كلمة الأمين العالم للحزب الشيوعي الفلسطيني "الرفيق محمود سعادة "في المؤتمر العام الأول لاتحاد الشبيبة الشيوعية الفلسطينية
الرفاق الأعزاء: نحيكم أجمل تحية، وبدايةً نوجه شكرنا لشبابنا في اتحاد الشبيبة الشيوعية الفلسطينية على جهودهم الجبارة في التحضير والتجهيز لعقد هذا المؤتمر والذي يعتبر المؤتمر العام الأول لاتحاد الشبيبة الشيوعية الفلسطينية ، حيث عمل شبابنا في مختلف مناطق الوطن خلال الاشهر القليلة الماضية وعلى مدار الساعة من أجل انجاز عقد مؤتمركم هذا والذي نرى فيه خطوة كبيرة في سبيل بناء منظمة شبابية واعية متمكنة تعبر عن هموم الشباب والمشاكل التي يواجهونها والتي تتجلى في مقاومة الاحتلال الفاشي لأرضنا ومقاومة كل الخونة والمتساوقين مع سياساته العنصرية والفاشية.
الرفاق الأعزاء، موضوع بحثنا واسع، ولكن لا بد من التركيز على الوضع الداخلي الفلسطيني حيث يحق للآخرين جميعاً أعداءً وأصدقاءً، جيراناً وأشقاءَ، كارهين ومحبين، شامتين وغيورين، متآمرين وموالين، وغيرهم من المراقبين المستقلين والمتابعين المهتمين، أن يصفوا البيت الداخلي الفلسطيني أنه خربٌ متصدعٌ، وأنه ضعيفٌ متفككٌ، وأنه آيلٌ إلى السقوط وأقرب إلى الانهيار، وأن فضائح سلطته ومخازي قيادته كثيرة، وأن سلوكيات قادته وتصرفات رموزه مخزية، وأن المشاهد المنقولة عنهم فاضحة، والصور التي تنشر عنهم سيئة، وتبعث على القرف والغثيان، وتدفع إلى اليأس والقنوط، وإلى التخلي والعزوف، وأن السياسات التي يتبعونها والمواقف التي يتخذونها تدفع المحبين للابتعاد، وتشجع الأعداء على المزيد من الأطماع.
كما يحق للبعض أن يصدق أن ادعاء العدو الإسرائيلي أن الشعب الفلسطيني بلا قائد صحيحةٌ، وأنه بلا مرجعية توجهه، وبلا قيادة تمثله، وبلا هدفٍ يصوب مساره ويحدد خياره، وأنه ممزق غير موحد، ومشتت غير موفقٍ، وأن أطرافه لا تلتقي تحت مظلةٍ واحدةٍ، ولا تحمل رايةً مشتركةً، ولا تجمعها مؤسسة جامعة ولا هيئة تمثيلٍ شاملةٍ، وأن الشعب في وادٍ وقيادته في وادٍ آخر، فلا يهتمون بشؤونه ولا ينشغلون بحاجاته، بقدر ما ينشغلون ويهتمون بحاجاتهم الشخصية، ومكتسباتهم المادية، وحصاناتهم الأمنية، وبطاقات الشخصيات المهمة ومواكب القيادات المهيبة والسيارات الفارهة، وسفريات ومشتريات زوجاتهم وتعليم وتجارة أبنائهم.
كما يصعب علينا أن نفسر للعالم أكتظاظ السجون الفلسطينية بأبنائنا، واستدعاء شبابنا وشاباتنا للتحقيق معهم وأخذ التعهدات منهم بحجة أنهم يفكرون في المقاومة أو بتنفيذ عمليات نضالية ضد الاحتلال أو حتى انتقاد سياسات سلطة أوسلو حتى ولو بكلمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقيام الاجهزة الامنية باقتحام الجامعات والاعتداء على طلابها وعلى وأساتذتها والنشطاء بها . أما مشاهد الاعتداءات على النقاد والصحفيين وضرب المبدعين والفنانين حتى وصل الأمر إلى اغتيال هذه الاجهزة الشهيد نزار بنات وقتله فقد بسبب انتقادته لرجالات السلطة وفسادها المستشري، فكما تعلمون اليوم هي الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد المناضل نزار بنات والذي قضى بعد تعرضه لعملية اغتيال موصوفة ومتعمدة ولغاية الآن لم يتم محاكمة المتهمين بها بل على العكس اجهزة السلطة لا زالت تعتقل المناضل عمار بنات أحد الشهود في قضية اغتيال نزار بنات منذ أكثر من شهر دون مسوغ قانوني ، وقد غدا سجل حقوق الانسان لدى أجهزة السلطة زاخراً بالانتهاكات المخزية والاعتداءات الصارخة.
أما الصورة الأشد بؤساً والأكثر ألماً، والتي تثير الرأي العام وتشجع المتربصين بالقضية الفلسطينية على النقد والتجريح، فهي حالة الانقسام البغيض، الذي ما انفك الشعب الفلسطيني يعاني منه مادياً ويشكو منه معنوياً، بينما تمر السنون ويتعمق، وتتوالى الأيام ويتكلس، ولا يبدو أن في الأفق ما يغيره، أو لدى المسؤولين ما يعجل بزواله ومعالجة أسبابه، إذ أصبح الشعب الفلسطيني الذي كان موحداً، مشتتاً بين غزةٍ محاصرةٍ وضفةٍ محاربةٍ، وأهلٍ صابرين في قراهم وبلداتهم، وشعبٍ مشتتٍ بين المنافي واللجوء، في بلادٍ قريبةٍ فيها يعانون، وبلادٍ بعيدةٍ فيها يقاسون، أو أسرى لاحتلال ورهائن لسلطات.
