثل في مجموعة من الشعارات/ المبادئ التي تجتمع حولها و قد جئنا على ذكر بعضها في تقديم هذه المقالة، لكن يبقى أوهجها بريقا هي مقولة "الماركسية الثورية" والتي يحلو للتروتسكيين على الطريقة المغربية ترديدها في هذا السيل الجارف من الكتابات التي تمطرنا بها لعلها تنجح في بذر بذورها في بعض أوساط البرجوازية الصغيرة ( الطلاب خصوصا) التي أصابها اليأس و الإفلاس. هذه "الماركسية الثورية" ضد " البيروقراطية الستالينية"، ضد "الجمود العقائدي"، ضد "الماركسية الأرثوذوكسية"، ضد كل ما هو غير "الماركسية الثورية" التي يدافعون عنها دون تحديد أو تدقيق لمحتواها، و إن حصل ذلك فبضبابية كثيفة و بحربائية في تغيير المواقف، متبعة نفس التقلبات اللامبدئية ل"نبيها" "يهودا الصغير" تروتسكي ضد كل هبوب ثوري، هذا الأخير الذي" لا يحظى بالثقة إلا عند التصفويين "(4) و ثرثرته "ليست غير "ظل إيديولوجي" للليبرالية"(5)، لذلك توخينا وضع مقولة النظرية المقرونة بالتروتسكية بين مزدوجتين، على اعتبار أنها تتسوق بضاعتها من كل الاتجاهات ( الماركسية، الفوضوية، الليبرالية...). و تأتي صعوبة تحديد التروتسكية من كثرة أشياع "النبي" تروتسكي، و هذا ما يحكمه الانفجار التنظيمي الذي عرفته و تعرفه ما تسمى ب"الأممية الرابعة" و ملحقاتها(6).
لكن تبقى كل هذه الخطوط تدافع و تؤيد أفكار ملهمها تروتسكي، متراوحة بين التمسك الحرفي بكل "مواقفه" و بين خطوط أخرى تدعو إلى "تجديد" فكر تروتسكي و تجاوز بعض "أخطائه". بالإضافة إلى أجنحة تتبنى مواقف تروتسكي لكن تسعى إلى المزاوجة بينه و بين لينين و لما لا "الماركسية-اللينينية"(7)، وحتى الدعوة إلى تأسيس أحزاب "لينينية- تروتسكية"(8).
لكن رغم هذا التضخم التنظيمي و السيل الجارف من الكتابات، فهذا ليس سوى فقاعات هواء، ف"الحركة التروتسكية" ضعيفة سياسيا إن لم نقل منعدمة الوجود داخل الطبقة العاملة، و يقتصر وجودها داخل الشبيبة التعليمية ( تلاميذ، طلبة، معلمين..) مستغلين الحماس الثوري داخل هذه الفئات لتحصيل رأسمال سياسي، بالإضافة لنهجهم سياسة اختراق الإطارات السياسية. و لدينا تجارب كثيرة في هذا الميدان، الأقرب إلينا هي تجربة اختراق التروتسكيين – أو بالأحرى أحد مشتقاتهم- و تقنعهم داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بقناع الدفاع عن ما يطلق عليه في الساحة الطلابية ب"وجهة "نظر" 89"، و فيما بعد أعلنوا من داخلهم عن وجههم الحقيقي، و أظن أن هذه العملية يراد لها أن تتكرر مع الفصيل الطلابي المناضل "النهج الديمقراطي القاعدي"، لكن نظن أن المناضلين الماركسيين اللينينيين سيتصدون لهذه المحاولة و فضحها و طرح هذه الفضالة خارج الجسد القاعدي و الماركسيين اللينينيين كما جرت العادة مع كل الطروحات التحريفية حتى و لو تقنعوا زوراً بالدفاع عن الماركسية اللينينية و محاولتهم الجمع بينها -أي الماركسية اللينينية- و بين التروتسكية، هذه الأخيرة التي تعتبر أخطر التيارات التصفوية التي ساهمت –ولا زالت- في تخريب الحركة الثورية على المستوى العالمي، و كدا القول، و بشكل يدعوا للسخرية، بأن تروتسكي هو "الوريث الحقيقي والشرعي للتراث البلشفي اللينيني ضد الستالينية منذ وفاة لينين إلى حين استشهاده"(9). و نتمنى لهذه الورقة أن تساهم بدورها في عملية الفضح و المواجهة ضد هذا "التوجه" التصفوي
لكن رغم كل هذه الصعوبات التي تعترضنا في تحديد "التروتسكية"، سوف نحاول نقاشها بالاعتماد على مواقف مؤسسها و زعيمها الروحي تروتسكي، و ذلك للاعتبارات التالية: أولا، حتى لا نضع أنفسنا في خندق إحدى كتله ضد أخرى، وثانيا لتعرية كل محاولة لتقديم تروتسكي كضحية لتحريف هذه المجموعة أو تلك ل"مواقفه"، و أخيراً، لأننا نعتبر مواقف تروتسكي هي الأسس التي يعتمدها كل أشياعه مهما اختلفت مسمياتهم. و لا نخفي القارئ بأننا سوف نعتمد في نقد هذه المواقف على لينين و تراث الحزب البلشفي في صراعه ضد التروتسكية.
اللينينية ضد التروتسكية:
"اللينينية هي ماركسية عصرا لاستعمار و الثورة البروليتارية. و بتعبير أدق: اللينينية هي نظرية
و تكتيك الثورة البروليتارية بوجه عام. نظرية و تكتيك ديكتاتورية البروليتاريا بشكل خاص " ستالين(10)
" الانتهازيون "الشرفاء" هم الخطر الأكبر على الطبقة العاملة.. " انجلس(11)
" في كلمة واحدة، إن كامل بنيان اللينينية مرتكز الآن على
الكذب و التزوير و هي تحمل في ذاتها أسباب تفسخها " تروتسكي(12)
إن استحضارنا لتاريخ الحزب الشيوعي البلشفي(**) في صراعه ضد التروتسكية - و باقي الخطوط التحريفية- توخينا منه إعطاء القارئ المعطيات التاريخية اللازمة لتطور هذا التيار التصفوي على أرضية عدائه لللينينية و الذي سوف يعلن عن نفسه بشكل سافر بعد وفاة لينين و بنوع من "الانسجام" الفكري ككتلة معادية للحزب البلشفي و للحركة الشيوعية العالمية.
كما هو معروف خاض لينين طوال مساره الثوري صراعا ضد كل الخطوط التحريفية، ابتدأه بإكمال عمل بليخانوف في دحر الشعبية بمؤلفه المشهور "من هم "أصدقاء الشعب" و كيف يحاربون الاشتراكيين الديمقراطيين؟"(1894)، حيث كشف فيه القناع عن وجه الشعبيين "أصدقاء الشعب" الزائفين ، الذين كانوا يعملون في الواقع ضد الشعب، و في هذا المؤلف بسط لأول مرة فكرة التحالف الثوري بين العمال و الفلاحين كوسيلة رئيسية لقلب النظام القيصري، كما وجه سهامه لممارستهم للإرهاب الفردي الذي ليس سوى نتيجة لفقدانهم الإيمان بالحركة الثورية، و حدد لينين لأول مرة الأهداف الأساسية للماركسيين الروس و على رأسها توحيد الحلقات الماركسية المبعثرة في حزب عمالي اشتراكي ديمقراطي. و ليجهز على الشعبية في الميدان الفكري بمؤلفه العلمي الكبير "تطور الرأسمالية في روسيا".
