PCP

يا عمال العالم اتحدوا

الأزمة الرأسمالية المعاصرة ودور البروليتاريا الثورية

تم تقديم المدونة في الندوة الايدولوجية العالمية الثالثة بمناسبة المؤتمر العام السادس عشر للحزب الشيوعي الفنزويلي بتاريخ 2/11/2022 مقدمة: كانت الجائحات الاقتصادية التي جرت في التشكيلات السابقة، للرأسمالية تحمل طابعاً يختلف تماماً عن الازمات الاقتصادية الرأسمالية. هذه الازمات، كانت تنتج عن مصائب عفويه كالجفاف، الطوفان، الأوبئة الرهيبة أو تنجم عن أحداث ذات طابع اجتماعي كالغزو والحروب التي تحول كل شيء إلى فقر مدقع. هذه الأزمات التي تسبب توقفاً في تجديد الانتاج، وتصيب القوى المنتجة بالخراب.كانت أزمات نقص انتاج، نابعة مباشرةً من جوهر أسلوب معيّن. أمّا الأزمات الرأسمالية، فهي من نوع آخر، إنّها أزمات فيض إنتاج، والتي هي أعقد ظاهرة في أسلوب الإنتاج الرأسمالي. فمنذُ 1825 أصبح سير تجديد الانتاج الرأسمالي، ينقطع بأزمات دورية أي خلال فترات زمنية معينة. (في زمن الأزمة يخرج قطار العالم الصناعي والتجاري قطار الانتاج والتبادل عن خط سيره) ماركس ويصبُح المجتمع مسرحاً لِوباء فيض الإنتاج، وهي الظاهرة التي لم يعرفها المجتمع في أيّ أسلوب للإنتاج سابق للرأسمالية. عندما لاحظ الاشتراكي الطوباوي الفرنسي (فورية Charles Fourier) هذا التناقض قال: إن وفرة الانتاج تصبح مصدراً للحاجة والحرمان. إنّ التناقض الجوهري في الرأسمالية والذي يجعل وقوع أزمات فيض الإنتاج أمراً حتمياً، هو إنّ منتوج عمل المجتمع كلهُ يقع في حيازة حفنة من الرأسماليين الذين يديرون الانتاج بهدف وحيد هو الربح. ولكنه ينشأ عن هذا الهدف، عن الركض وراء الربح، ينشأ تعاظم استثمار البروليتاريا، وهو تعاظم يعني تقلصا ًنسبياً في الطلب الكلّي، تقلّص إمكانية تصريف السِّلع، ولهذا فما دامت الرأسمالية قائمة لابد من حدوث ازمات فيض الانتاج. إنَّ تناقض الرأسمالية الأساسي، التناقض القائم بين الحيازة الرأسمالية الخاصة وبين الطابع الاجتماعي الكبير للإنتاج، هو أساس الأزمات ومصدر تشكّله. وتثبت الأزمات مقولة لينين: إنَّ شكل الإنتاج يدخل في تناقض لا حل لهُ مع شكل الحيازة. إنَّ تتالي الأزمات الدورية، وتحولها كل مرة الى أزمات أكثر عنفاً من سابقاتها، كان يؤدي الى نتيجتان أساسيتان: الأولى هي ازدياد تركّز وتمركز رأس المال العالمي، والثانية هي ازدياد استغلال الطبقة العاملة، المنتجون الحقيقيون وتطوير القوى المنتجة في نفس الوقت، كشرط أساسي لتجديد دورة الإنتاج الرأسمالي، وهذا ما يخلُق تناقض جديد يزداد تعمُّقاً مع تتالي الأزمات. هذا التناقض يكمن بينَ عجز الرأسمالية عن تلبية متطلّبات القوى المنتجة الآخذة في التطور باستمرار، وبين محدودية السوق الرأسمالية، وهذا ما كان يحدو بالرأسمالية إلى تحطيم القوى المنتجة اقتصادياً واجتماعياً تارةً، وتارةً أخرى بتوسيع الأسواق عن طريق الاستعمار والحروب. وفي ظل قانوني الرأسمالية الأساسيين اللذين يحكمون النظام ككل: فوضى الانتاج، والمزاحمة وخاصه بعد تحول الرأسمالية إلى الإمبريالية، كان هذا التوسع من أجل اعادة اقتسام العالم سياسياً واقتصادياً كما أوضح لينين، وما خَلَفهُ هذا التوسع من ملايين الضحايا والخراب (أي تدمير للقوة المنتجة وللدول المهزومة). في المقابل كان هذا الاتجاه المنطقي للسلوك الرأسمالي، يحمل بذور لردة الفعل الثورية، التي تكلّلت بثورة أُكتوبر الاشتراكية العُظمى، مُعلنةً بذلك إمكانية تخطي الرأسمالية، والبداية الصريحة لأزمة النظام الرأسمالي الوجودية، أو أزمتهُ العامة، التي ستبقى هي الأساس في تحديد جوهر كل الأحداث السياسية والاقتصادية العالمية، حتى انهيار هذا النظام وزوالهِ. في الأزمة الرأسمالية الراهنة: لا يحتاج الانسان لأن يكون خبيراً في الأرصاد الجوية، ليعرف أن الجو سوف يمطر إذا كانت السماء مليئة بالغيوم السوداء، ولا يحتاج الانسان حالياً لكي يكون خبيراً في الاقتصاد، لمعرفة أن العالم مقبل على واحدة من أعنف الأزمات التي شهدتها الرأسمالية. أزمة اقتصادية غير عادية، أزمة ركود تضخمي. وغالبية الاقتصاديين البرجوازيين، لا يُخفون ذلك، ويحذرون منه، ويسمونها الأزمة الاقتصادية بسبب تداعياتها الجائحة. ولكن هذه فعلا أزمة بسبب تداعيات الجائحة؟ لفهم جوهر هذه الأزمة، علينا العودة في التاريخ قليلا: ضربت أزمة 2008 –2009 الاقتصاد الرأسمالي العالمي، ولم تستطع الامبريالية من خلال نهبها لدول الاتحاد السوفيتي وحربها على أفغانستان والعراق، من ابعاد شبح هذه الازمة، وكانت أزمة عنيفة ضربت المراكز الامبريالية في كل قطاعات الاقتصاد. بدأت بعدها فترة ركود طويل، حاولت فيه الرأسمالية استخدام كل الأدوات الكينزية، بل وحتى التأميم في كثير من الأحيان، لإنقاذ الرأس مال المالي، الصناعي والتجاري من الانهيار الكلي. وحاولت الامبريالية تصدير أثار هذه الازمة ونقل تبعاتها إلى دول الأطراف، أي إلى العالم العربي، آسيا، افريقيا وأمريكا اللاتينية، فكانت أحداث الربيع العربي وما رافقة من جنون من صفقات الأسلحة وخاصة بعد حرب اليمن (صفقة ترامب والسعودية) وتدمير ليبيا والحرب في سوريا والعراق، ووصول اليمين المتطرف الى الحكم في أغلب دول أمريكا اللاتينية، ومحاصرة فنزويلا ومحاولة احتلالها. وبالتالي إعادة رسم الخارطة السياسية والاقتصادية العالمية،إضافة الى تأجيج الصراعات بين المراكز الامبريالية كما فعلت في محاولة حصار الصين وروسيا، بافتعال الأزمات في محيطهم الجغرافي وفضائهم الاقتصادي. وقد نجحت هذه المحاولات في إعطاء بداية للانتعاش في الاقتصادات الامبريالية للمراكز، وإعادة زيادة الإنتاج، وفي النمو المتسارع حتى عام 2019. لقد حدث حرفيا ما قاله أنجلز، في وصفه لمسيرة النظام الرأسمالي حسب مراحل الدورة الاقتصادية (السير كل )، وهي المسيرة الذاهبة بقوة لا تقاوم من أزمة الى أزمة حيث قال: تتسارع مراحل الإنتاج بعد ركود طويل شيئا فشيئا، وتتحول الخطى إلى هرولة، وتنتقل هرولة الصناعة إلى ركض يتحول إلى جموح، إلى قفزات كبيرة في الصناعة والتجارة والمضاربة، وبعد قفزات يائسة تنحدر الحركة إلى هاوية لا قاع لها، وهكذا تتكرر الأمور. وساعد في هذا الازدهار، السياسة الحمائية التي اتبعتها الولايات المتحدة في عهد ترامب، والحرب التجارية على الصين والعالم أجمع بما فيها حلفاء الامبريالية الامريكية في الاتحاد الاوربي، باستثناء بريطانيا التي خرجت من الاتحاد الأوربي لهذا السبب بالذات. أي كي لا تتحول إلى خصم للولايات المتحدة، بل لتبقى في صفها على حساب باقي دول أوروبا. التي انتعش اقتصادها على حساب الطبقة العاملة إثر سياسات التقشف، وعلى حساب نهبها لنصيبها من الأسواق العالمية في افريقيا والعالم. وفي أكتوبر 2019 بلغ سعر برميل النفط في الولايات المتحدة للعقود الآجلة (38-) دولار للبرميل!!!!! ولكن كيف حدث هذا بعد الازدهار؟؟؟ انها أزمة فيض الإنتاج بشكلها الكلاسيكي! يقول ماركس: لما كان فيض الإنتاج في ظل الرأسمالية، متسماً بالطابع الاجتماعي إلى درجة عالية، وتقوم بين مئات وألوف الفروع أوثق الصلات، لهذا بالذات يأخذ فيض الإنتاج شكلاً حاداً، بعد أن بقي في البداية في شكل مستور. إن فيض الإنتاج الذي بقي زمناً معيناً تحت شكل عاهة خفية يتفشى اشبه بالوباء، ويأخذ طابع مصيبة حقيقية، طابع جائحة اجتماعية عاصفة. وهكذا أتت جائحة COVID 19، مكياجاً تغطي فيه الرأسمالية أزمتها الحقيقية. أزمة فيض الإنتاج. والتي لم يكن بمقدورها (أي الإمبريالية) شن الحروب للخروج منها في حينها، فلجأت الى تحطيم مخيف للقوى المنتجة، تحت شعار الفقر أفضل من الموت، ومنعت الاحتجاجات تحت طائلة نشر الوباء والعدوى. ان أرباح شركات الدواء قد وصلت الى ارقام عالية في فترة COVID 19، حيث بلغت أرباح ثلاث شركات فقط هي موديرنا، فايزر وبيونتيك (Moderna ، Pfizer e BioNTech) الى ما يزيد عن 34 مليار دولار حتى نهاية عام 2021، اي ما يعادل 1000 دولار في الثانية. وقد بلغة أرباح أكبر 50 شركة دواء في العالم حتى نهاية ذات العام 851 مليار دولار. إلا أن هذه القفزات والتراكم الهائل للأرباح، الذي جاء على حساب تحطيم القوى المنتجة و (قتل) ملايين البشر، لم يستطع انقاذ الرأسمالية من الأزمة، حيث أن نمو قطاع واحد أو فرع واحد من فروع الإنتاج، غير قادر على سد الثغرة التي حدثت نتيجة الركود في باقي القطاعات، وخاصة في احتكارات النفط والسلاح. هنا نبدأ في فهم السلوك الامبريالي الأمريكي تجاه الحرب بين البرجوازية الروسية وبين حلف الناتو على أراضي اكرانيا. هنا علينا أن نتعمق قليلا في هذه الظاهرة الفريدة للأزمة: ينتج عن الأزمات الرأسمالية الدورية التقليدية، عادة آثار أساسية، أهمها: 1- انخفاض في الإنتاج 2- تعرض قسم كبير من القوى المنتجة للخراب، وازياد معدلات فائض القيمة (أي ازدياد استغلال من بقي من العمال على قيد عمله). 3- جموح الدول وميلها نحو العسكرة، واشعال النزعات المسلحة. وتختلف جغرافية هذه النزعات تبعاً لعمق الازمة، فعندما تكون الازمة عميقة جدا، فان هذه النزاعات قد تطال جغرافية دول المركز. 4- انخفاض عام للأسعار،باستثناء سلع الاحتكارات التي تستطيع الحفاظ على الأسعار الاحتكارية بل ورفعها أيضاً. هنا نلاحظ أن كل آثار هذه الأزمة قد حدثت في فترة الجائحة، باستثناء انخفاض الأسعار!!! اذ حدث ارتفاع جنوني في أسعار السلع عالمياً، قبل بدء الحرب في أوكرانيا حتى. وزادت أسعار السلع بعد الحرب، نتيجة الإنقطاع الكبير للعديد من سلاسل الإنتاج، والعقوبات التي فرضتها الامبريالية الامريكية على روسيا، وعلى حلفاءها الامبرياليين والاوربيين عملياً. إضافة إلى أزمة الغذاء وجنون التسلح لذات الأسباب. اذ بدلاً من انخفاض الأسعار، وصلت الى معدلات قياسية في الكثير من دول المركز. نعلم أن الأساليب الرأسمالية لمواجهة الركود، عادة تكون بخفض معدلات الفائدة، إضافة الى العديد من الوسائل المالية الأخرى. ونعلم أن الأساليب الرأسمالية لمواجهة التضخم تكون عادةً برفع معدلات الفائدة، إضافة الى الكثير أيضا من الأساليب المالية. الآن نحن أمام ركود تضخمي. لذلك فان الأساليب الرأسمالية الداخلية للاقتصاد، تقف عاجزة عن حل هذه المعضلة. ولهذا كانت الحرب لكلا الأطراف. البرجوازية الروسية التي تدرك جيداً أنها عاجزة عن الخروج من الأزمة من دون الحرب، التي سيبنى عليها إعادة اقتسام السوق العالمية، وهي بالتالي تبحث عن تحقيق مكاسب في هذا المجال، والحرب بذلك خطوة استباقية وهروب الى الأمام. وبالمقابل الامبرياليون الامريكيون بحاجة للحرب لعدة أسباب استراتيجية، ومتعلقة بشكل مباشر بالأزمة، وهي اضعاف روسيا ومحاولة تفكيكها لنهب ثرواتها الكبيرة من جهة، ومن جهة أخرى اضعاف حلفاءها الاوربيين وتحويلهم إلى اقتصادات ودول تابعة للمركز الامبريالي الأمريكي. وجاء قطع استيراد الغاز والنفط الروسي الرخيص إلى أوروبا، وتخريب أنابيبه، الأمر الذي يضر عمليا بمصلحة البرجوازية الأوربية. ولكن فرضت عليهم فرضاً من الولايات المتحدة، ليتم الاستعاضة عنه بالنفط والغاز الأمريكي، والذي يباع إلى الأوربيين أغلى بأربع مرات من نظيره الروسي. إضافة الى تشجيع شركات السلاح الامريكية، على التصنيع وتقديمها الى أوكرانيا على شكل "مساعدات". وهذا كلام مضحك، لأن الحساب مع أوكرانيا سيكون عسيراً بعد وقف الحرب. أي ستدفع أكرانيا ثمن كل ذلك أضعافاً لسعره الحالي، إما نقداً او بتسليم أوكرانيا كاملا ليتم نهبها من الاحتكارات الغربية. ومن جهة ثانية يتم دفع هذه الأكلاف من ((المساعدات)) من