ومن هنا يبرز دوركم في مواجهة هذه التحديات التي يواجهها شعبنا وعلى الأخص قطاع الشباب وهو القطاع الأكثر تضررا نتيجة هذه السياسات الخاطئة، ولأن الشباب هم دائما أمل كل أمة وأمل كل شعب إذا اراد هذا الشعب ان يحرر أرضه المغتصبة وكسر الأغلال التي لا زالت منذ أكثر من 100 عام تمنع شعبنا من حق تقرير المصير باقامته لدولة الحرة المستقلة كاملة السيادة وعلى كامل التراب الفلسطيني، وهنا لا بد من التذكير بمقولة الرفيق الخالد لينين عندما قال جملته المشهورة أن أي حزب لا يوجد به شباب هو تراجيديا وأن حزب لا يوجد به كبار هو كوميديا ، لأن تناغم العمل بين الشباب والكبار يعطي دائما أفضل النتائج فالشباب بهمتهم وروحهم الثورية والكبار بخبرتهم الكبيرة تخلق عملية تطور مستدامة في عمل الحزب وهذا بدوره ينتقل للميدان.
الرفاق الأعزاء، لا شك أن المهمات التي تنتصب أمامكم كبيرة ولكن يمكن لكم تجاوزها والتغلب عليها وذلك لأنكم تمتلكون الرؤية السليمة والبوصلة الصحية في تحليل المشاكل التي يواجهها شعبنا وكيفية التغلب عليها وهي النظرية الماركسية اللينينية، وهي النظرية الأكثر ثورية وعلمية على مستوى العلم أجمع، وهنا يبرز أهمية بناء كوادر ماركسية واعية قادرة على قيادة فئات الشباب المهمشة وتوجيه بوصلته في الاتجاه الصحيح ولذلك وجب التركيز على ضرورة تثقيف رفاقنا بالادبيات الماركسية اللينينية وهي تعتبر أهم سلاح نظري في مواجة التيارات الانهازامية والاستسلامية والتحريفية في واقعنا الحالي.
رفاقنا الأعزاء، لا بد لي من التطرق للوضع الدولي ولو على عجالة، لأننا كشعب فلسطيني لا نعيش في جزيرة معزولة عن العالم فنحن كأي شعب آخر نتأثر بالأحداث التي تحدث في العالم ولأن لقضيتنا الوطنية لها بعد أممي كبير وعميق لدى كل أحرار العالم وعلى رأسهم الشيوعيون،حيث تلعب الأحزاب الشيوعية العالمية دورا كبيرا في دعم قضيتنا الوطنية وذلك من خلال المشاركة في مقاطعة الاحتلال الصهيوني وعلى مختلف الصعد سواء الاقتصادية أو السياسية وحتى الأكاديمية، فالكل يعلم تعاظم دور منظمة PDS، وما تشكله من خطر كبير في كسر السردية الصهيونية والتي كانت بالأمس القريب هي الأكثر انتشارا نتيجة لسيطرة الصهيونية والامبريالية العالمية على وسائل الاعلام، كما تقوم الاحزاب الشيوعية العالمية بقيادة المظاهرات التي تندد بالعدوان على شعبنا والمطالبة بالحرية لفلسطين وشعبها، وهنا يبرز دوركم أيضا ايها الشباب في توثيق العلاقات في منظمات الشباب الشيوعي في المنطقة العربية والعالم أجمع من أجل حشد كل الطاقات والجهود في مواجهة الغطرسة الصهيونية المدعومة من الامبريالية العالمية، فنحن نرى أن هناك قطبين في عالم اليوم هو قطب الشعوب الطواقة للحرية والاشتراكية والتخلص من الاستغلال وقطب الإمبريالية العالمية والتي تحاول تأبيد سيطرتها على ثروات الشعوب وافقارها وجعلها غير قادرة على تغيير واقعها ذلك من خلال عملائها وأدواتها .
الإمبريالية العالمية تواجه اليوم أكبر أزمة اقتصادية في تاريخها وذلك بسبب تصاعد الصراعات فيما بين الدول البرجوازية على تقاسم مناطق النفوذ وعلى الأسواق العالمية ولعل أكبر دليل على ذلك هو الحرب الروسية الأطلسية على الأراضي الأوكرانية، فالحرب في أكرانيا أسبابها ليست أمنية فحسب ولكن أيضا اقتصادية في محاولة من الأمبريالية العالمية تصدير أزمتها للخارج من خلال تفجير الصراعات في مختلف مناطق العالم، فالوضع المعيشي في دول المركز في تدهور مستمر فالبطالة في اعلى مستوياتها وارتفاع الاسعار بازدياد وهذا يضع دول المركز في تحد كبيير أمام شعوبها، إن ما يحدث في العالم اليوم هو نتيجة منطقية وطبيعية للسياسات النيوليبرالية الخاطئة وأن عالم اليوم لا يمكن أن يخرج من أزمته هذه إلا بالخيار الاشتراكي والقادر على انهاء استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.
عاش نضال شعبنا الفلسطيني
المجد والخلود للشهداء
الحرية لأسرى الحرية
عاش اتحاد الشبيبة الشيوعية الفلسطينية
عاش الحزب الشيوعي الفلسطيني
عاش التضامن الأممي
وشكرا لاصغائكم