PCP

يا عمال العالم اتحدوا

الدولة الوطنية الديمقراطية التقدمية /مداخلة الأمين العام للحزب الشيوعي الفلسطيني في الملتقى العربي لدعم خيار المقاومة الذي عقد في دمشق في الفترة ما بين 19ـــ21 /3 / 2016

إن نضال الشعب الفلسطيني في سبيل تحرره، وإقامة الدولة الوطنية الديمقراطية التقدمية على كامل التراب الفلسطيني، هو نضال عادل في وجه الحركة الصهيونية الشريك المدلل للإمبريالية، وخادمها الأمين في المنطقة، وذراعها الضارب. ومن هذا المنطلق فإن نضال شعبنا الفلسطيني التحرري، هو نضال ضد الامبريالية وحلفائها في المنطقة، وفي مقدمتهم الحركة الصهيونية وكيانها المادي المتمثل بالدولة الصهيونية، إن هذا النضال يتطلب الفهم الماركسي لطبيعة الصراع، ومكوناته وأدواته، لقد امتلكت الحركة الصهيونية كل المكونات المادية التي تؤهلها لتنفيذ مشروعها باحتلال فلسطين، وجعلها قاعدة متقدمة لخدمة الامبريالية العالمية، هذه الإمكانات التي حولت شعبنا الأعزل إلى لاجئ في شتى بقاع الأرض. إن الاصطفاف الطبقي للإمبريالية وأدواتها "الحركة الصهيونية والرجعيات العربية" مقابل شعوب العالم وبلدانه قد جعل من معركة تحرير فلسطين قضية وطنية وطبقية وأممية، وإن تحديدنا لمعسكر الأعداء يحتم علينا اختيار أدوات نضالنا وحلفائنا الطبقيين، إن الفهم الماركسي اللينيني هو بوصلتنا إلى فهم معادلة الصراع مع الحركة الصهيونية، والتي هي في المآل النهائي ليس ضد الشعب الفلسطيني والعربي بل هي ضد العنصر اليهودي ولو بشكل غير مباشر التأثير، فالحركة الصهيونية تستغل الفكر اللاهوتي ( الديانة اليهودية) لتحقيق أهدافها الطبقية، والتي تتعارض بالمطلق مع أماني وطموحات اليهودي العادي، فلأجل تحقيق أغراضها تتبع سياسة تسعير العداء الديني مع الشعب الفلسطيني والمحيط، وذلك بأضخم ماكينة إعلامية تمتلكها، ولضمان ذلك ونجاحه تتبع سياسة الانغلاق على الذات والاستيطان الكولينيالي المسلح، هذا الانغلاق الذي يسهل لها بث روح العنصرية لدى اليهودي المضلل وتفوقه العرقي والذي نتيجته التغرير به بمنحه امتيازات آنية على حساب وحقوق ومقومات الشعب الفلسطيني ووجوده. إن الحركة الصهيونية كحركة برجوازية عنصرية تتاجر بالدم اليهودي في طوحنة احتلالها لفلسطين وتشريد الشعب الفلسطيني الذي يخوض حرب تحرير أرضه المغتصبة، إن هذه السياسة للحركة الصهيونية، هي خدمة للرأسمال العالمي الامبريالي الذي لا يهمه حجم الدماء التي تسيل يهودية كانت أم فلسطينية بقدر ما يهمه تراكم الرأسمال لديه . إن معركة تحرير فلسطين بقدر ما هي دفاع عن أرض وحق الشعب الفلسطيني، هي في نفس الوقت، نضال لفك سيطرة وهيمنة الفكر العنصري للحركة الصهيونية على وعي العامل اليهودي البسيط والمغرر به، والذي يخوض معركة بالنيابة عن الرأسمال العالمي بأداتها في المنطقة وهي الحركة الصهيونية وكيانها المادي المتمثل بدولة الاحتلال. إن مناحي التعقيد المصطنعة في القضية الفلسطينية قد مهدت الطريق أمام وكلاء الاستعمار إلى التدرج لحلول كثيرة تتعارض كلها مع مصالح الشعب الفلسطيني هادفة كلها إلى تأمين سلطة البرجوازية ألفلسطينيه والإسرائيلية والمحافظة على نفوذهما . وما هذا القول إلا محاولة استعمارية للتأثير على الرأي العام وتوجيهه وجهة خاطئة بحيث يقبل بالحلول الاستسلامية للقضية الفلسطينية , إن طرح مشروع الدولة ثنائية القومية في فلسطين هي إحدى المشاريع الاستعمارية التي قدمت, فهو مشروع لا يؤمن الاستقرار الداخلي من جهة ولا يحقق تصفية النفوذ الاستعماري من جهة أخرى . وان مشروع التقسيم الذي وافقت عليه الحركة الصهيونية في حينه، يلبي المطامع الامبريالية والصهيونية في مطالبتها بدولة يهودية عنصرية في قسم من فلسطين دعت إلى توسيع رقعتها تدريجيا، ولقد قُدم هذا المشروع عام 1937 إلا أن الموجة الثورية التي عقبت الإعلان عنه أرغمت الحكومة الاستعمارية المنتدبة بالتراجع عنه ووضعه على الرف ولو مؤقتا . إن سياسة الغزو والتوسع الاستعماريين وعمليات الاستيطان التي تموضعت خارج أوروبا في عديد من القارات والجزر جاءت تعبيرا عن الميل العام لتطور رأس المال باتجاه تحقيق أقصى الأرباح على حساب قوة العمل في بلاده والشعوب المستعمرة خارج تلك البلاد, الأمر الذي خلق أساس موضوعي فيما بعد لتحالف حركة تحرر قوة العمل في البلاد الرأسمالية المتطورة صناعيا وحركة تحرر الشعوب المستعمرة لكون نقيض الحركتين واحدا ممثلا في رأس المال بمختلف درجات تطوره. إذ أن غياب نظرية الاستعمار الاستيطاني العامة عن الفكر السياسي العربي جعله يغرق في محيط التفردية والخصوصية الصهيونية (اليهودية) ويعود إلى الوراء منقبا في الأساطير البالية عله يجد ما يدعم حججه في مناظرته للفكر الصهيوني من نفس المنطلقات الميتافيزيقية ومستخدما مفاهيمها ومقولاتها التي ابتدعتها لتزييف الحقائق وتضليل الآخرين . ولهذا بقي الفكر العربي منفعلا تجاه الفكر الصهيوني شأنه في ذلك شأن الممارسة العملية العربية تجاه النشاط الاستعماري الصهيوني وسياسته الاستيطانية العدوانية .ومع الأسف الشديد أن بعض ممثلي التيار المادي الجدلي في الفكر السياسي العربي قد وقعوا هم أيضا في اسر هذه الخصوصية والتفردية المتمثلة حسب رأيهم في اليهودية , وبذلك انجذبوا رغما عنهم إلى مواقع المعرفة الميكانيكية وأحيانا إلى مواقع المثالية "ذاتية كانت أم موضوعية" الأمر الذي أدى إلى تذبذب في المواقف السياسية قادهم إلى التدرج في اتجاه التكيف مع الظاهرة الاستيطانية الاستعمارية وعدم المساهمة في الصراع العنيف ضدها , فمن يجهل العام في الظاهرة الاستيطانية يجهل الخاص فيها لأنه يراها بمفردها ومعزولة عن غيرها لذلك يقف منها موقفا كمياً وليس نوعياً ويراها من زاوية الحدود وليس من حيث الوجود , فهو لا يراها نمطا من العلاقات بل حجما بشريا ومساحة جغرافية . من هنا فمصلحتنا في الدفاع عن وجودنا وتحررنا أن يعكس فكريا مصلحتنا بأمانة وموضوعية , ولتجنب الوقوع في اسر الخصوصية والتفردية الصهيونية يجب أن يكون هناك معرفة بالسمات العامة والمشتركة لظواهر الاستعمار الاستيطاني والتي تتمثل في وحدة الإطار التاريخي الاجتماعي لهذه الظواهر المتمثل في تاريخ نشؤ وتطور أسلوب الإنتاج الرأسمالي على الصعيد العالمي بمختلف درجات تطوره . وكذلك وحدة الطبيعة الاصطناعية لنشأة الجماعات الاستيطانية الاستعمارية . والسؤال الذي يتطلب الجواب الواضح : أين تكمن الأخطار من تنفيذ مشروع التقسيم ؟ أول ما يقود إلية مشروع التقسيم وأهم ما يقود إلية الفصل بين الفلسطينيين (السكان الأصليين ) والمستوطنين الاستعماريين وهذا ما يزيد في حدة الصراع الداخلي الذي تروج له الصهيونية المتعصبة من جهة وتذكي ناره المؤامرات الاستعمارية من جهة أخرى وبالنتيجة يجد المستعمر الامبريالي الأعذار التي يريدها لبقاء سيطرته على فلسطين بحجة المحافظة على كيان منعزل للمستوطنين. والتقسيم يعني نشوء كيان في جزء من فلسطين وهذا الكيان في ظل الأوضاع العالمية الحالية ما هو إلا قاعدة للدوائر الاستعمارية الامبريالية ضد الحركات التحريرية والثورية في الشرق الأوسط عموما. و لن يمكن الفلسطينيين من التطور الاقتصادي فمن غير المعقول تجزئة موارد البلاد الطبيعية ولن يكون في المقدور تأمين مصالح فلسطين الاقتصادية وتنمية مواردها إلا إذا بقيت فلسطين موحدة , فوحدة فلسطين تتطلبها مصلحتها الاقتصادية غير مجزأة يعمل سكانها في تناسق وتضامن . إن الطريق الوحيد لحل العقدة الفلسطينية على أسس ديمقراطية وتأمين السلم والاستقرار في هذه البقعة من العالم هو الطريق الذي يقود إلى تصفية المصالح الاستعمارية وتفكيك بنية الكيان الاستعماري الاستيطاني وإنشاء الدولة الديمقراطية التقدمية الموحدة على ارض فلسطين التاريخية. إن هذا الحل الديمقراطي التقدمي للقضية الفلسطينية سيخدم أغراض السلم والاستقرار في الشرق الأوسط , ويحمي فلسطين المحررة، من تأثيرات المستعمرين والصهيونية العالمية ويساعد على تطورها باتساق مع شقيقاتها الدول العربية هذه الدول التي تعتبر استمرار الوضع القائم في فلسطين تهديدا لاستقلالها بالذات وللأمن والتطور في ربوعها وسيضيق الخناق على وكلاء الاستعمار الصهيوني والامبريالية وكذلك العناصر الرجعية في فلسطين هذه العناصر التي تعتمد على الوضع الحالي وتترعرع على اشتداد الصراع العنصري بين السكان الفلسطينيين الأصليين وأتباع الديانة اليهودية .


حقوق الملكية © للحزب الشيوعي الفلسطيني