للإشارة فقد ضم لينين سنة 1895 جميع حلقات العمال الماركسية في بطرسبورغ (وكان عددها يقارب العشرين) في "إتحاد النضال لتحرير الطبقة العاملة" و هكذا مهد لتأسيس حزب للعمال ثوري ماركسي. و ليكون، أي "إتحاد النضال لتحرير الطبقة العاملة" بقيادة لينين، أول من حقق في روسيا اندماج الاشتراكية بحركة العمال.
في سنة 1898 قام عدد من "اتحادات النضال" - بطروسبورغ، موسكو، كييف..- و معها البوند بمحاولة أولى للتجمع في حزب اشتراكي ديموقراطي واحد، فكان المؤتمر الأول لحزب العمال الاشتراكي الديموقراطي في روسيا (ح.ع.ا.د.ر) الذي لم يضم سوى تسعة مندوبين، و لم يتمكن لينين من الحضور إذ كان منفيا في سيبيريا. كذلك لم تلبث لجنة الحزب المركزية التي أفرزها المؤتمر أن اعتقلت. و كان البيان الذي صدر باسم المؤتمر يتضمن نقاط ضعف عديدة: فهو لزم الصمت عن ضرورة استيلاء البروليتاريا على السلطة السياسية و عن زعامة البروليتاريا. كما أنه لم يذكر شيئاً عن حلفاء البروليتاريا في نضالها ضد القيصرية و البرجوازية. لكن يبقى الإعلان في هذا البيان عن تأليف "ح.ع.ا.د.ر" ذا أهمية كبيرة في الدعاية الثورية. على أن إنشاء هذا الأخير لم يتم بصورة فعلية في روسيا، فالمؤتمر لم يتمكن من جمع الحلقات و المنظمات الماركسية، و لا ربطها بصلات تنظيمية، لم يكن هناك خط سياسي واحد لعمل كل المنظمات، ولا برنامج ولا حتى نظام داخلي للحزب؛ كما لم تكن هناك قيادة مركزية واحدة. كل هذه العوامل، بالإضافة إلى أخرى، مهد الأرضية لتقوية تيار"الإقتصادية" الإنتهازي داخل الحركة العمالية. لكن بعمل ثوري جبار، سدد لينين ضرباته ل"الإقتصاديين" الذين كانوا ينكرون ضرورة وجود حزب، ثوري من خلال مقالاته على أعمدة جريدة إيسكرا (الشرارة 1900) السرية التي كانت تطبع بالخارج، إذ كان يدرك أكثر من أي إنسان آخر أن "الإقتصادية" هي النواة المركزية لسياسة التفاهم، أي الانتهازية، و أن انتصار "الإقتصادية" في حركة العمال معناه القضاء على حركة البروليتاريا الثورية و انهزام الماركسية. و لغاية تأسيس حزب يجمع كل الحلقات الماركسية المتفرقة، كانت مقالة "بما نبدأ؟" بمثابة مشروع دقيق و واضح لبناء هذا الحزب، ثم وسع هذا المشروع فيما بعد في مؤلفه المشهور "ما العمل؟". و كان من نتائج نشر كتاب "ما العمل؟" أنه بعد سنة من ظهوره، لم يبق من المواقف و الأسس الفكرية ل"الاقتصادية" إلا ذكرى مزعجة، و أضحت صفة "اقتصادي" منذ ذلك الحين شتيمة في نظر الأكثرية العظمى من مناضلي الحزب البلشفي. فالمبادئ النظرية المشروحة في هذا المؤلف هي التي كونت فيما بعد الأساس الفكري للحزب البلشفي.
كانت أولى الخلافات مع تروتسكي إبان المؤتمر الثاني (1903) حيث ساند الطروحات المنشفية في المسائل التنظيمية، و خصوصا مسألة الانتماء إلى الحزب. فمن هو الذي يمكن أن يكون عضوا في الحزب؟ و كيف يجب أن يكون تركيب الحزب، و كيف تكون ماهية الحزب من الوجهة التنظيمية، هل يكون كلا منظما أو شيئا هلاميا؟ تلك هي القضايا التي أثارتها المادة الأولى من النظام الداخلي.
كانت صيغة لينين و البلاشفة تقول: يمكن أن يكون أعضاءً في الحزب جميع الذين يعترفون ببرنامجه، و يدعمون الحزب ماديا، و ينضمون إلى إحدى منظماته. أما صيغة مارتوف و المناشفة بما فيهم تروتسكي فكانت تعتبر أن الاعتراف بالبرنامج و دعم الحزب ماديا هما شرطان ضروريان للانتماء للحزب، غير أنها لم تكن تعتبر الاشتراك في إحدى منظماته شرطا من شروط الانتماء، بل كانت تعتبر أن عضو الحزب يمكن أن لا يكون عضوا في إحدى منظماته. و بالتالي فقد كانت صيغة المناشفة تفتح أبواب الحزب على مصراعيها للعناصر الغير البروليتارية لتكون النتيجة إضعاف الحزب و تفكيكه.
و قد كان من نتائج هذا الخلاف أن التجأ المناشفة إلى عرقلة قرارات المؤتمر و ألفوا كتلة انقسامية على رأسها مارتوف و تروتسكي و اكسلرود، و كان لانضمام بليخانوف للمناشفة أن استطاعوا الاستيلاء على هيئة تحرير "الايسكرا" بعد أن انسحب منها لينين و أصبحت منذ ذلك الحين لسان حال كل التصفويين و المناشفة خصوصا في ميدان التنظيم.
و كان رد لينين حاسما على كل الطروحات المنشفية، في كتابه الشهير "خطوتان إلى الوراء، خطوة واحدة إلى الأمام" في ماي 1904 و الذي أعلن فيه أن "ليس لدى البروليتاريا في نضالها لأجل السلطة، سلاح سوى التنظيم". في هذا المؤلف حدد لينين الأسس التنظيمية الرئيسية للحزب البلشفي و أكد على أن الحزب الماركسي هو "حزب الطبقة، و لذلك فالطبقة كلها على وجه التقريب، (أما في وقت الحرب، أي في عهد الحرب الأهلية، فالطبقة كلها على وجه الإطلاق) يجب أن تعمل تحت قيادة حزبنا و أن تتراص حوله أكثر ما يمكن"(13). مضيفا على انه ليس باستطاعة الحزب أن يقود الطبقة العاملة قيادة عملية، و أن يوجهها نحو هدف واحد، إلا إذا كان جميع أعضائه منتظمين في فصيلة مشتركة واحدة، تجمع أجزاءها كالحديد وحدة الإرادة، ووحدة العمل ووحدة النظام. و قد هاجم لينين المناشفة لميولهم الهلامية في شؤون التنظيم، و على فوضويتهم المتكبرة المتعالية التي لا تقبل فكرة الخضوع لسلطة. وقد كتب لينين في ذلك قائلا " إن كلمة مارتوف و زملائه "نحن لسنا اقنانا " يصور أحسن تصوير فقدان كل حجة معقولة لديهم ضد هيئة التحرير التي عينها المؤتمر(المؤتمر الثاني). ففي هذه الكلمة تظهر بشكل واضح جلي، نفسية المثقف البرجوازي الذي يتصور نفسه من "الأرواح المختارة" التي هي فوق التنظيم الجماهيري، و فوق النظام الجماهيري. فكل تنظيم و كل نظام بروليتاري، هما و القنانة شيء واحد بالنسبة لفردية المثقف". و إن ما يجعل لهذا الكتاب أهمية كبرى هو انه قبل كل شيء أنقد فكرة الحزب و صانها ضد فكرة الحلقة الضيقة وحمى الحزب من المخربين و سحق الانتهازية المنشفية في مسائل التنظيم، ووضع أسس تنظيم الحزب البلشفي. إلا أن أهميته لا تقتصر على ذلك فحسب، فإن دوره التاريخي ناجم عن أن لينين وضع فيه لأول مرة في تاريخ الماركسية، تعاليم الحزب من حيث هو المنظمة القائدة للبروليتاريا، و من حيث هو سلاح أساسي في يد البروليتاريا يستحيل بدونه إحراز النصر و تحقيق ديكتاتورية البروليتاريا.
خلال الحرب الروسية اليابانية (1904) وقف المناشفة بما فيهم تروتسكي، موقف المؤيدين للحرب إلى النهاية، موقف الدفاع عن "وطن" القيصر و كبار ملاكي الأراضي و الرأسماليين. أما لينين و البلاشفة، فكانوا على العكس يعتبرون اندحار الحكومة القيصرية في حرب السلب و النهب مفيدا لأنه سيؤدي إلى إضعاف القيصرية و التعجيل بالثورة.
إبان المؤتمر الثالث للحزب (1905) تعمقت الخلافات بين البلاشفة و المناشفة، لتشمل بالإضافة إلى مسائل التنظيم خلافات جديدة تتعلق بمسائل خططية. فكان مؤلف لينين الشهير" خطتا الاشتراكية الديمقراطية في الثورة الديمقراطية" الذي بالإضافة إلى انه كشف عن وجه الانتهازية داخل الحركة العمالية على المستوى العالمي، حدد خطة الماركسيين في مرحلة الثورة البرجوازية، و وضع في نفس الوقت مبادىء الخطة الماركسية في مرحلة الانتقال من الثورة البرجوازية إلى الثورة الاشتراكية؛ مؤكدا على ضرورة قيادة الطبقة العاملة لجماهير الفلاحين و" أن البروليتاريا وحدها تستطيع أن تكافح في سبيل الديمقراطية بروح الاستمرار و المثابرة، و لكنها لا تستطيع أن تنتصر في هذا الكفاح من اجل الديموقراطية إلا إذا انضمت جماهير الفلاحين إلى نضال البروليتاريا الثوري"(14) و ليس هناك وسيلة لمنع هيمنة البرجوازية على الثورة " غير ديكتاتورية البروليتاريا و الفلاحين الديمقراطية الثورية"(15) و "إن ديكتاتورية البروليتاريا والفلاحين الديمقراطية الثورية ليست بلا جدال، سوى مهمة عرضية، مؤقتة، بالنسبة للاشتراكيين، بيد أنه من باب الرجعية على وجه الضبط تجاهل هذه المهمة في عصر الثورة الديمقراطية"(16).
و لكي لا يبقى أي غموض، أعطى لينين بعد مضي شهرين على صدور كتابه "خطتا الاشتراكية الديموقراطية في الثورة الديموقراطية"، الإيضاحات التالية في مقاله عن "موقف الاشتراكية الديمقراطية من حركة الفلاحين"؛ "ما أن تتم الثورة الديمقراطية حتى نتجه- فورا وذالك بنسبة قوانا تماما، نسبة قوى البروليتاريا الواعية المنظمة- في طريق الاشتراكية ! إننا من أنصار الثورة غير المنقطعة، إننا لن نقف في منتصف الطريق". كان كل ذلك يحوي مفهوما جديدا عن العلاقة بين الثورة البرجوازية و الثورة الاشتراكية، و نظرية جديدة عن إعادة تجميع القوى حول البروليتاريا في أواخر الثورة البرجوازية، للانتقال مباشرة إلى الثورة الاشتراكية.
وسط هذا الصراع بين البلاشفة و المناشفة، ما هو موقع تروتسكي؟
كالعادة كان موقف تروتسكي "وسطيا"، فهو كان متفقا مع البلاشفة في الموقف من البرجوازية الليبرالية وعدم إمكانية قيادتها للثورة البرجوازية. لكن في نفس الوقت كان مع المناشفة في الموقف من الفلاحين، نافيا إمكانية اعتبارهم حليف موضوعي للطبقة العاملة؛ مؤكدا على أن النظام القيصري لا يمكن تعويضه إلا "بحكومة عمالية". هذه الحكومة العمالية التي يتوجب عليها، عند وصولها إلى السلطة، أن تستولي على الأراضي الخاصة، بما فيها أراضي الفلاحين(17)- معرضا بذلك حتى هذه "الحكومة العمالية" المزعومة للخطر بإبعاد أغلبية الشعب عنها-، ف"الثورة، حسب تروتسكي دائما، التي ستبدأ كثورة برجوازية فيما يخصّ مهامها الأولى، سوف تولّد صراعات طبقية عنيفة، وهي لن تحرز النصر الأخير إلاّ بعد أن ينتقل الحكم فيها إلى الطبقة الوحيدة القادرة على قيادة الجماهير المضطهدة، وهذه الطبقة هي البروليتاريا. ولمجرد أن تصبح البروليتاريا في الحكم، فإنها لن ترضى بأن تحصر نفسها ضمن البرنامج الديموقراطي فحسب، ولكنها ستجد نفسها مجبرة على تخطيه أيضا؛ وسوف تتمكن من تحقيق الثورة حتى النهاية فقط في حال تحول الثورة الروسية إلى ثورة تشمل كل البروليتاريا الأوروبية.. يستحيل على البروليتاريا أن تبقى ضمن حدود الديموقراطية البرجوازية. إنها مجبرة على تبني خطط الثورة الدائمة" و بعد أن يستعرض مواهبه النظرية لأنه "يحب كثيرا إعطاء تفسيرات للظواهر التاريخية ملائمة له، "بهيئة العالم العارف"، بالعبارات المنمقة الطنانة"(18) بالقول "إن الامتحان الأخير للنظرية هو التجربة. لذا كان الدليل القاطع على كوننا طبقنا النظرية الماركسية بشكل سليم هو أننا تنبأنا بالخطوط العريضة للأحداث التي نشارك فيها الآن وحتى بأشكال هذه المشاركة منذ ما يقارب الخمسة عشر عاما"(19)، يخلص صاحبنا إلى أن الطبقة العاملة الروسية "لن يكون أمامها من بديل سوى أن تربط مصير حكمها السياسي، وبالتالي مصير الثورة الروسية كلها، بمصير الثورة الاشتراكية في أوروبا"(20)، تروتسكي لقب هذه "النظرية" ب"الثورة الدائمة". هذه "النظرية" التي تلغي دور الفلاحين، و تدعو إلى القفز على الثورة الديمقراطية والنضال مباشرة من أجل الثورة الاشتراكية، و إلى القول باستحالة بناء الاشتراكية في بلد واحد بدون دعم الثورات الاشتراكية في الدول الأوروبية المتقدمة.
هل يمكن أن ننسب كل هذا إلى لينين و البلشفية؟
أظن إلى حد الآن لم نتناول فكرة "إمكانية بناء الاشتراكية في بلد واحد" من وجهة نظر لينين، على اعتبار أنها ترد في مؤلفات تروتسكي و التروتسكيين بكونها "بدعة" من صنع ستالين. لكن سوف نجد لينين منذ 1915 يتصدى لهذه الفكرة الخاطئة والتي تشكل أحد أعمدة " النظرية" التروتسكية في الدعوة إلى "الثورة الدائمة" و الهجوم على ثورة أكتوبر و الحركة الشيوعية.
ففي إطار نقذه ل"شعار الولايات المتحدة الأوروبية" أكد لينين على أن "التفاوت في التطور الاقتصادي والسياسي هو قانون مطلق للرأسمالية. و ينتج عن ذلك أن انتصار الاشتراكية ممكن، بادىء الأمر، في عدد صغير من البلدان الرأسمالية أو حتى في بلد رأسمالي واحد بمفرده. فالبروليتاريا المنتصرة في هذا البلد، بانتزاعها من الرأسماليين ملكيتهم، وبتنظيم الإنتاج الاشتراكي عندها، تنهض ضد العالم الباقي، الرأسمالي، جاذبة إليها الطبقات المظلومة في البلدان الأخرى، دافعة إياها إلى الانتفاض على الرأسماليين، بل مستخدمة القوة العسكرية، عند الاقتضاء، ضد الطبقات المستثمرة و دولها"، و فيما بعد عمق لينين فكرته في "البرنامج العسكري للثورة البروليتارية" بالقول "إن الرأسمالية تتطور في مختلف البلدان بصورة غير متساوية إلى أقصى حد. و لا يمكن أن يكون الأمر غير ذلك في ظل نظام الإنتاج البضاعي. و لذا كان هذا الاستنتاج الذي يفرض نفسه فرضا و هو أن الاشتراكية لا يمكن أن تنتصر في جميع البلدان في آن واحد. فهي ستنتصر أولاً في بلد واحد أو في عدة بلدان، بينما تظل البلدان الأخرى، لفترة من الزمن، بلدان برجوازية أو ما قبل برجوازية".
مقابل هذه التعاليم اللينينية، هل هناك من يمكن أن يقول أن "إمكانية نجاح الاشتراكية في بلد واحد" مستحيلة و أنها ليست سوى "بدعة ستالينية" ؟ الجواب، لدى كل التيارات الانتهازية التروتسكية هو نعم!!
فكما رأينا، فقد حارب لينين هذه النظرية الانتهازية منذ بداية الحرب العالمية الأولى معتمدا على تحليله العميق للإمبريالية و استنتاجه لقانون تفاوت التطور(*)، و حتى لا يترك أي لبس؛ كانت صيغة لينين الشهيرة " الشيوعية هي سلطة السوفييتات، بالإضافة إلى كهربة البلاد بأسرها " هي الجواب على كل من كان ينكر إمكانية بناء الاشتراكية في بلد واحد، خصوصا إذا كان بلدا متأخرا، و قد أضاف لينين في إحدى خطاباته أمام سوفييت موسكو سنة 1922 قائلا " من روسيا السياسة الاقتصادية الجديدة ستولد روسيا الاشتراكية"، تلك هي بالإجمال الموضوعة اللينينية حول إمكانية بناء الاشتراكية في بلد واحد.
هذه الموضوعة ستغدو لدى تروتسكي و التروتسكيين و بعض الخطوط التحريفية، عبارة عن "اختراع ستاليني"، فقد أعلن تروتسكي بشكل واضح سنة 1932 ب " أن برنامج "الاشتراكية في بلد واحد" يبقى طوباوية برجوازية صغيرة. و وحده يستطيع اتحاد أوروبي، ثم عالمي، للجمهوريات الاشتراكية، أن يشق الطريق لمجتمع اشتراكي متناسق "(21)، فهل هناك من قاسم مشترك بين "نظرية الثورة الدائمة" التي ينادي بها تروتسكي و بين نظرية الثورة البروليتارية لدى لينين حول إمكانية انتصار الاشتراكية في بلد واحد، حتى و لو كان بلدا متأخرا؟ لا نرى مانعا من أن نجزم بأنه ليس هناك أي رابط بين الاثنين و أن " نظرية الثورة الدائمة" هي في الحقيقة ليست سوى استحالة الثورة على الدوام.
لكن رغم ذلك نجد تروتسكي و بشكل انتهازي يستعين بلينين من أجل أن يثبت بأن " نظرية الثورة الدائمة" وعدم " إمكانية بناء الاشتراكية في بلد واحد" هي من خلق لينين. فهو يؤكد مثلا بأن لينين "لم يعتبر الفلاحين لحظة واحدة كحليف اشتراكي للبروليتاريا، بل كان على العكس من ذلك يستنتج استحالة الثورة الاشتراكية في روسيا بالضبط من الغلبة الضخمة للفلاحين" و أن "لينين يرى الحليف الاشتراكي في بروليتاريا الغرب و جزئيا في العناصر شبه البروليتارية في القرية الروسية، لكن أبدا في الفلاحين كفلاحين" و ليضيف فيما بعد المعزوفة المعهودة بأن ستالين هو الذي وضع "بالمقابل نظرية الاشتراكية في بلد واحد"، و حتى لا يترك لنا أي شك يؤكد "المنظر" تروتسكي " إذ لو رأى لينين في الفلاحين حليفا اشتراكيا، لما كان له أدنى سبب للإلحاح على الطابع البرجوازي للثورة، و لحصر "ديكتاتورية البروليتاريا و الفلاحين"في الحدود الضيقة بمهام ديمقراطية صرف"(22). سوف لن نقف هنا عند موقف تروتسكي سنة 1905 الذي يلغي فيه أي إمكانية لتحالف البروليتاريا مع الفلاحين و رفعه بالمقابل شعار "لا للقيصر، حكومة عمالية"؛ أي ثورة بدون فلاحين، و سوف لن نقف كذلك عند موقف تروتسكي إبان الحرب العالمية الأولى، الذي أعلن فيه ب"أننا نعيش في مرحلة الإمبريالية"، و أن الإمبريالية "تضع ليس الأمة البرجوازية في مواجهة النظام القديم، بل البروليتاريا في مواجهة البرجوازية"، ليخلص إلى نفي أي دور ثوري للفلاحين(23)، بل فقط ندعوا القارئ مقارنة ما قاله تروتسكي سابقا بهذا المقطع للينين الذي كتبه سنة 1905: "إن ديكتاتورية البروليتاريا والفلاحين الديمقراطية الثورية لها ماض ومستقبل،ككل ما هو موجود في العالم. وماضيها، هو الأوتوقراطية، والقنانة، والملكية، والامتيازات..أما مستقبلها، فهو النضال ضد المِلكية الخاصة، هو نضال العامل الأجير ضد رب العمل، هو النضال في سبيل الاشتراكية"(24).
لنرجع مرة أخرى إلى تروتسكي و محاولة تقنعه بالدفاع عن اللينينية، سنة 1939 سيعلن بأن لينين كان "يردد أن عودة العهد الرأسمالي شيء لا مفر منه دون مساعدة الثورة الاشتراكية في الغرب. إنه، يقصد لينين، لم يكن على خطأ، فالبيروقراطية الستالينية ليست إلا المرحلة الأولى من عودة البرجوازية"(25) و في نفس المقالة يأكد "المنظر" تروتسكي أن "نظرة المناشفة كانت خاطئة ككل، و كانت توجه البروليتاريا في طريق مختلف تماما. و نظرة البلاشفة كانت غير كاملة: فهي تشير بشكل صحيح إلى وجهة النضال العامة، لكنها تعين مراحله بشكل غير صحيح. و لم يظهر النقص في نظرة البلاشفة منذ سنة 1905 لا لشيء إلا لأن الثورة نفسها لم تعرف تطورا أوسع. إلا أنه في بداية 1917 أجبر لينين، في صراع مباشر مع أقدم كوادر في الحزب، على تغيير النظرة"(26). لا نعرف من يقصد بكلامه أقدم كوادر في الحزب!! لكن ما نحن متأكدين منه هو أنه لن يكون واحدا منهم، ذلك أن تروتسكي لم يلتحق بالحزب البلشفي إلا في غشت 1917، أي فقط شهرين قبل ثورة أكتوبر!! و لم يحتج إلى الكثير من السنوات لكي نجده من جديد ضد البلاشفة و ضد اللينينية، و لكن هذه المرة باسم الدفاع عن البلشفية و اللينينية!!
تروتسكي هنا لم يكتف بالبحث " لنظريته " عن موقع داخل اللينينية، بل يعلن بصراحة على أنها لا هي منشفية و لا هي بلشفية، بل يذهب إلى أبعد من ذلك، فهو يلمح إلى أن لينين إبان ثورة أكتوبر أصبح "تروتسكيا" و داعماً لنظرية "الثورة الدائمة"!!
لكن لكي نثبت التهافت والتناقض الذي يقع فيه تروتسكي، ندعوا القارئ إلى مقارنة ما قاله سابقا، لكن هذه المرة ليس بنص للينين، بل بنص كتبه هو، أي تروتسكي، سنة 1940: "لم يكن أحد يمتلك مفهوما ثوريا واضحا و مدروسا بإمعان في بداية الثورة غير لينين. كانت كوادر الحزب الروسية مبعثرة، و إلى درجة لا بأس بها، ضائعة.. و كان مفهوم لينين السياسي يتوافق مع التطور الفعلي للثورة و يترسخ مع كل حدث جديد (..) و عدّل الحزب سياسته بسرعة لتتوافق مع مفهوم لينين، أي لتتوافق مع المجرى الفعلي للثورة"، بل نجده يعلن في نفس المقال بأن "وصول لينين إلى بتروغراد في اليوم الثالث من نيسان 1917 قد قلب الحزب البلشفي في الوقت المناسب و مكنه من أن يقود الثورة إلى النصر "(27). لا نجد تعليقا على هذه الانتهازية المقيتة لتروتسكي في التعاطي مع التاريخ خصوصا و أن المدة الزمنية التي تفصل بين المقالين لا تتعدى بضع أشهر، لكن نرى بالمقابل أن من حقنا طرح هذا السؤال على "ورثة تروتسكي": أليس هذا يفرض عليكم توسيع قاموس خصال "الأنبياء" ليشمل، بالإضافة إلى "الأعزل" و "المنبوذ"، صفات "التحايل، الكذب و الاسترزاق على التاريخ" ؟
لنواصل، لم ينظر تروتسكي إلى ثورة أكتوبر كجزء أساسي في النضال التحرري للطبقة العاملة على المستوى العالمي، بل اعتبرها عود ثقاب مهمته إحداث حريق عالمي، مصرا على أن الانهيار الكامل للنظام الإمبريالي هو السبيل الوحيد الذي يجعل وجود ثورة أكتوبر أمرا ممكنا، وقد فضح ماركس و انجلز هؤلاء البرجوازيين الصغار، و أسمياهم ب"كيميائيو الثورة" ذلك لأنهم لا يقومون بتنظيم النضال الثوري الجماهيري، بل بالدعوة إلى "دفع" الثورات في الدول الأخرى دون وجود الشروط الضرورية لقيامها. و قد انتقد لينين في مقاله "غريب و فظيع" دعاة "الدفع" مؤكدا على "أن "نظرية" كهذه، تقطع كل صلة بالماركسية التي أنكرت دائما "دفع" الثورات، لان الثورات تتطور و تتنامى بقدر ما تتفاقم التناقضات الطبقية التي تولد الثورات" مضيفا بأن " مصلحة الثورة العالمية تتطلب من السلطة السوفييتية التي أطاحت ببرجوازية البلد أن تساعد هذه الثورة، و لكن هذه السلطة هي التي تختار شكل المساعدة وفقا لقواها. إن مساعدة الثورة الاشتراكية على الصعيد العالمي، بالقبول باحتمال هزيمة الثورة في البلد المعني، إن هذا الرأي لا ينبع حتى من نظرية الدفع" معلنا بأن من وجهة نظر مثل هذه الآراء " لا يمكن للجمهورية الاشتراكية في وسط الدول الإمبريالية... أن توجد، إن لم تطر إلى القمر"، و لتكون خلاصة لينين في نهاية نفس المقالة هي أنه " لن نهلك من الغزاة، إذا لم ندع اليأس و الجملة الطنانة يهلكاننا"(28).
لكن بعد وفاة لينين و لمواجهة كل الموضوعات اللينينية، اخترع تروتسكي فزاعة "الستالينية". هذا السلاح الإيديولوجي الذي صنعه تروتسكي أصبح بالنسبة لكل التحريفيين، القنطرة التي تؤدي إلى مستنقع الردة و الخيانة للفكر الثوري الماركسي اللينيني(29).
فالهجوم على ستالين و "الستالينيين" تحت ذريعة "الدفاع عن اللينينية"، كان كافيا خلال خمسة و ثلاثين سنة للتخلص من أفكار لينين و إعادة الرأسمالية للاتحاد السوفيتي و أوربا الشرقية.
لذلك نرى ضرورة الوقوف حول هذه المعزوفة، "الستالينية"، التي تستهوي أصحابنا التروتسكيين و كل التحريفيين و زعيمهم. فماذا يقول تروتسكي عن "الستالينية" ؟
"إن الستالينية كلها على الصعيد النظري تطورت من خلال نقد نظرية الثورة الدائمة كما صيغت سنة 1905 " و " ولدت بالمقابل نظرية الاشتراكية في بلد واحد، ركيزة الستالينية الأساسية"(30).
فإذا كانت نظرية بناء الاشتراكية في بلد واحد هي للينين و ليست لستالين، فماذا سوف يتبقى من هذه " الستالينية" المزعومة لدى تروتسكي؟ إن تروتسكي لم يذخر جهدا في مهاجمة ستالين و تشويه ماضيه الثوري مؤسسا بذلك القاعدة النظرية التي انطلقت و تنطلق منها كل الحملات البرجوازية الرجعية ضد الحركة الشيوعية و نماذج البناء الاشتراكي، مستخدما نفس الشعارات التي رفعها المناشفة و كل التيارات الانتهازية إبان الثورة، ومن قبيل أنه من المستحيل " فرض" الاشتراكية في بلد متخلف، و أن البلاشفة ما داموا يريدون مع ذلك فرض الاشتراكية ب"القوة"، فإنهم سيولدون "الاستبداد و الدكتاتورية، و سيشكلون أرستقراطية جديدة فوق الجماهير".
« منذ المؤتمر الثامن للحزب عام 1919 كان ستالين عضوا في المكتب السياسي.. و كان بالإضافة إلى ذلك عضو المكتب التنظيمي المؤلف هو أيضا من خمسة أعضاء من اللجنة المركزية. و لدى انعقاد المؤتمر الحادي عشر عام 1922 شَنَّ بريوبراجنسكي نقدا على واقعة أن ستالين كان يقود مفوضية القوميات، بالإضافة إلى مفتشية العمال و الفلاحين ( المكلفة بالرقابة على جهاز الدولة بأسره) و قد رد عليه لينين: " نحن بحاجة إلى رجل يمكن لأي ممثل من ممثلي القوميات أن يذهب إليه، و يروي له بالتفصيل كل ما يحدث لديه، و لن يكون بمقدور بريوبراجنسكي أن يقترح مرشحا آخر لهذا المنصب غير ستالين. و الأمر نفسه بالنسبة إلى مفتشية العمال و الفلاحين. فهذا عمل هائل يقتضي أن يكون على رأسه رجل يتمتع بسلطة كاملة، و إلا فإننا سنغوص في الوحل" » (31).
« وفي 23 نيسان و باقتراح من لينين عين ستالين أيضا سكرتيرا عاما للمكتب السياسي. و هكذا كان ستالين هو الشخص الوحيد الذي يشارك في عضوية اللجنة المركزية، و المكتب السياسي، و المكتب التنظيمي، و سكرتارية الحزب البلشفي » (32).
لنعد إلى تروتسكي و صراعه مع ما سماه ب " الستالينية".
« عام 1904 عارض تروتسكي بحدة لا مثيل لها التصور اللينيني عن الحزب، فوصف لينين ب"الانشقاقي المتعصب" و ب"الثوري البرجوازي الديمقراطي" ب"المهووس بالتنظيم"و بنصير" نظام الثكنة" و نعته ب " الحقارة التنظيمية" و ب " الدكتاتور الذي يريد أن يحل نفسه محل الحزب" و ب"الدكتاتور الطامح لإنشاء دكتاتورية فوق الطبقة العاملة" و الذي
" يرى في طرح أي أفكار تخالف أفكاره ظاهرة مرضية". سيلاحظ القارىء بأن كل هذه التخرصات الحاقدة لم تكن موجهة إلى ستالين البغيض، بل إلى المعلم.. لينين.
إن كتابه "مهامنا السياسية" الذي نشره تروتسكي عام 1904 يشكل مادة أساسية لفهم "النظرية التروتسكية" كعدو لللينينية. فمجمل النعوت التي وجهها لستالين على مدى 25 سنة، كانت قبل ذلك بكثير قد قذفها في وجه لينين. "ثابر تروتسكي على
تصوير ستالين كدكتاتور متسلط على الحزب. و حين أسس لينين الحزب البلشفي اتهمه تروتسكي بأنه يقيم " ثيوقراطية أرثوذكسية " و" مركزية استبدادية آسيوية". لم يتوقف تروتسكي عن التأكيد بأن ستالين يتبنى موقفا براغماتيا من الماركسية، بعد أن قزم الماركسية إلى صيغ جامدة كليا، و في عام 1904 وجه تروتسكي نقدا لكتاب لينين "خطوة إلى الأمام..."، كتب آنذاك: " ما من أحد يمكنه أن يظهر استخفافا بتراث البروليتاريا الإيديولوجي أكثر مما قام به الرفيق لينين. فالماركسية بالنسبة إليه، ليست منهجا للتحليل العلمي".
و في كتابه المنشور عام 1904 ابتكر تروتسكي مصطلح "الاستبدالية :substitutionnisme" كي يهاجم الحزب ذا الطراز اللينيني و قيادة هذا الحزب: " مجموعة الثوريين المحترفين.. تتصرف بديلا عن البروليتاريا..المنظمة بدلا عن الحزب، و اللجنة المركزية بدلا عن المنظمة، و أخيرا الديكتاتور بدلا عن اللجنة المركزية".
و في عام 1923، هاجم تروتسكي قيادة الحزب البلشفي و ستالين، مستخدما، في الغالب، نفس الألفاظ التي استخدمها ضد لينين. " اعتاد الجيل القديم، و لا يزال على التفكير و اتخاذ القرار نيابة عن الحزب" و أشار تروتسكي إلى " نزوع لدى الجهاز القيادي إلى التفكير و اتخاذ القرار نيابة عن التنظيم بأسره".
عام 1904 هاجم تروتسكي التصور اللينيني عن الحزب، مؤكدا بأن هذا التصور" يفصل النشاط الذهني عن النشاط العملي". "ثمة مركز، و ما دونه هناك منفذون منضبطون يؤدون مهمات آلية".
و قد عاود تروتسكي هذا النقد عام 1923. قال: " يظهر الجهاز ميلا إلى جعل بضعة آلاف من الرفاق، يشكلون الكادرات القيادية ينوبون عن بقية جماهير الحزب، التي هي بالنسبة لهؤلاء القادة ليست أكثر من أداة عمل".
عام 1904 اتهم تروتسكي لينين بأنه بيروقراطي، يقلص الحزب إلى منظمة ثورية برجوازية. فلينين يعمى أمام " المنطق البيروقراطي لهذه الخطة التنظيمية أو تلك". غير أن "فشل الولع التنظيمي لا مناص منه". " إن زعيم الجناح الرجعي في حزبنا، الرفيق لينين، يعطي للاشتراكية الديمقراطية تعريفا يمثل اغتيالا نظريا للطابع الطبقي في حزبنا " " لقد صاغ لينين اتجاها، بدأ يبرز في حزبنا، هو الاتجاه الثوري البرجوازي".
و في عام 1923 ساق تروتسكي ضد ستالين التهمة ذاتها، و لكن بلهجة مخففة أكثر: " إن بقرطة الحزب تهدد بتوليد انزلاق أكثر أو أقل نحو الانتهازية لدى الحرس القديم".
في عام 1904 كان البيروقراطي لينين متهما "بإرهاب الحزب". " تتمثل مهمة الايسكرا (صحيفة لينين) بممارسة الإرهاب النظري على الإنتلجنسيا أما الاشتراكيون الديمقراطيون الذين تربوا في هذه المدرسة فإن الأرثوذكسية هي أقرب ما تكون إلى تلك "الحقيقة" المطلقة التي يتفوه بها اليعقوبيون (الثوريون البرجوازيون). فالحقيقة الأرثوذكسية تحيط بكل شيء. ومن يعارض هذه الحقيقة ينبغي أن يلقى به خارج صفوف الحزب. و من يشك بها يوشك أن يلقى به أيضا.
و في عام 1923 دعا تروتسكي إلى " استبدال البيروقراطيين المحنطين" من أجل أن لا يعود أي شخص يجرؤ، بعد ذلك، على ممارسة الإرهاب على الحزب.. ولنضف بأن كراس "مسارنا الجديد" يظهر لنا تروتسكي وصوليا يفتقر إلى المبادئ.. ففي عام 1923 عزم تروتسكي، بغية الإمساك بزمام الأمور في الحزب البلشفي، على "تصفية" الحرس البلشفي القديم، الذي كان على إطلاع واف على ماضيه كمناوئ عنيد لأفكار لينين.. كان تكتيك تروتسكي يتمثل في الإعلان عن "فساد" البلاشفة القدامى. ثم مداهنة الشباب الذين كانوا يجهلون ماضيه المعادي للينينية. و تحت شعار"دمقرطة" الحزب، أراد تروتسكي أن يضع في القيادة شباب البلاشفة الذين يؤيدونه.
بعد عشر سنوات، و حين يكشف رجال مثل زينوفييف و كامينيف عن معدنهم الانتهازي بكل وضوح، سيعلن تروتسكي بأن هؤلاء الرفاق يمثلون "الحرس البلشفي القديم" الذي يرزح تحت عسف ستالين. وسيضع يده في يد هؤلاء الانتهازيين متذرعا بالماضي المجيد "للحرس القديم" »(33).
نعتذر للقارئ إذا أثقلنا عليه بهذا النص الطويل، الذي يوضح بشكل لا يقبل الجدال تاريخ تروتسكي العريق في مواجهة اللينينية والحزب البلشفي، و كذلك عن "عبقريته" في تغيير المواقف و التكتيكات في مواجهة أول تجربة اشتراكية في التاريخ، ابتدأه بالهجوم على لينين و اللينينية، و واصله بالهجوم على ستالين، مستعملا نفس النعوت التي استخدمها ضد لينين، لكن هذه المرة تحت قناع الدفاع عن اللينينية.
في سنة 1923 أعلن تروتسكي بأن: "حزبنا لن يكون قادرا على أداء رسالته التاريخية إذا ما تجزأ إلى كتل (..) لكنه لن يكافح بنجاح أخطار التكتل إلا إذا طور و عزز تطبيق الديمقراطية العمالية في داخله"، و أن "التكتل" هو "كاريكاتير الديمقراطية و الخطر السياسي الداهم"(34).
في سنة 1936، يصرح تروتسكي بأن "المذهب الحالي الذي يعلن عن تنافي البلشفية مع وجود الكتل يتنافى هو نفسه مع الوقائع. إن هذا المذهب هو أسطورة من أساطير الانحطاط، فتاريخ البلشفية هو في الواقع تاريخ صراع الكتل"(35)، " لقد كان تحريم الكتل (الذي أقره المؤتمر العاشر للحزب باقتراح من لينين- ر.ز)، لنكرر ذلك، مفهوما على أنه تدبير استثنائي سيبطل مفعوله ما أن يطرأ أول تحسن جدي على الموقف"(36). لا نجد هنا، مرة أخرى، قولاً ينطبق على صاحبنا غير "أن هذا مثال صغير من تلك الجمل الرنانة، و لكن الفارغة، التي يبرع صاحبنا تروتسكي في تلفيقها"(37). سنة 1921 يعلن تروتسكي بأنه "علينا أن نعي الرسالة التاريخية الثورية للحزب. و الحزب مرغم على الحفاظ على دكتاتوريته، دونما اعتبار للتأرجحات المؤقتة في رد فعل الجماهير العفوية، بل دونما اعتبار لتردد الطبقة العاملة العارض و الآني. و هذا الوعي هو بالنسبة إلينا خميرة وحدة. و الديكتاتورية لا تقوم في كل آن على مبدأ الديموقراطية العمالية الشكلي"(38). إن تروتسكي هنا يخلط في كومة واحدة، ديكتاتورية الحزب بديكتاتورية الطبقة العاملة أي البروليتاريا، وهو بالتالي يضع حجر الزاوية في البناء النظري للديكتاتورية و البيروقراطية. تروتسكي لا يكتفي بذلك، بل نجده في النقاش حول النقابات الذي فرضه على الحزب البلشفي من خلال كراسه "عن دور النقابات و مهامها"، "المفعم برمته، من أول سطر إلى آخر سطر، و على وجه التدقيق، بروح سياسة "النفض من فوق" "(39)، بل إن لينين يذهب إلى حد التعجب "من كثرة ما تركز فيه من أخطاء نظرية و أغلاط صارخة"(40)، في هذا الكراس دعى تروتسكي إلى "عسكرة النقابات" و "إخضاعها للدولة" و بالتالي تحويلها إلى ملحق بيروقراطي بأحد دواليبها. وصف لينين "موضوعات" تروتسكي حول النقابات التي يقترح فيها أن يختار الحزب "قادة" النقابات بأن "هذه هي البيروقراطية الحقيقية"(41) و ليخلص، أي لينين، إلى "أن "موضوعات" تروتسكي "هي شيء ضار من الناحية السياسية. و سياسته، بالإجمال، هي سياسة إزعاج النقابات بيروقراطياً. و مؤتمرنا الحزبي، كما أنا واثق، سيندد بهذه السياسة و ينبذها"(42) ذلك أن لينين كان على دراية كاملة بأنه إذا وقف البلاشفة "من النقابات موقفا غير صحيح، فإن هذا يهلك السلطة السوفياتية و ديكتاتورية البروليتارية"(43).
دائما في العلاقة مع الموقف من النقابات، أكد لينين على أن مواقف تروتسكي و حليفه آنذاك بوخارين هي عبارة عن " موضوعات عامة، مجردة، "مفرغة"، غير صحيحة نظريا، مصاغة بطريقة المثقفين، موضوعات تتناسى ما هو أكثر اتصالا بالعمل و التطبيق"(44) و " أن الأخطاء السياسية التي اقترفها الرفيق تروتسكي وعمقها و شددها الرفيق بوخارين تصرف حزبنا عن المهام الاقتصادية، عن العمل " الإنتاجي" و تجبرنا، مع الأسف، على تضييع الوقت على إصلاح هذه الأخطاء، على الجدال ضد الميل السنديكالي ( الذي يؤدي إلى سقوط ديكتاتورية البروليتارية )، و الجدال ضد الموقف غير الصحيح من الحركة النقابية ( و هو موقف يؤدي إلى سقوط السلطة السوفيتية )، و الجدال حول "الموضوعات" العامة بدلا من الجدال "الاقتصادي" العملي، الواقعي،..." (45). و أن تروتسكي " كلما استرسل في إعادة صياغة موضوعاته الأولية، كلما ازدادت عنده الموضوعات الخاطئة"(46) و بأن له " هوس دواويني بوضع المشاريع "(47).
لا نريد أن نأتي على عرض و نقاش كل ما تسلح به تروتسكي لمواجهة البلشفية و بعدها الحركة الماركسية اللينينية على المستوى العالمي، فربما نقوم بذلك في مقالات أخرى، لكن نرى أن نعرض هذه السطور، التي نراها ضرورية، لكي يتمكن القارئ من تكوين فكرة واضحة عن موقف لينين من التاريخ العريق لتروتسكي في الحربائية و تغيير الجلود، ففي معرض مقارنته بمارتوف زعيم المناشفة التصفويين الذي يعرض على المكشوف آرائه، يعلن لينين أن تروتسكي عكس ذلك، فهو "لا يعرض غير تدبدباته الشخصية، لا أكثر.فقد كان في عام 1903 منشفيا، وانصرف عن المنشفية في عام 1904، و عاد إلى المناشفة في عام 1905، متعذرا بالجمل و التعابيرالثورية المتطرفة فقط، و في عام 1906 انصرف من جديد، و في أواخر 1906 دافع عن الاتفاقيات الانتخابية مع الكاديت ( أي أنه كان فعلا من جديد مع المناشفة )، و في ربيع 1907 قال في مؤتمر لندن أن اختلافه عن روزا لوكسمبورغ هو " بالاحرى اختلاف تلاوين فردية أكثر مما هو اختلاف اتجاهات سياسية ". إن تروتسكي ينتحل اليوم من الجعبة الفكرية لإحدى الكتلتين، و غدا من جعبة الكتلة الأخرى، و لهذا يقول عن نفسه أنه يقف فوق الكتلتين.. يتعين علي أن أعلن أن تروتسكي لا يمثل غير كتلته هو و لا يتمتع ببعض الثقة إلا عند الانسحابيين و التصفويين بوجه الحصر"(48) ويضيف لينين في مقال آخر على أنه"يستحيل الجدال مع تروتسكي من حيث جوهر الأمر، لأنه ليست عنده أية آراء. يمكن و يجب الجدال مع التصفويين و الانسحابيين المقتنعين؛ و لكن لا يجادلون مع من يلعب لعبة ستر أخطاء هؤلاء و أولئك، بل يفضحونه، بوصفه... دبلوماسيا من أدنى معيار"(49) و أن "تروتسكي تحت ستار العبارات الرنانة جدا، الفارغة و الغامضة، يضلل العمال غير الواعين و يدافع عن التصفويين بسكوته في مسألة العمل السري و بقوله أنه ليست عندنا سياسة عمالية ليبرالية و غير ذلك"(50) و بأن "ليس عنده أي وضوح فكري و سياسي"(51) و أن في كلامه "كثير من البهاء و الضجيج و لكن ليس فيه محتوى"(52) و أن تروتسكي "يتنبأ فقط بأنه ( أي اتجاهنا (البلاشفة)) سيقتل نفسه بنفسه!"(53) و لتكون خلاصة لينين هي "أن المزاح هو الأسلوب الوحيد للرد رداً خفيفا على كلام تروتسكي الفارغ الذي لا يطاق"(54).
لا نريد أن نثقل على القارئ مرة أخرى بمقتطفات من كتابات لينين أكثر مما ذكرنا، فالحقيقة واضحة؛ و هو أن تروتسكي لم يكن في يوم من الأيام بلشفيا لينينيا، لقد انتسب إلى حزب البلاشفة في يوليو 1917 تحت ضغط تسارع الأحداث و تبني الكثير من "رفاق طريقه" الخط اللينيني و انتقالهم إلى المواقع الثورية. لقد لعب تروتسكي دورا مهما في مرحلة معينة بطبيعة الحال، غير أن التاريخ أثبت أن انضمامه للحزب البلشفي كان بهدف تطبيق تكتيك "النضال من الداخل"، و هو بذلك كان على الأصح منشفيا لم "يلق سلاحه". و كان عمليا و طوال حياته ضد القيادة الثورية في الحزب البلشفي، ليس فقط ضد ستالين، بل و بشكل كبير ضد لينين.
لكن يحق لكل مناضل أن يتساءل عن الدوافع وراء استمرار، بعد أكثر من نصف قرن، في الكيل لستالين بكل التهم ؟ لماذا يشكل ستالين علقة في حنجرة البرجوازية و كل التحريفيين ؟ لماذا يتم نعت كل الماركسيين اللينينيين بال"ستالينيين" ؟
نعتقد بأن الإجابة تدخل في إطار الحرب الإيديولوجية التي تشنها البرجوازية و سفراءها ضد الفكر الماركسي اللينيني و أن هذه الحرب في الحقيقة تعكس حجم الخوف الذي يشكله ستالين و تراثه النضالي بالنسبة لكل الرأسماليين. هدف هذه الحرب قبل كل شيء هو الضغط على الشيوعيين من أجل التخلي عن برنامجهم الثورة البروليتارية و إقامة النظام الاشتراكي، و هدف هذه الحرب كذالك، هو كبح إمكانية أي ثورة ضد الرأسمالية، التي إذا ما تمت فلن تكون، من زاوية مدبري هذه الحرب و عملاءهم، سوى دولة بوليسية، ديكتاتورية و في أحسن الأحوال مبقرطة!!
نحن كماركسيين لينينيين نؤمن بالنقد و النقد الذاتي، و ستالين كماركسي لينيني، مارس لمدة تجاوزت الثلاثين سنة قيادة الاتحاد السوفيتي و تجر