جيوب الطبقة العاملة في باقي الدول لصالح شركات السلاح والمجمع الصناعي العسكري. يقول ماركس و انجلز في البيان الشيوعي: أن البرجوازية تتغلب على الأزمات عن طريقين: الإبادة العنيفة لمقدرات كبيرة من القوة المنتجة من ناحية، وعن طريق الاستيلاء على أسواق جديدة، والإغراق في استثمار القديمة منها، من ناحية أخرى. وهو ما يحدث الآن أثناء الCOVID 19 وأثناء الحرب. ولكن هل هذا كفيل بإخراج الرأسمالية من الأزمة؟! لمعرفة الجواب علينا إعادة تذكر التناقضات الرئيسية في الرأسمالية كما كتبها الرفيق ستالين: 1- التناقض بين العمل وبين رأس المال 2- التناقض بين المركز الامبريالية على الأسواق وعلى تصريف الإنتاج. 3- التناقض بين المراكز الامبريالية وبين شعوب بلدان الأطراف (الشعوب المستعمَرة وشبه المستعمَرة سابقاً). هل اضعاف الاوربيين والروس كفيل بإخراج النظام الامبريالي من أزمته الاقتصادية؟ وخاصة أن المنافس الأول للإمبريالية الغربية هي الصين. التي تقف تتفرج عما سوف يؤول إليه حال الحرب. وتهدد باستعادة تايوان لذات السبب الذي دخلت روسيا من أجله الحرب في أكرانيا. أي التوسع والسيطرة على أسواق جديدة، وقطع يد المنافس الامبريالي الأمريكي من غرب المحيط الهادي، ومن بحر الصين الجنوبي. نستطيع أن نلاحظ أن الأدوات الداخلية للرأسمالية غير قادرة على حل أزمة الركود التضخمي التي ستدخل بها الرأسمالية قريباً. هل هي قادرة (أي الامبريالية الامريكية) على الدخول في حرب على غرار ما فعلته في الحرب العالمية الثانية؟ ولكن هذه المرة ضد الصين وضد روسيا! يعني هل الحرب النووية تشكل مخرجاً للرأسمالية من الأزمة؟ نعم، يمكن أن تشكل مخرجا، ولكن الى الأبد! لأن الحرب النووية تعني انتهاء الحضارة وبالتالي انتهاء الرأسمالية أيضا وانتهاء الأزمات عملياً. هذا الوضع يجعل الأزمة القادمة لا مفر منها في المدى المنظور. الملاحظ هنا أن أزمة الركود التضخمي القادمة، لم تأتي بعد مرور الدورة الرأسمالية بكامل مراحلها!! فالركود الذي حدث بعد أزمة فائض الإنتاج عام 2019، وأسموها للتضليل (أزمة جائحة COVID 19)، لم يتبعه انتعاش ولا ازدهار!! فبدلا من أن تكون حركة الدورة الرأسمالية بهذا الشكل: أصبحت ذات شكل مشوه على الشكل التالي: وأن تطور هذه التشوه في مراحل الأزمة، قد يؤدي الى نفي تناقضات الرأسمالية المتفاقمة لمرحلة الركود، وتصبح الرأسمالية تدور في حلقة مفرغة من الأزمات المتلاحقة بمدد زمنية أقصر وبعنف أكبر الى حد الانفجار وهنا ندخل في الحديث عن الأزمة العامة للرأسمالية. في الأزمة العامة وأبرز تجلياتها الراهنة: سأنطلق من جملة وردت في البيان الشيوعي: إن الصراع الطبقي دائماً يُنتج، إما تحويل ثوري في المجتمع، أو الهلاك المشترك للطبقات المتنافسة. والرأسمالية لا تخرج عن هذه القاعدة، أي أن بذور فنائها موجودة داخل بنية هذا النظام الاجتماعي، وتزداد احتمالية الفناء مع اشتداد التناقضات الداخلية لهذا الأسلوب من الإنتاج. كما ذكرنا فإن أهم التناقضات الأساسية في الرأسمالية: - التناقض بين العمل وبين رأس المال. - التناقض بين المراكز الامبريالية نفسها على السوق والنفوذ. - التناقض بين المراكز الامبريالية وبين شعوب بلدان الأطراف (الشعوب المستعمَرة وشبه المستعمَرة سابقاً). ان هذه التناقضات هي التي تحدد الخط العام للسياسات الاقتصادية، الاجتماعية والاستراتيجية للمراكز الامبريالية. تعني بالأزمة العامة، أزمة وجود النظام كتشكيلة اقتصادية اجتماعية سائدة، الأزمة التي تُظهر محدودية هذا النظام تاريخياً، وتظهر عدم إمكانية هذا النظام على تجديد نفسه إلا داخل حدوده التاريخية، والتي تصبح أضيق مع اشتداد حدة تناقضاته. بدأت الأزمة العامة للرأسمالية بالظهور الى العلن في الحرب العالمية الأولى. نعم، لقد أسفرت هذه الحرب عن اقتسام الامبرياليات المنتصرة لأسواق ومستعمرات الامبرياليات المهزومة. وتركزت الثروة أكثر فأكثر، ولكن في المقابل، أسفرت عن ردة فعل ثورية غيرت وجه العالم والتاريخ فيما بعد، وهي ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى. هذه الثورة التي أعلنت وأثبتت إمكانية تخطي هذا النظام وتحطيم سلطة رأس المال. وكان لها أهم الأثر في التاريخ اللاحق حتى أيامنا هذه في تعميق أزمات النظام. مع تتالي الأزمات الدورية، واحتدام التناقض بين العمل وبين رأس المال، والصراع بين الامبرياليات، استطاعت العديد من شعوب العالم التحرر من الاستعمار المباشر، والخروج من الفضاء الامبريالي الغربي. وأهمها كانت الصين التي تحررت بفعل ثورتها العظيمة وبدعم من الاتحاد السوفيتي المنتصر على النازية. وحتى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، لم تستطع الرأسمالية الحفاظ على ديمومتها رغم ما رُوج له على أنها نهاية التاريخ والخ. يقول خالد بكداش: المجتمع كما الطبيعة، لا يمكن أن يكون أحادي القطب، هناك في مقابل القطب الامبريالي، قطب الشعوب الذي لا تغيب عنه الشمس. بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، دَفعت تناقضات الرأسمالية العالم الى شكل جديد من أشكال النهب: هو العولمة الليبرالية الجديدة. كان الحزب الشيوعي السوري هو أول حزب شيوعي في الحركة الشيوعية العالمية الذي عرف هذه العولمة بأنها: النهب الشامل للعالم الموحد من قبل الاحتكارات الامبريالية، في ظل تطور الثورة التكنولوجية، وغياب الرادع (الاتحاد السوفيتي). ولكن تتالي الأحداث يثبت أن الرأسمالية أثناء سعييها الحثيث لتفادي أزماتها وزيادة النهب وتركيز الثروة، تكون بذلك تزيد من سرعتها للوقوع في أزمات أكثر عمقاً: كأن يكون شخص يركض باتجاه هاوية، فكلما زادت سرعته زادت إمكانية اقتراب سقوطه. وتتجلى أهم أشكال التناقض هذا في عصرنا الراهن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في مظهرين رئيسيين: الأول: هو السلوك الامبريالي العدواني، عسكرياً، اقتصادياً، اجتماعياً وسياسياً. الثاني: هو في رد الفعل العمالي والشعبي في المراكز والأطراف على حدٍ سواء. هنا علينا أن نفصل بعض الشيء: في المظهر الأول: العدوانية تتجلى في اتجاهين: اتجاه موجه ضد القوى المنتجة، واتجاه ضد باقي المنافسين الإمبرياليتين. مرد ذلك الى أن الأزمة البنيوية هي ليست أزمة على شكل حرف (U) باللاتينية، بل على شكل حرف:(L) الأزمة على شكل حرف U: نوع عادي من الأزمة الرأسمالية، تشير إلى حقيقة أن نفس المنطق أو العقلانية التي أدت إلى الركود في المقام الأول يمكن أن تعيد النمو مع تغييرات هيكلية طفيفة. يشبه الرسم البياني لهذه الأزمة حرف U – انخفاض ثم بعد فترة يرتفع النمو مرة أخرى. الأزمة على شكل حرف L: تعني الأزمة على شكل حرف L أنه لا يمكن للنظام الخروج من الركود. لا يوجد هناك خط يصعد من الانحدار. المخرج الوحيد هو تغيير النظام، والتغييرات الهيكلية البسيطة ليست كافية. لقد وصلنا إلى النقطة التي انتقلت فيها الرأسمالية إلى الانحدار. يشكل الانحدار لحظة خطيرة للغاية، ولن تنتظر الرأسمالية موتها بهدوء، بل سوف تتصرف بشكل أكثر وحشية من أجل الحفاظ على موقعها، من أجل الحفاظ على التفوق الإمبريالي للمراكز. هذا هو جذر المشكلة. ولا أعرف ماذا يعني بعض الناس عندما يقولون – “مخاطر الحرب أصبحت أكبر من أي وقت مضى”. لقد بدأت الحرب في عام 1991، مباشرة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. وقد كانت حرب العراق في عام 1991 أولى الطلقات، وأدى انهيار يوغوسلافيا وتقسيمها بين 1991 و2001 إلى جلب هذه الحرب إلى أوروبا، ثم بعد ذلك حرب أفغانستان والعراق، حرب لبنان 2006، ابخازيا وأوسيتا، حرب غزة، ثم حروب " الربيع العربي" وغزو وتدمير ليبيا، وحرب اليمن المفتوحة، وتأجيج النزاعات على حدود روسيا والصين، إضافة الى النزاعات المسلحة في افريقيا. ثم عادت هذه الحرب مجدداً الى أوروبا، معبرةً عن عمق الأزمة الرأسمالية الراهنة التي وصلت الى الحديث بوقاحة عن الحرب النووية!! اذاً لا يمكننا الحديث عن منع الحرب، فالحرب والفوضى منقوشتان في منطق هذا النظام المتحلل. أما اقتصادياً، فقد أخذت العدوانية شكلان داخلي وخارجي: فلم تنفع سياسات التقشف التي فُرضت في أوروبا وأمريكا من تعديل وضع الرأسمالية فيها، (سياسات التقشف تعني بالدرجة الأولى الهجوم على مكتسبات الطبقة العاملة). وأيضا سياسات التقشف التي فرضت على دول الأطراف عن طريق المؤسسات الامبريالية، مثل صندوق النقد، البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية. اضافةً إلى أكثر من 50 ألف نظام عقوبات اقتصادية تفرضها المراكز على دول وأشخاص وهيئات في العالم. وقد وصلت مديونية دول العالم حتى ديسمبر 2021، الى رقم قياسي 226 تريليون دولار (226،000،000،000،000$). بينما وصل مجمل الناتج الإجمالي العالمي العام (Global gross domestic product (GDP)) في نفس العام 96 تريليون دولار (96،000،000،000،000$). إضافة الى أزمة الغذاء الحالية وأزمة مياه الشرب والأمراض المصَنَعة. التقشف، نهب الأطراف، العقوبات، اغراق العالم بالديون، خطر المجاعة، والبرد، كلها تعبر عن جموح (Indulgence) في العدوانية الاقتصادية والقادم أعظم. اجتماعياً وسياسياً: يمكن أن نستنتج بأن ما يسمى بنظام العولمة الليبرالية الجديدة ليس مستداماً. يمكن أن نطلق عليه اسم أخر: نظام الأزمة الدائمة المُتَعَمِقَة، وقد خلقت هذه العولمة مشاكل كبيرة، ليس فقط لدول الأطراف، بل أيضاً لشعوب الولايات المتحدة واليابان وأوروبا. ونظراً لأنها غير مستدامة، ينظر النظام إلى الفاشية، كاستجابة لضعفه المتزايد، ولهذا السبب عادت الفاشية إلى الظهور في الغرب. يُصَدّر الغرب الفاشية إلى بلادنا، ونقطة ارتكازهُ في منطقتنا هي إسرائيل الصهيونية، ومن ثم فإنها تدعم الأنظمة والقوى الرجعية والظلامية في منطقتنا، فالإرهاب باسم الإسلام هو شكل من أشكال التوحش الرجعي الذي يخدم المصلحة والدعاية الامبريالية في تقوية فوبيا (الأخر المتوحش) عند شعوبهم. واليوم، يحاولون أن تصبح الهندوسية في الهند حركة فاشية ناعمة، بشرط ألا تكون ناعمة للجميع، وما تركته الولايات المتحدة في أفغانستان بعد هزيمتها وانسحابها! أيضاً في أمريكا اللاتينية التي شهدت عودة اليمين المتطرف من أوسع الأبواب، وتعثر هذا اليمين في الانتخابات البرجوازية لا يعني زواله، بل يشير الى تحوله لقوة اجتماعية حاضرة وخطرة في كل وقت. نلاحظ أن الليبرالية في أوروبا، دمجت داخل حدود مصالح الرأسمالية المأزومة، بين اليمين المتطرف والفاشية، وبين الاشتراكيين الديمقراطيين. فلا نجد فرق في جوهر سلوك هذه القوى سياسياً واقتصادياً واجتماعياً! الأمثلة كثيرة، في أوكرانيا، اليونان، ايطاليا، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا ...إلخ. في المظهر الثاني: رد الفعل العمالي والشعبي في المراكز ودول الأطراف على حدٍ سواء: في الفيزياء هناك قانون ثابت، أنه لكل فعل رد فعل يساويه في القوة ويخالفه في الاتجاه. أما في المجتمعات فان الديالكتيك يعلمنا، أنه لكل فعل رد فعل، هذا صحيح، لكن جملة يساويه في القوة ويخالفه في الاتجاه، فهي نسبية، ومعتمدة على عدة عوامل موضوعية وذاتية للطرف المعني. إن رد الفعل في دول الأطراف تجاه الهجمة الامبريالية هذه، يختلف عن رد الفعل في دول المركز من حيث الشكل. بينما من حيث المضمون فيجب أن تكون متماثلة، وهي إسقاط الرأسمالية العالمية ومشاريعها. فإن زيادة الضغط على الطبقة العاملة في دول المركز سوف يفجر موجة عارمة من الاحتجاجات الشعبية، كما يحدث في جمهورية التشيك وفرنسا، وستنتقل عدوة الاحتجاجات الى كامل أوروبا. هنا علينا أن نتعلم من التاريخ، أنه في الوقت الذي لا تقود فيه الأحزاب الشيوعية هذه الاحتجاجات والنضال الطبقي، فإنه من الممكن أن يستفيد منها الفاشيون، الذين سوف يسعون لإعادة إنتاج الرأسمالية بالنار والدماء والتعصب القومي البرجوازي. أما في دول الأطراف، والتي يوجد فيما بينها تفاوت أيضاً، تبعاً لدرجة تطور الرأسمالية والحركة العمالية والتحررية فيها. فإن ردة الفعل الى جانب الصراع الطبقي الداخلي، ستأخذ شكل النضال من أجل التحرر الوطني المعادي للإمبريالية. وما حدث في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن وفنزويلا وكوبا هو دليل على ذلك. فالمشاريع العدوانية الإمبريالية في هذه الدول لم تمر، رغم الجراح العميقة التي تركتها هذه العدوانية في الدول المعنية. هنا أيضا علينا أن نتعلم من التاريخ، ففي الوقت الذي لا تقود فيه الأحزاب الشيوعية والعمالية حركة التحرر الوطني هذه، وتخلص بلدانها من التبعية لاقتصادات المراكز الامبريالية، فإن سيطرة باقي القوى الطبقية عليها سيصبح أمر حتمي، وبالتالي بسبب طبيعة البرجوازية الصغيرة الطبقية، فإن تطور سيرورتها التاريخية سيمنحها إمكانية إعادة دمج هذه الدول بالسوق الرأسمالية العالمية وتقويض كل محاولات الاستقلال الفعلي، ومن الممكن أن تتحول رموز الاستقلال والتحرر بالأمس الى كومبرادور اليوم. دور البروليتاريا الثورية: إن تعريف البروليتاري في كلاسيكيات الماركسية هو العامل الذي لا يملك إلا قوة عمله، وظهور البروليتاريا مرتبط بشرط موضوعي هو ظهور الانتاج السِلعي بشكلها الرأسمالي. ولمّا كانت الرأسمالية متفاوتة بين أطراف العالم وبين المركز والاطراف، ولمّا كانت دول المستعمرات السابقة الحديثة التشكيل، لم تنضج فيها الرأسمالية، كما حدث في المراكز، وبالتالي لم تنضج معها طبقة البروليتاريا بالمعنى الكلاسيكي للكلمة. فإننا يحب أن نستعمل المصطلح الأعم الذي أطلقه لينين أي البروليتاريا وشعوب العالم المضطهَدة أو ما يمكن أن نسميه البروليتاريا بالمفهوم اللينيني، وبالحديث عن دور البروليتاريا في مواجهة الأزمة العامة للرأسمالية، لا يمكن الفصل بين البروليتاريا وبين أحزاب الطبقة العاملة الثورية، أي الأحزاب الشيوعية بوصفها تعبير عن وعي الطبقة العاملة لذاتها، وبوصفها وعي للضرورة التاريخية والمهمة التاريخية المنوطة بالطبقة العاملة في تحطيم الرأسمالية، وتخطيها باتجاه ديكتاتورية البروليتارية نحوَ الشيوعية، نحوَ مجتمع الحرية. وهذا تطبيق لتعريف انجلز للحرية، بأنها وعي الضرورة. ولأنّ مفاعيل الصراع الطبقي في المجتمع الرأسمالي ليست فقط عامودية،أي بين طبقتين مميزتان، مقسومتان انقساماً واضحاً على الشكل التالي: بل إنّ مفاعيل الصراع الطبقي لها أيضاً شكّل افقي، أي أن داخل كل طبقة يوجد الكثير من المعارك المتداخلة والتناقضات، هذا ما يعلمنا إياه منهج ماركس الديالكتيكي أي الوحدة والصراع. لذلك فإن مهمة البروليتاريا والاحزاب الثورية كانت ولا زالت تأخذ اتجاهين: ‏اتجاه أفقي واتجاه عامودي وهما اتجاهين متلازمين حيث الأول ضرورة للثاني والعكس صحيح. النضال الافقي: يتلخص في ضرورة تقوية مواقع الاحزاب الشيوعية داخل صفوف الطبقة العاملة، ‏بوصفها المُعبر الحقيقي عن المصلحة العليا لهذه الطبقة. وأيضا تسليح كوادر هذه الأحزاب في المعرفة العلمية للنظرية الماركسية اللينينية ‏التي تُعتبر السلاح النظري الحاسم ضد الإمبريالية، من أجل تغيير المجتمع تغييراً ثورياً. ‏ومن جهة ‏ثانية: فإن مقولة لينين لا تزال صحيحة بأن النضال الناجع ضد الإمبريالية، بحاجة إلى نضال لا هوادة فيه ‏ضد التحريفية والانتهازية داخل الحركة العمالية. وأخطر هذه المظاهر التحريفية الانتهازية في عصرنا، تكمن ‏في الاقتصادوية، التروتسكية والاشتراكية الديمقراطية. هذا داخل الحركة الشيوعية. اما داخل صفوف البروليتاريا بالمفهوم اللينيني الواسع، فيوجد مشاكل فكرية وأيديولوجيات خطيرة كالفكر الديني الرجعي، التعصب القومي الشوفيني، العدمية، الفوضوية، النسوية الليبرالية، نظريات الجنس ( gender ) وكلُّ ما تفرزه الأيديولوجية البرجوازية وتلقيه على شكل قمامة فكرية على الطبقة العاملة. وتزداد يوماً بعد يوم الاهمية العالمية لضرورة التنسيق والعمل المشترك للأحزاب الثورية والشيوعية، نظراً لعالمية أزمة العدوّ الطبقي. وعلينا الاستفادة مما وفّرته ثورة المعلومات، من تسهيل لطُرق التواصل وتبادل الخبرات، وتنسيق المواقف والخطوات. وبناء سياسات تحالفية متينة بين كافة قوى التحرر عالمياً، من أجل تحقيق الشعار الكبير: من أجل أوسع جبهة مناهضة للإمبريالية. النضال العامودي: أي النضال السياسي والثوري ضد العدو الطبقي مباشرةً. ونحن الآن في ظل ارهاصات أزمة ركود تضخّمي عنيفة، وأزمة عامة عميقة. يجب علينا أن يكون فعلنا إيجابياً هجومياً وليسَ دفاعياً. ويقدّم لنا التاريخ هذه الفرصة، ليس لإنهاء أزمة الرأسمالية، بل لإنهاء الرأسمالية في أزمة. فلا يمكن الخروج من هذه الازمات إلا بالخروج من النظام نفسهُ. إنّه تحدٍّ ضخم، ولن يتم ذلك في غضون بضع سنوات في ايّ مكان، لا في الشمال ولا في الجنوب، قد يستغرق ذلك عدّة عقود، ولكن المستقبل يبدأ اليوم. لا يمكننا الانتظار حتى يقودنا النظام إلى حربٍ عملاقة وإلى كارثة بيئية. من أجل البدء فعلياً علينا أن نبدأ الفعل الآن. هذا يتطلب منّا نحنُ الورثة الفعليين للأممية الثالثة أي الأحزاب الشيوعية جرأة كبيرة. في الوقت الحاضر هناك حركات مقاومة في كل مكان في العالم. في بعض الحالات تكون حركات مقاومة قوية جدّاً، ويقاتل فيها العمال من أجل نضالات مشروعة تماماً، لكنهم في حالة دفاع، اي انهم يحاولون الدفاع عما كسبوه في الماضي، والذي تآكل تدريجياً بسبب الليبرالية الجديدة، هذا جيد ولكنه ليسَ كافياً. لا يمكن أن تكون الاحتجاجات على الرأسمالية مجرد احتجاجات للحركة ضد عواقب الهجمات المتلاحقة للنيو ليبرالية ضد مصالح الشعب إنّها استراتيجية دفاعية، تسمح لنظام سلطة رأس المال الاحتكاري بالحفاظ على المبادرة، علينا ان ننتقل من الدفاع إلى استراتيجية إيجابية، إلى استراتيجية هجومية، وقلب علاقات القوّة، اجبار العدوّ (أنظمة القوى) على الرد علينا بدلاً من الرد عليهم، وأخذ زِمام المبادرة من بين أيديهم. انا لستُ متغطرساً، وليس لدي وصفة في جيبي لما يحب أن يفعله الشيوعيون في أوروبا أو فنزويلا أو في بلادي فلسطين وسوريا. ولكن علينا أن نناقش بوضوح وصراحة، علينا اقتراح استراتيجيات ومناقشتها واختبارها وتصحيحها، هذه هي الحياة والصراع، لا نستطيع التوقف! إنّ هذا الوعي السياسي، يجب أن يؤدي إلى إنشاء تحالف اجتماعي واسع، ليحلّ محل تحالفات الكومبرادور التي تحكم دولنا، وليحلّ محل التحالفات الامبريالية التي تحكم دول الغرب. على الأحزاب الشيوعية إعادة إحياء الأممية الثالثة. أي تحالف كادحي العالم وأحرارهُ في مواجهة تحالف الإمبرياليين والكومبرادور . دعم حركات التحرر الوطني بطرق أكثر فعالية، وخاصة في دول المواجهة المباشرة. عدم الانجرار خلف الأحلاف الامبريالية، بحجّة الحرب العادلة، فلا يوجد حرب امبريالية عادلة، علينا استعادة شعّار لينين: إعلان الحرب على الحرب. ومواجهة القومية البرجوازية بالأممية البروليتارية. أزمة الرأسمالية الراهنة تؤكد مجدّداً أن البروليتاريا بمفهومها اللينيني، ليس هناك ما تخسره بثورتها، سوى القيود والأغلال التي تكبّلها، وستربح عالماً بأسره. يا عمال العالم اتحدوا ...! الحزب الشيوعي الفلسطيني اعداد : الرفيق الدكتور عمرو حذيفة


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني