PCP

يا عمال العالم اتحدوا

الإعصار الاقتصادي المتوقع ربما يكون قريبا- مارتن وولف

لن يصبح إد بولز زعيما لحزب العمال، لكنه يستحق انتباهنا بصفته اقتصاديا. ولا أقول ذلك بسبب كونه زميلا سابقا في ''فاينانشيال تايمز''. بصفته مستشارا لجوردون براون، لعب بولز دورا كبيرا في قرارين ضخمين: منح الاستقلال لبنك إنجلترا، ورفض عضوية اليورو. ومع ذلك، وفوق كل شيء، فإن انتقاده لسياسة التحالف صحيح في أساسه. ليست هذه مشكلة تافهة، وإذا كانت الحكومة على خطأ في مقامرتها من خلال إعادة التخندق، فإن النتيجة ستكون كارثة على البلد، ناهيك عن التحالف. ولا يقدم علم الاقتصاد أمورا مؤكدة، ورهان قدرة المملكة المتحدة على شق طريقها نحو الرخاء يمكن أن تثبت صحته إذا استطاعت الثقة أن تنثر ما يكفي من الغبار السحري. ومع ذلك، لا بد من تحقيق النمو على الرغم من تشديد مالي هيكلي بمتوسط يبلغ 1.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي سنويا على مدى خمس سنوات. وأرى في هذا رهانا طائشا. وبولز أيضا يعتبره كذلك. وحجته في مواجهة ''من ينكرون النمو'' تشير إلى نقطتين أساسيتين. أولهما أننا نجد على نحو متكرر أن الحكمة التقليدية حول سياسة الاقتصاد الكلي أثبتت أنها خاطئة التوجيه. والأخرى أن مقترحات وزير المالية خاطئة، والمقصود هو تلك الاقتراحات التي تقول إن حزب العمال مسؤول بصورة تامة عن الفوضى الحالية، وإن مطالبة الأسواق بالتشديد المالي مهيمنة للغاية، وإن خطة تقليص العجز ستولّد نموا مستداما، وإن أولئك الذين لا يوافقون على ذلك هم من ''ينكرون'' وجود العجز، وهم الذين سيدمرون التعافي. سأتجاهل لوم حزب العمال؛ لأنني تناولت ذلك في 13 أيار (مايو) 2010.. أما بخصوص الثقة، فيجادل بولز بأن وعود تقشف لا ينتهي لا تضيف إلى الثقة، وإنما تقوضها. وليس ذلك بالأمر المفاجئ على الإطلاق. ولذلك، فإن فروق أسعار الفائدة الألمانية تظل مرتفعة للغاية بالنسبة إلى اليونان، والبرتغال، وإيرلندا، وإسبانيا. وما يجعل هذه الحالات مختلفة عن حالة المملكة المتحدة هو أن لدى الأخيرة الحرية لاتباع سياسة نقدية ومالية داعمة للطلب. أما أعضاء منطقة اليورو، فهم مرغمون على الوصول إلى التنافسية من خلال الانكماش المالي، والأسواق على حق في شكها في أن ذلك سيحدث. لكن السوق تصرخ معلنة عدم اهتمامها بالصدقية المالية للمملكة المتحدة. وتعطي سندات حكومة المملكة المتحدة المستحقة بعد عشر سنوات عائدا نسبته 2.9 في المائة، ويبلغ سعر الفائدة الحقيقي على السندات المرتبطة بالمؤشر أقل من 1 في المائة. ومع ذلك، يحتمل أن تكون الأسواق على خطأ. غير أن هذه الأسواق هي الأعلى سيولة وشفافية بين جميع الأسواق. وأكثر من ذلك، فإن أولئك الذين يشكون في حكمة الأسواق في الوقت الراهن هم أقوى المؤمنين بها. فلماذا لديهم هذه الشكوك؟ إضافة إلى ذلك ليست هناك علامة على استبعاد الإنفاق الخاص من خلال الاقتراض الحكومي. وأخيرا، ديون حكومة المملكة المتحدة تتسم بأنها طويلة الأجل، بمتوسط استحقاق يبلغ 14 عاما، كما أنها بالعملة المحلية. إننا مرعوبون من بعبع ثقة نائم. أما بخصوص النمو، فيقول بولز ''أود أن يشير وزير المالية إلى سابقة من التاريخ الاقتصادي البريطاني تقول إنه في ظل نمو متباطئ في تخفيف ديون شركائنا التجاريين الرئيسين، وشركاتنا، يمكن لإعادة تخندق القطاع العام تحفيز نمو القطاع الخاص وتوليد الوظائف''. وتجادل ورقة عمل مهمة أعدها ألبرتو أليسينا وسيلفيا أرداجانا، من جامعة هارفارد، بأن تقليص العجز من خلال تخفيضات الإنفاق مرتبط بالنمو وبتراجع معدلات الدين مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي. غير أن تحليلا من جانب معهد روزفيلت يعارض ذلك، ويقول إن من النادر ''أن تتمكن البلدان من النجاح في تخفيض النفقات خلال التراجع الاقتصادي، وأن ذلك يحدث فقط حين تتراجع أسعار الفائدة و/أو أسعار الصرف بحدة''. وأسعار الفائدة في المملكة المتحدة متدنية للغاية بالفعل. والمفارقة أنه كلما زادت الثقة بجورج أوزبورن، قل احتمال تراجع الاسترليني. وتبدو توقعات مكتب مسؤولية الميزانية متفائلة على نحو كبير حول قدرة الصادرات الصافية واستثمارات الشركات على موازنة أثر التراجع المالي. لكنني أؤكد كذلك على الدرجة العالية من عدم اليقين، كما تظهر من خلال ''أشكاله البيانية المروحية'' الخاصة باحتمالاته. فكيف ستستجيب الحكومة إذا أدت خططها إلى ركود، كما هو ممكن، بل كما هو محتمل في رأيي؟ ليست لدي أية فكرة. يحتمل أن تعتمد على بنك إنجلترا. وهناك أسباب للشك في أن الأخير سيكون بالغ الفاعلية. فما هي البدائل في نهاية الأمر؟ يوافق بولز على أن ''حزب العمال في حاجة إلى خطة ذات صدقية في الأجل المتوسط لتخفيض العجز وتقليص ديوننا القومية، لكن فقط حين يتحقق النمو بصورة تامة، وخلال فترة أطول بكثير مما يخطط له أوزبورن في الوقت الراهن''. ويمكن للناس العقلاء أن يجادلوا بشأن مدى سرعة هذه التخفيضات، ومتى يفترض أن تبدأ. وأجد نفسي أشد صقورية من بولز في هذا الشأن. ويمكن للناس العقلاء أن يختلفوا كذلك حول مقدار تقليص العجز الذي يجب أن يأتي من ارتفاعات الضرائب، بدلا من تخفيضات الإنفاق. مع ذلك، بولز على حق في نقطتين أساسيتين. أولاهما أن الفترة البرلمانية واقع سياسي وليست واقعا اقتصاديا. والأخرى أن خطط التخفيضات يجب أن تستجيب للاقتصاد نفسه. إن ''وجهة نظر وزارة المالية'' الخاصة بثلاثينيات القرن الماضي تعود ثانية. وإذا لم تستطع الحكومة الاقتراض، فمن المؤكد أنه لن يكون هناك بديل، لكنها تقترض؛ ولذلك البديل موجود. وبولز على حق تماما في قول ذلك، وهو على حق كذلك في التحذير من المخاطر، فالإعصار الاقتصادي الذي يتنبأ به ربما يصل خلال فترة أقرب. فايننشال تايمز


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني