PCP

يا عمال العالم اتحدوا

الذهب و النقود و اعلان رامبويه

الذهب و النقود و اعلان رامبويه عبد المطلب العلمي "النقود هي الشكل المكتمل التطور للقيمة بشكلها الأولي والبسيط "كارل ماركس في فجر التاريخ كان التبادل عينياً ، أي أن يتبادل شخصان عرض احدهم كيسا من القمح مع اخر عرض حذائا. ولدى اتساع التجارة وتعميقها كان لا بد من أن يكون هناك وحدة للقيمة سهلة التداول ومقبولة من الجميع فاصبحت المعادن الثمينة وحدة للقيمة. اتخذ الذهب معياراً عاماً لأن الجهد المبذول في إنتاجه هو الأكبر والأعلى كلفة. بقي العالم حتى منتصف القرن التاسع عشر لا يستعمل إلا الذهب الذي يحمل قيمته بذاته، و قابل للمبادلة في كل أنحاء العالم دونما حاجة لكفيل طالما أنه يكفل نفسه بنفسه. في النصف الثاني من القرن التاسع عشر تعاظم الانتاج في مراكز الرأسمالية واتسعت التجارة كثيراً مما ترتب عليه مضاعفة النقود الذهبيه في أيدي الناس و إنتاج العالم من الذهب لم يعد كافياً لتغطية القيمة الكلية لمجمل الإنتاج العالمي. لذلك اقترح الاقتصاديين الإنجليز اصدار سندات مالية توقعها السلطة كفالة لقيمتها الإسمية واستبدالها بقيمتها من الذهب الذي تؤمنه الدولة حال الطلب. ترتب على الدولة أن تؤمن كفالتها باحتياطي مناسب من الذهب ومن العملات الصعبه الأخرى كضمانة و غطاء . وعندما أخلّت ألمانيا بهذه القاعدة وأخذت تطبع ماركات بلا غطاء و بلا حدود ظناً منها بأنها ستسولي على العالم بكل ثرواته في نهاية الحرب العالمية ، تنادت الدول المساهمة في التجارة الدولية إلى عقد مؤتمر في بريتون وود في الولايات المتحدة عام 1944 حيث اتفقوا على أصول ومتطلبات إصدار العملة الوطنية و اهم شرط كان هو ان تكون 20% من قيمتها مغطاة بالذهب وما تبقى بالعملات الصعبه الاخرى . و سمى هذا النظام بنظام الصرف الثابت في ظل هذا النظام كان لكل عمله سعر مكافئ بالذهب مصرح به،يختلف من دوله لاخرى حسب كميه احتياطيها من الذهب و العملات الاخرى. كما تم خلال هذا المؤتمر تاسيس صندوق النقد الدولي،و من المهم هنا الاشاره الى بند سعر العملات في المعاهده "ان سعر عمله كل دوله عضو يعبر عنه بالذهب او بالدولار وزنا او اسميا كما هو جاري به العمل منذ الاول من تموز1944....الاسعار القصوى او الدنيا المطبقه خلال المعاملات بين الاعضاء في اسعار الصرف لا يجب ان تتجاوز تذبذبا بنسبه 1 بالمئه" . خروج الاتحاد السوفياتي منتصرا في الحرب العالميه الثانيه ، مكن حركات التحرر الوطني من فك تبعيه دولها مع المركز ، مما اسفر عن فقدان بلدان المركز لاسواق تصريف فائض انتاجها و انعكاس ذلك على قطاعات هامة في الاقتصاد الامريكي و تحولها من الإنتاج الرأسمالي السلعي إلى إنتاج الخدمات الفردي غير الرأسمالي. من جهة أخرى،إنفاق الإدارة الأميركية غير المحدود على العسكرة وعلى حربها الطويلة والكبيرة في فيتنام عملا على كشف الدولار حيث تبين ان احتياطيات الذهب اقل من كتله الدولار المتداوله ،حيث لم يبقى في الخزينه الامريكيه عام1971 سوى ما يعادل 10مليار دولار مع انه كان حينها في التداول العالمي 80 مليار دولار من العمله الورقيه ، علما انه كان لديها من الذهب حين وقعت معاهده بريتين وود 22 مليار ذهبا.في عام 1971 خرج جون كونالي وزير الخزانه الامريكيه بتصريح مفاده ان الدولار عملتنا نحن الامريكيون و لنا الحق بالتصرف كما نشاء، اي سنواصل طبع الدولار دون القاء البال على معاهده بريتن وود.متجاهلا كون الدولار قد اصبح عمله دوليه في المبادلات رديفا للذهب. تبع هذا تعليق الرئيس الامريكي ريتشارد نيكسون امكانيه تحويل الدولار الى ذهب ،مما هز اسس الاقتصاد العالمي واضعا البنوك المركزيه في وضع حرج ،فما من احد يتعهد بدفع قيمه الاوراق الامريكيه الموجوده في خزائنها ، بل ان قيمه هذه الاوراق اخذه بالتآكل يوميا. دعا الرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان بعد اتفاق شفهي مع وزير الخارجيه الامريكيه هنري كيسنجر الى اجتماع يضم الدول الست الكبرى، هذا الاجتماع سبقته عده اجتماعات تحضيريه هدفت الى تقريب الاراء قبل اجتماع السته الكبار. عقد الاجتماع في قلعه رامبويه الفرنسيه و تسمى باسمها. نتيجه الاجتماع كانت اقرار اعلان رامبويه المكون من 15 بندا. ساركز هنا على البند11 بشكل اساسي و على البند12 بشكل اقل. البند 11: فيما يتعلق بالقضايا النقدية ، فإننا نؤكد عزمنا على العمل من أجل مزيد من الاستقرار. هذا ينطوي على بذل الجهود لاستعادة الاستقرار ضمن الشروط الأساسية للتنظيم الاقتصادي والمالي الدولي. في نفس الوقت ، سلطاتنا النقدية ستتحرك لمواجهة فوضى الأسواق أوالتقلبات الطارئة لأسعار الصرف . و قد سجلنا بارتياح التقارب، الذي كان منشودا من طرف مجموعة من البلدان، بين وجهات نظر الولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا حول موضوع الحاجة إلى الاستقرار و كذا إصلاح النظام النقدي العالمي. هدا التقارب سيسهل التوصل إلى اتفاق في إطار صندوق النقد الدولي في الدورة المقبلة للجنة المؤقتة حول المسائل العالقة بخصوص الإصلاح النقدي العالمي. بدراسه مفصله لهذا البند نرى ان نصفه الاول يشير الى وجود عدم استقرار في القضايا النقديه، و هذا ما اشرت اليه اعلاه. ثم يعرج على نقطه مهمه و هي" بذل الجهود لاستعادة الاستقرار ضمن الشروط الأساسية للتنظيم الاقتصادي والمالي الدولي. في نفس الوقت ، سلطاتنا النقدية ستتحرك لمواجهة فوضى الأسواق أوالتقلبات الطارئة لأسعار الصرف" هل يوجد هنا اشاره للذهب؟ لا يوجد ، اذن سعر الصرف ماذا يضمنه؟ فقط سلطات النقد في الدول السته . لقد فكوا الرباط نهائياً بين النقد من جهة وقيمته الرأسمالية من جهة أخرى . اي ان سعر عمله ما يكون بقرار من البنك المركزي و هو قرار سياسي اي ان النقود لم تعد بضاعة تشير الى ساعة عمل الانتاج المتضمنة في البضاعة المشار اليها و بمعنى اخر فان النقد العالمي سلبت منه الوظيفة التي كان يؤديها على اتم وجه في الاسواق العالميه بوصفه بضاعه شكلها العيني هو التحقيق المباشر للعمل الاجتماعي البشري كمعاير لباقي القيم. فالنقد مثله مثل أية سلعة أخرى لا تتحدد قيمته إلا منسوباً إلى مقدار محدد من سلعة أخرى ، فمثلاً قيمة دولار أميركي كيلوغرام من الخبز اونصف كيلوغرام من السكر او ثلاثه كيلوغرامات من البرتقال الخ ؛ وهو لا يساوي شيئاً بغياب هذه السلع .( و اكبر دليل على هذا ان قيمه اونصه الذهب كانت ثابته لعقود اي 36 دولار الى ان تم اعلان رامبويه فبدأت قيمتها بالصعود لتصل اليوم الى 1600دولار) إعلان رامبوييه تجاوز هذه الحقيقة الرأسمالية الأساسية وأعلن ضمانته لقيمة العملات الصعبة دون تغيير حتى ولو غابت كل السلع من اسواقها الوطنية . انه قرار بإلغاء القيمة الإستعمالية للنقد وكونه قيمة نسبية، أي (ساعة شغل) إجتماعية ،و اصبح قيمة مطلقة تكفلها الدول الموقعه مجتمعة ولا علاقة لها بعملية الإنتاج الوطنية. وبذلك تظل قيمة العملة الوطنية ثابتة حتى وإن تردى الإنتاج القومي وسيطر عليه الكساد .هذا يعني تغيير وظيفة النقد إذ لم تعد وسيلة الإنتاج ، فوظيفة التدوير الرأسمالية الكلاسيكية المعروفة ( بضاعة ـ نقد ـ بضاعة ) طرأ عليها تغيير و تثبيت أسعار صرف العملات الرئيسة قام بايقاف مؤسسات الانتاج البضاعي عن العمل لفقدان النقد وظيفته الكلاسيكية المعروفة في النظام الرأسمالي ( قيمته الإستعمالية )،فاي مجنون سيضع في الانتاج نقدا يتحول الى بضاعه و التي بدورها تتحول الى لا شئ له شكل النقود، ، الرأسماليون الذين توقفت مؤسساتهم عن الإنتاج واختزنوا أموالاً كثيرة ،توقفوا عن كونهم راسماليين، فالرأسماليه هي حصرا انتاج البضاعه ، و لا يستطيع الراسمالي امتلاك قوه العمل بغير تحويلها الى بضاعه، الرأسماليه هي الاتجار بقوى العمل حصرا. فراح يبحث عن وظيفة جديدة ، فوجدها في الأسواق المالية للعمل ضد سياسة رامبوييه في تثبيت أسعار العملات وإلغاء وظيفة النقد الرأسمالية . تخلص هؤلاء من كل إنتاج صناعي ووظفوا أموالهم الهائلة في المضاربات في ألأسواق المالية والسندات . كل هذا دفع قوى العمل التي كانت تعمل في الصناعات السلعية إلى العمل في إنتاج الخدمات وهو نمط الإنتاج الفردي غير الرأسمالي . وهكذا انتقلت كتلة ضخمة من طبقة البروليتاريا إلى صفوف البرجوازيه الوضيعه ،تاريخيا يتطور إنتاج الخدمات بمقدار ما يخدم الإنتاج السلعي اما الان في الإقتصادات المشوهة فقد انقلبت الحال إذ اصبح الإنتاج السلعي في خدمة الإنتاج الخدمي . لم تعد البنى الإقتصادية ، بنىً رأسمالية ، و اصبح مبادلة الخدمات بأضعاف أضعاف قيمتها الرأسمالية من السلع . وقد ساعد في ذلك الإنقلاب الموازي في البنية السياسية حيث أطيح بممثلي الرأسماليين من سدة السلطة وحل محلهم ممثلو البرجوازيه الوضيعه . ختاما لهذا تجدر الاشاره الى ان الضمانة الدولية لعملات الدول صاحبة الإعلان قد مكنت كل دولة من هذه الدول أن تصدر نقداً بكميات لا حدود لها إعتماداً على الضمانة الدولية ودون أن تخشى من انهيار نقدي أو تضخم متفاقم . صحيح أنه وبأحكام القانون أن الأوراق النقدية الصادرة باسم الدولة وبكفالتها تعتبر بقيمتها الإسمية ديناً على الدولة واجب الإيفاء في كل حين إلا أن الإستدانة المتفاقمه ،اسهمت بنقل الثقة من الكتف المالي إلى الكتف العسكري ، كما هي حال الولايات المتحدة الأميركية اليوم ، و اصبحت هذه الإستدانة سرقة صريحة ونهباً مكشوفاً لحاملي أوراق الدولار دون استثناء . البند 12: إن علاقات التعاون و التفاهم بين البلدان النامية و العالم الصناعي هي أساس الازدهار لكل منهما .النمو السليم للبلدان النامية سيساهم بشكل كبير في سلامة اقتصادياتنا. العجوزات الكبيرة الحالية في الحسابات الجارية للدول النامية تشكل، مشكلة عويصة لها و لباقي دول العالم.هده المشكلة تتطلب اتخاذ برامج متكاملة و متنوعة.مقترحات حديثة تم اقتراحها خلال عدة اجتماعات عالمية ساهمت في تلطيف مناخ المحادثات بين الدول المتقدمة و الدول النامية.نتيجة لذلك، سنقوم بدورنا في صندوق النقد الدولي و المؤسسات الدولية المختصة من اجل التقدم سريعا بالمعاهدات الدولية بخصوص استقرار مداخيل صادرات الدول النامية و اتخاذ تدابير خاصة من اجل تمويل عجزها.في هدا السياق ستعطى الأولية للدول النامية الأكثر فقرا. الدول المستقلة حديثاً شرعت ببناء إقتصادات مستقلة ترتكز نسبياً على الذات ولا تمتص أي قدر من فائض الإنتاج في مراكز الرأسمالية التي تمثلها بصورة رئيسية الدول المجتمعة في رامبوييه . لا يمكن فهم النوايا "الحسنة" لإعلان رامبوييه في بنده الثاني عشر إلا من باب العمل على إعادة الروابط التي إنفكت مؤخراً بين الدول النامية ودول الإعلان وهي الطريقة الوحيدة التي تعيد عجلة الإنتاج في مراكز الرأسمالية إلى الدوران . اول اجراء اتخذته مراكز الرأسمالية هو المساعدات والهبات المالية المخصصة فقط لاستيراد البضائع الفائضة في المراكز . والإجراء التالي ، كان فتح خزائن المال الفائضة في السبعينيات للدول النامية للإقتراض بكل المبالغ التي تريد وبغض النظر عن قدرتها على خدمة الدين . خلال خمس سنوات فقط 1975 ـ 80 إرتفع مجموع الديون الدولية من 70 ملياراً ، تراكمت عبر أكثر من قرن ، إلى أكثر من 2000 ملياراً أي بزيادة سنوية قدرها (400) ملياراً ،لم يكن في حسبان أي من المتآمرين ان هذا سوف ينقل العالم كله إلى نظام إنتاج مختلف وعلاقات دولية مختلفة. مساعدة الدول النامية في موازين مدفوعاتها الواردة في هذا البند تعني حصراً تشجيع هذه الدول على زيادة وارداتها من البضائع الإستهلاكية . وقد تفاخرت الصحافة الأميركية بنقل العالم إلى الإقتصاد الإستهلاكي دون أن تدرك أن الإقتصاد الإستهلاكي هو السرطان القاتل للإقتصاد الرأسمالي الذي روحه وسبب حياته هو " فائض القيمة " ليس ثمة أدنى شك في أن هدف المجتمعين في رامبوييه من وراء زيادة الإستهلاك في الدول النامية هو تهديم مشاريعها الإقتصادية المستقلة غير المرتبطة بأدنى علاقة مع السوق الرأسمالية الدولية ولا تستورد شيئاً من مراكز الرأسمالية وذلك من أجل إعادة إحياء الروابط الإستعمارية القديمة. لاحقا و في اتفاقيه كنغستون(جامايكا) تم قوننه بنود اعلان رامبويه و اقرار نظام مالي جديد سمى بنظام الصرف المرن ، و الذي لا يتم فيه تحديد قيمه العمله من الدوله وفقا لاحتياطياتها( الطلاق البائن بين العمله و الذهب) بل تحدد القيمه ضمانه الدول العظمى .فتم وضع حد نهائي للنقود المليئه حيث تقرر تعديل الفصل الرابع من القانون الاساسي لصندوق النقد الدولي ، تمت اعاده صياغه هذا البند بالشكل التالي : "في ظل نظام نقدي دولي كذلك النظام السائد منذ كانون الثاني 1976يجوز ان تتضمن ترتيبات الصرف الاجنبي ما يلي :1. الحفاظ على قيمه معينه لعمله البلد العضو مقابل حقوق السحب الخاصه او سواها من عملات التقويم التي يختارها البلد باستثناء الذهب .2.ترتيبات تعاونيه تحافظ بموجبها البلدان الاعضاء على قيمه معينه لعملاتها مقابل عمله او عملات اخرى".


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني