حتى النصر دوماً.. فوز تاريخي لرافاييل كوريا وبالثنائية
حتى النصر دوماً.. فوز تاريخي لرافاييل كوريا وبالثنائية
هبّت نسائم الجنوب مرة أخرى لتزف معها أخباراً جديدة عن انتصارات تحققها قوى الديمقراطية الشعبية في أمريكا اللاتينية.
فبعد صعود اليسار في السلفادور ونجاح الاستفتاء الشعبي لتشافيز في فنزويلا، جاء الدور مجدداً للإكوادور التي جددت ثقتها برئيسها الشاب صديق الفقراء رافاييل كوريا.
يشكل فوز كوريا في هذه الانتخابات إنجازين غير مسبوقين في تاريخ الإكوادور، حيث أعيد انتخابه للرئاسة من الدورة الأولى وحصلت حركته السياسية على الأكثرية المطلقة داخل مجلس النواب. فبعد فرز الأصوات، حصل كوريا على /51.7%/ من أصوات الناخبين، فيما حصل الرئيس السابق لوسيو غو تيريز، على /27.98%/ ورجل الأعمال ألفارو نوبوا، والمؤهل للدورة الثانية في الانتخابات الرئاسية الثلاث الأخيرة، والمنافس الأشد لكوريا في الانتخابات عام /2006/ حصل على /11.51%/ أما المرشحة مارتا رولدوس فحصلت على /4.51%/.
وفاز كوريا بـ /18/ ولاية بينما تقدم غو تييريز في خمس ولايات أمازونية حيث مسقط رأسه.
أما على صعيد الانتخابات النيابية، فقد أسفرت النتائج الأولية عن فوز حزب كوريا «حركة بلد» بـ /61/ مقعداً من أصل /118/، ما يضمن حصوله وحده، وهي سابقة ــ على الأكثرية المطلقة، إضافة إلى تحالفات يستطيع أن يعقدها مع تشكيلات حليفة صغيرة حصلت مجتمعة على نحو عشر مقاعد.
وأصبح كوريا بذلك أنجح زعيم على مدى أكثر من ثلاثين عاماً في الإكوادور التي اشتهرت بالانقلابات المتكررة ضد الرؤساء أثناء الاضطرابات السياسية والاقتصادية. حيث تعاقب على هذا البلد سبعة رؤساء خلال عشر سنوات /1996 ــ 2006/ثلاثة منهم أطيحوا بانقلابات.
إن الإكوادوريين بتصويتهم لإعادة انتخاب كوريا رئيساً إنما صوتوا لسياسة السيادة والاستقلال ومناهضة الإمبريالية والسياسات الليبرالية الاقتصادية وصوتوا أيضاً للبرامج الاجتماعية في مكافحة الفقر حيث يعيش /38%/ من سكان هذا البلد تحت عتبة الفقر.
لقد حقق كوريا إنجازات هامة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، أي منذ بداية توليه السلطة. حيث واجه هذا الاقتصادي اليساري الشركات النفطية الأجنبية مطالباً بنسب أكبر من الأرباح وقرر إعلان توقف الإكوادور عن دفع ثلث ديونها الدولية، أي حوالي ثلاثة مليارات دولار، معتبراً أنها غير مشروعة. وبهذا الصدد قام بطرد ممثل البنك الدولي من البلاد وقال وقتها: «أنها لن تقتصر على طرد ممثل البنك الدولي في الإكوادور لكنها ستشمل التحركات الدولية الملائمة لأننا لسنا مستعمرة لأحد».
وفي السياق نفسه، وخلال حملته الانتخابية الأخيرة، أكد كوريا أنه في حال انتخابه مجدداً ستواصل حكومته العمل على تشجيع نموذج اقتصادي اشتراكي على حساب تسديد الدين الدولي الإكوادوري الذي يمثل /19.7%/ من إجمالي الناتج المحلي. وقال الرئيس الإكوادوري: «أولاً نحن، أولاً الاجتماعي وبعد ذلك خدمة الدين».
وكان من أهم نجاحات كوريا نجاحه في تشكيل الجمعية العامة التأسيسية بعد استفتاء شعبي والتي أقرت دستوراً جديداً للبلاد وسّعت بموجبه صلاحيات الرئيس.
كما أعلن عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع كولومبيا في الثالث من آذار /2008/ بعد قصفها معسكراً للقوات الثورية الكولومبية في الإكوادور.
وعلى الصعيد الداخلي أعاد كوريا القطاع العام إلى قلب السياسة الاقتصادية والاجتماعية ووسع حقوق الهنود، وحال دون وجود قواعد عسكرية أجنبية، ما أجبر الولايات المتحدة على تفكيك قاعدتها الأهم في أمريكا الجنوبية، وأقر تشريعات متقدمة في مجالات المرأة والإعاقة والبيئة، وضاعف البرامج الاجتماعية على صعيد الصحة والتعليم والإسكان، ما عزز شعبيته لدى الطبقات الأقل دخلاً.
كما رفع كوريا صوت الإكوادور في الخارج، بعد ما كانت معروفة فقط بصعوباتها المالية المزمنة وفضائح الفساد والثورات البركانية فيها.
إن إعادة انتخاب رفاييل كوريا في الإكوادور تشكل استمراراً للمد الثوري الذي يعم هذه القارة الملتهبة والتي عانت شعوبها طويلاً من الفقر والاستغلال والظلم والاستعمار والتبعية للإمبريالية، إلى أن آن أوان الشعوب لتقول كلمتها ولتوصل ممثليها إلى الحكم، حتى أنه صار من الأسهل حسابياً أن تحصي تلك الحكومات التي لم تنهج بعد هذا الخط التقدمي التحرري في هذه القارة.
بعد دقائق من إظهار استطلاع آراء الناخبين أنه فاز بسهولة، قال كوريا: «هذه الثورة تتقدم ولا يمكن لأحد أو لشيء أن يوقفنا».
وهتف أمام أنصاره المحتشدين أمام مقر حزبه في كيتو مردداً شعار الثائر أرنستو تشي غيفارا (حتى النصر دوماً(.
بيدرو فاريا