PCP

يا عمال العالم اتحدوا

الانتخابات البرلمانية البرتغالية.. الشيوعيون يعززون مواقعهم في وجه النهج المعادي للشعب

لم تأت الانتخابات البرلمانية البرتغالية بأية مفاجآت، فقد فاز الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يميني) بالانتخابات التشريعية للبرلمان البرتغالي بحصوله على 38,6% من الاصوات مقابل 28% للحزب الاشتراكي الحاكم (وهو حزب اشتراكي ديمقراطي) فيما حل الحزب الشعبي (يميني) في المرتبة الثالثة بـ11,6%.، ومن اصل 226 مقعدا جرى التنافس عليها داخل البرتغال، حصل الحزب الاشتراكي الديمقراطي بقيادة بيدرو باسوش كويلو على 105 مقاعد مقابل 73 للحزب الاشتراكي و24 مقعداً للشعبي. أما الحزب الشيوعي البرتغالي الذي يخوض الانتخابات عبر التحالف الديمقراطي الموحد والذي يجمعه مع حزب الخضر فقد عزز مواقعه، حيث حصل على أكثر من 440 ألف صوت وبالتالي حافظ على نسبة 7,9% من الأصوات التي حصل عليها في العام 2009 وزاد عدد مقاعده من 15 إلى 16 بحصوله على مقعد في مقاطعة فارو لأول مرة منذ 20 عاماً، وبذلك أصبح الحزب الشيوعي البرتغالي رابع قوة برلمانية في البلاد. كتلة اليسار المؤلفة من انتهازيين وشيوعيين مرتدين تعرضت لهزيمة قاسية، حيث خسرت نصف مقاعدها بحصولها على 5,2% التي تخولها الحصول على 8 مقاعد بدلاً من 16 مقعد كانت تحتلها في الدور التشريعي السابق. ووصلت نسبة الامتناع عن التصويت الى 41,1% مع العلم انها كانت 40,3% في الانتخابات التشريعية الأخيرة في العام 2009. وجاءت هذه الانتخابات على خلفية الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البرتغال والتي أرخت بثقلها على كاهل الكادحين، فقد أنهت البرتغال العام الماضي وسط انكماش اقتصادي حيث وصل العجز في ميزانيتها العامة الى 9,1% من اجمالي الناتج المحلي وتخطت نسبة البطالة 11%، مقابل ديون بلغت 160 مليار يورو في نهاية العام 2010، واضطرت إلى طلب قروض خارجية تجنباً للافلاس، على غرار ما فعلت اليونان وايرلندا العام الماضي. تم ابرام مذكرة مع الترويكا (المفوضية الاوروبية والبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي) وقعت عليها الاحزاب الكبرى الثلاثة وهي الحزب الاشتراكي والحزب الاشتراكي الديمقراطي والحزب الشعبي اللذان سيتسلمان الآن مقاليد الحكم، وبالتالي ضمنت الامبريالية الأوروبية والبرجوازية البرتغالية دعم ما يسمى الالتزامات الخارجية للبلاد، وستبقى الحكومة مكبلة تماما بالمذكرة الموقعة مع الترويكا، وهذا يعني أن كل ما قيل خلال الحملة الانتخابية سيبقى مجرد كلام حملات، فالمذكرة هي البرنامج الحكومي الحقيقي. وبموجب هذا الاتفاق الذي تم توقيعه في مطلع ايار، فان الحكومة المقبلة ملزمة بخفض العجز في الميزانية من 9,1% العام الماضي الى 5,9% هذه العام وصولاً الى 3% بحلول 2013، وذلك من خلال ميزانية تقشفية تعتمد الخصخصة والانتقاص من حقوق الكادحين مقابل قروض بقيمة 78 مليار يورو. ينما حرص كويلو في اول تصريح له بعد اعلان فوزه على طمأنة دائني البرتغال الدولي حول خطة مساعدة مقابل برنامج تقشف واصلاحات صارم لثلاث سنوات، واضاف "سيكون الامر صعبا لكنه يستحق العناء" معلنا من جهة اخرى انه سيشكل حكومة "على اسرع وجه" تضم الحزب الشعبي وشخصيات مستقلة. وكان قد وعد خلال حملته الانتخابية بالمضي "ابعد بكثير" من المطالب التي فرضتها "الترويكا" ولا سيما على صعيد الخصخصة وكذلك إعادة هيكلة سوق العمل والخدمات العامة والسياسات الاجتماعية. وهي ذاتها السياسات التي أدت لتردي الوضع المعيشي للكادحين البرتغاليين، حيث وصل عدد العاطلين عن العمل إلى المليون واستمرت الحكومة السابقة بالهجوم على حقوق ومكتسبات الكادحين مما أدى لانفضاض الناخبين من حولها لأنها تتحمل مسؤولية تردي الاوضاع الاقتصادية الاجتماعية، لكن تلك الحكومة كانت تقود هذا الهجوم كتفاً لكتف مع القوى اليمينية التي ستشكل الحكومة الآن. حيث تم تخفيض الأجور وزيادة فواتير الكهرباء وارتفعت أسعار المواد الأساسية وزادت أجور النقل والضرائب العقارية. فالبرنامج الفعلي للحكومتين السابقة والقادمة هو زيادة استغلال الكادحين والضغط عليهم لأقصى درجة مع الحفاظ على أرباح الرأسمال لأقصى درجة أيضاً. أما ما تسمى مساعدات دولية فلن يرى البرتغاليون منها شيئاً، وهي في أغلبها موجهة للرأسمال الأجنبي العامل في البرتغال، لا بل أكثر من ذلك فإن أكثر من 35 مليار ستقدم كضمانات حكومية للبنوك، في حين ستوجه 12 ملياراً أخرى للبنك الوطني، ما يعني أن هذه القروض ما هي إلا ديون ستحمل على كاهل الأجيال البرتغالية القادمة، التي سيفرض العمل عليها في خدمة دائنيها من الامبرياليين الأوروبيين. في مواجهة هذه الهجمة الرجعية خاض الحزب الشيوعي البرتغالي وحلفاؤه حملتهم الانتخابية، والتي ركزت على: زيادة الحد الأدنى للأجور وزيادة رواتب الموظفين والعمال والمتقاعدين وخلق فرص عمل مستقرة والحفاظ على مواقع العمل، دعم الانتاج الوطني ودعم فقراء المزارعين ومتوسطي الحال، ودعم صغار الكسبة، محاربة الفقر وتحفيز الاقتصاد والحفاظ على الضمان الاجتماعي والصحي، الاصلاح الضريبي الذي يحمل العبء الضريبي لأصحاب الدخول غير المحدودة، والذي من شأنه تغطية فاتورة الخدمات الصحية والاجتماعية، فالرأسماليون والبنوك الكبرى والطغم المالية هم من يجب أن يدفعوا فاتورة الأزمة التي خلقوها لا الكادحون. إثر إعلان النتائج، أعلن الرفيق جيرونيمو دي سوسا، الأمين العام للحزب الشيوعي البرتغالي، نجاح الحملة الانتخابية للحزب وحلفائه رغم محاولات التعتيم الاعلامي ضدها، وقال: (إن نتائج التحالف الديمقراطي الموحد دليل على الثقة التي تلهمنا، الثقة بنضال ملايين البرتغاليين ومقاومتهم، حتى أولئك الذين صوتوا لأحزاب الترويكا سينضمون إلينا سريعاً في الدفاع عن الحقوق، لوقف المشاريع والمخططات اللاوطنية ولهزيمتها، هذه المشاريع التي يحاولون فرضها علينا. كلنا ثقة بعزيمة العمال والشباب والجماهير الشعبية في مقاومة وهزيمة كل هذه المشاريع والاجراءات التي ستتبناها الحكومة أو البرلمان). أمجد الرديني


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني