PCP

يا عمال العالم اتحدوا

العنف ضد الأطفال مسئوليةالاسرة والمجتمع

تعود فكرة المؤتمرات الإقليمية لمناهضة العنف ضد الأطفال التى عقدت خلال العام الماضي إلى عام 2001 حينما طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من الأمين العام السيد كوفي عنان القيام بدراسة متعمقة حول العنف ضد الأطفال على مستوى العالم . وفى فبراير 2003 كلف الأمين العام خبيرا مستقلا لإجراء هذه الدراسة هو السيد باولو سيرجيوبينهير وبالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وصندوق الأمم المتحدة للطفولة " اليونيسيف " ومنظمة الصحة العالمية على أن تنتهي الدراسة عام 2006 . وقد كان سمو الأمير طلال بن عبد العزيز قد شغل رئاسة اليونيسيف عقد الثمانيات من القرن الماضي الدراسة ـ التي مازالت تجرى حتى ألان ـ تجمع عن طريق استبيانات ترسل للدول لكي ترصد أشكال العنف الموجه للأطفال وسبل مواجهته المتاحة حاليا والتي يجب إيجادها لكي ترصد إشكال العنف الموجه للأطفال وسبل مواجهته المتاحة حاليا والتي يجب إيجادها وذلك بمشاركة فعليه من الأطفال أنفسهم في جميع مراحل الدراسة . وستضمن الدراسة أيضا آليات عمليه لمتابعه التزام الدول بالعمل على حماية ورعاية الأطفال ضحايا العنف . ونظمت خلال العام الماضي تاسعة مؤتمرات إقليمية شملت أقاليم العالم المختلفة ليدرس كل إقليم إشكال العنف الموجه للأطفال تبعا لخصوصية الظروف الاجتماعية والثقافية والمعتقدات السائدة به . ويوضح السيد باولو بينهررو أن هذه المؤتمرات قد رصدت إن الأطفال يتمتعون بنفس القدر من الحماية القانونية ضد الاعتداءات والاها نه مثل تلك التي يتمتع بها الكبار ، ومن ذلك العقاب البدنى فى المدارس ، وهناك أنواع من العنف النفسي والجسدي الذي يمارس تحت ستار العادات والتقاليد مثل " ختان الإناث " الزواج المبكر ، جرائم الشرف ، إلا انه لايمكن تبرير العنف ضد الأطفال بكل اشكالة وتؤكد الدراسة أن مواجهه العنف ضد الأطفال ليس مستهدفا على مستوى الحكومات فقط وما يمكن ان تتخذة من تشريعات للحماية لكن أيضا على مستوى الأسرة لتمكينها من القيام بمسئولياتها فى حماية ورعاية أطفالها ، لأنها البيئة لنماء ورفاهية الطفل ، كما تحرص الدراسة على مشاركة المجتمع المدني أيضا . ويشير السيد باولو الى التجارب العربية الناجحة المتعلقة بمشاركةالاطفال في اتخاذ القرارات التى تخصهم ، كما فى المجلس المحلى للأطفال بقطاع غزة بالا راضى المحتلة الذى يتصدى لعدد من القضايا التى يعانى منها الأطفال فى ذلك المجتمع ، واهم المبادرات لخفض المعاناة فى المناخ المضطرب الذى يعيشون فيه . ويوضح السيد باولو أثناء مشاركته بالمؤتمر أنه رغم توقيع وتصديق الدول على اتفاقية حقوق الطفل ، فكثير من الأطفال مازالوا يواجهون أشكالا من العنف فى المدارس والمؤسسات وداخل الأسرة لكن ما اتخذته الدول التى وضعت خططاً وطنية لمواجهه هذا العنف يشير إلى ان هذا العنف يمكن تداركة ، من خلال الجمع بين خطط الحماية وتوفير الرعاية للضحايا ، وتفعيل القوانين ورفع الوعى وبناء قدرات المؤسسات . لكن يبقى نجاح التطبيق واستمراره مرهون باتفاق الجميع على آليات وطنية وإقليمية ودولية للمتابعة ، لتكون وسائل لقياس التقدم فى مواجهه العنف ضد الأطفال ، وما يدعو للتفاؤل هو أن فكرة المؤتمرات والمناقشات الإقليمية نفسها قد فتحت الطريق للعمل المشترك بين الدول والمنظمات وتبادل الخبرات ، وهذا فى حد ذاته حافز للتقدم فى إجراءات مواجهه العنف ضد الاطفال فى كل دولة ، كما حدث فى تجربة مصر بإطلاق " خط نجدة الطفل " وتحمس الكثير من الدول العربية بعد التعرف عليها لإطلاق خطوط مشابهه . كيف يمكن قياس العنف ضد الطفل ؟! هل يمكن أن نقيس العنف الموجه للطفل بعدد الضربات التى تلقاها على جسده ، وعدد النظرات المهنية او عدد الصفعات التى انهالت على وجهة؟ أم اننا يجب بأن نقيسه بعدد المرات التىشعر فيها بأثار الظلم والاهمال والضرب والمهانه؟ بعبارة اوضح .. هل يمكن أن نقيس العنف الموجه للطفل من وجهه نظرنا فقط ، أم من وجهة نظر المعتدى عليه نفسه " الطفل "؟ وإذا أمكن قياس " مقدار " العنف التى تعرض لها أحد الأطفال ، فهل يمكننا الحصول على مقدار كل العنف الموجه للاطفال فى احد المجتمعات .. عدد حالات الضرب فى المدارس ، عدد حالات الاهانه فى المنازل ؟! هنا تشير دراسة جوبلان بالا جوبال " استشاري حماية الأطفال بمنظمة اليونيسيف "ـ التى عرضها خلال المؤتمر الاقليمى لمناهضة العنف ضد الاطفال ـ إلى ان بعض الأبحاث التى أجريت فى مصر وكيب تاون بجنوب افريقيا عن العنف فى المدرسة او الشارع او غيرة واعتمدت على البلاغات المدونه بأقسام الشرطة خلال فترة البحث ، تبين انها مؤشرات غير دقيقة لأن عدد مرات ممارسة العنف الحقيقية هى اكثر من 50 ضعفاً مما يتم الابلاغ عنه فى قسم الشرطة ، فالكثيرون لا يرغبون فى التحدث بصراحه حول هذه الإساءة ، ويعتبرون انه من العار الحديث فى هذا الموضوع . وفى احد المشروعات التى تبنتها اليونيسيف لقياس العنف فى إحدى المناطق تبين ان هناك القليل من المؤشرات فقط هى التى اتفق عليها الجميع ليتم جمع البيانات حولها وهى " الزواج المبكر ، ختان الإناث ، انحراف الأحداث ، الأطفال فاقدوا الرعاية ". مؤشر الحماية وهناك تجارب أخرى لقياس حجم العنف الذى يواجهه الأطفال فى مجتمع معين ، وذلك عن طريق قياس مؤشرات مناخ الحماية للأطفال ، وقد تم تحديدها فى ثمانية مؤشرات هى " القوانين التى تحول دون ممارسة العنف ضد الأطفال ، اتجاة الرأى العام نحو العنف ضد الأطفال ، هل يمثل العنف ضد الاطفال أحد القضايا التى تناقشها وسائل الاعلام والصحافة بحرية ، هل يعرف الاطفال يتصرفون او لمن يقولون فى حالة تعرضهم للعنف ، هل يدرك المجتمع أن مشكلة الخدمات التى تقدم للأطفال ضحايا العنف ، مدى التزام الحكومة بالعمل على منع العنف ضد الأطفال ، متابعه مدى العنف الذى يتعرض له الأطفال من خلال تقديم التقارير وغيرها . لكن كل هذه المؤشرات أيضا قد لاتكون دقيقة ، فالمعلومات قد لاتكون مرتبطة بالواقع الفعلي للأطفال أى انها تتناول وجود قوانين لحماية الأطفال فقط دون التعرض لمدى تطبيقها ، وقد تكون الخدمات التى تقدم للأطفال ضحايا العنف موجودة ، لكن قد لا يعرف هل هى متاحة لكل الأطفال الذين يتعرضون للعنف ، وهل التقارير التى تقدمها الجهات المختلفة عن حجم ظاهرة العنف ضد الأطفال هى تقارير وافيه بالضرورة ؟ وهناك تجربة أخرى لقياس نسبة العنف من خلال تقسيمة إلى أشكال وقياس كل شكل ، مثل العنف فى المدرسة والذي يمكن قياسية من خلال جمع عدة مؤشرات منها " نسبة الأطفال الذين اقروا بتعرضهم للعنف فى المدرسة خلال العام الأخير ، باشكالة النفسي والجنسي والوجداني وعنف الزملاء والعزل ، ثم نسبة الأطفال الذين انقطعوا عن الدراسة بسبب شعورهم بعدم الأمان فى الذهاب للمدرسة خلال نفس الفترة ، ونسبة المعلمين الذين يقبلون العقاب البدنى كأسلوب للتربية بالمدرسة . وبالمثل يمكن وضع مؤشرات للعنف داخل المنزل أيضا مثل " نسبة الآباء الذين يستخدمون العنف ضد الأطفال باعتبار وسيله للتربية ، ونسبة الضحايا من الأطفال الذين يعيشون في مكان يحميهم ألان بعد تعرضهم لعنف منزلي ، ونسبة الأطفال الذين قدمت لهم خدمات الدعم النفسي بسبب تعرضهم لعنف منزلي ، ونسبة الأطفال الذين قدمت لهم خدمات الدعم النفسي بسبب تعرضهم لعنف منزلي خلال فترة العام الماضي " وربما أيضا احتجنا من اجل دقه البيانات أن يتم جمعها بأكثر من طريقة مثل من الطفل إلى طفل أخر أو من الأهل للطفل وغير ذلك ، وهناك الكثير من الطرق التي اتبعتها بعض الدراسات مثل طريقة " الكتابة الحرة " التي يشارك فيها الأطفال والمعلمون والاهالى ، أو التمثيل والرسم وغير ذلك من الأنشطة . وكل هذا يدل على أن تبادل التجارب في قياس مقدار العنف الذي يتعرض له الأطفال فى مكان محدد وليكن المدرسة ـ هو أمر مهم للوصول إلى معرفة اقرب للواقع ، فالدول كلها تعانى من نفس التحدي لإيجاد مؤشرات محددة لقياس العنف . التزام دولي وتأخذ الكلمة السيدة كريستا أوينونين ـ من المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ـ قائله هناك مؤشرات يمكن الأخذ بها لقياس التقدم فى مناهضة العنف ضد الأطفال على مستوى كل دوله ـ من خلال متابعه التزام الدول باتفاقية 1989 لحماية حقوق الإنسان الثقافية والاجتماعية وحق الطفل فى الحماية من العنف والإساءة ، وبروتوكولات عام 2000 لحماية الأطفال من الدعارة ، والحفاظ على حق الأطفال فى البقاء والنمو وعدم التمييز ، والحق فى التغيير ، وحق الأطفال فى الحصول على الرعاية الو الدية والحماية من الاستغلال البدنى والجنسي . لكن آليات المتابعة ينقصها مشاركة المجتمع المدني فى التقارير التى تقدمها الدول عما اتخذته من اجل حماية الاطفال ، كما ينقصها أيضا مشاركة الأطفال ورأيهم فيما يتعرضون له من عنف بالمدرسة او زواج مبكر او عقوبات جسدية ، او مدى توافر الخدمات الصحية لهم او غير ذلك . صوت الأطفال وفى تجربة قام بها مركز البحوث الاجتماعية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة لقياس العنف الموجه ضد أطفال الشوارع توضح ملكي الشرمانى أن الغرض من الدراسة هو معرفة أشكال وأسباب العنف الذي يتعرض له أطفال الشوارع ووصف الأطفال انفسهم للعنف الموجه اليهم والوصول الى " أداة " مثلى لقياس هذا العنف . شملت العينه 48 طفلاً وطفله ممن يعيشون بشكل دائم أو مؤقت فى مراكز ايواء تابعه لجمعية قرية الامل ، تتراوح أعمارهم ما بين " 10 ـ 18ي " عاما ومقابلات مع الجيران فى المنطقة والأخصائيين الاجتماعيين بالقرية وأولياء أمور الأطفال مع التركيز على مشاركة الأطفال فى البحث نفسه من خلال طرح أرائهم حول طريقة جمع بيانات البحث وطرح الاسئله على الأطفال للتعرف على مشاعرهم فيما يواجهونه من أشكال متعددة من العنف فى أماكن تواجدهم بالشارع او مراكز الرعاية مما ساعد على الحصول على قدر كبير من المعلومات خلال فترة قصيرة ، لكن تبين انه لمشاركة الأطفال اثر سلبى على صراحة البعض فى التجاوب بسبب علاقات القوى بين هولاءالاطفال أنفسهم ، وخوف البعض من البوح بمعلومات حساسة امام الأطفال الآخرين ، وكل هذا يعوق ملاحظة الردود الجماعية للأطفال وتفاعلاتهم مع بعضهم البعض أثناء الحديث عن العنف والإساءة التي تعرضوا لها ، مما يجعل كل هذه الخبرات التى تم جمعها غير قابله للتعميم، خاصة فيما يتعلق بالأسباب التي جعلتهم يتركون منازلهم ، فقد أشاروا بشكل عام إلى إنها تعود إلى " التفكك السري " عنف أحد الآباء أو كليهما ، عدم وجود مأوى ، أساليب الحياة الاستغلال الاقتصادي لهم ، الإهمال العاطفي ، الاستغلال العاطفي " بالإضافة إلى العنف من البالغين فى الشوارع ، والاستغلال الاقتصادي والجنسي لهم فى الشارع ، والعجز فى أقسام الشرطة والصراع بينهم وبين بعضهم للحصول على الغذاء والمأوى ، وهناك أيضا التمييز الجنسي ، فالفتيات يتعرضن للاغتصاب اكثر من الذكور ، ويجبرن على البغاء والزواج العرفي من اجل حماية أنفسهن من الآخرين . وأظهرت الدراسة أن الأطفال يعانون من اثار هذا العنف فى شعورهم بانعدام الحيله وضعف الثقة بالنفس خاصة بالنسبة للمعتدى عليه ، والشعور بالغضب تجاه الأسرة والمجتمع المحيط به بصفه عامة بالإضافة الى العدوان . وكشف الدراسة ايضا عن استخدام الأطفال للغه خاصة لوصف خبرات العنف واثارة ، وارتباط العنف بالقهر والظلم والنبذ والتهميش من المجتمع والأطفال، وهو ما عبر عنه ايضا الجيران أنفسهم الذين اوضحوا استياءهم من وجود هولاء الاطفال بمنطقتهم ، واتهموا مراكز الاستقبال بسوء معاملتهم مما يجعلهم يفضلون البقاء فى الشارع والعودة اليه . واخيرا أوضحت الدراسة أن قياس العنف الذى يتعرض له بعض الأطفال يحتاج الى مشاركة الأطفال أنفسهم فى جمع المعلومات وتصميم أساليب البحث مثل التى شارك بها الأطفال فى هذه الدراسة : لعب الأدوار " الدراما ، الاغانى ، المناقشات البؤرية "، بالإضافة الى أهمية قضاء وقت كاف مع الأطفال لبناء قاعدة من الود والثقة لضمان إجراء البحث بالقدر الكافي من المشاركة . وحيد عبد العال


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني